إذا فكرت يوما في أن تستنشق عطر تونس مركزا خاليا من الشوائب فما عليك الا ان تتابع عرض “24 عطر” لمحمد علي كمون و المجموعة المصاحبة له.
تتمتع برائحة الجزر و اكليل الجبل و تغوص في أعماق الصحراء و تتسلق قمم الأطلس رحلة في ربوع البلاد تحملك إليها المعزوفات و الأغاني التراثية الحضرة و البدوي و الصوفي ، و السطمبالي الرقصات الأصيلة ، نغمة الدفوف بين يدي سمير السافي و محمد الرقيق و أنين ناي أحمد اليتيم وابتهالات إيقاعات فرعون و هدهدة الكمنجة يراقصها زياد الزواري و رائحة أمواج قرقنة تنعشك من طبل فتحي غرس الله و زكرة رشدي واردة و رفرفة البيانو يوقع عليه قائد الأوركسترا محمد علي كمون و يتركه أحيانا في هبلة فنية لا يقدر عليها الا الكبار للطفل مهدي ذهان ذي الثماني سنوات و الذي يربكك بانصهاره مع العزف والإيقاعات.
طفلة أخرى ” لينا والي ” وثق بها كمون و أدمجها في العرض لتغني الجلوة الصفاقسية و لتقف بكل ثبات في مواجهة جمهور جاء ليستمتع فلم يخب ظنه و هو يستمع إلى سفيان الزايدي و أسامة النابلي و منجية الصفاقسي و دنيا الحلواني و منير الكلبوسي و حسن سعدة …
جمهور ذواق تجاوز 3000 شخص توافد في سهرة السبت على مدارج المسرح الصيفي بسيدي منصور ليعيش سهرة من ذوق 24 و ليثبت أن للفن الحقيقي عشاقه و محبيه و ليثبت أن الاحساس الفني المرهف حينما يمتزج بالثقافة و التعليم الأكاديمي لا يمكن إلا أن ينتج مشروعا فنيا متكاملا تضوع عطوره على كل المتلقين ليخرجوا مزطولين، زطلة لا تعاقب عليها القوانين .