تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 39

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

سنتي الاولى بالعاصمة كنت فيها كاغلب شباب تلك الحقبة ..هذه احبّها وتلك اريدها …عقلية الرجل الشرقي عموما كانت تسكننا ومازالت ..

عبد الكريم قطاطة

سي السيّد عند نجيب محفوظ في ثلاثيته، هو واحد منّا ..اذ للحبّ عالمه السحري المُغلق والعفيف وللاخريات الحاجة او الرغبة او الشهوة وهي المحدّدة فقط لوجودهنّ …لذلك لم تنقطع علاقتي بمن احببت رغم قلّة التواصل والخطابات ..فقط اختي الصغرى هي الوسيط والتي كانت تؤكّد لي دوما بأن حبيبتي على العهد وانّها لي ولن تكون لغيري …تلك الوعود كنت اخبّئها في صندوقي العاطفي تماما كما تخبّيء فتاة ريفيّة جهاز عرسها (بالقطعة بالقطعة) في انتظار فارسها الذي قد يأتي وقد لا يأتي ..

عندما عدت في جوان الى صفاقس للتمتّع بعطلتي الصيفيّة القصيرة ..كنت اُمنّي النفس بلقاء حبيبتي ..واللقاء اعني به رؤيتها صدفة، و”من بعيد لبعيد” لا اكثر … تلك كانت لقاءات العشاق في مدينتي عموما .. فلا جردة الباساج ولا هم يتشابكون ولا استوديو ابن خلدون ولا هم يتمرّغون …وفّتح الباب …انها حبيتي صحبة اختها التي تكبرها …ماذا ارى ..؟؟ هل فُتحت ابواب الجنّة….؟؟؟ هل خرج سكّان القبيلة من قبورهم ليعلنوها ثورتهم على القبيلة ؟؟؟… ايّة جرأة هذه؟ … انا لم اكن احظى بعُشر لقاء فاذا بي التقيها بمنزل اختي ..؟؟ وعلنا وبحضور عرّابتها اختها ..؟؟؟ ماذا حدث للعادات والتقاليد ..؟؟؟ فركت عينيّ وكأنني استفيق ليس من حلم جميل بل على حلم جميل …هل تصوّرتم ما معنى ان يستفيق الواحد منّا على حلم ..؟؟؟

قد لا يستقيم المعنى عندما نحاول الربط بين الافاقة من نوم وحلم على حلم ..ولكن وفي المشاعر يجب ان نُبعثر اللغة والربط وكل القواعد من صرف ونحو وبلاغة …اذ للمشاعر قواعد ها الخاصّة بها ….انا افهم ما معنى ان يبكي الانسان وهو في قمّة سعادته ..رغم انّ البكاء عادة ما يرتبط بالنّكد والحزن …انا افهم ما معنى ان يصبح الفاعل في المشاعر مفعولا به … ثم يدخل في نفس الوقت في رحاب الفاعل فقط ليتمتع بضمّته … اليس الفاعل مضموما ..؟؟ انا افهم ما معنى ان يصرّفوا الفرد في المشاعر من المفرد في صيغة الجمع ..اليس من نحب هو مفرد في صيغة الجمع لنرى فيه كلّ العالم الوردي وبكلّ رياحينه… وطزز في ابي الاسود الدؤلي واضع علم النحو ..وطزز في سيبويه تلميذه …وطزز في الخليل ابن احمد واضع علم العروض وقوافيه وبحوره ففي العشق لا بحر الا الكامل ..ولا قافية الا تلك التي تنتهي بحرف الباء وهي كما تعلمون اعزّكم الله آخر حرف في الكلمة القاموس: الحب …

نظرت الى عينيّ حبيبتي فلم ار الا نظرة خجولة ..عينان سادلتان ساجدتان الى الارض …انه الخجل منّي ومن اختي وعيّادة التي التحقت بنا لتستشفّ الامور …تقدّمت اختها (بعين صحيحة) وقدّمت لاختي مجموعة من الظروف ..تسلمتها اختي الكبرى وسألت: هذوما اشنوما ؟؟؟ كانهم جوابات عرس عرس اشكون ربي يكمّل ..؟؟؟ … ودائما وبنفس العين الصحيحة اجابت الاخت: عرس “ما ابلدك” …نظرت عيّادة اليهما ..وبسخرية ممزوجة بألم ، نطقت بصوت خافت: ربّي يكمّل …وقتاش ان شاء الله؟ ..لم اتركها تجيب وانفجرت: هكة وبكل وقاحة جيت تستدعيني لمأتم حبّي …العيب موش فيكم… فيّ انا اللي حلّيت الباب لناس ما يسواوش ..

حاولت اختها الكبرى تبرير الموقف بزعمها ان اخوتها الرجال اجبروها على القبول وبأننا نحن في مجتمع لا يعترف بالحب والمشاعر وبأنو في الاخير مكتوب …وأنّى لمراهق مثلي انذاك (يساري زعمة زعمة) ان يعترف بالمجتمع وقوانينه …وبالمكتوب وبسطوة العائلة .. كنت ارى في حبيبتي خضوعا للمادة لا غير ..فانا الفقير الذي لا يملك انذاك سوى منحتي ولم اكن من ورثة قارون.. لا معنى له …لا وزن له ..لا قيمة له … امام غريمه (المهندس قدّ الدنيا) كما يقولون عنه والذي هو في الحقيقة لم يكن سوى فني سام …وفهمت عيّادة الحكاية كما اراها واردفت: صحيح ولدي ما عندو شيء ومازال صغير، اما يجي نهار ويولّي سيد الرجال موش كيف هاكة الشايب اللي خذاتو …

لم اترك ايّ مجال لاختها لمواصلة الحوار البيزنطي … وطردتهما واغلقت الباب…. ودلفت الى داخل المنزل …واعادت عيّادة نفس الاسطوانة …”ريح السد يرفع ما يرد ..تاخذ للّتها” ..امي يومها وكأنها انتقمت لكرامتها عندما عادت ذات يوم وهي تجرّ اطراف سفساريها دامعة العين عندما سخر اهلها منها وهو يقولون لها (ولدك اش عندو؟ …واحنا ما عندناش في سبرنا الحب … قللو يقرا على روحو خيرلو) … اما اختي الكبرى فكانت من جهتها سعيدة جدا بنهاية علاقتي بها ..ليس شماتة في اخيها ..ابدا ..بل لان حبيبتي كانت شقراء ..بينما هي سمراء …ورغم كل الاغاني التي تتغنى بالسمراء البشرة من “ع الاسمر ياما قالو” ..الى “اسمر يا اسمراني” …الى “سمراء يا حلم الطفولة” مرورا بـ “يا سميْرة يا سميرتنا يا منوّرة حومتنا” …جل الفتيات انذاك كُنّ يعانين من عقدة السُمرة لأن حديث الامهات والجدّات كان في محور الجمال عند المرأة يتلخّص في الاتي: بيضاء حمراء يا للاّ ..وشعرها طويل يضرب لوسطها …وقدّ كيف السرولة ..وعين كحلة كيف الغزالة ..وحواجب كيف الهلال.. وشفايف جويّدة (اينكنّ يا جماعة البوتوكس!) …ومعصم تبروري …وفارات سمحة … عندما تتردّد هذه الاوصاف مرّات ومرّات في آذان السمروات رغم كل الاهازيج التي تتغنّى بسمرتهن، تصبح السمرة عقدة … وربّما تفطّن الكبير الجموسي لهذا الاشكال فاذا به يقسم باغلظ الايمان في معركة العيون (بالحرام لا نسيّبكم الاثنين …

ما حدث ذلك اليوم كان مفصليا جدا في مواقفي من المرأة ..يعملها واحد والاصح وحدة يدفعو الثمن القادمات ..المرأة اصبحت عندي عابدة للمال … بلا مشاعر بلا زفت… تلك خرافة و تلك كذبة كبرى .. المرأة ومنذ يومها لم تعد تستحق ايّ تقدير ويجب ان اتعامل معها بمنطق واحد (اللي يعطيك زنبيلو عبّيلو) …وعدت الى تونس في بداية جويلية …اكذب جدا ان قلت اني نسيت ما وقع وقتها بل الاتعس اني يوم زواجها 23 جويلية ..لم انم … كنت ومنذ اوّل يوم في علاقتي بها عند حادثة الحافلة و”ما ابلدك” تلك التي سخطتني بها …ك نت اكتب مذكراتي معها … بالحب الجارف وبكل ما يعيشه المراهق من احلام وردية ..ويوم زفافها كتبت مذكّرتي بعنوان (المذكرة الحمراء الدّامعة) الخّصها لكم في: “قدّام عينّي وبعيد عليّ .. مكتوب لغيري وهي ليّ” … لست من المغرمين كثيرا بفريد الاطرش ولكن تلك الاغنية وجدتها الاكثر صياغة لما احسسته ليلتها ..

رضا صديقي كان متألما هو ايضا لما حدث ولكنّه في حياته عامة كان براغماتيا …هو من الذين لا ينتكسون مشاعريا …لذلك كان يردّد لي دوما ..تي تمشي (تييلت) ويضيف، حاشاكم: بول في الخرب قبل ما تولّي جوامع . ..من جهتي كان هاجسي الوحيد كيف انتقم مما حدث .. عبدالكريم الزناتي لا يعترف بالهزيمة … ويجب ان يدفع صويحباتها الثمن .. علاقاتي مع المقررات التي كانت تنطلق من زاوية الحاجة اصبحت تنطلق من لاشعور الانتقام ..قلت لا شعور لأني طيلة حياتي وحتى في احلكها لم اكن قادرا على فعل الانتقام ..فالانتقام عندي نوع من الجبن الاخلاقي ثم لماذا انتقم ..؟؟ اليس البشر هم خليط من قابيل وهابيل ..اليس من المنطق الاسلم ان نكون من فصيلة هابيل ..اليس الاجمل ان نملأ داخلنا بالغفران والعفو ..الانتقام عندي هو عافاكم الله كسرطان ينخرنا قبل ان ينخر الاخر ..فكيف لعاقل ان يملأ داخله بسرطان (رعم اني من برج السرطان) ولكن يبدو انّ الله وضعني في برج يؤمن بالنور والبناء والحب … فحمدا لك يا رب على انك شرحت صدري ووضعت عنّي وزري …

عدت الى تونس وعدت الى الدراسة …وعادت همومي مع اللغة الفرنسية …وحتى في بعض الامتحانات الجزئية طوال السنة الاولى ونصف السنة الثانية كنت تقريبا (اليف لا شيء عليه) رغم انّي كنت ارى بأم عيني بعض زملائي مهرة في “التفسكية” (الغش في الانتحان) الا اني لم افعلها يوما طيلة ايامي الدراسية … كم احس باهانة نفسي وانا الجأ الى الفوسكا … عزة نفسي مانعاني على حد قول احمد رامي …اردت دوما واريد لحد الان ان اكون انا ..انا بكل ما فيّ من نقائص..دون تجميل دون زيف … وهذا سبب من الاسباب الهامة التي جعلتني لم اخطب يوما ودّ السياسة والاحزاب رغم كثرة خُطّابهم على بابي…ارى نفسي ارفع من اكون واحدا من القطيع ومهابيله وانتهازييه بدعوى الانضباط كالذين يطأطئون رؤوسهم لاسيادهم وينفّذون …ما قيمة الواحد منّا وهو يعيش حياته كبيدق يحرّكه الاخرون كما يشاؤون .. وعفوكم ..لا تظنوا ابدا اني مهووس بفكرة القائد (اي أكون قائدا او لا اكون) ابدا ورحمة عيادة …ولكن كنت وما ازال مسكونا بفكرة الانسان… الانسان الذي يتعلّم دوما وقد يُعلّم احيانا ….وابدا ان اتخلّى عن قناعاتي ..قد اخسر وخسرت البعض من اصدقائي لهذا الذي يراه البعض تعنّتا ولكن دعوني اذكّر بأني ابوس رجل ايّ كان ذاك الذي يُقنعني بأني على خطأ لانه يُصلح فيّ ما اعوجّ ..اما عدا ذلك فانا “قاراقوش” على حالي…

انتهت السنة ونصف الاولى في دراستي وجاء وقت الامتحان النهائي قبل التربّص التطبيقي الذي سيكون في الستة اشهر الاخيرة … كنت وانا اعيش الامتحان قلقا جدا … كنت مدركا ان نجاحي فيه صعب للغاية ..فانا لا استوعب الا القليل …ويوم الامتحان كل طالب بما في انائه يرشح ..وظهرت النتائج ..وقبل الاعلان عنها طلب منّي مدير المركز المهندس الفاضل السيد الباجي صانصة ان آتيه الى مكتبه ..انا دون الاخرين …؟؟؟ مالذي سيحدث … سي الباجي صعيب وربي يستر … وذهبت ..ها انا امامه اقف بكل وجوم وحيرة ..صمت سي الباجي طويلا وهو يتامّل وجهي الباهت ثم قال: شوف عبدالكريم، ثمة حاجة فيك “سافا با”… تساءلت لاباس سي الباجي ؟؟؟ لم يتأخر بالاجابة وقال: امّا موش انت اللي عدّيت الكونكور او ما قريتش على روحك …ورددت بسرعة: يا سي الباجي والله انا اللي عدّيت الكونكور ..فأردف: مانيش فاهم كيفاش انت عدّيت وكنت من الاوائل في المناظرة وتوة بعد الامتحان انت في المرتبة الاخيرة ..تنجّم تفسرلي؟؟ …

لم افاجأ بالنتيجة بتاتا ..كنت الوحيد شعبة آداب كلاسيكية “أ” من بين كل زملائي بمركز التكوين… وكنت رديئا جدا في اللغة الفرنسية ..واوضحت له هذا الامر ..صمت طويلا ثم قال … والحلّ؟ ..اجبت دون اعمال فكر: ما نعرفش … نظر اليّ نظرة الاب الحنون وقال بكل هدوء: انا احساسي يقلّي انّك ما تكذبش ..وساعطيك فرصة لتثبت بها قدراتك ..التربّص التطبيقي سيكون مع استاذ ايطالي يعمل بالراي اونو وهو من اشهر وامهر المركبين… وحتى هو يطشّ طشّان في الفرنسية… وجهدك يا علاّف ..وقتها ماعادش عندك حجّة …طأطأت رأسي احتراما لهذا المدير الرائع وقلت: ان شاء الله ما نخيبلكش ظنّك …اردف بسرعة: انا عندي ثيقة فيك …ما اروع واعظم واجمل ان يضع على عاتقك هذا الحمل الثقيل والجميل رئيسك او استاذك او كل من يُوكل لك امرا وهو يقول (عندي ثيقة فيك)… عبارة كم هي موجزة ولكن كم هي دافعة للتحليق عاليا خاصّة عندما نحسّها بشكل دين يجب تسديده يوما …

وانطلق التربّص التطبيقي مع المركب الرئيس …الايطالي السيد جوزيو … عندما رايته اوّل مرّة كان هنالك تناعم حسّي حدث بداخلي لم ادر مأتاه .. مدرّس شاب وكسائر الايطالين انيق جدا …ديناميكي وكسائر الايطاليين ايضا ..لكن ليس هذا ما حدّد التناغم الحسّي … هل انتم معي في انّ التناغم عالم سحري لا يُفسّر بالمنطق المتداول ..؟؟؟ هل انتم معي مرّة اخرى في انّ بعض الألفاظ تصبح جوفاء عندما نحاول التعبير من خلالها عن هذا التناغم؟ ..وددت يوم رايته اول مرّة ان اقول له كم احببتك ..واكتشفت بعدها ان هذه العبارة لا قيمة لها بل هي خرقاء لتعبّر عن التناغم السحري ..بعد سنوات من عمري اكتشفت عبارة لا تعترف مرة اخرى بقواعد اللغة والصرف والنحو في اللغة الفرنسية اذ اني الغيت من قاموسي عبارة Je t’aime لأعوّضها بـ Je t’amour …قد يصيح البعض (كيفاش هذي ما تصحش في اللغة الفرنسيّة ؟؟)..وتراني اضحك منهم واهتف بصوت عال تصحّ وتصحّ وتزيد تصحّ Je vous amour واللي ما عجبوش يشكي للعروي …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 97

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

من ضمن ما تعلمته في دراستي بالمعهد الوطني للعلوم السمعية البصرية بباريس، قاعدة اعتبرتها ذهبية في الانتاج السمعي البصري الا وهي نجاح اي برنامج يعتمد اساسا وبدرجة 80 بالـ 100 على الاعداد الجيّد… نعم والاعتناء بتفاصيل التفاصيل… وهذا ما حرصت عليه منذ وجدت نفسي امام المصدح فما بالكم ببرنامج يمتدّ على مساحة زمنية بـ24 ساعة دون توقف…

عبد الكريم قطاطة

اذن وجب الاعداد الجيّد شكلا ومحتوى لهذا البرنامج… لذلك حرصت قبل تنفيذ البرنامج على تكوين فرق للاعداد معي لهذا الغرض: فريق خصصته لآراء المستمعين بمدينة صفاقس وضواحيها حول مسيرة اذاعة صفاقس ومدى تجاوب المتلقّي معها طيلة 35 سنة… فريق آخر كلّفته بآراء المستمعين الشباب الذين لم يواكبوا الاذاعة الا في سنواتها العشر الاخيرة وخاصة نقاط ضعف الاذاعة التي علينا تلافيها ونقاط قوتها التي وجب تعزيزها… وكلا العملين كان ضمن ريبورتاجات … فريقان اثنان يواكبان السهرة مباشرة مع مستمعينا خارج ولاية صفاقس بداية من الساعة العاشرة صباحا ليوم 7 ديسمبر، حيث ينطلق الفريق الاول في رحلة ماراثونية من بنزرت حتى صفاقس طيلة البرنامج، ليلتقي بعديد المستمعين في منازلهم وفي مدن مختلفة وليفسح لهم المجال للتعبير عن آرائهم سلبا او ايجابا حول ما تقدمه اذاعة صفاقس من برامج…

وفريق ثان يقوم بنفس المهمة انطلاقا من بن قردان الى صفاقس… على ان يكون وصول أفراده الى صفاقس وبالتحديد الى مقرّ الاذاعة يوم 8 ديسمبر على الساعة الثامنة صباحا… حيث يكون اللقاء مع هذين الفريقين مباشرة من الاستوديو للتعبير عن رحلتهما كيف كانتا، وعن انطباعاتهما حول كلّ ما عاشاه في تلك الرحلة… لم انس كذلك مستمعينا عبر الهاتف حيث خصصت طيلة السهرة نصيبا من الوقت لمداخلاتهم… ودعوت صديقي وزميلي عبدالجليل بن عبد الله لمشاركتي في التنشيط الذي حرصنا فيه معا على اضفاء روح الدعابة فيه… وتداول على الكونسولات العديد من التقنيين الذين هبوا وبكل طواعية لياخذ كل واحد منهم نصيبه من الحدث… وقبل 24 ساعة من انطلاق البرنامج كان دليل البرنامج مُعدّا بكل تفاصيل البرنامج وبتوقيت المداخلات وبكلّ اغانيه…

ودليل البرنامج عندي من الاشياء المقدسة رغم انّ ظاهره عمل عسكريّ قاس لانّه مفصّل بالدقائق والثواني وهو ما يعتبره البعض عملا شاقا ثم هو لا يفسح المجال للارتجال… وحجة هؤلاء في مفصل الارتجال انهم يعتبرونه هامشا هاما من الحرية لا استغناء عنه… بينما ارى الارتجال في تقديري هروبا من مسؤولية تنظيم العمل بدقّة اي هو تعلّة كاذبة… لانّ العمل المنظم لا يتعارض مع الارتجال ان لزم الامر… امّا ان يدخل المنتج الى الاستوديو دون اعداد جيد تاركا الحبل على الغارب للفنّي الذي يتولّى اختيار وتمرير الاغاني التي تروق له، فذلك عندي (تخلويض وكسل)… اذ كيف لمنتج ومنشط لا يقوم هو باختيار اغانيه التي تتلاءم والمواضيع المقترحة في برنامجه ؟؟ وفي رواية اخرى نعم للحرية والارتجال اذا كان ذلك يخدم مصلحة المنتوج ولا للعبث والتهاون..

عندما قدمت دليل البرنامج للسيد عبدالقادر عقير للاطلاع عليه وامضائه.. اندهش من دقة التفاصيل وللامانة امضى عليه دون ايّ اطلاع… واضاف مرّة اخرى: (يخخي انا نعرف خير منك؟)… اخذت دليل البرنامج بعد ان امضاه واغتنمت الفرصة لتذكيره بالجائزة… تلفزة من الحجم الصغير… طمأنني بالقول (صاحبك راجل)… اتفقنا وتمنى لي النجاح والتوفيق… ارتأيت ان تكون الجائزة لافضل مداخلة في البرنامج سواء كان ذلك من الريبورتاجات المسجلة او من مستمعينا في مداخلاتهم من خطّي بنزرت وبن قردان او من مستمعينا عبر الخطوط الهاتفية واعلنت عن ذلك منذ بداية البرنامج …

وانطلق قطار البرنامج كما هو محدّد له يوم 7 ديسمبر 1996 على الساعة التاسعة صباحا لينتهي يوم 8 ديسمبر 1996 على الساعة التاسعة صباحا… واقسم بالله انّ دليل البرنامج وقع تنفيذه بنسبة 99 في الـ100 دون ايّ خطأ او خلل .. اذن لماذا 99 في الـ 100 ؟ اين ذهب الواحد في الـ100 ؟؟ على الساعة الخامسة صباحا من يوم 8 ديسمبر فوجئنا جميعا بالسيّد عبدالقادر عقير يحلّ بيننا بالاستوديو… كان في قمّة السعادة والفرح… هنّأني وهنّأ الجميع بنجاح التجربة وطلب منّي دون ازعاج ان يقول كلمة ليعبّر فيها عن شكره وامتنانه لفريق البرنامج على نجاح المهمّة… لبّيت طلبه ولمدّة لم تتجاوز الثلاث دقائق اردفت كلمته باغنية من الاغاني الاحتياطية التي ابرمجها في كل انتاج اقدّمه لمثل هذه المفاجآت…

عنصران اخيران اختم بهما هذه الورقة الخاصة بالحدث… عيد ميلاد اذاعة صفاقس الخامس والثلاثين: العنصر الاوّل مآل جائزة البرنامج … للامانة كنت مركّزا جدّا على تدخلات المستمعين في الريبورتاجات المسجّلة وفي خطّي بنزرت وبن قردان مع اهالينا هنالك وفي المكالمات الهاتفية… وللامانة ايضا، عديد المداخلات كانت متميّزة جدا من هنا وهناك…و كان عليّ ان اجتهد وان اكون عادلا في اختياري للفائز… ثمّ هلّت مكالمة هاتفية وبالتحديد من مساكن ومن مستمعة اذاعة صفاقس السيّدة فاطمة بيّة والتي يعرفها الجميع باسم امّ غسّان… وهل يُعقل ان لا تكون (فطّوم) كما يحلو لي تسميتها غير حاضرة في مثل هذه المواعيد ؟؟ فطّوم هي بنت اذاعة صفاقس بل هي صنيعة اذاعة صفاقس…

فطوم وهذا يعرفه جلّ الناس نشأت من رحم اذاعة صفاقس… القدر جعل من اذاعة صفاقس لها المدرسة التي لم تدخل قبلها ايّة مدرسة… نعم وبإرادتها وعزمها نحتت الصخر… صخر الجهل والظلام… وخرجت الى نور العلم وهي تخطّ اوّل حروف الابجديّة لتكتب اوّل رسالة في حياتها الى (سِيدها) كما يحلو لها ان تسميني دائما… وكان لزاما عليّ وهو من واجباتي مهنيا وانسانيا ان آخذ بيدها وان اعينها على كسر حواجز كهف الجهل… وبفضل ارادتها وعزيمتها وبشيء قليل من تشجيعي تعلّمَت وشقّت طريقها لمزيد المعرفة والنور… واقسم لكم باصدق الايمان انّ فطوم حاليا تكتب شكلا ومحتوى افضل من الكثيرين الذين يحملون شهائد عليا وهي التي لم تدخل المدرسة يوما… هنيئا لي ولنا جميعا بك…

ليلتها تدخلت فطوم كعادتها عبر الهاتف لتدلي بدلوها في البرنامج الحدث وفي مدرستها اذاعة صفاقس… ولولا حرصي الشديد على تمكين كلّ المستمعين من نفس الحجم الزمني في مداخلاتهم لما توقفت شهرزاد الفطومية عن الكلام المباح حتى الصباح… في نهاية المكالمة دغدغني صوت وليدها انذاك مهران… وما اجمل دغدغة صوت الاطفال… في تلك اللحظة قفز لذهني من هو صاحب افضل تدخل ولمن ستؤول الجائزة… ستكون لمهران ولا لغيره لاني اعتبرت تدخله افضل تدخل من حيث الصدق والبراءة… هكذا اجتهدت… هكذا قررت… وهكذا اعلنت عن حصول مهران على الجائزة في نهاية البرنامج… وهكذا تسلمت فطوم وزوجها ومهران الجائزة في احتفال خاص بالحدث جانفي 1997 …

خاتمة البرنامج كان ايضا مسرحا للقرار… نعم قرار فاجأ الجميع… لم اعلنه لاحد قبل يوم 8 ديسمبر 1996 … لا احد على الاطلاق … حتى عائلتي التي كانت حاضرة بالفضاء الخاص بالتقني صباح 8 ديسمبر فوجئت به… قلت امام المصدح وللجميع: (هذا اخر عيد ميلاد اقدم فيه برنامجا خاصا بالحدث)… وتحول الفرح بالنسبة للبعض إلى دموع … فوجئوا جدا بقراري… فكيف لمنشط مثلي في (طمبك) نجاحه ونجاح الحصص الخاصة باعياد ميلاد اذاعة صفاقس التي قدمتها، أن يعلن الانسحاب ؟؟ خاصة وهم يدركون جيّدا انّي عنيد في قراراتي وندُر جدا ان تراجعت فيها.. وها انا اجيب عن (لماذا كان ذلك القرار)…

انا وبعد انتاج هذا البرنامج الحدث محليا ووطنيا وعربيا وعالميا اكون حلّقت في اعلى درجات السُلّم انتاجا… اذن على الانسان ان يعرف موعد مغادرة السُلّم… ثمّ ما ذنب ذلك الكمّ الهائل من الشباب الذي ينتظر فرصته ليتسلّم المشعل؟… اليس من واجبي ان اتنحّى لاتيح الفرصة لهم ؟؟… وتاكدت من واقعيّة قراري خاصة بعد ان دُعيت للعودة للمصدح بعد جانفي 2011 … نعم دُعيت للعودة ولم اجر وراءها… وساعود لذلك الزمن الارعن في ورقات قادمة… عندما لبيت دعوة الواجب وعدت لمصدح اذاعة صفاقس قال بعضهم (تي يخخي هالسيد يحب ياخذ زمانو وزمان غيرو ؟؟ تي يمشي يشدّ دارو ويشدّ سبحة خيرلو) … سامحهم الله …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم ..الورقة 96

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

توضيح: العمر يجري .. وها انا احاول السباق مع الزمن حتى اختم هذه السلسلة والتي في تقديري ستكون قفلتها سنة 2022* … أرجو من الله ان يمدّ لي في العمر حتى اختتمها …

عبد الكريم قطاطة

الورقة 96 ستكون خاصة بما عشته وعاصرته في اذاعة صفاقس في اواخر سنة 1996 … تلك السنة عشت فيها حدثين اولهما تعيين السيد عبدالقادر عقير مديرا لاذاعة صفاقس خلفا للسيد النوري العفاس رحمهما الله… والحدث الثاني هو الاحتفال بعيد ميلاد اذاعة صفاقس الخامس والثلاثين وذلك نظرا الى خصوصيات ذلك الحدث… دعوني اوضّح فيما تعلّق وسيتعلّق بايّ زميل غادرنا، لن اسمح لنفسي بذكر بعض التفاصيل عنهم احتراما لـ(اذكروا موتاكم بخير)… لكن وللتوثيق وهي القاعدة الاساسية في الورقات هنالك احداث لابدّ من ذكرها ولو بشيء من الاقتضاب…

عندما عُين الزميل عبدالقادر عقير مديرا لاذاعة صفاقس كان الامر غير منتظر بالمرّة… اذ انّ تعيين مدير لاذاعة صفاقس غير منتسب للجهة أمر يحدث لاوّل مرّة… وفهمت بعدها انّ ماكينة عبدالوهاب عبد الله اصيل المنستير وامبراطور الاعلام انذاك بدات تشتغل… فعيّنت العديد من اصيلي اما المنستير او الساحل في عديد المراكز الاعلامية الحساسة… والزميل عبدالقادر عقير مسيرته الاعلامية كانت متواضعة جدا ..اذ هو عمل باذاعة المنستير كمنتج ومنشط لمدّة قصيرة للغاية ..وبعدها دخل سلك المعتمدين حيث اشتغل كمعتمد بقرقنة ثم بعقارب… دون ذلك وقبل ذلك اشتغل كمعلّم في المدارس الابتدائية في تونس وفي ليبيا كواحد من المتعاونين انذاك…

يوم تعيينه وبعد انتهاء المراسم الرسمية فوجئت بحاجب الادارة يبحث عنّي ليقول لي (سي عبدالقادر يحب عليك) فاستجبت لدعوته … وكلّ ما اتذكره عن سي عبدالقادر انه يوما ما كان هنالك برنامج مشترك بين اذاعتي صفاقس والمنستير كنت انا امام مصدح اذاعة صفاقس وكان هو امام مصدح اذاعة المنستير… وقبل بداية البرنامج بنصف ساعة هاتفني ليقول لي انّ تجربته متواضعة في التنشيط ورجاني ان امدّ له اليد ووعدته بذلك… وتعدّى البرنامج لاباس… دون ذلك لم يكن لديّ عنه ايّة فكرة لا سلبا ولا ايجابا … وتلبية لدعوته وجدتني بمكتبه كمدير .. كان استقباله لي على غاية من الحرارة والصدق… هنأته بمنصبه وتمنيت له النجاح … ودون مقدمات قال لي: (انا لا اعرف ايّ احد في اذاعة صفاقس باستثنائك… اريدك ان تقف معي فهل اعوّل عليك ؟)… اجبته دون تردّد وبكلّ شفافية وصدق: (يشرّفني ذلك متى عملت من اجل مصلحة اذاعة صفاقس… ولكن سأكون اوّل من يقف ضدّك ان عملت من اجل مصلحتك وعلى حساب مصلحة اذاعتي)… واضفت (هذا هو انا ولك الاختيار)… فاجاب دون تردّد او حتى لحظة تفكير: (وانا اخترتك انت بالذات لاني عرفتك من خلال مسيرتك وكلّي ثقة في آرائك ومواقفك ولن تجد منّي الّا ما يرضيك ويرضي المجموعة…

ولم تدم جلستنا طويلا حيث دعاني للخروج معه في نزهة على سيارته وليته ما فعل… مدير جديد يهزّ عبدالكريم معاه في كرهبتو نصف ساعة بعد مراسم التعيين ؟؟؟ والف لسان يتساءل: (تي من اوّل نهار عبدالكريم كلالو عقلو ؟؟)… وهذا كالعادة لا يعجب الملأ … ساعود في ورقات قادمة لما فعله هذا الملأ والذي انتصر في معارك عديدة ولكنه خسر الحرب… هذا الملأ حوّل علاقتي بالزميل عبدالقادر عقير من علاقة ودّ وانسجام لما فيه خير للدار واهل الدار (والله شاهد على ما اقول)… الى علاقة حرب بدأت خفية واصبحت مع مرور الوقت معلنة بيني وبينه وانتهت باقالته من منصبه وبتعويضه بالسيد رمضان العليمي… وستأتي اهم التفاصيل كما اسلفت في ورقة قادمة. ..

الحدث الثاني الذي عشته سنة 96 كان عيد ميلاد اذاعة صفاقس الخامس والثلاثين… مما عودت عليه المستمع اني طيلة السنوات التي انتجت فيها حصصا خاصة بعيد ميلاد اذاعتي كنت دائما ابحث عن بصمة خاصة لكلّ عيد ميلاد… وعندما بدات في التفكير في عيد الميلاد الخامس والثلاثين ومنذ بداية شهر سبتمبر 96 كان هاجسي ان يكون البرنامج مختلفا تماما شكلا ومضمونا عن كلّ ما سبق محليا ووطنيا وعربيا ولم لا عالميا… ولم تطل مدّة التفكير والبحث طويلا… نعم قلت في نفسي لم لا يكون البرنامج على امتداد 24 ساعة تنشيطا دون انقطاع… وامتلأت بهذه الفكرة صدقا بكثير من النرجسية ايضا ..اذ انّي سانجز ما لم يقع انجازه على الاطلاق ..شكلا وحجما … ثمّ اعتكفت لمدة اسبوع ابحث عن محتوى لهذا البرنامج اذ لا يكفي ان يكون الشكل مبهرا فذلك يذهب مع او نسمة رياح… المحتوى يجب ان يكون مقنعا ومدروسا بعناية وبفريق كامل يؤمن معك بالمشروع… واخترت مكوّنات هذا الفريق وكنت واضحا مع الجميع ..من يقبل بالمشاركة عليه ان يقبل بالعمل تطوّعا كاهداء لاذاعتنا في عيد ميلادها الخامس والثلاثين… وللامانة قبل الجميع بالفكرة وبكلّ سعادة…

وبدات اعقد اجتماعات دورية مع الفريق بعضها في صفاقس واخرى في تونس مع البعض الذي كان يزاول دراسته الجامعية هنالك… ومع نهاية شهر اكتوبر اصبح كل شيء جاهزا وحتى دليل البرنامج جاهزا بالدقيقة والثانية… وانا المعروف عني اني لا اترك للحظ او للصدفة او لايّ عائق ان يقف ضدّ اعدادي لتفاصيل التفاصيل… وعندما عرضت المشروع جاهزا للسيد عبدالقادر عقير كان في قمة السعادة والرضاء ..كيف لا واذاعة صفاقس وفي عهد ولايته عليها ستحقق رقما قياسيا عالميا ..وكيف لا والمشروع لن يكلّف حزينة الاذاعة ايّ مليم باعتبار تطوّع كامل الفريق… وعندها اغتنمت الفرصة لاقترح عليه ان تخصص اذاعة صفاقس جائزة في حجم الحدث… ودون ايّ تردد اجابني: (الغالي طلب على الرخيص؟)… قلت له جهاز تلفزة من حجم صغير … ضحك بقهقهة سي عبدالقادر وقال لي: (جهاز تلفزة ضربة وحدة يا خويا عبدالكريم ؟؟) قلت له نعم ..وتأتي على قدر الكرام المكارم… مدّ يده لي بحرارة وقال: اطمان ستكون الجائزة كما اردت… وللامانة لم يطلب منّي السيّد عبدالقادر عقير ايّ شيء عن تفاصيل البرنامج بل اضاف: (عندي فيك ثقة عمياء، هو انا نعرف خير منّك ؟) حييته واجبت: لن اخذلك…

وجاء يوم 7 ديسمبر 1996 وجاءت الساعة التاسعة صباحا وانطلق قطار البرنامج الذي لم يتوقف الا على الساعة التاسعة صباحا ليوم 8 ديسمبر 1996 … يااااااااااه وعلى طريقة سعيد صالح، المسافة طوييييلة قوي … ولكنها ممتعة للغاية عشتها وعاشها الفريق بكل سعادة وجدية وعاشها معنا المستمع من بنزرت لبن قردان كذلك بكثير من الذكريات… اذن دعوني استرح لاعود اليكم في الورقة 97 بعديد تفاصيلها اعذادا وتنفيذا…

ـ يتبع ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*ونحن الآن في نهاية 2024 وما زال النيل يجري والورقات تتوالى وتتوالد… حفظك الله مبدعنا الدائم (التحرير)

أكمل القراءة

جور نار

أسعار تنخفض ومواد تعود إلى السوق… ولكن أين الإعلام؟

نشرت

في

محمد الزمزاري:

لماذا يتردد الإعلام الوطني في الإشارة إلى تراجع الغلاء الذي شهدته الأسواق ومنها خاصة الأسبوعية؟ بالإضافة إلى كل ذلك نلاحظ صمتا مطبقا عن بداية توفير المواد المعروضة بنسبة كبيرة (مثل الكسكسي وخاصة الفارينة والسميد وبقية أصناف العجين الغذائي) فيما مواد اخرى في طريقها إلى العودة مجددا مثل القهوة والسكر بصفة تدريجية كما ان بعض المساحات التجارية والدكاكين تعرض القهوة والسكر رغم بعض التهافت …

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

إن النقص في مادة القهوة قد شجع بارونات هذه المادة والمساحات التجارية على عرض النوعيات الباهظة الثمن فوق طاقة المواطن لتحرير بيعها في غياب عرض القهوة المعتادة المطلوبة… كما تم تسجيل انخفاض نسبي في أسعار جل الخضروات وشهدت الأسواق أيضا أسعارا معقولة في البرتقال بأنواعه والتمور بصورة اقل كما لاحظ المستهلكون عرض كميات وافرة من الموز بصنفين بين اسعار تصل إلى 7 دنانير للكيلو للصنف الكبير و 5 دنانير للصنف الاقل…

وعلى مستوى بيع زيت الزيتون يبدو أن الأسعار شهدت انخفاضا بسيطا لا يشجع المستهلك على اقتناء كميات هامة للعولة التقليدية… ذلك ان القوارير سعة لتر واحد من المعروضة بالمغازات الكبرى، حافظت على سعرها (15د) ولم تعرف اقبالا كبيرا من المستهلكين أملا في تنزيل مفترض لسعر اللتر… خاصة أن رئيس الجمهورية قد أكد اول امس على ضرورة تمكين المواطنين من اقتناء الزيت بأسعار معقولة، تتماشى مع الطاقة الشرائية… فهل سينزل السعر إلى 10 او 12 د؟ هذا ما سنراه قريبا لانه سيكون في النهاية لمصلحة الفلاح والمستهلك معا…

من ناحية أخرى هناك مؤشرات على اعتزام شركة الكهرباء والغاز إجراء تخفيض مشروط على الفواتير الاقل استهلاكا للطاقة (اقل من 300 كيلوواط في الشهر) مما يعطي سعرا إجماليا منخفضا نسبيا نهاية الشهرين لمن استهلاكهم اقل من 600 ك.و… ويعد ذلك طريقة ذكية قد تأتي بنتائج محفزة وجهود عامة للتحكم في استهلاك الكهرباء والغاز…

ونتمنى أن يقع تطبيق هذا القرار دون أية تعطيلات محلية او جهوية او مركزية باعتبار بناء على تركيز منظومة متطابقة مع هذا الهدف.

أكمل القراءة

صن نار