جور نار
ورقات يتيم … الورقة 41
نشرت
قبل 7 أشهرفي
عبد الكريم قطاطة:
حياة الواحد منّا كم هي شبيهة بالجغرافيا… لتصبح بعدها .. تاريخا …كنت وانا تلميذ بقدر ما تغريني دروس التاريخ وتُنشيني …بقدر ما اتأفف من الجغرافيا في كل مراحل تعلّمي ..
كنت انزعج من الحقبة التي درسنا فيها سنة الباكالوريا، التكوين الجيولوجي للطبقات الارضية والمناخات بانواعها الى آخر المطاف مع القوى العظمى اقتصاديا وتلك الارقام المهولة التي ينهال بها علينا سي محمد الصالح الهرماسي ..هو استاذنا في التاريخ والجغرافيا ..ولأننا كنّا مهووسين به كأستاذ رائع الى حد الدهشة كنت أسائل نفسي ..اما كان من الاجدر ان يختصّ الهرماسي بالتاريخ ولا شيء غيره ..حتى لا نتأفّف منه وهو يتحوّل فجأة الى استاذ جغرافيا … ولم ندرك الاّ في سنّ متقدمة انّ الجغرافيا التي لم نحبّها هي اسقاط لحياة الانسان ولتاريخه …الم ندرس في محاورها كل ما يتعلّق بالزلازل والبراكين والرياح، الشلوق واللي موش شلوق ؟؟؟ الم ندرس السلاسل الجبلية من ظهريتها الى شعانبيها الى اوراسها ؟؟؟ الم ندرس البحار والمحيطات من ابيضها المتوسط الى احمرها الى ميتها ومتجمدها ..؟؟؟
دعوني معكم اسقط هذه المعلومات الجغرافية على حياتنا اليومية …كم من زلازل وبراكين نمر بها في حياتنا..؟؟ كم من رياح وعواصف تعصف بنا وقلّ وندر ان تكون “شلوق” ؟؟كم من جبال اردنا صعودها وتسلّقها..؟؟؟ وكم من جبال اخرى تسلّقها اخوة لنا ليرفعوا سلاحهم ضدّنا بدعوى صوت الربّ يناديهم للجهاد ..وهم لم يدركوا يوما ان الصوت هو صرير شياطين من وراء الستار ..والغريب ان اولئك الشياطين يُمنّونهم بالحور العين وجنّة الرضوان …فانساقوا كقطعان الحمير ولم يتساءلوا سؤالا بسيطا كان كفيلا بخروجهم من القطيع …والمتمثّل في ..اذا كان هؤلاء يُمنّوننا بالجنّة وحور العين لماذا لم يكونوا معنا في البرد والعراء والجوع والقذارة ..؟؟ اليس من المنطق ان يكون ارباب ذلك الفكر هم اوّل المهرولين الى الجنة حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت …؟؟ اليسوا جميعا هم من قال فيهم صوت الحق { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تّفْسِدُوا فِي الأَرضِ قالُوا إنّمَا نَحنُ مُصلِحُونَ إلاّ أنّهُمُ المُفْسِدونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُون }…اما عن البحار ..اليس فينا من هو ميّت في الحياة فهو يحيا دون ان يحيا كالبحر الميّت، ومتجمّد .. لا يهزّه لا عزف ولا وتر… متبلّد ..متكلّس …خشبة ..كالبحر المتجمد ..ثم الم نستفق يوما على بحار وجب تغيير تسميتها كالبحر الابيض المتوسط الذي اصبح عندنا في مدينتي بحرا قولوا ما شئتم عنه .. رمادي ..بنفسجي … اصفر غامق …
امّا عن القوى العظمى وارقام اقتصادها فحدّث ولا حرج .. اين اقتصادنا … ؟؟…ماذا عن قفّة الزوّالي وهي تخرج فارغة الى السوق لتعود شبه فارغة ..؟؟.خاصة ان راس البصل اعزّه الله اصبح في بلدي اعزّ من رأس ابن آدم ثمنا …اما عن السيد الفلفل …هذاكة فصيّل اخر …يوما ما فهمت تلك الحقيقة او لأقل جزءا من تلك الحقيقة وكنت انذاك في رحلة مع زملائي في الاذاعة الى زغوان …صعدت فوق هضبة صُغيّرة وطلبت من احدهم ان يأخذ صورة لي ..كنت اضع نظارة سوداء وقُبّعة عصريّة فوق راسي والسيجارة في فمي (بمعنى آخر مراهق عاجبتو روحو وعامل فيها بطل لا يّشقّ له غبار… ولعلّ افضل عبارة تصحّ عليّ وتُلخّصني “فزعاك”)… ويوم خرجت الصّورة بعد تحميضها، وضعتها في البوم صوري وكتبت تحتها (لابد ان اصل يوما الى هيمالايا) …وهو ما رددته فيما بعد لكل الطلبة الذين درسوا عندي سواء في معهد الملتيميديا او بمدرسة الفنون الجميلة او مع المتربّصين عندي في راديو اللمة الصفاقسية …وعموما لمن احبّ ان يكون اروع واجمل وارقى … فلسفتي في ذلك ان يكون طموح الفرد في الحياة ع السقف …بل الى ابعد من حدود السماء وذلك شرعي للغاية … لو تعلّقت همة المرء بما وراء العرش لناله …
عندما بدات اشتغل في قسم المونتاج بالتلفزة التونسية وجدتني امامي عمالقة في هذا الاختصاص يفوقونني خبرة .وسنّا … ووجدتني ابن صفاقس الوحيد بينهم …صفاقسي …بما في العبارة من مدلولات متواصلة حتى يوم الناس هذا وبأكثر فظاعة وشراسة ..كنت ارى في اعينهم الحيطة التي تصل احيانا الى حد الجفاء ..كنت الاصغر فيهم …ودائما كأي اصغر كنت انتظر منهم الاحاطة… وكان نظريا من الصعب عليّ ان اتقبّل ذلك الجفاء خاصّة وانا الذي عشت طوال حياتي مدلّلا _… عائلة واصدقاء وصديقات حتى لا انسى …وزملاء في الدراسة ومدرّسين … فكيف لي ان اجدني مُفردا افراد البعير المعبّد تماما كطرفة ابن العبد في قبيلته ..؟؟ ..الا انّني كنت اردّد في داخلي (سيعرفونني يوما … وما نسيت ابدا ..لابد ان اصل يوما الى هيمالايا … يجب ان اثبت لهؤلاء الزملاء اني انا عبدالكريم الذي لا يعرفونه ..يجب ان اثبت لموسيو جوزيو الايطالي المشرف على التربص التطبيقي اني جدير بثقته …يجب ان اثبت لعيادة انو عبدالكريمها (وفي هذه لا ينازعها اي كان) اني راجل وسيد الرجال … ويجب ان اثبت لتلك التي خذلتني انها في الاخير خذلت نفسها… ويجب ان اثبت لذلك الذي منحني في الباكالوريا 6 من عشرين في امتحان العربية انّي اقدر ممّا فعل بي ..
انبريت في عملي بكل حيويّة … هم رأوا في البداية حيويّتي من زاوية (اوووه ..اش هالمصيبة …دبّوس خدمة)… الا اني كنت اثناء عملي لا اعبأ بما يفكّرون فيه بل واقوم ببعض الاجتهادات في المونتاج ..لم اكتف بالسائد بل كنت ابحث عن بصمة خاصة بي …في ذلك الزمن مثلا كانت المؤثرات الخاصّة التي تدخل على الصورة باهظة الثمن ..ثم إن مختبر التلفزة التونسية لم يكن مجهّزا تقنيا بما يسمح له بذلك … وحتى مختبر الساتباك كان بدائيا مقارنة بالمختبرت العالمية … ولأنني كنت مؤمنا بأن الصعود الى هيمالايا يتطلّب منّي مجهودات مضاعفة، فاني كنت اقوم بتجارب عديدة على شريط الصورة …هي بدائية ايضا ولكنّها جديدة …كنت مثلا ارسم بواسطة آلة نستعملها لوضع علامة تنسيق الصورة مع الصوت على ما يسمى “الامورس” وهو شريط ابيض يسبق شريط الصورة وشريط الصوت، حيث تثقب تلك الالة الشريط الابيض حتى تكون انطلاقة شريط الصورة والصوت في آن واحد ..واذا لم يحدث هذا ياتي الصوت احيانا قبل الصورة او العكس ..والاكيد ان جيل ذلك الزمن يتذكّر جيدا كم من فيلم وقع بثّه، الصورة في واد والصوت في واد … ذلك الثقب الذي تُخرجه الالة يكون باشكال مختلفة (نجمة …دائرة ..قلب ..الخ) ..
في احد اعمالي في المونتاج وكان ذلك في برنامج غنائي يخرجه جمال الدين بالرحال رحمه الله، استعملت صورة القلب مع ضربة موسيقية ذات نسق معيّن وثقبت بها شريط الصورة وتردد ذلك مع تناسق تام مع ضربات الة الايقاع في الاغنية …هو عمل بسيط للغاية اجتهادا ولكن وحتى تكونوا على دراية بدقّة وصعوبة العملية ..مونتاج دقيقة واحدة من الاغنية يتطلب على الاقل نصف يوم …(إينعم دبوس خدمة!).. كنت احيانا ادخل الى كابينة المونتاج الخاصة ولا انهض الا بعد 6 ساعات متتالية من العمل …طعامي انساه ..هذا الطعام الذي لم يكن يوما مهمّا في حياتي ابدا …انسى العالم كلّه وانا اشتغل ..وحتى اذا تركته فانا اتركه دون ان اتركه ….كنت عندما انهمك في عملي انغمس الى حد اللاوعي بمن حولي …وكنت في مرات قليلة اشعر بالرفاق (اعني الزملاء) حائرين يفكرون يتساءلون في جنون …عن هذا عبدالكريم من يكون ..؟؟؟
من جهتي هنالك امران ساعداني على المضي قُدما في طريقي ..اولهما تشجيع الاطراف الاخرى ادارة وزملاء في الاخراج، على مثابرتي … وثانيهما تصرّفي مع زملائي في قسم المونتاج …تصرّفات كانت بالنسبة لي عادية جدا …ولكنّها قلبت العلاقة 180 درجة ..مجرّد اني ادفع ثمن قهوة عن زميل منهم في مقهى الاذاعة، مجرّد اني اقدّم لزميل مبلغا يسيرا من المال عندما يكون في حاجة إليه ..خلع عنّي صورة الصفاقسي (المشحاح) …ثم وهذا كان مفصليا في قلب المعادلة ..كنت وما زلت ايجابيا جدا في تعاملي مع الانسان المهموم … لست انا اذا لم اذهب إليه والاطفه واستمع اليه واقف معه سندا معنويا وماديا ان كان ذلك باستطاعتي …كنت اذهب الى اي زميل احس بانقباض على وجهه …واكون انسانا فقط …
اليس الانسان هو من يحس باخيه الانسان في السرّاء والضرّاء ..ما ابشع الواحد منّا عندما يرى دمعة تتدحرج من عين ولا يمسحها ..ما ابشع الواحد منّا عندما يرى انّة تئن لانينها الاشجار والاحجار ويبقى متجمدا كذلك البحر المتجمّد … حتى ذلك البحر ينتفض على تجمّده صيفا خجلا من جموده …واقسم لكم بكل المقدّسات انّ ما كنت اقوم به لم يكن يوما طمعا ولا خوفا ..بل كنت اردّ على الاساءة بالاحسان ..ولأقول بصنيعي (لولا الحب ماكان في الدنيا ولا انسان)… وكان ومازال وسيقى الحب هو المنتصر في كل الحروب ..قد يخسر معركة ..معارك ..ولكنّه ابدا ان يخسر حربا …اكتوبر 1973 حدث ما لم يحدث ابدا في التلفزة التونسية ..في الصحافة المكتوبة التي تتابع الاعمال التلفزية كانت جل المقالات انطباعية في جملتها لان المختصين في النقد التلفزي كانوا يُعدّون على عدد الاصابع ..ثمّ كل اهتماماتهم كانت تنحصر حول الموضوع وبدرجة اقل الاخراج … وفجأة ظهر مقال صحفي حول برنامج كنت قمت بمونتاجه وثمّن صاحبه دور المونتاج في ذلك الشريط …المقال صدر بتاريخ 5 اكتوبر 73 بجريدة لابريس وبامضاء ابو الهادي …لم انتبه له الا بعد انا اهداني اياه مخرج الحصة …تلك كانت اولى ثمار مثابرتي..
ويومها احسست انّي اتسلّق الدرجة الاولى في مصعد هيمالايا …سُعدت ايّما سعادة …انتشيت ايّما انتشاء ولكنّي اكتفيت بابتسامة قلّ من يعرف سرّها …قلت الدرجة الاولى لأني لا فقط لم افقد ثبات رجليّ على الارض… بل لأن الهاجس بداخلي كان يناديني بكل عزم وحزم وتحذير: (موش هذا انت سيد الرجال اللي قالت عليه عيّادة) …وابتسامتي انذاك تعني: (حتّى تقلّي فاهمك وفاهمني)…وهو يردد: اوكي امض في طريقك …وساتركك دون ان اتركك ….وبدأت الاقلام الصحفية المختصة في النقد التلفزي تتابع اعمالي بشكل دائم وبالثناء على ميلاد مركّب افلام …_قابوس ..الحاجة ..بن رجب ..المنصف شرف الدين … وغيرهم… وبدأ المخرجون يتهافتون على عبدالكريم حتى اكون انا من يقوم بمونتاج اعمالهم …والعديد منهم كانوا يسلّمون لي الاشرطة ويذهبون في سبيل حالهم تاركين لي حرية التصرف كاملة في الشريط … ولعلّ من افضل ما اتذكّره في هذا الباب اصرار المخرج الكبير علي منصور على ان اكون انا من اصاحبه في مونتاج شريطه التلفزي (العقد) وهو من نوع الدراما ….
على منصور هذا كان مخرجا فنّانا يغار غيرة جنونية على اعماله ويشتغل فيها باتقان متناه ..وكان عصبيّ المزاج كسائر المخرجين المتتلمذين على المدرسة الامريكية …اتذكّر يوما انني كنت ابحث عن افضل عملية ربط بين مشهدين ..كنّا نشتغل ليلا ..وبقيت بالصورة وراء الصورة ابحث عن الصورة الملائمة والمُثلى التي يجب ان اجدها (علما بان الثانية الواحدة في شريط الصور تحتوي على 25 صورة)… وبقيت كذلك نصف ساعة ..وعندما قمت بالربط النهائي تقطّع الشريط …وهذا يعني انه عليّ ان اعود للقطات مماثلة من نفس المشهد واعيد العملية من جديد …كانت الساعة تشير الى الثانية صباحا… نظرت اليه وهو يًقطّع شعره من هول ما حدث وقلت له الحلّ بسيط …التفت اليّ وقال: “الّلي هو؟… قلت له: “بنبالوني من سيدي بوسعيد !” …نظر اليّ وقال: “راجل .. يلعن بو اللي يفسدّها” …وكان ذلك …واتممنا السهرة هناك ولم نعد الى العمل الا في الغد بعد الثانية ظهرا …العمل عندي مقدّس نعم …ولكن في مثل تلك الحالات يجب ان اخرج من جلبابه وادخل في جلابيب اخرى حتى اعود اليه باكثر طاقة وجمالا …
تندهشون من كلمة جمال …؟؟؟
وما هو العمل ان لم يكن فيه الانسان جميلا؟ ..ما الحياة ان لم يكن فيها الواحد منّا جميلا؟ .. والجمال عندي ليس بمفهوم الفترينات ..ولا بمفهوم اناقة الزرابي الحمراء في مهرجان كان ..الجمال عندي بمفهوم القلب والوجدان ..دون نسيان الفكر طبعا ….قد تقسو علينا الحياة ..قد تفسد راحتنا ..قد نفقد بريق الحب والامل في داخلنا … ولكن ادعوكم واياي الى التشبّث بالجمال في داخلنا …هو وحده من يقدر على هدهدتنا وقت الشدّة ولكل واحد منّا شدّته …اشدّ على اياديكم…
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
هذه الورقة تروي ما حدث لي مع حلول سنة 1998… وهي سنة هامة جدا في حياتي المهنية وفي اذاعة صفاقس… سنة 98 تكون اذاعة صفاقس قد عاشت سنتين تحت عهدة المرحوم عبد القادر عقير كمدير لها…
وللامانة وكما اسلفت الحديث في هذا الامر كان الرجل حركيا جدا وحاول استقطاب عديد الكفاءات الثقافية في الجهة ونجح ايما نجاح في ذلك… وللامانة ايضا كان يعتبرني عضده الاوّل كمستشار له في تسيير شؤون الاذاعة، ومثل هذه الاوضاع تسعد بعض الزملاء وتشقي آخرين… مع حلول سنة 98، ارتأت مؤسسة الاذاعة والتلفزة تحديث تشريعاتها ومن بين ما قامت به سن قوانين جديدة في اسناد الخطط لموظفيها… والتي كان من ضمنها احداث خطة مدير عام للقنوات الاذاعية.. وكان اوّل من ترأسها زميل سابق عرفته عندما كان يشغل خطة رئيس تحرير شريط الانباء التلفزي باللغة العربية… السيد عبد الله عمامي…
علاقتي به كانت مهنية بحتة… كنت كسائر تقنيي قسم المونتاج اقوم مرّة واحدة في الاسبوع ودوريا، بتركيب فيلم شريط الانباء لنشاط رئيس الدولة واعضاده… وهي مهمة تتطلب انتباها جيد لكلّ ما يمدنا به زملاؤنا في قسم التصوير… وخاصة اعطاء الحجم والقيمة لنشاط رئيس الدولة والوزراء… لذلك يحرص كل مركّب منّا على التمحيص وبانتباه شديد للصور واختيار افضلها جودة… نوعية اختصاصنا تجعل كل رئيس تحرير يحرص على مدّنا بتوجيهاته التي يتلقاها بدوره من الرئيس المدير العام… اذ نحذف احيانا وبامر من رئيس التحرير بعض المشاهد او نضيف في مدة مشاهد اخرى… تلك كانت نوعية علاقتي بالسيد عبدالله عمامي وهي علاقة ولّدت بمرور الزمن ثقته فيّ وفي جودة عملي…
عندما كُلّف السيّد عمامي بخطّة مدير عام للقنوات الاذاعية، تنقّل نحو كلّ الاذاعات الجهوية ليطّلع على واقعها ومشاغلها… وجاء دور اذاعة صفاقس ليحلّ ضيفا عليها… وكان استقباله لي حارّا اذ اننا لم نلتق منذ سنة 1976 عندما غادرت المؤسسة لاتمام دراستي بفرنسا… يوم مقدمه لصفاقس اجتمع السيد عبدالله عمامي بالمسؤولين في اذاعتها ليتطارح معهم ومع السيد عبدالقادر عقير احوال اذاعة صفاقس… وكنت من ضمن المدعويين لحضور ذلك الاجتماع… واخذت الكلمة كسائر زملائي وطرحت نقطة اعتبرتها انذاك في منتهى الاهمية و الغرابة… اذ كيف يُعقل لاذاعة عمرها 37 سنة وليس فيها من الخطط الوظيفية الا ثلاثا… فيما بقية المسؤولين على المصالح والاقسام لم يدرجوا يوما ضمن خطة وظيفية …اي انهم لم يعيّنوا يوما بشكل رسمي ضمن خططهم…
وكانت دهشة السيد عبدالله عمامي كبيرة… ووعد بانّ اوّل عملية اصلاح سيقوم بها هي تدارك هذه الوضعية غير العادلة والتي استمرّت أربعة عقود… وانتهى الاجتماع وطلب منّي السيّد عبدالله عمامي ان ارافقه لاجتماع ثلاثي يجمع بيننا وبين السيد عبدالقادر عقير مدير الاذاعة… وكان لنا ذلك وهو اجتماع تاريخي بكلّ المقاييس وهاكم التفاصيل…
بدأ السيد عبدالله عمامي بالاشادة بالنقطة التي اثرتها والمتعلقة بالخطط الوظيفية وهو ما يحتم منذ اليوم على انجاز الـ”اورغانيغرام” (التنظيم الهيكلي) لاذاعة صفاقس… وهذا يعني اقتراح مجموعة من الخطط الوظيفية وفي كل درجاته اي من مدير فرعي الى رئيس قسم مرورا برؤساء المصالح… واضاف متوجها بكلامه الى السيد عبدالقادر عقير: (مهمة انجاز التنظيم الهيكلي ساكلّف بها سي عبدالكريم واريدها اسمية لانه يعرف جيّدا زملاءه الذين عاصرهم منذ نهاية السبعينات ومؤكّد اكثر من ايّ كان، وانا كلّي ثقة فيه ولا اتصورك اقلّ ثقة منّي)… وللامانة رحّب المدير وعن طواعية بالمقترح…
وانتهى الاجتماع الثلاثي وعكفت على انجاز الاورغانيغرام واخترت اسماء زملاء يشهد الله اني وضعت كفاءتهم فقط كفيصل في الاختيار… واطلعت عليها السيد عبدالقادر عقير ودون ايّ جدال وافق عليها واضاف بعض الخطط التي نسيتها… وارسل الاورغانيغرام عن طريق الفاكس للسيد عبدالله عمامي… وماهي دقائق حتى وجدت السيد عبدالله يطلبني على هاتفي… بادرني اوّلا بالشكر على الانجاز السريع واضاف: (فقط لي ملاحظتان، الاولى تتعلق بتسمية الزميل زهير بن احمد كمدير فرعي للبرامج… حيث ابدى لي احترازه من هذا الاسم… وعندما طلبت منه السبب قال لي بكل ايجاز ووضوح: زميلك زهير محسوب على اليسار هل تدري ذلك ؟ قلت له لا ..قال لي: رسالة ختم دروسه بمعهد الصحافة، كانت حول صحف المعارضة في تونس!
ولانّي عرفت زميلي زهير بن احمد بما فيه الكفاية اسرعت بالردّ: واين الاشكال ؟؟ فأسرع هو ايضا بالرد: (خويا عبدالكريم، مدير فرعي للبرامج موش شوية راهي)… ولم اتركه يتمّ حديثه اذ قلت: (انت عندك ثقة فيّ، سي عبدالله ؟) اجاب طبعا ..فقلت له: (زهير هو الاجدر بهذا المنصب وانا اتحمل مسؤولية ما اقول)… اكتفى سي عبدالله بالقول: (دبّر راسك اما اتحمّل مسؤوليتك)… ثم جاءني للملاحظة الثانية وقال: ( إي انت وينك سي عبدالكريم في الاورغانيغرام ؟)… وكنت فعلا لم اسند ايّة خطة وظيفية لشخصي… قلت له: (انت تعرف جيدا ماذا يعني المصدح بالنسبة لي… هو أهم عندي من ايّة خطة وظيفية)… قفز السيد عبدالله على العبارة وقال: (يخخي انا قلتلك ابعد عن المصدح ؟ اما في نفس الوقت ولاني اعرفك واعرف حكايتك بكل تفاصيلها مع المصدح ومع اذاعة صفاقس، لا ارى احدا غيرك يستحقّ مصلحة البرمجة في اذاعتكم… واضيف بكل رجاء اقبلها من اجلي ومن اجل الاذاعة مع مواصلة علاقتك بالمصدح)… قلت له ساناقش الموضوع مع سي عبدالقادر… ردّ عليّ: انه في انتظارك وسيكون سعيدا بقبولك لتلك الخطة…
وما ان انهيت المكالمة حتى هاتفني سي عبدالقادر للحضور بمكتبه… دخلت عليه فوجدته في قمة الانشراح وبدأ بالقول: (شنوة الكيلو يطيّح الرطل ؟؟)… وقتها عرفت انّ خطة رئيس مصلحة البرمجة وهي المصلحة الاهم في كل اذاعة تحادث فيها السيد عبدالله عمامي والسيد عبدالقادر عقير واتفقا على ان اكون انا من يشغلها… وبدأت مسيرتي المهنية تاخذ ابعادا اخرى… عبدالكريم لم يعد كما كان مستشارا للمدير بل اصبح رسميا عضوا في (حكومة) اذاعة صفاقس… وكما اسلفت القول، بقدر ما استبشر العديد بهذه التسمية بقدر ما اغاظت البعض… اي نعم هؤلاء..كانوا دوما وفي كل معركة ينتظرون هزيمتي بالضربة القاضية فاذا بهم يجدونني في وضعية ارقى…
هي ليست حالة خاصة بي بل هي حالة منتشرة في كل الادارات دون استثناء… حرب ضروس كلما خفّت حرائقها فترة، اشتعلت من جديد وربما باكثر ضراوة… انها طبيعة البشر منذ أول الخلق… فاذا كان الانبياء اولى ضحايا اقوامهم فمن نكون نحن حتى لا نعيش نفس الاوضاع؟… وحده الله يعلم من منّا قابيل ومن منّا هابيل وعند الله تجتمع الخصوم…
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
يبدو أن ” الأيام والليالي البيض” ستشرّف بداية من اليوم 25 ديسمبر هذا الذي يتميز باصطحاب عاملين اثنين هامين:
اولا نزول الأمطار بكميات معتبرة ومطلوبة لإخراج البلاد من مأزق الجفاف، خاصة ان كل التكهنات توحي وتؤكد احيانا ان الأمطار متواصلة ومن شأن هذا الهطول المخالف للسنة الماضية الجافة، ان يغذي بالأمطار عددا وافرا من السدود وسقي الأراضي الفلاحية، والتبشير بسنة ممتازة في الإنتاج الزراعي عسى أن يقع تقليص حاجتنا وارتباطنا بواردات قمح اوكرانيا او روسيا… والتأكيد مجددا على غرس عقلية الاعتماد على انتاجنا الوطني لتحقيق الأمن الغذائي وهو ليس أمرا ممكنا فقط بل ضروري…
لقد تم القضاء على الارهاب وتمت مقاومة الفساد وتحريك رافعات التنمية… وكذلك تحسين مخزون العملة الأجنبية بالبنك المركزي التي وصلت إلى حوالي 120 يوم توريد بعد سقوطها فترات حكم الاخوان إلى اقل من 60 يوما… كما يستوجب لفت النظر الى ان الدينار التونسي اخذ طريقه للتعافي وحقق زيادة اكثر من 1.6 % مقابل اليورو… والأمر يستوجب مواصلة دعم الدينار أمام العملات الأجنبية خاصة اليورو و الدولار ..وهذه أيضا مستجدات لا تقل أهمية..
عدنا لحالة هذه المدة الفصلية الأولى من شتاء يبدو باردا هذه السنة زيادة عن الأمطار المباركة… و مقابل ذلك يرتعش المواطنون و قد يصطلون من البرد القارس والرياح المرافقة… وقد يشتد وقع البرد على شريحة كبرى من التونسيين الذين يلتجئون بنسب متفاوتة إلى سخانات الغاز او الفحم او الكهرباء… وهي طرق تتطلب قواعد ثابتة لتحقيق الدفء النسبي مع التوقي من اخطارها… فالفحم له أضرار كبيرة متمثلة في ثاني أوكسيد الكربون القاتل… والغاز له اخطار لا تقل عن الفحم… وحتى جهاز الكهرباء المحمول يتطلب “تنفيس” البيت…
تبقى اخطار اضافية خلال هذه الفترة وهي ما اعلنته وزارة الصحة العمومية مشكورة من ضرورة التحلي السريع قصد مواجهة منتظرة للكورونا خاصة لدى كبار السن و المصابين بالامراض المزمنة والأطفال… وربما نضطر إلى العودة لاستعمال الكمامات خلال الازدحام الذي نراه في وسائل النقل المتعددة… لذا قد يتحتم على الدولة استشراف تغيرات واردة للمناخ ببلادنا… والاحتياط اكثر من العوامل التي نراها بالغرب القريب لتوفير الغاز الطبيعى لأكبر جزء من المواطنين في كل مكان لا لمواجهة البرد العائد مع كل شتاء بأكثر قوة، لكن أيضا لرفاه التونسيين شمالا ووسطا وجنوبا… وعدم حصر هذا الرفاه الشرعي عند شريحة واحدة، نسبة منها من الجشعين والسراق… اقول نسبة قليلة لأن متطلبات الرفاه لم تعد مفخرة او من علامات الأرستقراطية.
ملاحظة مبدئية … هذه الورقة ساخصصها لفترة هامة جدا في مسيرة اذاعة صفاقس… فترة تولّى فيها المرحوم عبدالقادر عقير ادارة اذاعة صفاقس، وامتدت من سنة 1996 حتى 2004 …
واحتراما لروحه سامرّ على بعض الاحداث دون ذكر تفاصيلها السيئة… نعم احتراما لروحه دعوني في البداية اقسّم فترة ادارته لاذاعة صفاقس على ثلاث مراحل… الاولى من 96 الى 98 والثانية من 98 الى 2002 والثالثة من 2002 الى 2004… هذا التقسيم مأتاه ما عايشته في المراحل الثلاث من احداث مختلفة جدا… كما اسلفت سابقا ومنذ قدوم الرجل سنة 96 وبطلب منه نشأت بيننا علاقة متينة للغاية… كنت بالنسبة له مستشاره الاول في كلّ ما ينوي القيام به وكان كثير النشاط متعدّد الرؤى لتطوير العمل الاذاعي… وحتّى في علاقاته مع زملائي في الاذاعة كان يستشيرني كلما حدث حادث وكان شديد الثقة بي…
ودعوني هنا اقسم لكم بالله الواحد الاحد اني لم اغتنم طيلة وجودي معه تصفية ايّ حساب مع ايّ كان لكن في المقابل كنت لا اخفي تماما قناعاتي تجاه ايّ زميل ايجابيا او سلبيا… وكانت مواقفي تنبع دائما من حبّي لاذاعتي وحرصي ومن خلال تجربتي ان اقول له الحقيقة عارية… هنا ساذكر بعض الامثلة…
في احدى المرات دعاني على عجل وعبّر لي عن غضبه الشديد لعدم كفاءة احد منظوريه مهنيا… كان في قمة الغضب واخبرني انه يريد ان يضع حدّا لوجود ذلك الشخص في الاذاعة… وكان موقفي ان تريّث يا سي عبدالقادر وسنجد الحلّ ونزلت من مكتبه بحثا عن ذلك الزميل لاعرف لبّ الاشكال ..وجدته في حالة مزرية ..كان يبكي كطفل صغير بعد ان توعّده سي عبدالقادر بالطرد ..هدّأت من روعه ووعدته بالتدخل ايجابيا لفائدته لانّ قناعتي لم تقبل بطرده والقضاء على مورد رزقه ..وللتوّ عدت الى مكتب المدير عارضا عليه الحلّ الامثل ..قلت له مساعد ذلك الذي تريد طرده على غاية من الكفاءة… اذن دع ذلك السيد وشأنه وليكن من الان مخاطبك هو مساعده …وللامانة قال لي اللي تحكم انت مبروك وفعلا كان الامر كذلك …
المثال الثاني حدث مع ثنائي من الزملاء لاحظت انهما اصبحا كثيري التردّد على مكتبه ثم اكتشفت انّ احدهما اصبح ملازما اسبوعيا لهداياه لمنزله (اشي لحوم ..اشي سمك ..اشي غلال ..) فما كان منّي الا ان فاتحته في الامر وحذرته منهما لاني اعرف جيّدا معدنهما… وقلت له بالحرف الواحد ان حدثت لك يوما مشاكل في اذاعة صفاقس، وقتها ستدرك انهما وراء ذلك… وفعلا كانا وراء العديد من مشاكله مع الزملاء …
المثال الثالث حدث مع منشطتين كانتا شاركتا في كاستينغ لتطعيم اذاعة صفاقس باسماء شابة لضخّ دماء جديدة واخذ المشعل عنّا يوما .. وحرصت في هذا الكاستينغ على تكوين لجان حتى لا يكون القرار فرديا… نعم كنت رئيس تلك اللجان ولكنّ القرار كان جماعيا والله .. احداهما نجحت باجماع الجميع على اهليّتها لتكون ضمن من ساتكفّل بتكوينهم وتاطيرهم ..والثانية لم تحظ بايّ صوت في الكاستينغ ..سي عبدالقادر انذاك (جا راسو) على التي نجحت وحاول بكل الوسائل اقناعي بالتخلّي عنها ولكنه فشل تماما ..ونجحت في اصراري ونجحت هي في دورتها وبامتياز ..اليس كذلك حنان التريشيلي .. ؟؟ الثانية والتي لم تنجح في الكاسنينغ وبالاجماع وساتحاشى ذكر اسمها حتى لا احرجها، حكايتها تتلخّص في الآتي:
دعاني يوما سي عبدالقادر الى مكتبه ورجاني اخذا بخاطره ان اقبل بها كمنشطة اقوم بتاطيرها لانّ والدها وهو صديق له احرجه وطلب منه ذلك … موقفي كان الرفض التام لانّه وهذا يعرفه كلّ من تتلمذ عنّي، ليس لي قلب في الامور المهنية .. ابنتي كرامة مثلا ارادت ان تشارك في احدى دورات الكاستينغ .. لم ار مانعا في تمكينها من ذلك الحق لكن كان شرطي ان اقوم انا فقط بالكاسيتينغ… لاني كنت مدركا انّ من سيحضر معي لتقييمها سيراها كابنة لعبدالكريم ولن يكون موضوعيا مائة بالمائة ..وفعلا وكغيرها اجريت لها التجربة الصوتية واكتفيت بذلك… وعندما خرجت كرامة من الاستوديو لاستطلاع رأيي فيها قلت لها في جملة واحدة ..انت لست للميكرو .. ولانها تعرفني وتعرف قناعاتي، ودّعتني وذهبت وكأنّ شيئا لم يكن…
وهذا ما اعنيه وانا اقول دائما المصدح يُفتكّ ولا يُعطى، وسي عبدالقادر يعرف قسوتي وصلابتي وعنادي وكسوحية راسي في مثل هذه الحالات… فقال لي زايد انلحّ عليك وسآخذها على عاتقي وعلى مسؤوليّتي… قلت له ذلك شأنك ..نعم وأخذها على مسؤوليته ولم امكّنها من حضور الدورة التكوينية لانها بالنسبة لي لا تصلح للعمل الاذاعي بتاتا… وهي على فكرة الان مرسمة وتشتغل … ليس ذلك فقط بل تعتبر نفسها وخاصة بعد 14 جانفي نجمة النجوم …رغم انّ نوعيّة ما تقدّمه لا يختلف كثيرا عن احاديث النسوة في حمّام او احاديث بعض الرجال في لعبة البازقة… كلّ ذلك لن يمنعني من القول انّ الفترات الذهبية التي عاصرتها كانت ثلاثا…
اذ انّي لم اعاصر فترتي المؤسس الباعث عبدالعزيز عشيش رحمه الله ولا التوفيق الحشيشة اطال الله عمره… لذلك كانت الاولى التي عاصرتها مع المرحوم قاسم المسدّي، والثانية مع المرحوم محمد عبدالكافي، والثالثة مع المرحوم عبدالقادر عقير .. القاسم المشترك بينهم، نشاط حثيث لا يكلّ ..كانوا ما شاء الله قادرين على العمل طيلة 16 ساعة دون انقطاع… ثم كانت لهم رغبة جامحة في تطوير العمل الاذاعي كل من زاوية رؤيته الخاصة به ..لذلك وهذا عايشته معهم، كانوا لا يتوانون لحظة واحدة في تجميع الكفاءات الثقافية بالجهة لدعمها وللارتفاع بمستوى المنتوج .. وكذلك للاخذ بيد الطاقات الشابة وتشجيعه. . وللامانة نجحوا في ذلك ايما نجاح … اليس كذلك احمد الشايب ؟؟ اتفهّم عرفانك له بالجميل… ولكن هنالك اشياء لا تقلّ اهميّة تطبع مسيرة ايّ مسؤول بايجابياتها نعم، ولكن بسلبياتها ايضا ..
وهذه في تفاصيلها يعرفها فقط من عاشر السيد عقير وعاضده عن قرب .. وسادوّن العديد منها في الورقتين 99 و100 ..كموثّق لما عشته معه ..اذ انّ مبدأ هذه الورقات منذ عددها الاوّل: التوثيق لكلّ ما عشته وعاشه معي جيلي والله وحده يعلم صدقي وامانتي …
ـ يتبع ـ
ورقات يتيم… الورقة 99
رحالة شابة من فرسان الدرّاجات… اعشق نبض الطبيعة والحياة من خلال “شهلة”
معرض بيع التمور من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة
قضية وفاة جيلاني الدبوسي… تمديد إيقاف طبيبة السجن
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في قلب رام الله!
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 13 ساعة
ورقات يتيم… الورقة 99
- رياضياقبل 24 ساعة
رحالة شابة من فرسان الدرّاجات… اعشق نبض الطبيعة والحياة من خلال “شهلة”
- اقتصادياقبل 24 ساعة
معرض بيع التمور من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة
- تونسيّاقبل يوم واحد
قضية وفاة جيلاني الدبوسي… تمديد إيقاف طبيبة السجن
- صن نارقبل يوم واحد
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في قلب رام الله!
- صن نارقبل يوم واحد
تحطم طائرة أذربيجانية… ومصير مجهول لركابها الـ 120
- صن نارقبل يوم واحد
صواريخ فرط صوتية من اليمن… وتدافع على الملاجئ في تل أبيب
- جور نارقبل يومين
إنه الشتاء يا حبيبتي