ذات 17 ديسمبر ومنذ 12 سنة بدأ هبوب رياح ما توهمناه ثورة ..وكنت من جملة الاغبياء بل اشدّهم اولئك الذين ملؤوا الشوارع هتافا بحتمية انتهاء مرحلة من تاريخ بلدي، والتصفيق والتهليل لمرحلة النور والحرية … وبحّت حناجرنا بعديد الشعارات ..
كنّا صادقين نعم ..كنا نبغي التغيير نحو الافضل نعم ..ولكن كلّ ما حدث بعد 14 جانفي 2011 اثبت اننا كنّا نطارد خيط دخان .. وانّه لا وعينا بما حدث انذاك كان حاضرا ولا فطنتنا نبهتنا الى الخندق الذي بناه اعداء البلد لغاليتنا الغالية تونس. ويوم انتبهنا .. انتبهنا بعد ما زال الرحيق ..وافقنا ليت انّا لا نُفيق ..واذا النور نذير طالع ..واذا الفجر مُطلّ كالحريق ..واذا الدنيا كما نعرفها (بل اسوأ اسوأ اسوأ مما نعرفها) واذا الاحباب كلّ في طريق …نعم تماما كما جاء في رائعة ابراهيم ناجي “الاطلال”
اليوم 17 ديسمبر آخر ..تغيّر فيه التاريخ ليصبح 17 ديسمبر 2022 .. والمحصّلة 12 سنة من الموت البطيء ..12 سنة من الدمار قطرة قطرة … 12 سنة مرّ بها 12 الف سياسي وعلى كلّ لون وكريمة (واذا ما التأم جُرحُُ جدّ بالتذكار جُرح) ..ومن سوء حظّي وامثالي انّي لم استطع ان انسى او امحو ..كيف انساك تونس وقلبي لم يزل يسكن جنبي ..انّك قصّة حبّي …شمعة الامل لن تخبو بداخلي ..
سياتي حتما 17 ديسمبر آخر وفيه يحمل جيلُُ ما راية البلد كانسًا هذه الرشّة من ساسة البلاد الذين لم يحبّوا يوما البلاد وحتى ان احبّها البعض منهم فبشكل متخلّف بدائي وشعاراتي … وقتها فقط ساحتفل بـ 17 ديسمبر الحقيقي، 17 ديسمبر البناء .. التشييد .. العلم .. العمل .. العزة والكرامة لا 17 ديسمبر الكذبة في بدايته والضبابية والضياع والتفرقة والقبلية في آخر نسخة منه ولو قتّلونا كما كقتّلونا ..ولو شرّدونا كما شرّدونا .. لعدنا غزاة لهذا البلد …