جور نار
بعد عودة القروي إلى السجن: هل يريد ساكن قرطاج تفجير كتلة قلب تونس؟؟
… و هل تعيش البلاد حرب استنزاف سياسية بين القصور؟؟
نشرت
قبل 4 سنواتفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashالآن و قد عاد نبيل القروي إلى السجن لفترة قد تكون وجيزة، بحجة إساءة تفعيل أحد فصول المجلة الجزائية، أو لفترة قد تطول إلى أجل غير مسمى لأسباب لا يعلمها الجميع، فما الذي سيحدث في المشهد السياسي؟؟ و هل يمكن فعلا اعتبار عودة القروي إلى السجن بمثابة الزلزال السياسي الذي قد يخلط كل الأوراق و ربما يعيدنا إلى مربّع لم نكن نريد العودة إليه؟؟ لن نبحث في حيثيات التهمة الموجّهة لنبيل القروي فالأمر من اختصاص القضاء لكن سنبحث عن تبعات هذا الإيقاف على مشهد سياسي يعيش على أرض رخوة منذ انتخابات 2019…
أين ساكن قرطاج مما وقع؟
يشتمُّ بعضهم رائحة ساكن قرطاج في ما وقع للقروي لكن هل يمكن فعلا لساكن قرطاج أن يتدخّل في إجراء قضائي كالذي حدث لغريمه؟ و ما فائدة ذلك إن تمّ فعلا؟؟ جميعنا يعلم أن ساكن قرطاج خسر معركة القصبة بعد أن افتكت منه النهضة و من معها من اختاره للجلوس على كرسي القصبة، فساكن قرطاج خرج على الجميع نافخا صدره متباهيا باختياره لرجل اعتبره إلى حدود بعض السويعات قبل الإعلان عن تشكيلة حكومته الرجل الأمين و الوفي، ثم حين عرف أن من اختاره اختار الابتعاد عن ظلّه ليستظل بظلّ الأحزاب أعلن عليه و على الأحزاب حربا قد تطول رحاها إلى آخر هذه العهدة السياسية، إن لم يقع فضّ الاشتباك بحلّ المجلس…فما الذي جعل البعض إذن يشتَمُّ رائحة قرطاج في ما جرى للقروي؟؟ أخطاء ساكن القصر و عدم قراءته لأبسط جزئيات نشاطه و تبعاتها هي من أوقعت به في دائرة الشكّ عند بعض الملاحظين و المتابعين للشأن السياسي بالبلاد، فمجرّد لقاء محمد عبو أحد أكثر الرافضين لنبيل القروي و حزبه وأحد أكبر الرافعين للواء مقاومة الفساد ساعات قبل إصدار بطاقة الإيداع للقروي يعتبر خطأ اتصاليا غير مدروس و غير محمود العواقب، في شكله و في محتواه، لكن يمكن أن يعتبره البعض أيضا دليلا على أن ساكن قرطاج لا يعلم بما سيقع للقروي، فلو كان على بينة مما سيقع للقروي لأجَلَ لقاء عبو إلى موعد لاحق تجنبا للشبهات… فما حقيقة لقاء عبو بساكن قرطاج يا ترى…هل ذهب لمدّ الرئيس ببعض ملفات فساد لضرب بعض خصومه أو بعض من كانوا سببا في خروجه المذلّ من حكومة الفخفاخ أم ذهب فقط لغاية لا نعلمها و لهدف لا يعلمه غير ساكن قرطاج؟ فالرجل لم يعد له أي دور في الحياة السياسية و أعلن انسحابه منها فهل أصبح اليوم يلعب دور الوسيط في بعض القضايا؟؟ أم أصبح مُخْبرا عالي المقام برتبة وزير “مطرود”؟؟… و ما حقيقة بعض الأخبار التي تقول إن ساكن قرطاج قد يكون التقى بعض الأطراف الأخرى التي لها علاقة مباشرة بملف نبيل القروي و إنه على علم بما سيقع له ؟؟
و يشتَمُّ البعض الآخر رائحة ساكن قرطاج في ما وقع لرئيس قلب تونس بسبب موقفه من مبادرة الاتحاد أيضا، و قد سبق أن عبر سعيد عن رفضه الجلوس حول طاولة الحوار مع من أسماهم بــ”الفاسدين” و جميعنا يعلم أنه يقصد قلب تونس و رئيسه بما قاله، فهل وصل الأمر بساكن قرطاج إلى البحث عن طريقة يُبعد بها حجر العثرة أمام تبنيه لمبادرة الاتحاد؟؟ هذا ما عبّر عنه بعض الفاعلين في المشهد السياسي مباشرة بعد إيقاف نبيل القروي، خاصة أن الجميع على علم بأن التيار الديمقراطي و حركة الشعب يؤيدان مبادرة الاتحاد على أن يكون ساكن قرطاج راعيا لها و حاضنها الأول. و قد يكون عرض الاتحاد لمبادرته على ساكن باردو و استجداؤه العلني لرئيس المجلس لتبنيها و إعلان المجلس حاضنا لها سببا في غضب ساكن قرطاج و إرباكه. فإشراف مجلس النواب على الحوار الوطني، سيخرج ساكن قرطاج نهائيا من المشهد، و سيفقده زمام المبادرة نهائيا، وفرصة العودة إلى صدارة القرار السياسي في البلاد… هذا ما دار في خلد بعض الفاعلين الكبار في مشهد سياسي متأزم و قابل في كل لحظة للانفجار، فهم يعلمون بأن ساكن قرطاج لن يهدأ قبل استعادة ما افتكّ منه، فوضع يده على القصبة سيكون هدفه الأكبر خلال قادم الأشهر، و قد يعمل أيضا على عدم استئثار ساكن باردو بأية مبادرة للخروج من الأزمة دون أن يكون هو راعيها و حاضنها الأول و الأكبر لكن بشروطه …خلاصة ما قد يضمره ساكن قرطاج ” لن تخرجوا من الأزمة دون رعايتي و دون اشرافي على ما تفعلون و بشروطي”…إذن لا أمل في مبادرة لا يكون ساكن قرطاج حاضنا و مشرفا عليها بشروطه، و قد يعمل على وأد كل المبادرات التي قد تضمن لهذه الحكومة و التحالف الداعم لها البقاء طويلا على كراسيهم. و قد يكون ما وقع للقروي إحدى آليات إرباك جسد خصوم ساكن قرطاج السياسي و قد يكون ما وقع للقروي صاروخا أطلقته منصات ساكن قرطاج بهدف خلط الأوراق من جديد و إعادة الإبن الضال إلى حضن والده…و إلغاء كل احتمال لتبني رئيس مجلس باردو مبادرة الحوار الوطني التي حوّل وجهتها الطبوبي من قصر قرطاج إلى باردو بعد أن شعر بلامبالاة ساكن القصر الأكبر…
هل يقع خلط الأوراق من جديد في قادم الأيام؟؟
لسائل أن يسأل هل أن مجرّد إيقاف نبيل القروي سيلغي حجم حزبه السياسي في المشهد؟؟ و هل سيتسبب في انفجار الحزام السياسي لرئيس الحكومة ؟؟ و هل يكون هذا هو الهدف الأكبر وراء إيقاف نبيل القروي؟؟ كما أن البعض يتساءل هل أن المشيشي على علم بما وقع قبل وقوعه، خاصة أن تبعات ما وقع قد تذهب بحكومة المشيشي و تعيد خلط الأوراق من جديد، فالكتلة النيابية خرجت لتُطَمئن المشيشي على أنها ستواصل دعمها و وقوفها خلف حكومته دون أن نستمع لموقف واحد من هذا الأخير حول ما وقع…و دون أن تنتظر موقفا داعما لرئيسها من ساكن القصبة و كأني بالمشيشي لا يبالي بسقوط حزامه السياسي أو تفجيره.
يؤكّد تمسك كتلة قلب تونس بمواصلة دعم حكومة المشيشي إدراك نوابها لخطورة ما جرى عليها، و على تماسكها و على حزب قلب تونس عموما … فهم يعلمون أن جرحى حكومة الفخفاخ تأبطوا شرا بحكومة المشيشي و حزامها السياسي، و يعلمون جيدا أن الحرب ستكون على أشدّها بين من كانوا يمثلون نواة حكومة الفخفاخ (التيار الديمقراطي و حركة الشعب) و حكومة المشيشي بحزامها السياسي و البرلماني الحالي، فهؤلاء يعلمون جيدا أن قلب تونس هو من كان سببا وراء كل ما جرى لحكومة الفخفاخ، لذلك خيّروا التريّث في التعامل مع ما وقع و انتظار تطورات القضية في الأيام القادمة.
فنواب كتلة قلب تونس يعلمون أن الكتلة الديمقراطية لن تنضمّ أبدا للحزام السياسي لحكومة المشيشي و لن تنجح في ذلك قبل إبعاد قلب تونس من الحزام، و كتلة الدستوري الحر لن تغامر بذلك أيضا حتى و إن خرجت النهضة من الحزام، و أن حكومة المشيشي قد تسقط في أول امتحان لها دون دعم نواب كتلة قلب تونس، و قد يكون هذا ما يبحث عنه خصومها من “جرحى” حكومة الفخفاخ و ساكن قرطاج في صورة عدم تمكنهم من إعادة المشيشي إلى حضن ساكن قرطاج، كما يدركون خطورة التخلي عن دعم هذه الحكومة على مستقبل الحزب و مستقبل نواب الكتلة في قادم الأشهر…خلاصة موقف كتلة قلب تونس سحب للبساط من تحت أقدام الراغبين في تفجيرها لغاية خلط الأوراق من جديد لصالح بعض الأطراف الأخرى، و قد يكون ساكن قرطاج أحد أهمّ أطرافها، و قد يكون محمّد عبّو أحد أهم مهندسي هذا الخلط المرتقب في صورة النجاح في إبعاد كتلة قلب تونس عن التواجد ضمن الحزام السياسي لحكومة المشيشي.
نواب كتلة قلب تونس و أطماع البعض؟؟
أسعدت بطاقة إيداع نبيل القروي بعض الساكنين تحت قبّة مجلس باردو و خارجه و أغضبت البعض الآخر، فبعض الأطراف خارج المجلس و بعض النواب المستقلين أو من الذين استقلوا عن أحزابهم بعد فوزهم بمقاعد تحت قبة باردو يبحثون عن بعث ثقل سياسي تحت قبّة باردو من خلال مضاعفة حجم كتلهم، و يأملون دعمها خلال قادم الأيام ببعض نواب كتلة قلب تونس لذلك هم يعملون جدّيا على تفجير هذه الأخيرة ليستأثروا بنصيب الأسد من نوابها، و ليكونوا جزءا من الحزام الداعم لحكومة المشيشي عوضا عنها و جزءا من سلطة القرار في البلاد، فالجميع يبحث عن تواجد هام بهذا الحزام لضمان العديد من المكاسب على مستوى التعيينات في مفاصل الدولة و ضمان وصول آمن للموعد الانتخابي القادم.
النهضة و الخوف على موقعها في الحكم و مصير رئيسها…
لسائل أن يسأل ما دخل النهضة في ما يجري، و هل لغياب كتلة قلب تونس لو اختلطت الأوراق و انفجرت الكتلة، التأثير الكبير على حركة النهضة و حجمها بالبرلمان؟؟ نعم سيكون التأثير كبيرا و سيكون خطيرا على كرسي رئاسة المجلس…فالنهضة لن تستفيد أبدا من انفجار كتلة قلب تونس، و لن تتمكن من الحفاظ على كرسي رئاسة المجلس دون دعم الحزام الحالي لحكومة المشيشي، فانقلاب المشهد البرلماني و خسارة الأغلبية الداعمة للمشيشي و لرئيس المجلس سيقلب المشهد رأسا على عقب و قد يعود الحديث عن حلّ المجلس إلى صدارة عناوين الصحف و أخبار القنوات و نقاشات منابر الحوارات… لذلك لن تغامر كتلة النهضة أبدا بالخروج عن دائرة الحكم و لن تنسحب من الحزام البرلماني و السياسي لرئيس الحكومة فهذا الحزام هو أيضا حزام الأمان لموقع رئيسها في رئاسة المجلس؟ و قد يسعى المشيشي في قادم الأيام إلى ضمان دعمها من خلال تحقيق بعض مطالبها و تعيين مرشحيها على رأس بعض مفاصل الدولة جهويا و محليا، و ربما ضمن تشكيلته الحكومية المنتظر تحويرها في قادم الأسابيع بغاية الحفاظ على كرسي القصبة و قطع الطريق نهائيا أمام أطماع ساكن قرطاج في إعادته إلى حضنه. خلاصة القول لن تقبل النهضة بانفجار كتلة قلب تونس دون ضمانات بالإبقاء على شيخها جالسا على كرسي رئاسة المجلس كلفها ذلك ما كلّفها، لأن في ذلك خسارتها لمكانتها و موقعها في الحكم، و خسارتها لرمزية شيخها في رئاسة المجلس و إسقاطات ذلك على قادم المحطّات الانتخابية… فالواضح أن ما وقع و يقع لا يخرج عن نطاق الحرب الدائرة بين القصرين، و جرحى حكومة الفخفاخ يبحثون عن أمر يُرغم المشيشي و يدفعه إلى العودة إلى حضن ساكن قرطاج من خلال تفجير كتلة قلب تونس، و إرغام النهضة و بقية الحزام الداعم للمشيشي دون قلب تونس و دون ائتلاف الكرامة على التعامل من جديد مع التيار و حركة الشعب و محاولة إيجاد أرضية توافق جديدة بدعم و مساندة من ساكن ساحة محمد علي و ذلك من خلال تبني مبادرته للحوار الوطني…و تعيينه في موقع متقدّم مع المشرفين عليها…
خلاصة ما يجري…
من الواضح اليوم أن ساكن قرطاج بدأ في تحريك منصات صواريخه نحو خصومه…و من الواضح أن كتلة قلب تونس تفطنت لما يخطّط له هذا الأخير صحبة جرحى حكومة الفخفاخ فخيّرت التعامل بلامبالاة مع ما وقع لرئيس حزبها في انتظار ما قد تشهده الساحة السياسية في قادم الأسابيع. و الأكيد أن ساكن قرطاج لم يقرأ حسابا للعداء الكبير الذي أصبح عنوان العلاقة بين من خيروا البقاء في حضنه (التيار و حركة الشعب) و بقية الأحزاب الممثلة تحت قبة باردو فمحمد عبو و من معه أعلنوا الحرب على كل من صوتوا لحكومة المشيشي و أغرقوا المشهد الإعلامي بالأخبار المفبركة و الإشاعات التي لا أساس لها من الصحة و لم يتركوا بابا واحدا مفتوحا للمصالحة، كما لم يقرأ حسابا لتجربة الغنوشي خلال العهدة السياسية الماضية فالشيخ تعلّم عن ساكن قرطاج السابق كيف يناور و كيف يعبر حقل الألغام التي زرعت في طريقه، و الغنوشي يدرك أن ضربه و ضرب حركة النهضة و إرغامه على الرضوخ لما يريده ساكن قرطاج، يمرّ عبر ضرب قلب تونس و كتلته، فإضعاف الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي هو الحلّ الوحيد أمام ساكن قرطاج لتحويل وجهة المشيشي من جديد و إرغامه على العودة إلى حضنه “ذليلا”…و هذا ما يفسّر موقف كتلة قلب تونس و خيارها التريّث و عدم التسرّع في أخذ موقف متهوّر و معاد لحكومة المشيشي من خلال إعلانها البقاء ضمن مكونات الحزام السياسي لهذه الحكومة و مواصلة دعمها …و قد يكون للقاء بعض نواب كتلة قلب تونس ببعض قيادات حركة النهضة بعد إعلان إصدار بطاقة الإيداع في حقّ نبيل القروي الدور الكبير في كبح جماح غضب كتلة القروي… فهل فشلت صواريخ ساكن قرطاج في الوصول إلى أهدافها المعلنة و غير المعلنة، أم أن بطاريات الصواريخ المضادة التي سلمتها النهضة لكتلة قلب تونس كانت أكثر دقّة من صواريخه…و السؤال اليوم هل يطلق ساكن قرطاج دفعة جديدة من صواريخه العابرة للقصور على أهداف أخرى في قادم الأيام، أم يترك الأمر في يد وحداته الخاصة بقيادة محمد عبو و من معه، فهؤلاء يتقنون جيدا القصف العشوائي…؟؟؟
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.
يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.
الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.
طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.
وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.
صن نار
- ثقافياقبل 24 ساعة
قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”
- جور نارقبل 24 ساعة
ورقات يتيم … الورقة 89
- ثقافياقبل يوم واحد
زغوان… الأيام الثقافية الطلابية
- جلـ ... منارقبل يومين
الصوت المضيء
- جور نارقبل 3 أيام
ورقات يتيم ..الورقة 88
- ثقافياقبل 4 أيام
نحو آفاق جديدة للسينما التونسية
- صن نارقبل 4 أيام
الولايات المتحدة… إطلاق نار في “نيو أوليانز” وقتلى وإصابات
- صن نارقبل 4 أيام
في المفاوضات الأخيرة… هل يتخلى “حزب الله” عن جنوب لبنان؟