جور نار

ومازلنا ننتظر الرجل الرشيد

نشرت

في

بتقسيم بسيط لما حدث في تونس في جويلية 2021 يمكن ان نقول هنالك فيراجان فيراج 25 جويلية وفيراج 24 جويلية …وها انا اضيف فيراج 26 جويلية

<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

يوم 25 جويلية نهارا خرجت نسبة هامة من الشعب التونسي تريد وضع حدّ لتعاسة تونس بعد عشر سنوات عجاف، ليلة 25 جويلية التقط قيس سعيّد اللحظة وخرج لنا كـ”صانع تغيير” نيولوك …وانقسمت تونس الى ثلاثة فيراجات …فيراج 24 جويلية الرافض لما اسماه انقلابا على الدستور وعلى الديموقراطية ..دستور الهانة وديموقراطية السراب … وجاءت احداث روسيا واوكرانيا لتفضح كذب وبهتان زعماء الديموقراطية الغربية الذين اعتبروا بوتين دكتاتورا مستبدا، وهو ينزل جام سخطه وغضبه من ملعب اوكرانيا على امريكا واذيالها في الغرب.

نفس اولائك الديموقراطيون للعنق لم نرهم يوما ينددون بما وقع في العراق او ليبيا او سوريا ومن قبلها فلسطين الحبيبة … تاريخهم ومنذ تقتيل الهنود الحمر ومن بعدهم استعباد الافارقة السود امريكيا وحقبات الاستعمار لعديد البلدان الافريقية من لدن الغرب، يؤكّد ودون الحاجة الى ذكاء ألمعي بانهم قوم لا علاقة لهم لا بالديموقراطية ولا بالحرية ولا بحقوق الانسان …والنكبة انّ البعض من النخبة مازالوا يعتبرونهم قدوة …بل ويلجؤون اليهم كلما ضاقت بهم السبل واشتدّ عليهم الخناق ..

الفيراج الثاني فيراج 25 جويلية الذي اصطفّ ومازال مصطفّا دون قيد او شرط وراء صانع التغيير نيولوك 2021 … هؤلاء لا يختلفون في شيء عمّن اصطفّ وراء بورقيبة رئيسا مدى الحياة ….او مع بن علي (“الله احد الله احد بن علي ما كيفو حدّ”) او وراء الغنوشي و “طلع البدر علينا” ..هنا لابدّ من التاكيد على انّ الفوارق كبيرة جدا بين هذه الاسماء الثلاثة حجما وحنكة ووطنية ..فقط اردت الاشارة مرة اخرى الى انّ مأساة السياسة في تونس ومصائبها هم قطعانها …

الفيراج الثالث فيراج 26 جويلية وانا واحد من هذا الفيراج هو فيراج لم ينخرط لا في التفاؤل ولا في التشاؤم ..بشّرت بصانع التغيير الجديد الذي التقط اللحظة التاريخية ليعلن تفعيل الفصل 80. انا مع الذين اعتبروه انقلابا على الدستور ولكن وبشكل شهيّ احببت وايّدت هذا الانقلاب على من قلبوا البلاد رأسا على عقب ..وفي هذه الحالة هنيئا لنا بالانقلاب …الاّ انني لم ارتو تماما بما جاء ليلة 25 جويلية من صانع التغيير نيو لوك ..كانت “جغمة ماء” والجغمة لا تطفئ عطش الصائم عشر سنوات ..وقلت في نفسي غدا 26 جويلية وانّ غدا لناظره لقريب …

وانتظرت يوم 26 وسقف انتظاراتي كان كبيرا وجاء يوم 26 جويلية واوت وما نطولش عليكم اخرها 26 مارس ..واكتشفت اني كنت اطارد خيط دخان ..السيّد قيس سعيّد نظيف وصادق نعم ..ولكن هو بعيد جذا عن ذلك السياسي المحنّك شكلا و مضمونا … شكلا خطابه لا يرتقي الى تعبير شفوي في مرحلة الابتدائي، ومضمونا ضبابية ومشروعا سياسيا هو اشبه بهرقمة بالمايونيز او كورنو قلاس بالهريسة …وها نحن في مرحلة تصل بنا الفيراجات الثلاثة الى حقبة منذرة بالخطر وتذكرنا باخر عهود حكم الطوائف …

نعم نحن لا نختلف كثيرا عن ابي عبدالله الصغير وحديثه مع امه بعد ان سلّم غرناطة الاندلس للاسبان، يومها قالت له امه عائشة التي انقلبت على ابيه وخلعته ليتسلّم ابنها عبدالله مقاليد الحكم، يومها وقف عبدالله الصغير على تلّة تطلّ على غرناطة يبكي بعد تسليمه المدينة فعلّقت عائشة على بكائه بالقول (ابك كالنساء على مُلك لم تحافظ عليه كالرجال ) ..وبقطع النظر عن صحة الرواية من عدمها نظرا للمشككين في صحتها ما لفت انتباهي في القصة لفظة انقلاب .. عائشة على زوجها وتولية عبدالله مكانه …شفتوها ؟؟ لفظة انقلاب ؟؟؟

وكلّ يغنّي اليوم في الفيراجات على انقلاب الاخر … ولا احد يدري كيف سيكون الغد …لوط قالها لقومه يوم انحرفوا عن السبيل قالها بكل رويّة ونصح ” اليس فيكم رجل رشيد ؟؟”… _ وها نجن ننتظر رجلا رشيدا لتونسنا يعيد اليها امنها وامانها وعافية شعبها وازدهار احواله بعد سنوات العطش والصوم على الفرح ..وكل رمضان وانتم بالف ارتواء روحي ووطني

31 مارس 2022

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version