جور نار
ورقات يتيم … الورقة رقم 21
نشرت
قبل 9 أشهرفي
عبد الكريم قطاطة:
الرابعة آداب ـ سنّا ودراسة وسلوكا ـ اكتظّت بالاحداث ..ففي الدراسة عشنا لاول مرة التجربة الدراسية مع اساتذة مشرقيين . والذين اثّروا جدا في تكويننا السياسي ..هم مشرقيون .امّا تكوينا ..في سوريا ومصر والعراق ..او جنسية وهؤلاء كانوا فلسطينيين: نجيب سليم (انكليزية) عاكف الشهابي (كيمياء) مصطفى ابو شميس (علوم طبيعية وفيزياء) وسعيد الخضراء (رياضيات) رحم الله جلّهم ..
وككل الاساتذة انفرد كل واحد منهم بشخصية مختلفة تماما عن الاخر … فابو شميس كاريزما رهيبة … والشهابي هو الاستاذ البحبوح، والذي لم انس صيحته الغاضبة ونحن ندردش يوما عن الصحافة في الوطن العربي وهو يحذرنا منها قائلا: “اوعة تصدّق الصحافة يا ابني”… امّا سعيد الخضراء استاذ الرياضيات فكانت سنته معنا من نوع “فوتوني برك” اذ كنّا نشترط عليه مثلا في بداية كل حصة ان يكتب لنا حكمة اليوم ..وابحثوا معي عن العلاقة بين درس رياضيات وحكمة اليوم …؟؟؟؟
ربّما يتساءل البعض منكم عن وجود تلك المواد العلمية في شعبة آداب ..؟؟ شدّوا عندكم: .تلك المواد العلمية نجتازها في الباكالوريا كمواد اجبارية وضارب كل واحدة منها ° 2 ° … نعم …ثمّ شدّوا عندكم ثانية ..كل تلك المواد العلمية ندرسها بالعربية فيما كل مراجعها بالفرنسية …كنّا انذاك نتأفف من صعوبة الدراسة لاننا مطالبون بتكسير الدّماغ في مواد لا علاقة لنا باختصاصنا (آداب) ولكن فهمنا بعد سنوات ان التلميذ الذي يحصر اهتمامه باختصاصه فقط هو تلميذ محنّط تماما كجلّ طلبة الطب الذين خرّجهم من ميدان الطب هم افرغ من فؤاد ام موسى وعيسى وابراهيم ونوح …
فهمنا بعد تجربة العمر الطويل انه في مرحلة ما من العمر الدراسي، علينا ان نأخذ من كل شيء بطرف ..على حد تعبير الجاحظ .. وعلى ذكر الجاحظ كانت سنة الرابعة آداب سنة التحوّل المبارك …وما احوجنا في تونس الان الى تحوّل مبارك قولا وقعلا، بعد ان تحوّلت تونس الى عصابة مفسدين وسرّاق ..وقتها قد ننشد مع عمرو ابن كلثوم “اذا بلغ الفطام لنا صب، تخر له الجبابر ساجدينا” … نحن الان في وضع يسوسه فينا ومنذ 14 جانفي اناس لم يبلغوا حتى سن الفطام ..والانكى انهم يخرّون جميعا لاسيادهم شرقا او غربا ساجدين منفذين طائعين … الا سوّد الله ايّامهم بعد ان سوّدوا تاريخنا وحاضرنا. وخاصة مستقبل ابنائنا واحفادنا ..
برنامج الادب في تلك السنة كان محوره الاول الشعر الجاهلي بمعلّقاته وشعرائه ..ولأني وكما ذكر استاذي سي محسن كنت اقرب الى الرومانسية والخيال مني الى تلك النوعية من الادب (الصّلف) لم يشدّني كثيرا ذلك المحور ..ربما وجدت فقط في عنترة شاعر عبلة شيئا من وجداني، او في امرئ القيس وعمرو بن كلثوم شيئا من الافتخار وعزّة النفس، ولكن صدقا لم يستهوني انذاك لا تذمّر طرفة بن العبد من قبيلته التي افردته افراد البعير المعبّد، ولا الخنساء وبكائياتها على اخويها، ولا الحطيئة وعالمه الهجائي الذي ختمه بامه وابيه ونفسه (والنار كيف ما تلقاش اش تاكل تدور على روحها)…بل كانت مطالعاتي انذاك بعيدة تماما عن محاور الدراسة… أغرمت جدا بنجيب محفوظ ..بنزار قباني ..كنت التهم التهاما قصص نجيب محفوظ التهاما وابحث عن دواوين القباني …
كانت انذاك بداية مراهقتي الجسدية لذلك اجد في ما يكتبان ما يتناغم مع اجوائي كمراهق ..وجدّا … وكمراهق وجدّا تردّدت كثيرا في البحث عن كتاب يقال عنه هو مفتاح الحياة الجنسية لكل مبتدئ في محاولة الغوص في عالمها ..انّه الروض العاطر في نزهة الخاطر ..لست ادري وانا “شبر ونصف” طولا وعرضا، كيف اندلفت بين جموع الباحثين عن الكتب الصفراء القديمة وهي كتب شعوذة ودجل في جلّها، لأبحث بتخفّ وخجل عن هذا الصيد الثمين ..كان ذلك لدى بائع الكتب الصفراء امام الجامع الكبير في قلب المدينة العتيقة (انظروا المفارقة!) ووجدته ..ولكن كيف لي ان اطلب من بائعه ان يناولني ايّاه ..في غفلة منه وضعته في يدي بشكل يظهر منه فقط غلافه الخلفي والذي حافظ على عذريته من ايّة صورة او كلمة .. وغمغمت بصوت مرتعش: بقدّاش ها الكتاب ؟؟؟ نظر اليّ البائع ثم قال: هذاكة موش متاع صغار ..قدّاش عمرك؟ … قلت له “17 سنة” عسى ان تكون السنة المضافة الى عمري سرقة مني طبعا كافية لتسعفني وانال بغيتي ..اعاد البائع النظر الى “الشبر ونصف” وقال: نعرفك زدت في عمرك ..ايا هات دينار وخوذو ووجهك ما عادش نحب نشوفو ..
سلّمت واستلمت …وعينك ما ترى النور و يكسّر ساق اللي ما تجريش ..اشكون يعرف يتراجعشي البائع ؟؟_.وعدت فرحا مسرورا الى حافلات شركة النقل الرابضة بباب الجبلي، والتي تنتظر دورها لتدخل في الدورة اليومية من نشاط الشركة ..حافلات النقل هذه كانت بالنسبة لبعض تلاميذ الحيّ، المكان المفضّل لاستراحتنا بعد تناول الغداء بالمطعم الخيري ..حيث “دورو قلوب” 5مليمات… او دورو بلح .. وساعة من الزمن نقضيها هنالك ..
كان من بين الزملاء في الدراسة انذاك والذي اتقاسم معه المطعم الخيري وحافلة النقل لتلك الاستراحة، تلميذ معوز مثلي تماما ولكنّه من طينة خاصّة جدا … كان بسم الله ما شاء الله فلتة زمانه… فقط ساكتفي بالقول انه الاول في كل المواد العلمية والادبية ولاعب فذّ في كرة القدم ..وقليل الكلام ..واضيف انّه في تلك السنة (الرابعة ثانوي)كنا ونحن ننهال على قرطاس الڨليبات دون شفقة او رحمة… كان هذا الزميل يطالع كتابات باللغات الثلاث، عربية فرنسية وانكليزية …_ هذا الزميل واصل تميّزه في التعليم العالي (حقوق) واصبح لا فقط استاذا جامعيا في هذا الاختصاص بل تقلّد عديد المناصب العليا في عهد بن علي ..هذا الزميل الصديق الاخ تدخّل ذات يوم دون ان اطلب منه ذلك ودون ان يعلمني، لايقاف فخّ مرعب تجاهي في فترة من فترات عملي الاذاعي كانت تنصبه مجموعة من الايادي العابثة، سامح الله أصحابها وغفر لمن مات منهم… تفاصيلها في ورقات قادمة…
تدخّل وقال بالحرف الواحد: اللي يمسّ شعرة من عبدالكريم راني ما نسكتش … واوقف التيار …شكرا صادق شعبان (وهو يشغل خطة وزير انذاك) لا لأنك وقفت معي، بل لأنك اولا لم تنس وانت في برجك العاجي ايّام زمان .. ثم لأنك نصرت الحق والايام اثبتت اني على حقّ ومن نصب الفخ وقع فيه …ثم وهو الأهم لم تمنّ عليّ يوما بذلك التدخّل بل انا متيقّن انّك لست على علم بانّي أعلم ..الم اقل لكم انه متميّز …شكرا ايّها الكبير ودمت كبيرا رغم انف خصومك ….
اسرعت اذن الى حافلة النقل الرابضة في انتظاري وفتحت الكتاب بكل لهفة ..لم انتبه لا لكاتبه ولا الى اصله او فصله ..كان كل همّي ان “ادخل طول” في صميم الموضوع دون مقدمات دون مفتحات، وهل في مثل هذه الحالات نبحث عن مفتحات؟؟ ..مهبول اللي يلقى مريقة صفاقسية ويلوّج على سلاطة… مهبول ابن ابله …._هو كتاب به 21 بابا …(على فكرة هذه المعلومات اسوقها لكم بعد ان اعدت قراءته بنوستالجيا في سنوات متقدمة من عمري حيث اصبح ثمنه 3500 ملّيم وتعبت حتّى اجد نسخة منه، لاطالعه هذه المرّة كناقد … صدّقوني كناقد) …. هو للعالم العلّامة الشيخ سيدي محمد بن محمد النفزاوي …. {اتصوّروا عاد شيخ وعالم وعلاّمة وزيدها سيدي)..
يقول المؤلف في تقديمه للكتاب حرفيّا: (الحمد لله الذي جعل اللذة الكبرى للرجال في فروج النساء وجعلها للنساء في ايور الرجال واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة ادّخرها ليوم الانتقال واشهد ان سيّدنا ونبيّنا ومولانا محمدا عبده ورسوله سيّد الارسال صلّي الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة وسلاما ادّخرها ليوم السؤال وعند ملاقاة الاهوال)… لست ادري صدقا ان كان يقصد يوم الاهوال في المطلق او يوم اهواله هو ؟؟؟… (وبعد فهذا كتاب جليل الّفته بعد كتابي الصّغير المسمّى بتنوير الوقاع في اسرار الجماع) ..ـ ظهر مختص هالنفزاوي هذا !… يواصل بعد هذا الفاصل الاشهاري من عند ولد قطاطة وذلك انه اطّلع عليه …شدّوا احرزمتكم توّة الضّرب ماشي يبدأ … برشة اشهار تقولو انتم ؟؟؟ طيّب اعتذر عن هذا الانقطاع الدّاخل في مساطتنا واعود ..
(وذلك انه اطّلع عليه وزير مولانا عبدالعزيز صاحب تونس المحروسة بالله وهو الوزير الاعظم كان شاعره ونديمه ومؤنسه اصله من زوارة ومنشأه بالجزائر ، ارتحل مع مولانا السلطان عبدالعزيز الحفصي وجعله وزيره الاعظم) …يعني انجمو نقولو عليه توة وزير المغرب العربي في شؤون النكاح … (لمّا وقع كتابي الاول بين يدي وزيره الاعظم دعاني اليه واكرمني غاية الاكرام ثم علّق على كتابي وهو بين يديه وانا كلّي خجل) … لا تخجل فان جميع ما قلته حق وهو والله ما نحتاج لمعرفته ولا يهزأ به الا جاهل احمق قليل الدراية ولكن بقيت لنا فيه مسائل ..اريدك ان تزيدنا فيه شروحا عدّة فتذكر لنا الادوية المتعلقة بكل ما يهم الرجل والمراة في تركيبة الاعضاء الجنسية وفي السبل المثلى للوصول الى المتعة وبتوسّع دون اختصار … فاصل واعود …
على فكرة لم انقل لكم حرفيا ما ذكره سي النفزاوي … ربما هنالك من لم يحترم التنويه الخاص والذي ذكرت فيه انه بداية من الورقة 21 ستكون الكتابة لمن سنهم تتجاوز الـ 18 واعني بهم من لا يستسيغون قراءة مثل هذه المواضيع حتى ولو هم في السبعين، او قل هم يعرفون ويستسيغون ثم يريدون ان يكونوا ابطالا في تعاليق لا عقل فيها …وانا اذكر بانّي اكتب لادوّن ما عشته وليس ما يحبّ الاخر ان يقرأه ..اجاب سي النفزاوي ليختم تقديم الكتاب، مخاطبا الوزير الاعظم: (كل ما ذكرته ليس بصعب ان شاء الله .. فشرعت عند ذلك في تاليفه مستعينا بالله ومصلّيا على سيّدنا محمد ومسلّما تسليما وسمّيته الروض العاطر في نزهة الخاطر ..متبوعا بـ “الايضاح في علم النكاح” )..
يومها في الحافلة لم احفل بكلّ هذا “ديراكت” …مشيت للرسمي ..يومها لم احضر الدروس المبرمجة للمساء رغم اني لم اغب ..تصوروا فقط شابا في طمبك المراهقة يقع بين يديه كتاب بورنوغرافي بأتم معاني ودرر الكلمة ..هو خال من الصور التي وجدت بعد في المجلات الاباحية ثم في الافلام نصف الاباحية ثم “عاد ماقال حد لحد” في جيل الانترنيت وعلى كل لون يا كريمة وعلى اشكون ترضى … لكن صاحبنا سي النفزاوي يمتلك مقدرة رهيبة في التعبير كتابيا عن كل مشهد جنسي وبتفاصيل التفاصيل ..انذاك كنا نحن جيل ذلك الزمن اواسط الستينات نلجأ الى الكتاب لنعبد قراءة بعض ابوابه بتخفّ كامل عن اعين الرقابة العائلية او المدرسية وذلك لنعدّ العدّة لعادتنا السرّية . ثم في مرحلة لاحقة قبل الالتحاق بالباب الشرقي ومتساكنيه … و”آهو جاي الشيء” …
ولعلّي اختم بطرح السؤال ..هل من حقّ الانسان عموما ان يطّلع على اسرار الحياة الجنسية حتى نتفادى عديد الاشكاليات في علاقة الزوج بزوجته، والتي ونظرا إلى انعدام الثقافة الجنسية كثيرا ما خلّفت مآسي بشتى انواعها معنوية وجسدية ..؟؟؟؟ حتما ساعود الى الموضوع باكثر نماذج معيشة في هذا الباب ..وبكثير من انين البعض وألمهم ومعاناتهم المضنية . والذين كثيرا ما ينفجرون بصرخة مدوية ضد واقعهم، فـ”يبعثوا العالم يشيّت” بينما يكتفي البعض بالترنّم والقلب باك مع ام كلثوم “للصبر حدود”. ويعودون الى مخادعهم ولا شيء معهم الا كلمات …
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
اتسمت أواخر السنة الماضية 2024 بتوسيع عدد من بؤر الصراع وسقوط ضحايا مدنيين واطفال فلسطينيين على يد النازية الصهيونية المدعومة أمريكيّا وغربيّا، كما تم تسجيل اعتداءات غاشمة ضد لبنان تحت ذريعة ضرب حزب الله.
وإن نجحت الآلة الصهيوأمريكية في إضعاف قوة المقاومة بغزة او بلبنان، فانها لم تحصل على اي انتصار استراتيجي طبقا لمخططها المتمثل في تهجير فلسطينيي غزة إلى صحراء سيناء وفلسطينيي الضفة إلى الاردن. هذا بالإضافة إلى فشلها الذريع في “انقاذ” الأسرى الصهاينة أحد أهداف اكتساحها العسكري لغزة و رفح… أما ما دفعته اسرائيل من خسائر فيصل إلى حوالي 10 آلاف جندي ومئات المدنيين وانعدام للأمن في جل المدن (حيفا، تل ابيب…) بالإضافة إلى القطاع الشمالي وفرار سكان المستعمرات… كما خضع الكيان إلى ضربات موجعة سددتها له المقاومة بلبنان والعراق وغزة واليمن لحد الاسبوع الاخير من السنة المنقضية.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فقد تم بسوريا اسقاط نظام الاسد، وتعيد بعض التحاليل سهولة اكتساح المدن السورية الهامة وخاصة العاصمة دمشق، إلى أن سبب ذلك اتفاق بين عديد الاطراف لا سيما بين الروس والامريكان يتم بمقتضاه إزاحة بشار وخروج روسيا من قاعدتي حميميم وطرطوس بسوريا، مقابل تخلي الولايات المتحدة والغرب عن دعم اوكرانيا، وتمكين روسيا من الجزء الشرقي لأوكرانيا والأراضي التي خططت موسكو لاستلامها او احتلالها. ويبدو جليا ان الروس قد يحولون وجهة قواعدهم بسوريا إلى ليبيا او ربما تقليص وجودها بسوريا ..
من ناحيتها تعود بعض الدول الخليجية إلى انجاز مشروع قديم متمثل في مد أنابيب الغاز نحو أوروبا عبر سوريا ثم تركيا التي تحلم بمرابيح هامة ثمنا لعبور هذا الشريان الحيوي نحو أوروبا، علما بأن هذا المشروع كان دوما مرفوضا من الرئيس السوري حافظ الاسد ونجله بشار… وكان على الامريكان والغرب والأتراك وبعض دول الخليج تنصيب سلطة في دمشق على مقاس المخطط بدعم من تركيا وحشد للفصائل الإرهابية خاصة (جبهة النصرة و جيش الشام و صفد و ما يسمى “المقاومة السورية”) وهي المدعومة والمسلحة من الأتراك وأطراف اقليمية عربية… ويمكن الإشارة منذ الان إلى أن الرابطة الجامعة للفصائل والعملاء لن تصمد مثلما تم التخطيط لها.
الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا عرفت خلال الأسابيع الأخيرة متغيرات هامة جدا على مستوى المجابهات الميدانية، فروسيا ضاعفت هجوماتها ولم. تستثن هذه المرة العاصمة الاوكرانية “كييف” فيما هرع الاوكرانيون نحو سوريا و عرض مساعدتهم الغذائية لها ومحاولة دفع الزمرة الحاكمة إلى طرد الروس… ويشار إلى أن اوكرانيا قد ساندت الفصائل الإرهابية و ما يسمى بالمقاومة السورية منذ اكثر من سنة …أما العامل الأهم فقد تمثل في غلق قنوات الغاز المصدر إلى أوروبا والذي يمر عبر الأراضي الاوكرانية…
ورغم ان اوكرانيا اختارت هذه المبادرة العدوانية تجاه الاقتصاد الروسي وايضا تجاه بعض البلدان الغربية خاصة ألمانيا و فرنسا، فانها تاتي بالتزامن مع نهاية العقد المبرم مع الروس والذي ينتهي في 31 ديسمبر 2024، الا ان الاوكرانيين يسعون لاستعمال قطع الغاز ورفض تجديد العقد رغم حاجة الغرب الضرورية للغاز خلال هذه الاشهر الباردة، ويأمل الغرب للإسراع بسد هذه الثغرة الطاقية بسرعة في نجدة بعض بلدان الخليج عبر سوريا، مما يدفع إلى الظن بان الغرب منخرط في دعم موقف اوكرانيا لتقويته عند احتمال مفاوضات محتملة مع الروس…
وبما ان عملية قطع الغاز المار عبر اوكرانيا ستكلف الجميع خسائر فادحة، فإن الأحداث التي تتوالى بسرعة خلال هذه المرحلة تنذر بمزيد من المتغيرات السلبية الخطيرة سواء على مستوى الشقيقة سوريا او على مستوى الصراع بين الروس والغرب.
عبد الكريم قطاطة:
عندما عُينت رسميا سنة 1998 رئيسا لمصلحة البرمجة باذاعة صفاقس، كنت مدركا جدا انّ ذلك التعيين يعني بالنسبة لي اعادة هيكلة المصلحة اداريا ومحاولة لتنظيم العمل فيها شكلا ومحتوى…
المصلحة وحسب المخطط الوظيفي الجديد كانت كالاتي: انا كرئيس مصلحة… زميلي عبدالجليل بن عبد الله كمساعد رئيس مصلحة… زميلي المرحوم جمال الدين خليف كرئيس قسم للبرامج المسجلة والتمثيلية… وزميلي المرحوم فتحي عطية الله كمسؤول عن اعداد الدليل اليومي للبث وعن الومضات الاشهارية… وطبعا كلهم تحت اشرافي… وكان لابدّ من تغييرات جذرية حسب رؤيتي وتجربتي في الميدان… كنت مثلا مستغربا جدا من وجود خليّة للاستماع للبرامج المسجلة… ودورها متمثل في المتابعة الدقيقة وحذف ما وجب حذفه والتعليق على محتواها من حيث الشكل والمضمون.. حتى تستفيد الادارة من تلك الملاحظات في شبكتها البرامجية المقبلة فتدعم من يستحق الدعم وتتخلى عمن اثبت انه غير جدير بالوجود الاذاعي … وهذا معمول به في كلّ الاذاعات…
اذن لماذ قلت (كنت مستغربا جدا) ؟ لانه بالنسبة لي من غير المنطقي ان نتابع البرامج المسجلة والتي لا تصل حجما الى اكثر من 10 في الـ100 من البث اليومي في حين لا تخضع البرامج المباشرة لايّة متابعة… بالنسبة لي كان ذلك خور لا يقبله المنطق… لذلك ودائما بالتشاور مع السيد عبدالقادر عقير، احدثت نواة لمتابعة البرامج المباشرة، هدفها الاساسي مدّ الادارة بملاحظاتها بعد متابعتها ولنفس الغرض… معرفة تلك البرامج شكلا ومحتوى حتى يقع التقييم العلمي لجودتها… وكانت هذه النواة مكلفة يوميا وعلى شكل 3 فترات منذ انطلاق البث حتى اختتامه، بحيث يتكفل المتابع بفترة واحدة بشكل متداول مع زميليه الاخرين… حتى لا يبقى مراقب الفترة الصباحية هو نفسه…
والهدف من هذا كان تنوّع الملاحظات والانطباعات من جهة، واخذ الاحتياطات المهنية والتي قد يكون من نتائجها السيئة تكوين عائلة دائمة لفترة ما، مما يخلّ بالنقد الصادق النزيه لمتابعي الانتاج… هذه المبادرة في بدايتها لاقت نوعا من التذمّر الخفيّ… اي نعم بعض المنتجين والمنشطين اعتبروا العملية عملية مراقبة وصنصرة لحريتهم … بينما كنت حريصا على تطبيق المقولة الفرنسية CONFIANCE C’EST BIEN, CONTROLE C’EST MIEUX… اي نعم للثقة لكن المراقبة افضل .. وهنا اعني بالمراقبة التي يستفيد منها كل الاطراف فالملاحظات التي يكتبها متابع البث اقوم بقراءتها بكل انتباه… ومن خلالها اتوجه اولا بالنصح لذلك المنشط لتفادي الاخطاء، ثم أعتمدها مع الادارة عند تقييم ايّ شبكة والاعداد للشبكة التي تليها… مهمة متابعي الانتاج اسندتها لزملاء اثق في صدقهم وكفاءتهم وفي نفس الوقت هم بعيدون عن الانتاج، حتى لا يكونوا خصما وحكما…
العنصر الثاني الذي اهتممت به في مصلحة البرمجة وعالجته بكلّ صعوبة في البداية لاني وجدت فيه عدم اقتناع كلّي به من بعض المنتجين لكنّ هؤلاء وبكل امانة انصاعوا للامر … لانّي لا اقبل الخضوع للجمهور عاوز كدة… العنصر الثاني يخصّ دليل البرنامج الذي يجب ان يعدّه المنشط بكثير من التفاصيل التي تهم برنامجه… وهنا انزلت الادارة وبطلب منّي مذكرة تمنع الفني من تنفيذ اي برنامج لا يقدم فيه صاحبه دليل برنامجه ممضى مني كرئيس مصلحة البرمجة… العملية هي عملية تنظيمية تخص المنشط حتى يدخل للاستوديو وهو واع بكل تفاصيل ما يجب تقديمه… ومن جهة اخرى يقع تقديم هذا الدليل للمصلحة حتى تتمكن من مراقبة المحتوى، مواضيع وضيوفا واغاني لتفادي تكرارها في برامج اخرى…
للامانة… ساقصّ عليكم حادثة وقعت مع احد المنتجين الذي كان يدخل للاستوديو بدليل برنامج فيه اسم البرنامج واسم المنشط… وفقط… نعم حتى الاغاني يترك اختيارها للفنّي…(لا .. ويخرج فرحان بروحو بعد انتهاء البرنامج)… هذا الواقع بالنسبة لي هو استسهال واستهتار بالعمل وسرقة للكاشيه الذي يتقاضاه… واحد من هؤلاء دخل الى مكتبي بعد التزامه بقرار دليل البرنامج المفصّل ومكرها كان لا بطلا… بعد شهرين من التزامه الاجباري باعداد دليل البرنامج دقّ باب مكتبي واستاذن… اذنت له… جلس على كرسيه وعيناه مثبتتان في الارض… بقي صامتا ولم ينبس بربع كلمة… بادرته بالسؤال: (اشبيك خويا العزيز عندك مشكلة ؟)… اجابني نعم عندي مشكلة وما نجمتش نحكي عليها ولكن يلزم نحكيلك عليها ..
نهضت من مقعدي كرئيس مصلحة وجلست على الكرسيّ الذي قبالته… وقلت له: هات ما عندك انا راهو خوك قبل كلّ شيء… نظر اليّ وعيناه تنبئان بدموع قد تنزل وقال: (جيتك باش نطلب منك السماح)… نظرت اليه باستغراب وقلت: (انا مسامحك رغم اني ما نتذكرش بالكل انك عملتلي حاجة خايبة)… قال لي: (تتذكّر وقت هبطت هاكي المذكرة الخاصة بدليل البرنامج؟) ..قلتلو: طبعا… قللي: (تعرف؟ المدة الاولى نغزر للشيطان وما نغزرلكش… وبعد وقت طبقت الفكرة عرفت قداش عندك حق وقداش وليت نخدم مرتاح وفرحان .. وجيت باش نعتذرلك)… قمت من الكرسي وعانقته وقلت له: (اعتبر ما صار شيء وانت امس واليوم وغدوة خويا)…
ولكن تجربتي سواء كرئيس مصلحة البرمجة او كرئيس مصلحة الانتاج التلفزي اثبتت انه وفي ايّة مهنة… الاخوة الاصفياء عملة غير متداولة بكثرة…
ـ يتبع ـ
جور نار
معرض مدينة تونس للكتاب… أدب الأطفال في صدارة الاهتمام والشراء
نشرت
قبل 5 أيامفي
29 ديسمبر 2024محمد الزمزاري:
تم افتتاح معرض الكتاب بشارع بورقيبة منذ يوم 25 ديسمبر لينتهي خلال يوم 11 جانفي من السنة القادمة وبالاحرى بعد حوالي اسبوعين يجمعان بين سنتين ذاتيْ أحداث ملفتة و مفصلية سواء على مستوى الوطن او خاصة على مستوى العالم…
ومثلما هي عادة المعارض المماثلة لن نأتي بجديد من حيث العروض المتنوعة للكتب المختلفة من علمية إلى أدبية إلى فلسفية او سياسية… لكن الذي جلب الانتباه هو التهافت على كتب ومنشورات الأطفال، خاصة ان اليوم يصادف عطلة المدارس والمعاهد وربما رياض الأطفال، كما أن يوم السبت قد يكون أيضا فرصة لعدد من الأولياء لزيارة المعرض صحبة أطفال متعطشين اكثر من أمهاتهم وابائهم لتصفح كتب الأطفال الميدانية بالصور الجذابة و الكتابة الواضحة اكثر من روايات دستويفسكي مثلا…
وقد لفتت نظرنا بعض نماذج من الكتب او الروايات او الشعر القيمة من خلال تصفح المعروضات على مدى اكثر من ساعتين حتى ان احد الاصدقاء الأدباء ظنني “كتابا” يسير في بهو المعرض جيئة وذهابا… وبما انه كان منقوص البصر وراء نظاراته فقد قضى وقتا طويلا قبل أن ينهي الموسوعة بتحيات حارة وثرثرة حول اصدار كتابه الجديد …
على المستوى السياسي لفت نظري كتاب متعلق بالمناضل اليساري و النقابي صالح الزغيدي للأستاذ منصف الباني وعنوانه “صالح الزغيدي بين النضال الفكري والسياسي” و يعلو هذا العنوان عنوان تفسيري هو: “من رموز اليسار التونسي”…
على مستوى الروايات لوحظ حضور الرواية الهامة للصديق الروائي “الأمين السعيدي” الذي شق طريقه بعد اصدار كمّ من الأعمال السردية الناجحة، ولعل ادقها و أكملها الرواية التي لاقت رواجا “مدينة النساء”… ثم لفت انتباهنا وجود رواية عالمية للكاتبة “باولا هوكنز ” تحت عنوان “عتمة الماء” وهذه الكاتبة كانت اصدرت رواية بعنوان “فتاة القطار” التي حققت اكثر مبيعات لصنف الرواية بأوروبا.
أما على مستوى الانتاجات الشعرية فقد تألق كتاب الزميلة الصحفية سمية بن رجب الذي تفيض صفحاته بقصائد شعر مبدعة، وسمية بن رجب هي دكتورة في علوم الإعلام والاتصال ويمكن القول انها تمثل جيل ما بعد الثمانينات، كما يذكر انها قاصة أيضا ومتحصلة على الدكتوراه في علوم الإعلام والاتصال من معهد الصحافة وعلوم الاخبار سنة 2018 ولها حضور مميز و جوائز بالإضافة إلى انها باحثة في علوم الاخبار والاتصال ومتعاونة بجامعة منوبة في نفس المادة. .
ولا تكتمل صورة معرض الكتاب اذا لم نذكر رواج كتب الأطفال وحوالي 20 يافطة كبرى على شارع بورقيبة تقودك إلى مدخل المعرض وتزين المشهد بمعطيات دقيقة حول كل ولاية من ولايات الجمهورية لتنتهى على الجانب الأيسر قبل دخولك المعرض بخارطة جميلة تشرح بكل وضوح اسماء الأقاليم والولايات التي تكوّنها…
طبرقة… ملتقى وطني للاقتصاد التضامني والاجتماعي
تطورات خطيرة قد تقود إلى مزيد من الدم والنار
هل يضع ترامب عهدته الجديدة… تحت شعار “عاد لينتقم”؟
سيدي بوزيد… “ثورتنا في فلاحتنا… ثروتنا في زيتونتنا ” عنوان الأيام الدولية للفلاحة
“غاز”
استطلاع
صن نار
- اجتماعياقبل ساعة واحدة
طبرقة… ملتقى وطني للاقتصاد التضامني والاجتماعي
- جور نارقبل 8 ساعات
تطورات خطيرة قد تقود إلى مزيد من الدم والنار
- صن نارقبل 10 ساعات
هل يضع ترامب عهدته الجديدة… تحت شعار “عاد لينتقم”؟
- اقتصادياقبل يوم واحد
سيدي بوزيد… “ثورتنا في فلاحتنا… ثروتنا في زيتونتنا ” عنوان الأيام الدولية للفلاحة
- راجل و سيد الرجالقبل يوم واحد
“غاز”
- صن نارقبل يوم واحد
نحو حرب أمريكية شاملة على اليمن… بمساعدة قوات عربية!
- صن نارقبل يوم واحد
على جزيرة اصطناعية… الصين تنجز أكبر مطار في العالم
- صن نارقبل يوم واحد
الكشف عن قيمة الدعم الأمريكي للاحتلال منذ 7 أكتوبر