تابعنا على

جور نار

ما أنصح به ونحن على مشارف التوجيه الجامعي … بعض التوصيات

نشرت

في

ينطلق الناجحون الجدد في باكالوريا 2022 يوم الجمعة 22 جويلية (وإلى غاية يوم 26 من نفس الشهر) في عمليّة تخيّر  أي مسلك دراسي جامعي يُلائم أحلامهم وطموحاتهم ومشاريعهم في الحياة …

منصف الخميري Moncef Khemiri
<strong>منصف الخميري<strong>

و يلائم أيضا رغبات أوليائهم ومستويات اقتدارهم الذهني وميولهم النفسية ومستوى المجموع الذي سيتنافس بموجبه مع نظرائه وتصوّراتهم حول عروض التكوين وآفاقها… وإن تعدّدت العوامل والإكراهات التي يتعيّن على المترشح أن يأخذها بعين الاعتبار هي التي تجعل من عملية الاختيار مهمّة صعبة ومتسبّبة بشيء من التوتّر والقلق والحيرة… وهو في حدّ ذاته مؤشّر إيجابي حسب رأيي لأنه ينمّ عن حرص وجديّة في التعاطي مع “تقرير المصير”.

أردت من خلال هذه الورقة التقدّم بجملة من التوصيات المُساعدة على تبديد هذه الحيرة ولو بشكل نسبي أولا وتوضيح عدد من المسائل التي قد تكون خافية عن بعض التلاميذ وسائر المهتمين بهذا الشأن.

أوّلا :

إن توجيهك الجامعي الذي ستتحصّل عليه يوم 01 أوت ليس إلا نقطة انطلاق أوّلية نحو آفاق جديدة ستُتاح خلالها فرص ومُمكنات متعددة أخرى، وبالتالي، فإن المسار الجامعي الواحد في البداية يُصبح متعدّدا أثناء الدّراسة وبعد التخرّج. فلا تنزعج من البدايات مهما بدت متضائلة وأدنى مما تطمح إليه.

ثانيا :

عند اختيارك لشعبة ما، يتعيّن عليك الانتباه إلى “التخصّصات” التي تُفضي إليها تلك الشعبة الجامعية بعد السداسيّات المشتركة الأولى لأن نفس المسلك الذي تُدرّسه عديد المؤسسات بتسمية موحّدة لا يُفضي بالضرورة إلى نفس التخصّصات هنا وهناك. فعلى سبيل المثال إجازة علوم التصرف بالمعهد الأعلى للتصرف بباردو تُفضي إلى تخصصات إدارة الأعمال والتسويق والمالية والمحاسبة والتصرف في الموارد البشرية (كمسالك توجيه ممكنة تُلوّن الشهادة النهائية في علوم التصرف) بينما نفس هذه الإجازة بمعهد الدراسات التجارية العليا بصفاقس لا تُتيح إلا الهندسة الاقتصادية والمالية … والإجازة في الحقوق التي تدرّسها عديد المؤسسات تُفضي إلى تخصصات القانون العام والقانون الخاص باستثناء صفاقس وقابس حيث يُدرج القانون العقاري كتخصص ممكن مع القانون العام والقانون الخاص بعد السداسيات الأولى،  إلخ …

ثالثا :

التطبيقة الإعلامية المخصّصة لمعالجة اختيارات الطلبة الجدد على درجة عالية من الإتقان بحيث تسمح بترتيب كل الناجحين في الباكالوريا والمترشحين للتوجيه الجامعي في كل باكالوريا على حِدة وفي كل الاختيارات التي عبّروا عنها (أي بعض مئات الآلاف من الاختيارات) قبل الشروع في أي تعيين. ثمّ يُنظر إلى كل شعبة مطلوبة على حِدة وإلى مجموع من طلبها في المقام الأول ثم من طلبها في المقام الثاني…إلى غاية المقام العاشر. تُعطى الأولوية بطبيعة الحال إلى من رتّب تلك الشعبة كاختيار أول ولكن بعد مُقارنته بمن طلبها في الاختيار الثاني على سبيل المثال. ويتحصل عليها هذا الأخير في حالتين اثنتين : إذا كان مجموع من رتّبها كاختيار أول أدنى من مجموع الذي رتّبها في المقام الثاني وإذا لم يتحصل صاحب الاختيار الثاني على اختياره الأول. بمعنى أنه على المترشح للتوجيه الجامعي أن يستغل كل حظوظه مهما كانت جزئية في الاختيارات الأولى ويترك “المؤكّد” إلى نهاية الترتيب لأنه في كل الحالات لا يمكن أن ينتزعه منه من رتّبه في بداية بطاقة اختياراته بدون توفّر شرط مجموع النقاط المُقارن.

رابعا :

في إطار “حماية المُشرّع لنفسه”، تضاعف هذه السنة التضييق على المترشحين للتوجيه الجامعي من خلال “احتفاظ وزارة التعليم العالي لنفسها بالحق في عدم الاستجابة لمطالب إعادة التوجيه حتى وإن توفّر شرط مجموع نقاط آخر موجّه (لسنة 2022) “بتعلّة استنفاد طاقة الاستيعاب” (وهو في رأيي منطق مردود على أصحابه سنعود على تفاصيله في ورقة أخرى). وهذا المُعطى الجديد والجائر يُحتّم على الطلبة الجدد مزيد الانتباه والتدقيق في ترتيب اختياراتهم ووضع كل شروط الحصول على تعيين منذ الدورة الرئيسية إلى صفّهم درءًا لأيّة مفاجآت قد تحصل في دورة إعادة التوجيه.

خامسا :

بالنسبة إلى الذين ينوون ـ لسبب أو لآخرـ  إهمال التوجيه الجامعي التقليدي لفائدة الدراسة بالخارج أو الدراسة بمؤسسات التعليم العالي الخاص، يُنصح بأن تتمّ المشاركة في دورات التوجيه الجامعي العادية والحصول على تعيين ثم القيام بإجراءات الترسيم بشكل طبيعي في مفتتح السنة الجامعية قبل التقدّم بمطلب في تأجيل الترسيم في ظرف شهر من انطلاق الدروس، والاحتفاظ بشهادة التأجيل القابلة للتمديد سنة أخرى ريثما تستقرّ وضعية الطالب المعني في الوضعية الجامعية الموازية ومواصلة دراسته فيها أو العودة إلى المسار الأصلي.

سادسا :

المجهود الذاتي مطلوب جدا وبشكل مضاعف مقارنة مع ما بذله التلميذ من جهد للحصول على الباكالوريا وذلك في مستويين على الأقل :

  • الاطلاع على أدق التفاصيل المتصلة بملامح عروض التكوين في التعليم العالي وآفاقها العلمية والمهنية وضوارب المواد فيها والقواسم المشتركة مع شعب أخرى في تونس والخارج (الفرق بين شعبة أجهزة جراحة العظام وأدواتية قاعة العمليات الجراحية على سبيل المثال، والفرق بين الصحافة والاتصال، والاختلاف بين المرحلة التحضيرية العادية والمرحلة التحضيرية المندمجة، وبين السياحة والفندقة الخ…).
  • الجامعة لا تكوّن تماما بل تؤطّر التكوين وتوجّهه وتؤسس لمنهجية البحث وتفتح آفاقا للمتكوّنين وتُنير سبيلهم في كيفية تمتين تكوينهم القاعدي … لذلك يقول بعض الجامعيين المطلعين جيدا على ما نُدرّسه مقارنة بما يُدرّس في الجامعات العالمية إن الجامعات التونسية تعطي ما يعادل نصف ما تعطيه الجامعات الأخرى في نفس الاختصاص المعني وفي إطار الوحدات التي تدرس داخل ذلك الاختصاص…بما يعني أن المضامين والمهارات الفالتة والتي يتعين تداركها كبيرة جدا يما يفرض على الطالب التونسي أن يدعم تكوينه بصورة ذاتية من خلال عمليات الإشهاد (المُكلفة ماديا أحيانا) ودراسة الوحدات المجانية المفتوحة على شبكة الويب والمُتوّجة بشهائد رسمية من الجامعات العالمية التي تُسديها واستغلال المراكز الثقافية الأجنبية ببلادنا وما توفره المكتبات المختلفة من مصادر ومراجع ذات قيمة نادرة…

سابعا :

ما هي إمكانيات تعديل المسار بعد الحصول على توجيه جامعي ؟ في حالة عدم تلاؤم التوجيه المتحصّل عليه مع ميولات الطالب الجديد ورغباته ومشاريعه، تتوفّر عادةً الإمكانيات التالية لتجويد هذا المسلك المتحصل عليه أو استبداله :

  • المشاركة في دورة إعادة التوجيه والنّقلة بناء على مجموعه الأصلي (وتسمى حالات إعادة التوجيه لأسباب عادية، أي لا تتطلب وثائق مُرفقة) أو بناءً على ملف طبي أو ملف اجتماعي أو ملف مهاري (بالنسبة إلى شعب الصحافة والإبداع الفني والسينمائي عموما).
  • بعض المقاعد التي تفتح (بشكل متغيّر من سنة إلى أخرى) بعد الإعلان عن نتائج الدورة الرئيسية في جامعات أجنبية (إفريقية ومغاربية في إطار التعاون الدولي وتبادل الطلبة) في اختصاصات الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة وبعض الاختصاصات الأخرى، وتتمّ عملية الانتقاء على قاعدة مجموع النقاط وتعمير استمارة في الغرض بعد صدور بلاغ رسمي في الغرض.
  • الاستعداد بشكل مبكّر لاجتياز مناظرات إعادة التوجيه بالاختبارات الكتابية التي يتمّ الإعلان عنها خلال شهر جانفي من كل سنة ويقع تنظيمها خلال شهر مارس (باستثناء المراحل التحضيرية للدراسية الهندسية)، وهي فرصة حقيقية لتعديل المسار لأن طاقة الاستيعاب المفتوحة أمام المترشحين لهذه المناظرة مهمّة نسبيا (في حدود 15% من عدد المسجّلين بالسنة الأولى من كل شعبة) ولأن اختبارات السنوات الماضية متوفّرة بعديد المواقع للاستئناس بها، خاصة أنها مُستلهمة من البرامج الدراسية لسنوات الرابعة ثانوي.

ثامنا وأخيرا :

احذر اللغات الأجنبية المختلفة والثقافة العامة. التكوين الخصوصي الأساسي مهمّ ولكن مهما كان مستوى اقتدارك في المجالات الخصوصية قويا وعتيدا فستكتشف عندما تبدأ بالتعامل مع مواقع أو منصّات متخصصة أو جامعات أو مراكز بحث أجنبية، أن “وحيد اللغة” و “المتنصّل” من سعة الاطلاع على ما يجري في العالم وما يحدث من تطورات واكتشافات (يتعين عليك التعبير عنها في لغة سليمة تشد اهتمام سامعيها) لا مكان لهما في اقتصاد المعرفة الذي سيسود العالم مستقبلا.

وبالتوفيق للجميع

أكمل القراءة
تعليق واحد

تعليق واحد

    اترك تعليقا

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    جور نار

    ورقات يتيم … الورقة 89

    نشرت

    في

    عبد الكريم قطاطة:

    فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …

    عبد الكريم قطاطة

    وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…

    وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..

    قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …

    لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …

    وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …

    سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…

    عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..

    وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …

    ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …

    ـ يتبع ـ

    أكمل القراءة

    جور نار

    ورقات يتيم ..الورقة 88

    نشرت

    في

    عبد الكريم قطاطة:

    المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …

    عبد الكريم قطاطة

    وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..

    في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…

    اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…

    اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…

    لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…

    في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…

    عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…

    اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…

    ـ يتبع ـ

    أكمل القراءة

    جور نار

    التقصي عن أمراض السكري وضغط الدم… وليس عن أعوان التلفزة!

    نشرت

    في

    محمد الزمزاري:

    انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.

    محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

    يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.

    الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.

    طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.

    وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.

    أكمل القراءة

    صن نار