تابعنا على

جور نار

نحن زرعنا الشوك (8)

نشرت

في

عبد القادر المقري:

وبعد، ودون الإكثار من تفاصيل المرحلة البالغة السوء التي تحدثنا عنها والتي هددت جدّيا كيان الدولة والمجتمع، هل نحن أمام جرم بلا مسؤولية أو مسؤولين؟

عبد القادر المقري Makri Abdelkader

جميع التحاليل التي صدرت سواء عن الفاعلين في تلك المرحلة أو مناوئيهم، كانت تقول بجلاء إن هؤلاء لم يأتونا من كوكب آخر… صحيح هم جاؤونا بوجوه وسياسات لا تشبهنا أو لم نتعود عليها، ولكنهم في معظمهم وُلدوا بيننا، وتلقوا تعليمهم في مدارسنا، ووجدوا في أرضنا حقولا خصبة لإنبات زرعهم المتوحش … لذلك كان خطرهم أفدح بكثير من خطر الاستعمار كجسم خارجي لم يفلح في اختراق وجداننا ورمي جذوره في تربتنا ولو كان في تلك الجذور بضع بذور لحضارة عصر … لقد لفظ أجدادنا الدخيل الفرنسي بقضّه وقضيضه، ولم يأخذوا منه حتى ما أخذه منه العالم من فنون الذوق واللياقة والأدب الرفيع وأولوية الجمال… لكنهم مع غزاة 2011، وجدوا أنفسهم كالسمكة في بحرها، أو على الأصح كالبحر الذي استعاد أسماكه… فأيّ بحر ينجب ويؤوي ويغذّي مثل هذه الكائنات؟

بيئتنا شرّيرة متجمّدة في شرّها وإن تحركت يوما ففي اتجاه الوراء، وما أكثر خطوط سيرنا إلى الوراء… بدءا من الأسرة التي لم تتطور المفاهيم فيها… رغم القشرة الخارجية التي يشهرها النظام السياسي على الدوام تحت عنوان مجلة الأحوال الشخصية… نص قانوني يقال إنه الأكثر تقدمية في جنوب المتوسط وعلى ضفافه الشرقية وصولا إلى المحيط الهندي وبحر الصين … أي في كافة الربوع التي تحتوي مآذن ترفع الشهادتين خمس مرات في اليوم … طيب … ولكن ما لفت الانتباه أنه ذات تسعينات وفي خضمّ تكوين نظام نوفمبر لمفردات خاصة به، وقعت إضافات “تحديثية” لتلك المجلة التي كنا نخال أنها لا تحتاج إلى تحديث… وهذا يعني اعترافا ضمنيا بأننا قبل ذلك ولعقود كنا نعيش مع فصول متخلفة لمجلة كانت تزعم التقدمية … فضلا عما كشفته عدة بحوث نقدية قامت بها جمعية النساء الديمقراطيات، أو صدرت عن بعض الوجوه النسوية، أو ذهب بها حمة الهمامي أبعد من ذلك في كتابه عن المرأة التونسية … كما أن “بطل” مجلة الأحوال الشخصية ذاته (أي بورقيبة) لم يعط القدوة في احترام تلك المجلة حين تعلق الأمر بنفسه وزواجه وطلاقه وحقوق المرأة في بيته…

طبعا ستثور آلاف الرؤوس وتحمى وتزمجر وتطلق عليك أقذع السباب لو ذاع عليها مثل هذا الكلام… وهذا في حد ذاته تأكيد لما نقوله لا نفي له… ففضلا عن ملابسات “تطليق” السيدة وسيلة وقبلها السيدة مفيدة (ماتيلد لوران) وهي حقائق شائعة لا حاجة لها إلى بيان أكثر… فضلا عن ذلك، فإن الحمية في تقديس شخص كان بمثابة رب الأسرة التونسية، دليل على أننا لم نخرج عن علاقات الإقطاع التي سادت في القرون الخوالي… ودليل أيضا على أننا سواء في أسرتنا الكبرى (الوطن) أو أسرنا الصغيرة، ما زلنا نعمل بمعايير الإمامة والمشيخة وولاية الفقيه … وأن الجمهورية عندنا كانت وما تزال اسما بلا مسمى …

ثاني خطوط السير إلى الخلف: الشارع… طوال طفولتنا وما بعدها، وفي زمن الجمهورية والمجلة دائما نتحدث، كانت مقاييس تقويم الأشخاص سواء مدحا أو ذمّا، تتم بحسب الجنس (رجل، امرأة) أو الوسط الجغرافي (مدينة، ريف) أو السلالة أو المعتقد أو الثروة أو القوة البدنية … ولم تحتل قيم أخرى كالعمل والكفاءة العلمية والسلوك المتحضر مكانها إلا بقدر ارتباطها بالمقاييس السابقة… ويكفي هنا أن نعود إلى معايير اختيار المسؤولين في الستينات والسبعينات حتى نعرف أن ذلك لم ينشز عن سلم الاختيار المعتمد زمن الخلافة الأموية أو العباسية أو الدولة العثمانية… يعني أننا لم نندمج في الزمن المعاصر وثوراته الكبرى مهما ادعينا…

البيئة الثالثة هي المدرسة… وقد قرأنا سيولا وفيضانات عن مجانية التمدرس وتعميم التعليم والمنح الجامعية والوجبات الخيرية وتوزيع الشطائر بين الوجبات إلخ… وتم إدراج ذلك كالبرنامج الانتخابي الأبدي الذي لازم سلطتنا السياسية وميزان حسناتها… جيد، جيد جدا… ولكننا لم ننتبه مرة واحدة إلى أن ذلك من واجبات أية حكومة توضع في يدها أموال المجموعة الوطنية ويتم تكليفها بخدمة الشأن العام… ولم ننتبه إلى أنه لم يُشكر أحد على هذا في بلدان الشمال رغم أن في حكوماتها ما أخرج بلادا بكاملها من دمار شامل إلى ازدهار شامل وحقيقي… كما حصل في الدول التي خسرت الحرب العالمية الثانية، وحتى معظم التي انتصرت فيها … لم تؤلّف مدحيات في المستشار أديناور، ولا عكاظيات في وينستون تشرشل، ولا معلقات في الجنرال ديغول… أما نحن…

نأتي الآن إلى محتوى مدارسنا وما كانت تقدمه من برامج… مع تقديري الأكيد لمعلّمينا وأساتذتنا وما بذلوه من جهد بطولي، وخاصة في الأرياف، فإن ثغرات خطيرة تبدّت في نظامنا التعليمي منذ تلك الفترة… للعلم فقد تناول المختصون الأجلاّء هذه النقائص على مدى السنوات ولن نكون بأفصح منهم ولا أعلم… ولكن نقتصر على بعض الإشارات… مادة التاريخ مثلا كانت منقسمة كالتالي: 30 بالمائة لتاريخ تونس القديم حيث يقع التنصيص على أن كل الحضارات دخيلة علينا، وعلى أن ماضينا كله استعمار وهزائم (يعني لا علاقة لك أيها التلميذ لا بأمجاد قرطاج ولا الدولة الأغلبية التي احتلت لقرون مالطة وجنوب إيطاليا وجزرها، ولا الدولة الفاطمية التي تأسست هنا ومن هنا انتشرت، و لا بابن خلدون، ولا بأروى القيروانية، ولا بفاطمة الفهرية، ولا، ولا…) و70 بالمائة عن “الحركة الوطنية” وهي عبارة عن مسح بيوغرافي لحياة الزعيم من يوم ولادته في حومة الطرابلسية إلى عودته المظفرة يوم غرة جوان وما تلاها من خير عميم، وبينهما سجون ومقيمون عامون حفظنا أسماءهم وأسماءها وتواريخهم وتواريخها عن ظهر قلب…

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

تطورات خطيرة قد تقود إلى مزيد من الدم والنار

نشرت

في

محمد الزمزاري:

اتسمت أواخر السنة الماضية 2024 بتوسيع عدد من بؤر الصراع وسقوط ضحايا مدنيين واطفال فلسطينيين على يد النازية الصهيونية المدعومة أمريكيّا وغربيّا، كما تم تسجيل اعتداءات غاشمة ضد لبنان تحت ذريعة ضرب حزب الله.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

وإن نجحت الآلة الصهيوأمريكية في إضعاف قوة المقاومة بغزة او بلبنان، فانها لم تحصل على اي انتصار استراتيجي طبقا لمخططها المتمثل في تهجير فلسطينيي غزة إلى صحراء سيناء وفلسطينيي الضفة إلى الاردن. هذا بالإضافة إلى فشلها الذريع في “انقاذ” الأسرى الصهاينة أحد أهداف اكتساحها العسكري لغزة و رفح… أما ما دفعته اسرائيل من خسائر فيصل إلى حوالي 10 آلاف جندي ومئات المدنيين وانعدام للأمن في جل المدن (حيفا، تل ابيب…) بالإضافة إلى القطاع الشمالي وفرار سكان المستعمرات… كما خضع الكيان إلى ضربات موجعة سددتها له المقاومة بلبنان والعراق وغزة واليمن لحد الاسبوع الاخير من السنة المنقضية.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى فقد تم بسوريا اسقاط نظام الاسد، وتعيد بعض التحاليل سهولة اكتساح المدن السورية الهامة وخاصة العاصمة دمشق، إلى أن سبب ذلك اتفاق بين عديد الاطراف لا سيما بين الروس والامريكان يتم بمقتضاه إزاحة بشار وخروج روسيا من قاعدتي حميميم وطرطوس بسوريا، مقابل تخلي الولايات المتحدة والغرب عن دعم اوكرانيا، وتمكين روسيا من الجزء الشرقي لأوكرانيا والأراضي التي خططت موسكو لاستلامها او احتلالها. ويبدو جليا ان الروس قد يحولون وجهة قواعدهم بسوريا إلى ليبيا او ربما تقليص وجودها بسوريا ..

من ناحيتها تعود بعض الدول الخليجية إلى انجاز مشروع قديم متمثل في مد أنابيب الغاز نحو أوروبا عبر سوريا ثم تركيا التي تحلم بمرابيح هامة ثمنا لعبور هذا الشريان الحيوي نحو أوروبا، علما بأن هذا المشروع كان دوما مرفوضا من الرئيس السوري حافظ الاسد ونجله بشار… وكان على الامريكان والغرب والأتراك وبعض دول الخليج تنصيب سلطة في دمشق على مقاس المخطط بدعم من تركيا وحشد للفصائل الإرهابية خاصة (جبهة النصرة و جيش الشام و صفد و ما يسمى “المقاومة السورية”) وهي المدعومة والمسلحة من الأتراك وأطراف اقليمية عربية… ويمكن الإشارة منذ الان إلى أن الرابطة الجامعة للفصائل والعملاء لن تصمد مثلما تم التخطيط لها.

الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا عرفت خلال الأسابيع الأخيرة متغيرات هامة جدا على مستوى المجابهات الميدانية، فروسيا ضاعفت هجوماتها ولم. تستثن هذه المرة العاصمة الاوكرانية “كييف” فيما هرع الاوكرانيون نحو سوريا و عرض مساعدتهم الغذائية لها ومحاولة دفع الزمرة الحاكمة إلى طرد الروس… ويشار إلى أن اوكرانيا قد ساندت الفصائل الإرهابية و ما يسمى بالمقاومة السورية منذ اكثر من سنة …أما العامل الأهم فقد تمثل في غلق قنوات الغاز المصدر إلى أوروبا والذي يمر عبر الأراضي الاوكرانية…

ورغم ان اوكرانيا اختارت هذه المبادرة العدوانية تجاه الاقتصاد الروسي وايضا تجاه بعض البلدان الغربية خاصة ألمانيا و فرنسا، فانها تاتي بالتزامن مع نهاية العقد المبرم مع الروس والذي ينتهي في 31 ديسمبر 2024، الا ان الاوكرانيين يسعون لاستعمال قطع الغاز ورفض تجديد العقد رغم حاجة الغرب الضرورية للغاز خلال هذه الاشهر الباردة، ويأمل الغرب للإسراع بسد هذه الثغرة الطاقية بسرعة في نجدة بعض بلدان الخليج عبر سوريا، مما يدفع إلى الظن بان الغرب منخرط في دعم موقف اوكرانيا لتقويته عند احتمال مفاوضات محتملة مع الروس…

وبما ان عملية قطع الغاز المار عبر اوكرانيا ستكلف الجميع خسائر فادحة، فإن الأحداث التي تتوالى بسرعة خلال هذه المرحلة تنذر بمزيد من المتغيرات السلبية الخطيرة سواء على مستوى الشقيقة سوريا او على مستوى الصراع بين الروس والغرب.

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم… الورقة 100

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

عندما عُينت رسميا سنة 1998 رئيسا لمصلحة البرمجة باذاعة صفاقس، كنت مدركا جدا انّ ذلك التعيين يعني بالنسبة لي اعادة هيكلة المصلحة اداريا ومحاولة لتنظيم العمل فيها شكلا ومحتوى…

عبد الكريم قطاطة

المصلحة وحسب المخطط الوظيفي الجديد كانت كالاتي: انا كرئيس مصلحة… زميلي عبدالجليل بن عبد الله كمساعد رئيس مصلحة… زميلي المرحوم جمال الدين خليف كرئيس قسم للبرامج المسجلة والتمثيلية… وزميلي المرحوم فتحي عطية الله كمسؤول عن اعداد الدليل اليومي للبث وعن الومضات الاشهارية… وطبعا كلهم تحت اشرافي… وكان لابدّ من تغييرات جذرية حسب رؤيتي وتجربتي في الميدان… كنت مثلا مستغربا جدا من وجود خليّة للاستماع للبرامج المسجلة… ودورها متمثل في المتابعة الدقيقة وحذف ما وجب حذفه والتعليق على محتواها من حيث الشكل والمضمون.. حتى تستفيد الادارة من تلك الملاحظات في شبكتها البرامجية المقبلة فتدعم من يستحق الدعم وتتخلى عمن اثبت انه غير جدير بالوجود الاذاعي … وهذا معمول به في كلّ الاذاعات…

اذن لماذ قلت (كنت مستغربا جدا) ؟ لانه بالنسبة لي من غير المنطقي ان نتابع البرامج المسجلة والتي لا تصل حجما الى اكثر من 10 في الـ100 من البث اليومي في حين لا تخضع البرامج المباشرة لايّة متابعة… بالنسبة لي كان ذلك خور لا يقبله المنطق… لذلك ودائما بالتشاور مع السيد عبدالقادر عقير، احدثت نواة لمتابعة البرامج المباشرة، هدفها الاساسي مدّ الادارة بملاحظاتها بعد متابعتها ولنفس الغرض… معرفة تلك البرامج شكلا ومحتوى حتى يقع التقييم العلمي لجودتها… وكانت هذه النواة مكلفة يوميا وعلى شكل 3 فترات منذ انطلاق البث حتى اختتامه، بحيث يتكفل المتابع بفترة واحدة بشكل متداول مع زميليه الاخرين… حتى لا يبقى مراقب الفترة الصباحية هو نفسه…

والهدف من هذا كان تنوّع الملاحظات والانطباعات من جهة، واخذ الاحتياطات المهنية والتي قد يكون من نتائجها السيئة تكوين عائلة دائمة لفترة ما، مما يخلّ بالنقد الصادق النزيه لمتابعي الانتاج… هذه المبادرة في بدايتها لاقت نوعا من التذمّر الخفيّ… اي نعم بعض المنتجين والمنشطين اعتبروا العملية عملية مراقبة وصنصرة لحريتهم … بينما كنت حريصا على تطبيق المقولة الفرنسية CONFIANCE C’EST BIEN, CONTROLE C’EST MIEUX… اي نعم للثقة لكن المراقبة افضل .. وهنا اعني بالمراقبة التي يستفيد منها كل الاطراف فالملاحظات التي يكتبها متابع البث اقوم بقراءتها بكل انتباه… ومن خلالها اتوجه اولا بالنصح لذلك المنشط لتفادي الاخطاء، ثم أعتمدها مع الادارة عند تقييم ايّ شبكة والاعداد للشبكة التي تليها… مهمة متابعي الانتاج اسندتها لزملاء اثق في صدقهم وكفاءتهم وفي نفس الوقت هم بعيدون عن الانتاج، حتى لا يكونوا خصما وحكما…

العنصر الثاني الذي اهتممت به في مصلحة البرمجة وعالجته بكلّ صعوبة في البداية لاني وجدت فيه عدم اقتناع كلّي به من بعض المنتجين لكنّ هؤلاء وبكل امانة انصاعوا للامر … لانّي لا اقبل الخضوع للجمهور عاوز كدة… العنصر الثاني يخصّ دليل البرنامج الذي يجب ان يعدّه المنشط بكثير من التفاصيل التي تهم برنامجه… وهنا انزلت الادارة وبطلب منّي مذكرة تمنع الفني من تنفيذ اي برنامج لا يقدم فيه صاحبه دليل برنامجه ممضى مني كرئيس مصلحة البرمجة… العملية هي عملية تنظيمية تخص المنشط حتى يدخل للاستوديو وهو واع بكل تفاصيل ما يجب تقديمه… ومن جهة اخرى يقع تقديم هذا الدليل للمصلحة حتى تتمكن من مراقبة المحتوى، مواضيع وضيوفا واغاني لتفادي تكرارها في برامج اخرى…

للامانة… ساقصّ عليكم حادثة وقعت مع احد المنتجين الذي كان يدخل للاستوديو بدليل برنامج فيه اسم البرنامج واسم المنشط… وفقط… نعم حتى الاغاني يترك اختيارها للفنّي…(لا .. ويخرج فرحان بروحو بعد انتهاء البرنامج)… هذا الواقع بالنسبة لي هو استسهال واستهتار بالعمل وسرقة للكاشيه الذي يتقاضاه… واحد من هؤلاء دخل الى مكتبي بعد التزامه بقرار دليل البرنامج المفصّل ومكرها كان لا بطلا… بعد شهرين من التزامه الاجباري باعداد دليل البرنامج دقّ باب مكتبي واستاذن… اذنت له… جلس على كرسيه وعيناه مثبتتان في الارض… بقي صامتا ولم ينبس بربع كلمة… بادرته بالسؤال: (اشبيك خويا العزيز عندك مشكلة ؟)… اجابني نعم عندي مشكلة وما نجمتش نحكي عليها ولكن يلزم نحكيلك عليها ..

نهضت من مقعدي كرئيس مصلحة وجلست على الكرسيّ الذي قبالته… وقلت له: هات ما عندك انا راهو خوك قبل كلّ شيء… نظر اليّ وعيناه تنبئان بدموع قد تنزل وقال: (جيتك باش نطلب منك السماح)… نظرت اليه باستغراب وقلت: (انا مسامحك رغم اني ما نتذكرش بالكل انك عملتلي حاجة خايبة)… قال لي: (تتذكّر وقت هبطت هاكي المذكرة الخاصة بدليل البرنامج؟) ..قلتلو: طبعا… قللي: (تعرف؟ المدة الاولى نغزر للشيطان وما نغزرلكش… وبعد وقت طبقت الفكرة عرفت قداش عندك حق وقداش وليت نخدم مرتاح وفرحان .. وجيت باش نعتذرلك)… قمت من الكرسي وعانقته وقلت له: (اعتبر ما صار شيء وانت امس واليوم وغدوة خويا)…

ولكن تجربتي سواء كرئيس مصلحة البرمجة او كرئيس مصلحة الانتاج التلفزي اثبتت انه وفي ايّة مهنة… الاخوة الاصفياء عملة غير متداولة بكثرة…

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

معرض مدينة تونس للكتاب… أدب الأطفال في صدارة الاهتمام والشراء

نشرت

في

محمد الزمزاري:

تم افتتاح معرض الكتاب بشارع بورقيبة منذ يوم 25 ديسمبر لينتهي خلال يوم 11 جانفي من السنة القادمة وبالاحرى بعد حوالي اسبوعين يجمعان بين سنتين ذاتيْ أحداث ملفتة و مفصلية سواء على مستوى الوطن او خاصة على مستوى العالم…

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

ومثلما هي عادة المعارض المماثلة لن نأتي بجديد من حيث العروض المتنوعة للكتب المختلفة من علمية إلى أدبية إلى فلسفية او سياسية… لكن الذي جلب الانتباه هو التهافت على كتب ومنشورات الأطفال، خاصة ان اليوم يصادف عطلة المدارس والمعاهد وربما رياض الأطفال، كما أن يوم السبت قد يكون أيضا فرصة لعدد من الأولياء لزيارة المعرض صحبة أطفال متعطشين اكثر من أمهاتهم وابائهم لتصفح كتب الأطفال الميدانية بالصور الجذابة و الكتابة الواضحة اكثر من روايات دستويفسكي مثلا…

وقد لفتت نظرنا بعض نماذج من الكتب او الروايات او الشعر القيمة من خلال تصفح المعروضات على مدى اكثر من ساعتين حتى ان احد الاصدقاء الأدباء ظنني “كتابا” يسير في بهو المعرض جيئة وذهابا… وبما انه كان منقوص البصر وراء نظاراته فقد قضى وقتا طويلا قبل أن ينهي الموسوعة بتحيات حارة وثرثرة حول اصدار كتابه الجديد …

على المستوى السياسي لفت نظري كتاب متعلق بالمناضل اليساري و النقابي صالح الزغيدي للأستاذ منصف الباني وعنوانه “صالح الزغيدي بين النضال الفكري والسياسي” و يعلو هذا العنوان عنوان تفسيري هو: “من رموز اليسار التونسي”…

على مستوى الروايات لوحظ حضور الرواية الهامة للصديق الروائي “الأمين السعيدي” الذي شق طريقه بعد اصدار كمّ من الأعمال السردية الناجحة، ولعل ادقها و أكملها الرواية التي لاقت رواجا “مدينة النساء”… ثم لفت انتباهنا وجود رواية عالمية للكاتبة “باولا هوكنز ” تحت عنوان “عتمة الماء” وهذه الكاتبة كانت اصدرت رواية بعنوان “فتاة القطار” التي حققت اكثر مبيعات لصنف الرواية بأوروبا.

أما على مستوى الانتاجات الشعرية فقد تألق كتاب الزميلة الصحفية سمية بن رجب الذي تفيض صفحاته بقصائد شعر مبدعة، وسمية بن رجب هي دكتورة في علوم الإعلام والاتصال ويمكن القول انها تمثل جيل ما بعد الثمانينات، كما يذكر انها قاصة أيضا ومتحصلة على الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال من معهد الصحافة وعلوم الاخبار سنة 2018 ولها حضور مميز و جوائز بالإضافة إلى انها باحثة في علوم الاخبار والاتصال ومتعاونة بجامعة منوبة في نفس المادة. .

ولا تكتمل صورة معرض الكتاب اذا لم نذكر رواج كتب الأطفال وحوالي 20 يافطة كبرى على شارع بورقيبة تقودك إلى مدخل المعرض وتزين المشهد بمعطيات دقيقة حول كل ولاية من ولايات الجمهورية لتنتهى على الجانب الأيسر قبل دخولك المعرض بخارطة جميلة تشرح بكل وضوح اسماء الأقاليم والولايات التي تكوّنها…

أكمل القراءة

صن نار