تونسيّا

القاضي أحمد صواب: المحكمة الإدارية تهربت من المسؤولية، و سعيّد بصدد الانقلاب على الدستور !

نشرت

في

تونس ـ عبد القادر المقري

صرح القاضي الإداري السابق أحمد صواب بأنه و عديد زملائه “فوجئوا” بقرار المحكمة الإدارية أمس رفضها الدعوى التي قدمتها لها الحكومة بداعي عدم الاختصاص، … و أضاف بأن هذا القرار فيه قراءة خاطئة للفصل 101 من الدستور و تهرّب من المسؤولية و هو بالأحرى “إنكار للاختصاص” لا تصريح بعدم الاختصاص … و أردف بأن المحكمة الإدارية هنا رأت أن البت في شكوى الحكومة يعود إلى المحكمة الدستورية، و الحال أن هذه الأخيرة لا وجود لها في الوقت الحاضر !

و أوضح الرئيس صواب موقفه في تصريح له البارحة على أمواج إذاعة “إكسبرس أف أم” قائلا إن هذا القرار يمثل تراجعا لم تعرفه محكمتنا الإدارية منذ تأسيسها سنة 1975 … كما ذكّر بأن هذه المحكمة اتسمت طوال تاريخها بالجرأة في الإصداع بالحق، و قد سبق لها في هذا الصدد أن وقفت ضد ما كان يمارسه الحزب الحاكم السابق (التجمع الدستوري) من وضع للموظفين على ذمته مثلا

و قال أحمد صواب إن المحكمة الإدارية بعد الثورة أصبحت تراقب دستورية القوانين في غياب المحكمة الدستورية و ضرب مثالا على ذلك ما قررته المحكمة في نوفمبر 2013 في إحدى حيثياتها من أنه “و إن كان من دور القاضي فصل النزاعات بين الدولة و المواطن، فإن من واجبه الامتناع عن تطبيق القوانين المخالفة للدستور” … و قد تدعم ذلك فيما بعد بالدستور الذي ينص على أن “القضاء سلطة مستقلة تضمن علوية الدستور” و أيضا بقانون المحكمة الإدارية (فصل 89) الذي يقول:”يجوز للحكومة أن تستشير المحكمة الإدارية في كافة المواضيع” و هذا الفصل يستوجب إعماله في حال وجود إشكال دستوري و غياب محكمة دستورية للبت فيه.

و عودة إلى الفصل 101 من الدستور الذي استندت إليه المحكمة في قرارها اليوم، يقول القاضي السابق عن هذا الفصل بأنه يتعلق حصرا بالنزاعات التي تطرأ بين رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة، أي طرفين فقط … في حين أن قضية الحال يضاف إليها طرف ثالث و هو البرلمان الذي صادق على تعيين وزراء ثم تم الطعن في مصادقته تلك … كما أنه لا وجود اصلا لنزاع في الاختصاص بين رأسي السلطة التنفيذية، إذ لم ينكر رئيس الحكومة على رئيس الجمهورية اختصاصه في إجراءات إصدار الأوامر و أداء اليمين … بل الإشكال كان في تأويل و ضبط حدود هذا الاختصاص

و أكد أحمد صواب على أنه في هذه الحالة التي تتسم بالانسداد و في وضع خطير تعيشه البلاد و في غياب محكمة دستورية و أمام ضرورة الحسم في مسألة تعيق سير دواليب الدولة، كان على المحكمة الإدارية أن تقوم بقراءة تحترم روح الدستور و قانون المحكمة، و تفصل في الموضوع استنادا إلى ما لها من دور و صلاحيات …

و ختم صواب كلامه بأنه لم يبق أمام رئيس الحكومة سوى واحدة من فرضيتين: إما أن يقبل بشروط رئيس الجمهورية و يجري تحويرا داخل التحوير، أو أن يستقيل من منصبه… و في كلا الحالتين، يتقاسم مسؤولية هذا الإخفاق كل من رئيس الجمهورية و البرلمان بكتلته الأكبر و هي النهضة، بما أن الأول هو الذي “أعطى بطاقة الولادة السياسية للمشيشي” (من تسميته مستشارا إلى وزير داخلية إلى رئيس حكومة)، و الثاني ـ البرلمان ـ الذي قبل بهذا الترشيح … علما بأن القبول بتنحية وزراء في هذه الظروف هو أيضا انقلاب على الدستور، حسب قول أحمد صواب … و فسر المتحدث قوله بأن ذلك يعطي لرئيس الجمهورية حق نقض و سلطة عمودية على الحكومة و البرلمان معا، و يضعه في موضع القاضي الدستوري الذي يؤوّل بمفرده كما يشاء، و القاضي الجزائي الذي يصدر أحكاما في الفساد و الإفساد …

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version