أتدري يا ساكن القصر لماذا انتخبناك؟ أظنّك نسيت، أو تناسيت، أو أنساك الكرسي ومن هم حولك وحول الكرسي باسم جالسه يهتفون، ويبايعون، طمعا في غنائم الكرسي ومن هم مع الكرسي… نحن انتخبناك فقط قطعا للطريق أمام خصمك بعد أن خدعونا وأوهمونا بخطورته على البلاد والعباد، أقلية من ناخبيك انتخبوك من أجل سواد عينيك، والبقية انتخبوك خوفا من خصمك وليس حبّا فيك… فحتى من جلسوا في بيوتهم يشاهدون ما يجري لم يسعدوا ولم يصفقوا يوما لك… وبك…وعنك وعليك…فنحن لم ننتخبك لتلعن الدستور وتمرّغ به الأرض بعد أن كان سببا في وصولك إلى كرسي قرطاج…نحن لم ننتخبك لتنصب المشانق لبعض فصوله ثم تعيد الحياة لبعضها كما تريد...
نحن لم ننتخبك لتنقلب على من كنت شريكا لهم في ما آلت إليه الأوضاع قبل 25 جويلية… نحن لم ننتخبك لتكتفي طيلة جلوسك على كرسي قرطاج بردّ الفعل فلم نرك يوما تصنع الفعل إلا لتأتي ما لا يجب أن تأتيه، وتلغي ما لا يجب أن تلغيه…نحن لم ننتخبك لتهدم كل ما بناه غيرك وتجلس على حطامه مهدّدا متوعدا…نحن لم ننتخبك لتعلن الحرب على من كنت شريكا لهم في الحكم … نحن لم ننتخبك لترمي بمسؤولية الفشل، كل الفشل على من كنت شريكا لهم فأنت من اختارهم وأنت أيضا من عرقل أعمالهم… نحن لم ننتخبك لتنظّم استشارة على مقاس ما تريد وتفرضها على البعض منّا لتكون مبررا لما ستأتيه في قادم الأشهر…نحن لم ننتخبك لتحوّل وجهتنا كما تريد يوم تريد لشعبيتك المزيد…نحن لم ننتخبك لتفرض علينا استشارة فاشلة تفرض بها علينا ومن خلالها ما تريد وتستحوذ بها على المزيد…
نحن لم ننتخبك لتفرض علينا روزنامة على مقاسك ومقاس ما تريد دون الرجوع إلينا، ألسنا نحن من أوصلك إلى حيث أنت كما تريد…نحن لم ننتخبك لتستحوذ على كل مفاصل الدولة والحكم وتحاكم خصومك وتقطع الطريق أمامهم وتقصي من تخافهم ومن لوجودهم لا تريد …نحن لم ننتخبك لتنقلب على كل من أوصلك إلى حيث أنت ومن كانوا سببا في وجودك حيث أنت وما تريد…نحن لم ننتخبك لتنتصر لــلــ”أنا” وتنسى من شاركتهم وشاركوك في الحكم وصنعت من أخطائهم مبررا للانقلاب عليهم… نحن لم ننتخبك لتعود للدستور بعد أن ذبحته من الوريد إلى الوريد متى وكيف شئت وتلغيه متى وكيف شئت ومتى تريد… نحن لم ننتخبك لتقطّع أوصال الدستور كما تريد وتقرأ فصوله كما تريد، لتقصي خصومك وتنكّل بهم بالفصل الذي تريد وتستحوذ من خلاله على السلطات التي تريد… وتختار لمآربك من فصوله ما تريد…وما بها تستفيد…
نحن لم ننتخبك لتلغي الجميع وتكتفي بالأنا فعامل هدم “الأنا” يتفوّق على عامل البناء…نحن لم ننتخبك لتنسى أن إدارة الدولة جماعية تقوم على منهج مؤسساتي دستوري، وتصبح أنت الدولة والسلطة والقضاء وتطالب بالمزيد…نحن لم ننتخبك لتفرض علينا بدائل تلتف بها على مقررات الدستور وتلغي بها استقلالية عمل مؤسسات الدولة تحت شعار “الشعب يريد” ما تريد…نحن لم ننتخبك لتختار نيابة عنّا نظاما سياسيا وتفرض حوارا مع من تريد ومع من يقبل بما تريد طمعا في بعض ما يريد…نحن لم ننتخبك لنعيش في عهدك رعب الاقامة الجبرية والايقاف والمحاكم والملاحقات، فقط لأننا لا نريد ولا نقبل بما تريد…
نحن لم ننتخبك لتنفرد بالحكم وتفرض أسلوب ما تريد من الحكم، وتلغي من تريد وتقصي من تريد…نحن لم ننتخبك ليأكل شعبنا من صفائح القمامة ويغرق شبابنا في البحر هربا منك ومما تريد… نحن لم ننتخبك لنعيش معك وفي عهدك رعب الانحدار نحو حضيض الاستبداد ونصبح في وطننا كالعبيد…نحن لم ننتخبك لنعيش معك محاصرة شاملة للوطنية، وتدمير ممنهج للشعور بالمواطنة…نحن لم ننتخبك لتسلب حقوق المواطن بما تريد وكيف تريد دون أن يريد وتفرض حقوق المواطنة بالطريقة التي تريد ولا يريد…
نحن لم ننتخبك لتنشغل عن مصلحة المواطن والوطن، والشعب وقوت الشعب، وصحّة الشعب ومصير الشعب، ومستقبل هذا الشعب بمحاربة خصومك وقطع الطريق أمامهم خوفا على موقعك…نحن لم ننتخبك لتكتفي بخطاب التهديد والوعيد لشعب أصبح لا يريد ما تريد ولن يريد ما قد تفرضه عليه بما تريد… ومتى تريد… نحن لم ننتخبك لتهمل ما يريده الشعب وتكتفي بما تريد، بعد أن فرضت نتائج استشارة على مقاس ما تريد… نحن لم ننتخبك لتعتبرنا من القطيع فلسنا من القطيع ولسنا من العبيد…
فقط عليك ان تعلم أنك إن واصلت المشي وحيدا في الطريق الذي تريد… فلن تجد أحدا لانتخابك سيُعيد…فمن ينشغل بهدم غيره….لن يجد وقتا لبناء نفسه …وما يريد… وأعلم أن أغلب هذا الشعب لا يريد ما تريد…وغدا نحن من سنصوّت على من نريد…ولن تكون أنت من نريد… لأننا لا نريد ما تريد…