جور نار
و في أثناء ذلك … هل توهب الحرية لمحترفي إجرام؟ (3)
نشرت
قبل 3 سنواتفي
منذ أسبوعين تقريبا، سلّطت الحكومة الجزائرية عقوبة بالإيقاف في حق مسلسل تونسي و قد علقتُ على ذلك باستياء … ليس لقرار الأجوار و لو أن ذلك يخدش كرامتنا (لو كانت لنا كرامة) بما أنه يمس من إنتاج نحن أصحابه …و لكن أكثر الحنق انتابني من التجاوب المؤدب و المهذب و المتفهّم من بعض الممثلين التونسيين المعنيّين بالمسلسل المحظور … و هو ما لم نعهده فيهم إزاء قرارات مماثلة بل أقل وطأة و لكن عيبها أنها صدرت عن جهاز رقابي تونسي اسمه الهايكا … وقتها لا تسمع سوى الاستنكار و الاستفظاع و بكائية الحريات و حتى السبّ و القشتلة في وجه النوري اللجمي و هشام السنوسي مجتمعيْن…
و لكن العبرة الأخرى التي نخرج بها من تلك الحادثة، أن للفنّ حرّاسا في كل بلاد الدنيا و يسمّون ذلك جهاز رقابة أو ضبط أو تعديل أو أي شيء … المهمّ رقابة … و هي مثل أية مراقبة لأيّ إنتاج يُطرح في السوق مع فارق … المراقبة الاقتصادية تفرض عليك مواصفات تجارية و صحية و تقنية دقيقة و في الغالب مشترك فيها دوليا … أما مراقبة المصنفات الفنية فلا تهتمّ بما يجب فعله، بل بـ “ما لا يجب فعله” و أوّلها مخالفة قانون البلاد … لذلك يلفت انتباهك أنه في السينما الأمريكية مثلا، مستحيل أن يرتكب أحد جريمة و ينتهي الفيلم من دون معاقبة المجرم أو موته … يحدث ذلك في الأعمال الكبرى كما في الأفلام الشعبية صنف ب، كما في أفلام التجريب كما في أية قصة بوليسية … تلك تسمى “الجريمة الكاملة” وممنوع التطرق إليها و دون ذلك خطايا باهظة و سجون و طبعا منع من التوزيع … حتى لا يتشجّع أحد على ارتكاب جرم و انتظار إفلات …
بينما عندنا قوانين البلاد و كل الإنسانية تُخرق يوميا في أعمالنا الفنية و بلا حسيب … ففي حلقتين اثنتين فقط من مسلسل “فوندو” حصلت على الأقل خمس جرائم قتل (السائقان + ابن الجزائري + الصائغي المروكي + الشخصية التي يجسدها ياسين بن قمرة) دون أن يحاسَب أحد أو تتدخل شرطة أو نيابة أو قضاء … صحيح عندنا مشكلة في مؤسساتنا، و لكن هل نحوّل ذلك إلى تعميم و مفخرة؟؟ …
لا وصاية على الفن أعيدها … لكن هل يوجد فن في أي مكان من العالم يُطرح في السوق من دون مراجعة جهاز جمهوري عادل عاقل يجمع أهل المهنة و أهل القانون و أهل التربية و أهل علم نفس الطفل؟ … و هل يمكن للفن مهما سما و استقلّ، أن يخرج عن القانون و يدعو مثلا للعنف أو الكراهية أو الإدمان أو يمس من قيم مجتمعية شاملة كالطفولة و الأسرة؟ … و ثانيا ما يهمّ الرقباء في الدول المتحضرة ليس اختيار الموضوع في حد ذاته، بل طريقة طرحه و مؤدّى ذلك الطرح … نحكي عن الإرهاب نعم، و لكن ليس بالتمجيد والتبرير و حض الناس على التعاطف مع مرتكبيه …
ثم أحببنا أم كرهنا هناك قيم خاصة بكل مجتمع تحولت بدورها إلى قوانين … فالجريمة درجات أعلاها عندنا قتل الوالدين أو قتل الأبناء، و كم أشبعنا الفهري و أضرابه بهذا الصنف الذي يستطعمونه من البشاعات … استباحوا كل شيء إلى درجة أننا صرنا نتوقع رؤية و سماع ما لا يُرى و لا يُسمع إلا في الغاب، في المزبلة، في الماخور، في معارك الحانات آخر الليل، في البلاد التي عصفت بها حرب أهلية فأودت بها دولة و مؤسسات وحضارة و تربية و إنسانية و نواميس … بما فيها نواميس الفن و تقنيات الدراما … جهل، جهل، جهل …
ثلاثة أرباع، بل أربعة أخماس، بل عشرة أعشار مسلسلات الفهري و من يقلدونه (مثل صاحب نكبة “نجوم الليل” السابقة في قناة حنبعل) لا يمكن أن تمر في تلفزة أوروبية أو أمريكية ليبرالية ديمقراطية حداثية مؤسسساتية دستورية من عام اسكت … من أصغر لقطة تدخين إلى أكبر لقطة قتل (مباشر) لحيوان أو ضرب لامرأة أو صفع لطفل … الكحول أيضا ممنوع في السينما الأمريكية أكثر من السينما السعودية …
و على ذكر مملكة الحجاز، صار مستهجنا هناك الحديث عن تعدد الزوجات و زواج المسيار و نكاح القاصرات في السنين الأخيرة … و يمكن قريبا أن يأخذوا منا مجلة أحوالنا الشخصية، و نأخذ منهم ـ و قد بدأنا بعد ـ شرائع الوهابية، في مبادلة لم يشهد لها التاريخ مثيلا …
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
التاريخ:
ترسخ وجود المخدرات منذ القرن السابع عشر وربما قبل ذلك بقليل وسجل مزيدا من التطور أيام الدولة الحسينية بأماكن عديدة من تونس والمغرب العربي في ظل تخلف حكم البايات الذي كان اهتمامه الأكبر بالجباية و محق كل قرية او قبيلة ترفض دفع الضريبة السنوية.
وقد جند البايات لذلك فرقا وقيادات دموية متوحشة. من ذلك تم تدمير بلدتين كاملتين بالجنوب التونسي رفض أو عجز أهلها عن دفع الضرائب المسلطة (طرة و جمنة من ولاية قبلي التي كانت تابعة إلى عمالة توزر)… في نفس الفترة ازدهر المجون لدى الطبقات الأرستوقراطية بالبلاد كما انتشرت زراعة “التكروري” في عديد الجهات وسط مزارع الطماطم والفلفل والتبغ… ولم يكن ذلك ممنوعا بل انه بداية من احتلال تونس سنة 1881 شجع المستعمر تداول واستهلاك التكروري في جميع الجهات بالبلاد وربما اهمها مناطق الوطن القبلي وبنزرت والجنوب التونسي، لكن الإدمان على”الزطلة” او الحبوب المخدرة او الماريخوانا او غيرها لم تصل إلى تونس وقتها …
موقف بورقيبة من المخدرات:
خلال سنة 1957 اي في بدايات الاستقلال اقترح بورقيبة وضع او تغيير تشريعات بخصوص استهلاك المخدرات وخاصة “التكروري” وهدد بالسجن لمدة خمس سنوات كاملة كل مروّج او مستهلك للتكروري إيمانا منه باضرار المخدرات على الاجيال التي ستصنع تونس. وقام بورقيبة بمبادرة ناجعة للقضاء او على الاقل للتقليص من زراعة التكروري او ترويجه او استهلاكه، عبر تكوين فرق جهوية ومركزية تجمع اطارات ومتفقدين من وزارة المالية و الداخلية (حرس وطني خاصة) وتقوم هذه الفرق بتفقدات وأبحاث فجئية للبساتين وحقول الزراعات الكبرى لاصطياد المخالفين ورغم ان آفة التكروري عندها لم تنقطع، فإن الخوف من العقاب المتعلق باستهلاك او زراعة التكروري قد عم البلاد رغم التجاء البعض الي زراعة المخدرات المذكورة بالابار والسطوح والجبال.
ماذا عن عهد بن علي؟
عرفت فترة حكم بن على عودة قوية لانتشار المخدرات و شهدت البلاد نقلة نوعية متمثلة في ولادة عصابات منظمة داخليا و خارجيا بالتعاون الوثيق مع المافيا الإيطالية. ولعل مقتل منصف شقيق بن علي كان في إطار ما نسب لصراع العصابات العالمية لدى البعض فيما يعتبره آخرون تصفية داخل هذه المافيات. ازدهرت المخدرات وتفاقم انتشارها و برزت عصابات منظمة للتهريب و الترويج و توسعت بؤر البيع عبر أنحاء البلاد الا انها تبقى محدودة مقارنة مع الوضع الذي وصلت فيه بعد ثورة 2011.
بعد بن علي:
خلال أيام الانتفاضة سنة 2011 سادت حالة الفوضى العارمة التي عمت البلاد و فتحت الحدود البرية والبحرية على مصراعيها أمام المهربين من كل الأصناف من استجلاب المخدرات إلى ترويجها بكل المدن و دخول كميات كبيرة من الأسلحة التركية من بندقيات الصيد التي تباع بصور شبه علنية بمئات الدنانير وبعض انواع المسدسات (بيريتا) رغم الجهود اللاحقة من المصالح الأمنية و الديوانية…. وشهدت أشهر ما بعد الانتفاضة عمليات ممنهجة لترويج السموم في كل مكان من البلاد في ظل ضعف السلطة التنفيذية و السياسية خاصة…
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
حتّى اختتم الحديث عن دورتنا التكوينية في الراي اونو والتي كانت على امتداد شهرين، عليّ ان ادوّن هذه الملاحظات التي بقيت عالقة في خانة الذكريات ..
كلنا نعرف ان السفر مع فرد او مجموعة عنصر هام لمعرفة ذلك الشخص او تلك المجموعة معرفة عميقة .. وسفرة ايطاليا لم تخرج عن هذا الاطار ..اكتشفنا مثلا (القرناط) الذي يستخسر في نفسه شراء قهوة، في بلد اشتهر بمتعة قهوته… اكتشفنا اناسا غاية في الضمار الجميل، وكنا نحسبهم غاية في المساطة… اكتشفنا ميولاتنا الى السهرات بكلّ الالوان من حيث مشروباتنا، ومن حيث ميولاتنا لمشاهدة نوعية اخرى من البرامج الايطالية في القنوات الخاصة والتي لا يصلنا بثها الى تونس… وانا ما نقلّكم وانتوما ما يخفاكم (كولبو غروسّو ـ الضربة الكبيرة) مثال من تلك البرامج التي هي في شكل مسابقات والعاب حيث يتنافس فيها رجل وامراة للاجابة عن بعض المسابقات وبعد كلّ سؤال يقوم الخاسر بنزع قطعة من ثيابه… ستريبتيز، ما تمشيوش لبعيد .. ينتهي خلع الملابس وقت نوصلو لهاكي الاشياء …
روما ايضا هي عاصمة الاناقة في اللباس .. تقف امام واجهة متجر لبيع الملابس للرجال وللنساء ..تقف ساعات مشدوها بجمالها وفيانتها ومصدوما باسعارها … وتكتفي بالعشق ..نعم وقفت مرة امام متجر واعجبت بكوستيم (بدلة) ايّما اعجاب ..وغادرت ..وأعدت زيارة نفس المتجر مرات ومرات ولم اشتر البدلة ..الذي يعرفني يعرف اني من النوع الترتاق الفلاق في الفلوس ..ولكن كان كلّ همّي ان اخصص مدخراتي المالية لعائلتي ..وفي الاخير اشتريت ما شاء الله من ادباش وهدايا لعائلتي واكتفيت بقميص لي .. فقط فقط فقط …
وعدنا الى تونس بعد انقضاء فترة التدرب التكويني .. وان انسى فانني لن انسى ما حدث لي عند وصولي الى مقرّ سكناي بصفاقس ..ولدي انذاك كان عمره سنة ونصف ..نظر اليّ نظرة باهتة لا روح فيها ..ثمّ وبعد ثوان ارتمى بين احضاني دون ايّة اشارة من ايّ طرف من العائلة ..سعادة مثل هذه المواقف تدّخر منها فرحا طفوليا من الابن ومن والده ما يكفي لسنوات من الازمنة العجاف …نعم من مثل هذه الاحداث يستمد الواحد منّا طاقة لا تفنى في مواجهته لمصاعب ومصائب الزمن .. يكفي ان يتذكّر طفلا له يرتمي في احضان ابيه بتلك السعادة والفرح حتى يقول (وان تعدّوا نعمة الله لا تُحصوها)…
سنة 1988 عشت فيها اذاعيا محطات لا يمكن ان انساها ..اوّلها التفكير ثم الانجاز لمشروع اسميته انذاك في احد برامجي (من اجل عيون الطفولة) ..والذي اردته تفكيرا منّي وانجازا من المستمعين في شكل بعث مكتبات خاصة بالاطفال المقيمين بالمستشفيات الجامعية… لنخفّف من احزانهم ووحشتهم ولنعوّدهم على مقولة (الكتاب خير جليس وخير انيس) ..قمت بدعوة المستعمين للقيام بحملة تجميع الف كتاب او مجلة لكلّ مكتبة وكان التآلف عجيبا مع هؤلاء المستمعين… ولم تمض 3 اشهر حتى ارسينا اوّل مكتبة بقسم الاطفال بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس ..وتواصل المشروع مع مستشفيات اخرى ..
كنت وما زلت مؤمنا بانّ التونسي عندما تكلّم فيه لغة العقل والقلب يستجيب ..وهذا عامل من عوامل تفاؤلي الدائم بتونس والتونسيين ..اعرف انّ تونس دخلت مرحلة سوداء في العلاقات المجتمعية والعائلية منذ 2011 ..ولكن ثقتي لا حدود لها في انّ معدن الانسان الاصيل مهما مرّغوا انفه في مخططاتهم (ونجحوا ايما نجاح في ذلك ) لا بدّ ان يعود الدرّ الى صدفته .. فالذهب قد يعلوه الغبار ولكن ابدا ان يصدأ …في نفس السنة فكّرت ادارة اذاعة صفاقس في تخصيص مساحة اسبوعية للشباب حيث ينتقل فريق اذاعي الى مناطق عديدة من الجنوب التونسي لربط مباشر مع الاستوديو الذي كنت اشرف عليها تنشيطا… هدف البرنامج اعطاء الفرص وعلى امتداد 3 ساعات للشباب ليعبروا عن مشاغلهم بكلّ حرية وبعيدا عن ايّة رقابة ..ايّة رقابة … وهذه التجربة كانت منطلقا لبعث اذاعة الشباب في اذاعة صفاقس سنة 88 وساعود للحديث عنها ..
في اكتوبر سنة 88 قامت الاذاعة التونسية بتجربة جديدة في البث الاذاعي اسمتها (فجر حتى مطلع الفجر)… وكما يدلّ العنوان هو برنامج مباشر ينطلق في منتصف الليل ويتواصل حتى الخامسة صباحا… وهو برنامج يومي ويُبث بشكل مشترك بين الاذاعة الوطنية واذاعة صفاقس واذاعة المنستير ..ينشطّه من الاذاعة الوطنية مجموعة من الزملاء ونصيبهم في ذلك 5 ايام في الاسبوع… بينما بقيّة فتات الاسبوع تتقاسمه اذاعة صفاقس واذاعة المنستير حصّة واحدة في الاسبوع …وشكرا على هذه الصدقة ..والله لا يضيع اجر المحسنين ..
كنت انا من عُينت لتنشيط تلك الحصة اسبوعيا ممثلا لاذاعة صفاقس … وللامانة كانت مناسبة متميّزة لمستمعي الاذاعة الوطنية ونظرا إلى انّ بثّ اذاعتنا لا يصل لبعض مناطق البلاد حتى يكتشفوا اصواتا اخرى والوانا اخرى واجواء اخرى… وهنا اتقدّم بالرحمة على روح الزميل الحبيب اللمسي الذي كان رابطنا الهاتفي مع المستمعين المتدخلين في ذلك البرنامج من غرفة الهاتف للاذاعة الوطنية… وسي الحبيب كان ممن يسمونه حاليا (فان) لعبدالكريم…
في اكتوبر 88 حدثان هامان عشتهما في مسيرتي الاذاعية… اولها الاعتراف بديبلومي الذي نلته من المعهد الوطني للعلوم السمعية البصرية بباريس سنة 1979 .. اي نعم بعد 9 سنوات من الاهمال والظلم… والفضل في هذا يعود للمرحوم صلاح معاوية الرئيس المدير العام لمؤسسة الاذاعة والتلفزة ….علم بالاشكال الحاصل بيني وبين الادارات والمسؤولين الذين سبقوه، فدعاني لمكتبه ودعا مدير التلفزة انذاك الزميل مختار الرصاع والكاتب العام للمؤسسة، وطلب منهما وفي اقرب وقت رفع المظلمة التي تعرضت لها ..وفعلا وفي ظرف اسبوع قام بانهاء تلك الوضعية التي طالت وبكلّ جور ..
الحدث الثاني وقع بعد زيارة المرحوم معاوية لاذاعة صفاقس للاطلاع على حاضرها وآفاق تطويرها … يومها التقيته في كواليس الاذاعة وكان صحبة زميلي رشيد الفازع الذي انتمى في بداية السبعينات الى نفس دفعتي عندما قامت بتكويننا لتدعيم التلفزة التونسية باطارات جديدة كلّ في اختصاصه ..رحّب بي المرحوم صلاح الدين معاويو وهمس لي: ايّا اش قولك تشدلي انتي اذاعة الشباب ؟؟ ..واذاعة الشباب هذه انطلقت في اذاعة صفاقس منذ 1988 وهي عبارة عن فترة زمنية بساعتين من السابعة الى التاسعة مساء… فوجئت صدقا بالمقترح ..وعرفت في ما بعد انّ المرحوم صلاح الدين معاوي كان ومنذ بداية الثمانينات متابعا لاخباري بحلوها ومرّها في اذاعة صفاقس ..
اعيد القول اني فوجئت بالمقترح ..بل لم يستهوني ..وهاكم الاسباب ..انا منذ دخولي لمصدح اذاعة صفاقس كان لي مخطط لمستقبلي المهني ..هذا كان مخطّطي: 10 سنوات اذاعة …10 سنوات تلفزة … وبقية العمر ان طال العمر للسينما …. و(اللي يحسب وحدو يفضلّو) لان الانسان في كلّ حالاته ..في طفولته .. في شبابه .. في كهولته .. في شيخوخته ..وفي كلّ قرارات حياته منذ الولادة الى المغادرة لا تخطيط له ..نعم هنالك “اجندا الهية” نخضع اليها جميعا .. قد تاخذنا نرجسيتنا وثويريتنا لنقول: سافعل .. سافعل .. سافعل ..ولكن وعند الوصول الى سنّ الحكمة سنكتشف اننا جميعا خاضعون للاجندا الالهية … انا كنت وسابقى دائما من المؤمنين بالارادة والطموح والفعل …وهذا لا يتنافى مع ما قلته بل هو متناسق مع (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) ..
اعود للعرض المقترح من السيد صلاح الدين معاوي وكان ردّي الفوري: تي انا نخمم نوقّف العمل متاعي في الاذاعة لانتقل للعمل كمخرج في التلفزة وانت تقللي اذاعة الشباب ؟؟ وفعلا انا منذ سنة 88 قررت التحضير لمغادرة المصدح ولكن على مراحل اوّلها ردم كوكتيل من البريد الى الاثير واعلان وفاته .. بالمناسبة، عندما سمع المرحوم صالح جغام بنيّتي في ايقاف الكوكتيل (قطّع شعرو) كما تعرفونه رحمه الله عندما يغضب ..طلبني هاتفيا وقال لي: يا خويا عبدالكريم يخخي هبلت توقف الكوكتيل ؟؟ برنامجك ضارب ودائما الاول في الاستفتاءات السنوية .. اش قام عليك ؟؟ ضحكت وقلت له يا صالح ستعرف يوما الاسباب وبعدها نحكيو…
انذاك فكرت في ايقاف الكوكتيل وفعلت ..الكوكتيل اصبح في اذهان المستمعين اسطورة ..وانا من موقعي الفكري كنت دوما ضدّ الاساطير … اذن عليّ ان اكون متناسقا مع نفسي واوقف الاسطورة ..نعم ربما بقساوة على نفسي وعلى المستمعين اوقفت الكوكتيل ..وتلك هي المرحلة الاولى ..وفي المرحلة الثانية التجات للتعويض .. عوضته في مرحلة اولى ببرنامج مساء السبت ثم باصدقاء الليل …واختيار هذه المواقيت كان مقصودا ايضا ..كنت محسودا على فترة الكوكتيل من العاشرة الى منتصف النهار وكان بعض الحساد ينسبون نجاحي الى تلك الفترة الزمنية من اليوم ..لذلك ومع كوكتيل الاصيل ومع البرامج التي ذكرتها كنت اريد ان ابرهن انّ نجاح ايّ برنامج ليس مأتاه فترته الزمنية… بل اقول اكثر من ذلك، المنشط هو الذي يخلق الفترة الزمنية وليست الفترة الزمنية هي التي تخلق نجاح المنشط ..وحتى عندما اوقفت الكوكتيل وعوضته بمساء السبت كان في نيتي وبكل حزم ان انهي علاقتي بالمصدح سنة 1990 لانتقل الى مخططي وادخل في الحقبة الثانية وبدءا من 1990 في عشرية العمل التلفزي …
سمعني السيد صلاح الدين معاوي بانتباه وبتركيز شديدين وانا اعلمه بنية مغادرتي العمل الاذاعي سنة 90… وقال لي (ما اختلفناش… شدّلي اذاعة الشباب توة، وعام 90 يعمل ربّي .. هذا طلب اعتبرو من صديق موش من رئيس مدير عام) ..ابتسمت وقلت له طلبك عزيز وعلى العين والراس لكن بشرط ….في بالي فيه البركة مع الورقة 85 .. وطبعا ندّلل عليكم لاترك ماهيّة شرطي الذي وضعته، للورقة المقبلة …
ـ يتبع ـ
جور نار
رغم عيوبه السبعة… الأمريكان يعيدون دونالد ترامب، ولا يستعيدون “معجزة” 2008!
نشرت
قبل 4 أيامفي
6 نوفمبر 2024عبد القادر المقري:
فوز دونالد ترامب بعهدة ثانية (غير متصلة) في سدة البيت الأبيض يحمل معه عددا لامتناهيا من الدلالات… خاصة إذا عرفنا أن منصب الرئيس الأمريكي هو عبارة عن “واجهة” لتوازن قوى وإرادات ونوايا داخل الطبقة النافذة وأجهزتها، بأكبر قوة على الأرض حاليا.
قد يبدو الأمر مستغربا خاصة من وجهة بلدان كمنطقتنا حيث تتجمع كل السلطات في يد شخص واحد تسبغ عليه أجلّ الأوصاف البشرية وفوق البشرية وحتى الإلهية… وهذا طبيعي بحكم الموروث الذي تراكم لدينا على مر آلاف السنوات، وتمركزت فيه السلطة بشكل مبالغ فيه لدى أفراد حملوا مختلف الألقاب التي توحي بالعظمة والقهر والسلطان المطلق، وبات ذلك مقبولا وبديهيا لدى العامة مهما كانت قشور بعض الدمقرطة هنا وهناك… وحتى في العشرية الماضية التي يسوّق أصحابها أنها كانت قوسين ديمقراطيين وسط عصور من الاستبداد، فلقد تصرف “الديمقراطيون” بشكل لا يختلف عمن سبق وعمن لحق… ويكفي هنا التذكير بذلك “الاعتصام” الذي دفعوا إليه بأنصارهم سنة 2012 أمام مبنى التلفزة التونسية، وطالبوا خلاله بعودة الإعلام الوطني إلى تمجيد “إنجازات” الحاكم، بدل عملنا الإخباري المحايد الذي حاولنا الشروع فيه بعد جانفي 2011…
إذن أسفرت الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن عودة دونالد ترامب إلى الحكم مجددا كإحدى النوادر في تاريخ تلك البلاد… إذ تذكر المصادر أنه وحده رئيس قديم يدعى “كليفلاند” حكم في بداية القرن 19 فترة أولى، ثم خسر معركة التجديد، وعاد بعد ذلك إلى البيت الأبيض … أما الـ 55 رئيسا الباقون فكانوا إما يجددون وهم في مكانهم، أو يخرجون خروجا لا رجعة بعده… وهذا قد يعكس قوة شكيمة لدى شخصية ترامب المضارب العقاري الذي لا ييأس وفي جعبته صبر التجار وعنادهم الأزلي… ويترجم هذا الرجوع خاصة رغبة الـ “إستابليشمنت” الأمريكي في حسم بعض الملفات التي بقيت مفتوحة، بل مبعثرة الأوراق، في عهد العجوز المريض جو بايدن…
من هذه الملفات أو في صدارتها الحرب في أوكرانيا… هي كما وصفها عديدون حرب أوروبية أوروبية، وقد اندفعت في خوضها (بالوكالة) إدارة بايدن أولا لتأكيد زعامة الولايات المتحدة على الحلف الأطلسي… وثانيا ربما لانتماء الرئيس المتخلي إلى جيل ولد ونشأ وكبر ومارس السياسة والأعمال زمن الحرب الباردة، وخلّف ذلك لديه نفورا من السوفيات والروس وكل ما له صلة بهم… فضلا عن سبب ثالث يتم التطرق إليه بين الفينة والأخرى وهو أنشطة ابنه “هونتر” التجارية ومصالحه بأوكرانيا، فيما يتهم الروس بايدن الإبن بامتلاك مختبرات في كييف لإنتاج أسلحة كيميائية… وعلى العموم، فقد كلفت هذه الحرب الخزينة الأمريكية ما يزيد عن 174 مليار دولار على الأقل، من المساعدات العسكرية والاقتصادية … حسب آخر تصويت من الكونغرس (الذي كان يسيطر عليه الديمقراطيون) في شهر أفريل الماضي…
وفي هذا الباب، يقف دونالد ترامب على النقيض من بايدن… فمعروف عنه موقفه غير العدائي من روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين خاصة… بل يمكن وصف علاقة الطرفين بنوع من التفاهم إن لم يكن بالصداقة… كما أن ترامب ينتهج بعضا من نظرية “مونرو” الانكفائية خصوصا في ما يتعلق بعدم الالتزام بقضايا لا تهم المصلحة الأمريكية المباشرة… فكما قلنا، الصراع الأوكراني هو شأن أوروبي، ومكانة هذه القارة (سيما بعد أن أصبحت اتحادا) في سياسة ترامب لا تعدو كونها منطقة منافسة أكثر منها حليفا تندفع الولايات المتحدة للذود عنه والإنفاق عليه…. وهذا ما يفسر تخوف العواصم الأوروبية من مآل السباق نحو البيت الأبيض، وهي عارفة ما ينتظرها في صورة رجوع ترامب بعد أن جربته في العهدة الأولى…
وتبعا لهذا، من المنتظر رؤية عديد الالتزامات الأمريكية الخارجية تتقلص إن لم نقل تتلاشى بصفة شبه كلية… لا ننسى أن ترامب انسحب من تعهدات دولية عديدة كالتي حول المناخ مثلا، وأهم منها تهديده المستمر بالانسحاب من الحلف الأطلسي ولو جزئيا… ويستتبع ذلك كما أسلفنا انحسار “السخاء” الأمريكي في مساعدة دول هذا الحلف عسكريا وحتى اقتصاديا… دول هذا الحلف ومن ترضى عنه هذه الدول أيضا… ولعل أول من استبق هذا الانحسار، كان إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي الذي سارع إلى ترميم علاقاته بدولة كالمغرب… وقد تتبع ذلك خطوات مماثلة مع دول عربية وإفريقية تجمعها علاقات “تاريخية” بفرنسا والمتروبول الأوروبي عامة (في سياسات الهجرة والتأشيرات ربما)… وقد تمثل هذه الفضاءات وأسواقها بديلا، إلى حد ما، عن الدعم الأمريكي لاقتصاد القارة العجوز… عكس ما يتوقعه اليمين الأوروبي المتطرف من قمع متزايد للهجرة، اقتداء بسياسات ترامب في بلاده من هذه الناحية…
فلسطينيا… وإن كانت سياسة واشنطن المنحازة كليا للكيان الإسرائيلي لا تختلف بين شتى الجالسين في المكتب البيضاوي، إلا أن تفاصيل صغيرة قد تتغير مع إمساك ترامب بمقاليد إدارة الصراع… وهنا يتوجب الانتباه إلى الدور الإيراني في مجريات الأحداث الأخيرة الناجمة عن هجوم 7 أكتوبر 2023 وما تلاه من عدوان إسرائيلي ماحق على غزة والحنوب اللبناني… وسواء كان الطرف الثاني في مواجهة الاحتلال منظمة حماس أو تنظيم “حزب الله”، فإن هذه الفصائل تمثل باعتراف إيران نفسها، أذرع طهران في المنطقة إضافة إلى مثيلاتها في سوريا والعراق واليمن البعيد…
وإذا كانت المواجهة في عهد بايدن ظلت تكتفي بمحاربة الأذرع العربية دون المساس بالجوهر الإيراني، فإنها مع ترامب قد تغيّر مسارها ومرماها تماما… ترامب له حساب قديم مع طهران وبرنامجها النووي وليس في وارده “ملاطفة” إيران كما فعل بايدن، كما أنه قد يركز على ضرب إيران مباشرة وتهدئة الجبهة مع أذرعها… مما قد يفضي إلى تشجيع تغيير في حكومة الكيان (وقد بدأت التصدعات بعد في فريق نتنياهو) يقضي بوقف ولو تدريجي لإطلاق النار في قطاع غزة وجنوب لبنان…
يقيت نقطة أخيرة في ما يخص “كامالا هاريس” المرشحة سيئة الحظ… لقد أثبتت هذه المرأة رغم هزيمتها، شجاعة وديناميكية منقطعتي النظير… امتطت قطار الانتخابات وهو سائر لتعويض “جو بايدن” بُعيد انسحابه المفاجئ في 21 جويلية الماضي… فيما كانت الحملة الانتخابية في أوجها على مسافة 100 يوم فقط من يوم الاقتراع، وفيما كان منافسها ترامب جاهزا منذ أشهر وحملته ماضية على أشدها… فكان عليها أولا الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي ولم يكن ذلك بديهيا، ثم خوض حملة طاحنة في فترة قصيرة، ثم خاصة الرد على مثالب الخصم الشرس حول رئيسها وفترة حكمه، ثم حولها شخصيا وحول مقدار كفاءتها لاعتلاء منصب الرئيس…
ولئن تجاوزت الولايات المتحدة إرثها المثقل بالميز العنصري عند انتخاب أوباما كأول رئيس أسود ومن أصول غير بروتستانتية (ولا مسيحية حتى) سنة 2008، ولأسباب انكشف أنها جاءت وفق “كاستينغ” متلائم مع أجندا تصعيد الإسلام السياسي لحكم البلاد العربية… فإنه لا يبدو أن ذلك سيتكرر بسهولة، خاصة أن هاريس تعترضها “عوائق” ما زالت ذات وزن في العقلية الأمريكية والغربية عامة… ورغم التطور الكبير في العقليات، إلا أنه يبدو أنه لم يحن الوقت بعد لرؤية امرأة على رأس بعض الديمقراطيات الكبرى… فقد فشلت “هيلاري كلينتون” سنة 2016 في سباق مماثل نحو الرئاسة الأمريكية، كما فشلت قبلها “سيغولين روايال” في فرنسا سنة 2007، وكلاهما بيضاوان أوروبيتان أصلا ومفصلا…
وهذا ما يضيف أسهما إلى شجاعة امرأة ذات أصول إفريقية وآسياوية، مثل كامالا هاريس…
المنستير… مشروع لبعث فضاء موسيقي عمومي لذوي الاحتياجات الخاصة
لعلّي أراكم
فيما بايدن يجمع أدباشه… بوتين يقيم علاقات شراكة مع دول إفريقيا
أمستردام: “هوليغانز” من دولة الاحتلال يستفزّون جماهير عربية وهولندية… والسلطات تقلب الحقائق خوفا من نتنياهو!
فيما العدوان لا يتوقف ضد الأبرياء… المقاومة تجهز على 15 جنديا وتستهدف عتادا عسكريا ومستوطنة
استطلاع
صن نار
- ثقافياقبل ساعتين
المنستير… مشروع لبعث فضاء موسيقي عمومي لذوي الاحتياجات الخاصة
- شعريارقبل ساعتين
لعلّي أراكم
- صن نارقبل ساعتين
فيما بايدن يجمع أدباشه… بوتين يقيم علاقات شراكة مع دول إفريقيا
- صن نارقبل ساعتين
أمستردام: “هوليغانز” من دولة الاحتلال يستفزّون جماهير عربية وهولندية… والسلطات تقلب الحقائق خوفا من نتنياهو!
- صن نارقبل ساعتين
فيما العدوان لا يتوقف ضد الأبرياء… المقاومة تجهز على 15 جنديا وتستهدف عتادا عسكريا ومستوطنة
- صن نارقبل 3 ساعات
ترامب يبدأ في تشكيل إدراة جديدة… والديمقراطيون يحمّلون بايدن مسؤولية الهزيمة
- جور نارقبل 15 ساعة
آفة المخدرات بتونس: التاريخ… التوسع… الحلول
- جلـ ... منارقبل يوم واحد
ترامب الثاني: انتظار الفاشية خلف انتصار الـ”ماغا”!