جور نار

و كما قلنا سابقا … بلد بلا سيادة

نشرت

في

منذ يومين قامت الرقابة الجزائرية بإيقاف عرض مسلسل تبثه إحدى القنوات هناك … المسلسل إنتاج مشترك تونسي جزائري، و البث كذلك متزامن بين تلفزة من الجزائر و تلفزة من تونس هي “حنبعل” … أما سبب قطع البث فيتمثل في ما اعتبرته رقابتهم مشاهد مخلة بالحياء … هذا كله طبيعي و عادي و مفهوم، فما هو غير المفهوم إذن؟

<strong>عبد القادر المقري<strong>

ما لفت الانتباه في هذه القصة أن القناة التونسية التي في تونس (والتكرار مقصود) “عاقبت” نفسها بنفسها و قررت الامتناع عن بث المسلسل بدورها، “تضامنا” مع نظيرتها الجزائرية التي عاقبتها سلطات الجزائر … والتكرار متعمّد أيضا … أولا، أنا لست من هواة بث المسلسل من عدمه، بل لم أسمع به أصلا قبل هذه الحادثة … كما أن 90 بالمائة من مسلسلاتنا لا تعنيني و لا أراها تستحق أن تسمى أعمالا تلفزيونية أو حتى فنية … انتهى زمن صلاح الصيد والجربي و المسلماني و حمادي عرافة و الحاج سليمان، و جاء زمن فروخ الانفلات وفقر الخيال و النصوص الصفر و التمثيل تحت الصفر … لا، لم أعد أشاهد المسلسلات التونسية منذ أن أصبحت فروعا و غصونا لمسلسل “مكتوب” سيء الذكر …

و لكن ما استفزّني و لم أفهمه حقيقة هو انصياع القناة التونسية لقرار صادر عن دولة أخرى … فعلى حد علمي نحن لنا هيئة عليا للاتصال السمعي و البصري (هايكا) و هي التي تجيز و تمنع ما يذاع على قنواتنا … وعلى حد علمي أيضا، لم يأت اسم المسلسل المذكور ضمن لائحة العقوبات شبه الأسبوعية التي تصدرها هيئتنا، تماما كما تفعل لجنة التأديب بجامعة الكرة … فلماذا الالتزام بما لا يلزم؟ و هل لم تجدوا لتضامنكم مع الآخرين سوى هذا الشكل المهين … إن لم يكن لكم و لم يعد يهمكم، فهو مهين لنا و يهمنا في أقصى الدرجات …

هل عبرتم عن تضامنكم مثلا ببيان أو موقف أو “وقفة” أو احتجاج أو شارة حمراء مثلا؟ هل أرسلتم برقية مساندة للعاملين في القناة الجزائرية؟ هل قمتم باعتصام بالشارع الرئيسي في شطرانة؟ هل نظمتم مظاهرة أمام المسرح البلدي تحت عنوان “مواطنون ضد الانقطاع”؟ هل دخلتم في إضراب جوع وحشي و هذا النوع من الإضراب في رمضان يعني الصوم عن إفطار المغرب و سحور الليل …

لا بالعكس، فلا احتجاج و لا من يحتجون … كل ما سمعناه من القناة التونسية و من بعض الممثلين التونسيين أنهم “يحترمون” قرار السلطات الجزائرية … و أنهم يشهدون بأن لها “كل الحرية” بأن تقرر ما تريد … و أنهم، و أنهم … و هو ما لم نسمعه بتاتا حيال قرارات هيئتنا الوطنية (الهايكا) التي تقيمون القيامة على أي قرار تتخذه مهما كان تافها … مع الذكر بأنني لا أناصر الهايكا و لا أوافق على تركيبتها الأجنبية عن مهنة الصحافة … و لكن، إذا عارضنا هايكا تونس، فليس معنى ذلك أن نبوس ساق هايكا بلد آخر …

و ختاما … المعروف أن جارتنا الغربية مقسمة إداريا إلى 48 ولاية، فهل أصبحنا الولاية الجزائرية عدد 49، ونحن لا نعلم؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version