جور نار

ونحن على أبواب 14 جانفي آخر …

نشرت

في

يومان يفصلاننا عن 14 جانفي آخر …الم يحن الموعد لنقف امام مرآتنا بعضنا البعض ونكتب عن هذا التاريخ بكلّ نزاهة وشفافية ودون مكابرة ..؟؟…

<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

دعوني في البداية اعد الى 14 جانفي 2011 … يمكن تلخيص ما حدث وقتها في هبّة جماهيرية لتندّد بما آلت اليه اوضاع تونس من مشاكل عديدة سياسية كانت او اقتصادية واجتماعية …كان هنالك اتفاق جماهيري لا نقاش فيه على وضع حدّ لمنظومة حكم … هذا ما ارتأيته انا والعديد او لأقل هذا ما ظننته انا والعديد …وكنّا انذاك منتشين لحدّ الانبهار بذلك الحقوقي الذي خرج ليلا وفي شارع الحبيب بورقيبة بصوت ملعلع …بن علي هرب ..المجرم هرب ..يا شعب تونس العظيم …

وتزداد نشوتنا بذلك الفتى الصغير وهو ينقر على طبلته ويشدو (بن علي قطّع) … او بذلك المسنّ رحمه الله وهو يلخّص سعادته وسعادتنا بجملته الشهيرة (هرمنا من اجل هذه اللحظة التاريخية) … كنّا تماما في شبه تخميرة على نوبة تراث ..نرقص دون وعي …نعم لم نكن وقتها واعين بما فيه الكفاية بما حدث ويحدث وسيحدث … واستفقنا بعد فوات الاوان على المخطط التخريبي المهول الذي قادته امريكا وحلفاؤها وتحت يافطة برّاقة اسمتها الربيع العربي (وهذا اقرّت به هيلاري كلينتون في كتابها) والقاضي بتغيير الخارطة العربية انطلاقا من تونس وصولا الى الشرق الاوسط ..

نعم اكتشفنا اننا كنّا بلهاء وعملاء رغم انفنا لخراب بلداننا …واساس هذا البرنامج ـ اي الربيع العربي ـ مدّ اليد للاسلام السياسي ليأخذ المشعل في عديد الدول العربية … والاجندا الامريكية وحلفاؤها في المنطقة كانوا مدركين انّ الطريق الاسلم لتدمير شعوبنا هو الوقوف الى جانب الاسلام السياسي لا حبّا فيه او اقتناعا بمشروعيته التاريخية بل ايمانا قاطعا منها بأنّه وحده الكفيل بعقود من الفوضى والتخريب من خلال تجاربه السياسية السابقة …

ولعلّ الورقة الوحيدة التي افشلت مخطط امريكا والصهاينة انذاك تمثّلت في حراك الجيش المصري والسيسي واسقاط حكم الجماعة في مصر …وهذا ايضا اعترفت به هيلاري كلينتون في كتابها ..الثمن كان باهضا جدا ..ولفتة صغيرة الى الوراء ..الى تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن حتى ندرك حجم الخسائر والتي مازالت هذه البلدان تعاني نتائجها لحدّ الان …

هذا ما يتعلّق ب 14 جانفي 2011 …والان ونحن على ابواب 14 جانفي 2023 ..كيف هي احوالنا؟ … في البداية هنالك من اصبح يعتبر 14 جانفي امرا ثانويا امام 17 ديسمبر ..وهنالك من استفاق للاكذوبة الكبرى باعتباره عيدا للثورة ..في حين انّ ما وقع وبكلّ المقاييس العلمية وبالتجارب المقارنة، ما وقع سنة 2011 لم يكن ابدا ثورة ..وهنالك من يستعدّ سنة 2023 للتظاهر ضدّ منظومة 25 جويلية بعضهم في شارع بورقيبة رغم انّ اغلبهم لم يؤمنوا يوما ببورقيبة بل يحقدون عليه حقدا تاريخيا اسود … وفئة اخرى ستوجّه سفينتها الى قصر قرطاج …

التظاهر حقّ دستوري لا يُجادل …ولكن هل من حقّ من فشل في حكم البلد منذ جانفي 2011 وحتى 25 جويلية 2021 ان يتظاهر ؟؟ يخخي ما تحشموش ؟؟ لنفترض جدلا انكم ابرياء من كل تهم الاغتيالات والتسفير وتقسيم الشعب الى كفّار ومسلمين والقائمة طويلة …الا يكفي فشلكم كي تنزاحوا من الخارطة السياسية…؟؟… تقولشي واحد عدّى الباكالوريا وما نجحش يخرج يتظاهر يحب يقرا في الجامعة ..راك فاشل يا فاشل ! ..

من جانب آخر وهذه للمدافعين عن 25 جويلية .. تماما كما وقع في جانفي 2011 خرجنا مرّة اخرى (ويبدو انّ الغباء جينة من جيناتنا)، خرجنا مهللين مكبّرين للحدث ..ايه وبعد ..؟؟… لا شيء لا شيء لا شيء …هذا يعني انّ غدنا بعد 14 جانفي ضبابيّ وفي اتعس حالاته …الخارطة السياسية للمجتمع الشعبي في تونس هي اشبه بمقولة ماكسيم غوركي (الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف خائنة في عيون اخواتها … وفيّة في عين الشجرة …ومتمرّدة في عيون الفصول) …

نعم نحن في جلّنا ملل ونحل ..كلّ طائفة ترى حالنا من زاويتها الضيّقة ..14 جانفي كما ارجوه يوما ولست ادري ايّة سنة …ارجوه عيدا لتونس يحكمها قائد فذّ عادل يعيد تونس للتونسيين ..تونس العزّة والهيبة ..تونس العلم والعمل .. تونس البناء والتشييد وشعارنا جميعا في ذلك ..لا عاش في تونس من خانها ..

وامعتصماه …هذه صيحة قالتها امرأة عبر التاريخ مستنجدة بالمعتصم بالله لنجدتها على الروم فحرّك المعتصم جيشا كاملا لها …. جلّ التونسيين في جانفي 2023 هم بنفس الصيحة لمعتصم ما لنجدة تونس … ولابدّ لليل ان ينجلي …

12 جانفي 2023

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version