تابعنا على

جور نار

تعالوا إلى حيث لا يخجل أحفادنا من تاريخ أجدادهم…

نشرت

في

محمد الأطرش

حرق مقر حزب نداء تونس وسط مدينة تطاوين -

غدا نستقبل الليالي السود…وغدا قد يخرج علينا بعضهم… يهللون ويرقصون…ويفاخرون بما أتوه وأنجزوه…أقول سيخرج علينا هؤلاء وبعض هؤلاء يفاخرون بالحدث الأكبر وبيوم القربان…

محمد الأطرش

ألم يرسلوا “البوعزيزي” مخمورا ـ حسب ما يقوله البعض ـ إلى خالقه بهدف إسقاط بن علي من عرش قرطاج…واليوم وبعد أن احتضن الله بن علي قريبا من الحرمين… يسأل ربّه ليلا نهارا…اليوم وقد مكّن الله بن علي قبل وفاته من فرصة التوبة النصوح قريبا من ديار الأنبياء والرسل…أسأل هؤلاء ومن يولول وراء جحافلهم ماذا كسبتم بربّكم…وماذا كسب الوطن ؟؟؟

 لم أر شيئا مما كنتم تنتظرون…فأوضاع البلاد ساءت عن قديمها…وأكاذيب الوطن غلبت حقائقها…ألم يصبح الظلم والاعتداء حقّا وقانونا…ألم تصبح الحريّة هتكا للأعراض وسبّا وشتيمة…ألم تصبح الرذيلة والغرف المظلمة…والمؤامرات…والسفر إلى السفارات ديمقراطية…ألم يصبح جهل بعضهم حضارة وتاريخا…سيقول بعض هواة الهراء والبصاق على الأرصفة إنه زمن الحريّة والديمقراطية…وسأقول أين هي الحرية…وأين ترون الديمقراطية؟؟ هل رفعنا المظالم أم ضاعفنا عدد من يكتوون بنارها؟؟ هل أنصفنا من ظلمناهم وسلبناهم حرياتهم واتهمناهم بما ليس فيهم وبما لم يأتوه، أم أضفنا أجنحة أخرى إلى سجوننا؟؟ هل مكّنّا العاطلين عن العمل مما خرجوا من أجله يصرخون ويطالبون، أم أرسلناهم طعاما لحوت المتوسط؟؟ هل نسينا الأحقاد أم سقيناها واشعلنا فتيل الفتنة والكراهية والانتقام؟؟

عن أية ديمقراطية تتحدثون؟؟ ديمقراطية الحقد والثأر والانتقام وضرب الخصوم؟؟ أم ديمقراطية نقرأ عنها في الكتب ولا نعرف طعمها ولا رائحتها؟؟ ديمقراطية التفقير والتجويع…أم ديمقراطية الصراخ والهراء…ديمقراطية قبول الآخر ورأي الآخر…أم ديمقراطية رفض الآخر وكتم صوت الآخر والتخلّص من الآخر وعرقلة مسيرة الآخر؟؟ ديمقراطية الثأر ممن سبقونا في الحكم ونجحوا…ديمقراطية “القتل” دون بندقية ودون رصاص…القتل برصاص اليأس والحسرة والندم والإحباط وطول الانتظار…القتل بالتقسيط المريح دون سفك الدماء…أتعتبرون هذه ديمقراطية؟؟؟ أتدرون يا من تجاهرون بصراخكم أن الوجه الحقيقي لما تعيشونه اليوم وبالأمس ومنذ دخول الليالي السود من ذلك الشهر الذي شُهر بالفوضى والغضب، أسوأ من الوجه الذي كنتم تعارضونه وتطالبونه بالتنحّي…أتدرون أن وجعنا اليوم أكثر من ألم الأمس بكثير…

فاليوم وأنت تجوع… قد تذهب إلى فراشك خاوي البطن…فتتقلب يمنة ويسرة بحثا عن نوم هارب من ديمقراطية مزيّفة…وقد تتّهم من بعضهم بالتخطيط للانقلاب لمجرّد أنك انقلبت يمنة تحاول لمس زوجتك ليلا… ويسرة وأنت تحاول جاهدا الفوز بقبلة تعيد الروح إلى التي غلبها النوم وأنساها ما كانت تخطط له وهي تطبخ لك عشاء فاخرا مليئا بتوابل تحيي العظام وهي رميم ؟؟ أتدري أن بعض من يفاخرون بالديمقراطية قد يعتبرون حركتك تلك مشبوهة…وقد يعتبرون تأوهك جوعا، تحريضا على الفوضى وتأليبا للرأي العام…نحن لا نريد ديمقراطية وحرّية تقتلنا جوعا…نحن لا نريد حريّة الصراخ وبطوننا خاوية…نريد ان نفتح أفواهنا لنشبع من جوع…ونفتح افواهنا لنقول ما نريد في ما نريد ومتى نريد دون ان تُغلق أفواهنا بلجام من حديد…فقد نفقد القدرة على الصراخ يوم يشتدّ جوعنا…ونموت…من فرط استهلاكنا للديمقراطية…لا تظلموا التاريخ…فأنتم ولا استثني أحدا بصقتم على التاريخ حقدا…لأنكم لم تكونوا فيه…فعاقبكم حاضركم حين نسيتموه واكتفيتم بالالتفات إلى الوراء…فأنتم تفاخرتم بما ليس في  حاضركم وانتقمتم مما لم تنجزوه…فقليلا من الصمت وتعالوا معا نفكّر كيف نصنع مستقبلا أفضل…للوطن…ولنا جميعا…دون استثناء…

جميعنا ظَلَمْنَا التاريخ وظُلِمْنا منه أيضا…جميعنا حقدنا على بعضنا البعض وانتقمنا من بعضنا البعض…وأقصينا بعضنا البعض…وكتمنا أصوات بعضنا البعض…ولم نفكّر في تبعات ما اتيناه…لا أحد منّا أتى ما أتاه نلسون مانديلا وقال “يكفي حقدا تعالوا إلى حيث نتفق جميعا”…لا أحد منّا فكّر يوما في أن يقترب من الآخر ويعرف الآخر ومحتوى الآخر…اكتفينا بقراءة ما جاء في الغلاف…ولم نفتح لبعضنا وعن بعضنا الكتاب…أيعلم أحدكم أنه في الدانمارك توجد مكتبات لاستعارة الأشخاص عوض الكتب…اشخاص تجالسهم لمدّة ثلاثين دقيقة قد تستمتع…وقد تبكي….وقد تتألم وانت تستمع إلى قصّة حياتهم وما يعيشونه…من هؤلاء من يكون عنوانه في صفحة الغلاف “لاجئ” والآخر “عاطل ومعوز” والآخر “فقير مسكين” هؤلاء لو اعترضوك ما كنت تعرف ما يعانونه…وما كنت تعرف مأساتهم…وما كنت تعرف ما هو مكتوب على صفحاتهم…لأننا اكتفينا كما نكتفي ومنذ دخول الليالي السود بقراءة ما جاء في الغلاف…ولم نفتح الكتاب لنقرأ ما جاء فيه…فحكمنا على بعضنا البعض مما جاء في العنوان وصورة الغلاف ونسينا ان نعرف الحقيقة…كل الحقيقة من داخل الكتاب…هذا المشروع مبتكر ورائع وينشط اليوم في اكثر من خمسين دولة فهلاّ فتحنا مكتبات انسانية للاستماع إلى بعضنا البعض…لمعرفة بعضنا البعض…لقراءة وجع بعضنا البعض…عوض الحكم على بعضنا البعض من خلال غلاف شاحب وعنوان لا حياة فيه…

ختاما أقول ماذا فعلنا بما يسمونها ثورة؟؟ هل كنّا حقّا في حاجة إلى ثورة تُحيي الأحقاد وتشعل فتيل الفتنة والكراهية والتفرقة والانقسام…ألسنا شعبا واحدا لا يصل عددنا إلى من يدخلون القاهرة نهارا…أو من يقطنون شنغهاي في الصين؟؟ أهذا ما نريد ان نتركه ونورثه لأجيالنا القادمة…لأحفادنا…أهذا ما نريد حقّا ان يكتب في كتب التاريخ ليقرأه أحفادنا بعد مئات السنين؟؟ أهذا ما ورثناه نحن من أهلنا الذين قاوموا الاستعمار وتركونا شعبا واحدا يرنو إلى البناء والتشييد والتحديث والخروج من الجهل والخصاصة؟؟ ماذا سيقول أحفادنا غدا حين يعرفون ما أورثناهموه…؟؟

سيكتبون في صفحات كتبهم “لم نرث شيئا أكثر من الخسائر والمآسي والخراب…”، فهل التفتنا حقّا إلى مستقبل البلاد والعباد…لا…هل انشغلنا بالبناء عوض الانشغال بالهدم…لا…هل واصلنا البناء وإعادة الأعمار بعدما حصل في البلاد من دمار…لا…نحن، ولأن منسوب الحقد ارتفع عند بعضنا لم نلتفت لغير الهدم…فمنذ يومنا الأول من مرحلة الليالي السود التي طالت وانقلبت إلى سنوات من السواد لم نفكّر في غير هدم بناء من سبقونا وعدم الاعتراف باي منجز من منجزاتهم…وكأننا لم نعش تحت سقف ذلك البناء…وكأننا لم نصرف العرق والمال من أجل ذلك البناء…انشغلنا بالهدم ونسينا البناء…وأفرطنا في التخريب ونسينا الإصلاح….

حرقنا مراكز الأمن وكأن الأمن ليس أمننا…حرقنا مقرّات الأحزاب ومؤسسات الدولة…وكأنها ليست لنا ولم يبنها أهلنا…نهبنا مؤسساتنا التجارية وكأنها ليست في أرضنا…وشيطنّا ساستنا وكفاءاتنا وعلماءنا واسود امننا وجيشنا وكأنهم ليسوا من أهلنا…وظلمنا الآلاف من بعضنا وكأنهم من أعدائنا…واتهمنا الآلاف من بعضنا بما ليس فيهم فقط لانهم ليسوا من أتباعنا…واليوم ونحن نرى كل هذا الخراب…وكل هذا الظلم وتبعاته…هل بقي لنا ما نهدمه…هل بقي أحد لم نظلمه؟ هل حان الوقت لنستفيق من “سكرة” بعضنا… قبل أن يأخذنا حقدنا نحو حتفنا…ويسقط السقف على رؤوسنا جميعا…تعالوا نعد البناء…مع بعضنا…دون ظلم… دون أحقاد…دون اقصاء… تعالوا إلى حيث يكون “الحبّ” عنوانا لكتابنا…تعالوا ندفن أحقادنا فنحن لا نريد ان يقرا أحفادنا قصيدة نزار “مسافرون”…لا نريدهم أن يقرؤوا ما جاء فيها ولا يعيشوا ما جاء فيها…ولا يكتبوا مثل ما جاء فيها…ألم يقل نزار ذات يوم…

“نركض كالكلاب كل ليلة

من عدن لطنجة

ومن طنجة الى عدن

نبحث عن قبيلة تقبلنا

نبحث عن ستارة تسترنا

وعن سكن

وحولنا أولادنا احدودبت ظهورهم وشاخوا

وهم يفتشون في المعاجم القديمة

عن جنة نضيرة

عن كذبة كبيرة… كبيرة

تدعى الوطن

أسماؤنا لا تشبه الأسماء

فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا

ولا الذين يشربون الدمع والشقاء

معتقلون داخل النص الذي يكتبه حكامنا

معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا

معتقلون داخل الحزن…وأحلى ما بنا أحزاننا

مراقبون نحن فى المقهى…وفى البيت

وفى أرحام أمهاتنا

لساننا…مقطوع

ورأسنا…مقطوع

وخبزنا مبلل بالخوف والدموع

إذا تظلمنا إلى حامى الحمى قيل لنا: ممنـــوع

وإذا تضرعنا إلى رب السماء قيل لنا: ممنوع

وإن هتفنا…يا رسول الله كن فى عوننا

يعطوننا تأشيرة من غير ما رجوع

وإن طلبنا قلماً لنكتب القصيدة الأخيرة

أو نكتب الوصية الأخيرة قبيل أن نموت شنقاً

غيروا الموضوع

يا وطني المصلوب فوق حائط الكراهية

يا كرة النار التي تسير نحو الهاوية…”

تعالوا لنكون فقرة جميلة…سعيدة في كتب التاريخ…تعالوا إلى حيث لا يخجل أحفادنا من تاريخ اجدادهم…

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

ورقات يتيم… الورقة 92

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

الميدان التليفزيوني عشت فيه تجارب اخرى احداها مع الزميلة جميلة بالي كمخرج لبرنامجها البيت السعيد …والسيدة جميلة بالي هي بالنسبة لي من افضل من قدم هذه النوعية من البرامج والتي تهتم بالاسرة وبالبيت …

عبد الكريم قطاطة

حضورها تلفزيا كان دافئا وثقافتها بكل ما يهم الاسرة والبيت شاسعة… لذلك حرصت كمخرج ان اوظّف الديكور والاضواء وزوايا التصوير لابرازها بمواصفاتها… تجربة اخرى اعتز بها بل واعتبرها من افضل تجاربي كمخرج تلفزي… انها منوعة قناديل … هي منوعة ثقافية بالاساس اجتمعت فيها عناصر عديدة لتؤسس لنجاحها لدى المشاهدين… تلك العناصر تمثلت اوّلا في حذق منشطتها الزميلة ابتسام المكوّر وجديتها وعمق خزانها الثقافي… ابتسام بالنسبة لي وفي ذلك الزمن كانت تمثل واحدة من افضل المنشطات اذاعيا وتلفزيا، هي وهالة الركبي… حضور متميز… ثقافة واسعة… وقدرة فائقة على التحاور…

العنصر الثاني تمثّل في مشاركة الاستاذ رضا بسباس في الانتاج اوّلا وفي تناول الموضوع المقترح لكلّ حلقة… وما ميّز الزميل رضا بسباس البحث في جوانب طريفة عبر العديد مما كُتب في الموضوع وعبر الامثال الشعبية لنفس الغرض… العنصر الثالث وهو من العناصر التي اعطت رونقا خاصا لبرنامج قناديل والمتمثل في تكفّل الزميل والصديق محمد العود رحمه الله بالجانب الموسيقي للبرنامج… محمد رحمه الله كان شديد الحرص على الانتقاء الجيد لنوعية الاغاني الخالدة واعادة توزيعها، و على اختيار الاصوات المؤدية لتلك الاغاني… محمد رحمه الله كان من الفنانين القلائل الذين لا عاطفة لهم في اختياراته وهو كسمّيع جيّد للعزف والتنفيذ صعب المراس… لذلك جاءت نتيجة تفانيه في عمله موسيقيا جيّدة للغاية…

وحرصت من جانبي على ان اتماهى مع هذه المجموعة لاخرج برنامج قناديل في حلّة جميلة… وهنا لابدّ من تحية الفنان الاستاد لمجد جبير الذي تكفل بصنع الديكور كاوّل تجربه له في الميدان التلفزي… والزميل نورالدين بوصباح كمدير للاضاءة وكافة الفريق التقني الذي عمل معي بكل حبّ وجهد … البرنامج لقي صدى ممتازا لدى السادة المشاهدين مما جعل بعض التلفزات العربية (كالـ”ام بي سي”) تفكّر في شرائه… هكذا قيل لنا والله اعلم….

نهاية برنامج قناديل لم تكن سارّة بالمرّة … نعم … وهاكم الاسباب… انا وابتسام كنا ومازلنا صديقين علاوة على الزمالة …ربما لاننا نشترك في خاصيات عديدة في شخصيتينا ..ومن ضمنها النرجسية …اي نعم .. اليس كذلك يا ابتسام ؟؟… من هذه الزاوية ابتسام كانت حريصة جدا على انتاج حلقات قناديل في موعدها وهي مُحقّة في ذلك …لكن وبقدر حرصي كذلك وعلى امتداد حلقات عديدة كي انجز تلك الحلقات اخراجا ومونتاجا وميكساجا، بقدر ايماني بانّ عملي يدخل في خانة الفنّ وليس في خانة الوظيفة .. والفنان بالنسبة لي قد تعتريه اوقات يجد فيها نفسه غير مؤهل للعمل …فيؤجل القيام بعمله لايام افضل …حدث هذا الامر مرة واحدة لم استطع فيها القيام بواجبي لاحضار الحلقة في موعدها ..هنا ثارت ثائرة ابتسام ولم تقبل بالامر …وكعادتها عندما تكون غاضبة زمجرت في وجهي وبكلّ حدّة …

ولانّ نرجسيتي لا تقلّ عن نرجسيتها ..رفضت زمجرتها وبكلّ حدّة ايضا وقلت لها (مانيش صوينع نخدم عندك) وانسحبت من اخراج البرنامج …وطبعا كان موقفها (محسوب كان انسحبت توة نعيّط لسي بوبكر) وهي تعني الزميل بوبكر العش رحمه الله… و(طززز فيك) .. هي لم تقلها للامانة طززز فيك ولكن ذاك كان موقفها ضمنيا …وفعلا اخذ زميلي العش على عاتقه مهمة اخراج قناديل بتصور اخر وديكور اخر …لكنّ التجربة لم تعمّر كثيرا ..ليس قدحا في امكانيات المرحوم ابو بكر بل ولانّي اعرفهما بعمق كنت واثقا انّ التناغم بينهما لن يكون في اوجه ….

تجربتي الثالثة في الميدان التلفزي كانت في خانة اخراج المباريات الرياضية (كرة قدم)… هذه التجربة سبقها تدريب تكويني في الغرض بدمشق ولمدة 21 يوما بمركز تابع للاتحاد العربي للاذاعة والتلفزيون سنة 1996… بعد اتمام التدريب الذي كان على درجة متميزة نظرا لكفاءة المؤطرين، كلّفتني ادارة التلفزة باخراج بعض مباريات النادي الصفاقسي سواء في البطولة الوطنية او في المسابقات الافريقية … وكنت فيها فاشلا بكلّ المقاييس … نعم … نقل واخراج المباريات الكروية يتطلب عنصرين هامين… اوّلهما التركيز الكلّي على مجريات اللعب مع الحرص على اختيار زوايا مختلفة لتنويع المشهد… والحرص خصوصا على عدم التفويت في ايّة لقطة هامة في المباراة ..وهنا ياتي دور العنصر الثاني وهو سرعة رد الفعل للمخرج في اختيار الكاميرا المناسبة التي تصوّر اللقطة الهامة… هدف او ضربة جزاء او اعتداء لاعب على اخر كامثلة …

قلت اني فشلت فشلا ذريعا في اخراج هذه المقابلات اوّلا خوفي من تفويت اللقطات الهامة اجبرني على اختيار الكاميرا التي ينحصر دورها في تصوير المشهد العام Plan général ///ككاميرا رئيسية طوال فترات اللعب ..وهو ما يجعل اللاعبين اشبه بالذباب فوق الشاشة .. ثم انتمائي وعشقي للسي اس اس جعلني في احيان كثيرة اتماهى مع لاعبي النادي بشكل ذاتي وانسى دوري كمخرج …اي نعم لم استطع في عديد اللقطات التخلص من ذاتيتي… بل احيانا كنت اصفق وارقص عندما يسجل فريقي هدفا ما وكاني واحد من قوم الفيراج … ولانّي كنت وخاصة في ما يتعلق بالامور المهنية قاسيا جدا في الحكم على نتائج الاعمال، ..اعتذرت لادارة التلفزة عن مثل هذه الاعمال التي كانت رديئة فعلا بمنظار علمي ..وادارة التلفزة كان موقفها من قراري (الحمد لله جات منك يا ميضة انت ناشفة وانا تارك صلاة) …

التجربة الاخيرة في الميدان التلفزي كمحرج خضتها مع زميلي زهير بن احمد ..كان البرنامج يحمل عنوان (دروب وآفاق) ..وهو ايضا من النوع الوثائقي …تنقلنا فيه الى عديد المناطق في صفاقس وخارجها لتصوير دروبها وآفاقها … كان فيها الزميل زهير ذلك الصحفي الهادئ الرصين والمتمكن وبحرفية من عمله ..وكنت فيه المخرج الذي حاول قدر الامكان ان يجتهد في حدود ما يتطلبه الشريط .. ولعلّ ابرز الحلقات التي بقيت راسخة في ذاكرتي حلقة تناولت صفاقس الجديدة كمشروع… حيث وقع هدم القناطر الثلاث التي كانت موجودة انذاك بطريق تونس وقرمدة والعين ..وحيث وقع ايضا تصوير اوّل قطار يدخل لصفاقس بعد تحويل مساره من صفاقس الى قابس …

تلك كانت تجاربي في ميدان التلفزيون كمخرج وكمنتج احيانا والتي لا يمكن في باب تقييمها الا بوصفها بالمتواضعة جدا ..ودون ما كنت اطمح اليه …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

بطولة في السماء أم هزيمة على الأرض؟ (3)

نشرت

في

عبد القادر المقري:

نحتار حقا في توصيف ما جرى السنة الأخيرة في منطقتيْ شمال فلسطين وجنوب لبنان… ومبعث الحيرة هذا الدفق اللامتناهي من الدماء والدموع والشجن الذي يملؤنا ولا يترك وقتا ولا مجالا إلا للانحياز للمقتول ضد القاتل، وللمغتصب ضد الغاصب، وللمنزل الطائر شظايا ضد الطائرة الحاملة دمارا وعدوانا.

عبد القادر المقري Makri Abdelkader

الدافع الثاني للحيرة هو ما يمكن تسميته بجلال الموت… نعم، ليس هناك من دليل أعلى على صدق أحد وبطولته وصفاء نواياه من أنه يقدم نفسه فداء لقضية ما… لذلك رحنا نطلق صفة الشهادة على من نتفق معه وهو حي، كما نطلقها على من نختلف معه حتى كليا عندما كان من هذه الدنيا… لا، الآن وبعد أن أهدى روحه على ميدان المعركة، فلا تجوز عليه سوى الرحمة والإكبار والتعميد بصفة الشهيد البار… المشكلة أن هذا المنطق يصلح في آداب التعامل مع الموت، في التنفيس عن مشاعر حنق تجاه عدو رئيسي ووجوديّ مكين… يصلح أيضا في رومانسيات الحروب وفرسانها الذين يستبسلون في معركة ويتحوّلون إلى أيقونات أمام عيون الصغار ودروس التربية الوطنية ومعاني الوطن… والعَبرة التي نشرق بها ونحن ننشد لحن الوفاء له، كلما رفرف علم وخفقت جرّاءه قلوب وتنادت أفئدة…

وتكبر الحيرة حين تختلط مع الرحيق المقدس أوشابٌ وأتربة وتساؤلات… نعم … للأسف لا تخلو كأسنا التي نتجرعها من بعض العلامات التي تجعلنا نتردد والزجاج الناعم يقترب من شفاهنا… جاء التردد من استرجاع بعض الصور والذكريات القريبة والبعيدة التي تقول لنا حذار… انتظروا… فاللون الأبيض النقي هو لون السكّر والملح في آن واحد، ورعود السماء تأتي بالمطر الطيّب والصاعقة القاتلة لنفس المُزارع المنتظر تحت شجرة… والبحار الطامية هي خير وسمك وبركة للصياد وهي أيضا الهلاك والغرق… تتشابه الأشكال بين مواد عدة وظواهر، ولكن هل تطابقت دوما الظواهر والجواهر؟

وتتداعى التمثّلات… ولكن على الأرض ماذا نقول في من قتلوا أنفسهم في عمليات داعش، وقتلوا معها تلاميذ مدرسة أو متزاحمين في سوق أو مصلين في جامع؟ … وماذا نقول في سقوط إرهابي صريعا ذات مواجهة مع الشرطة ويداه ملطختان بدم شكري بالعيد؟… وماذا نقول في المئات ممن غُسلت أدمغتهم فصاروا يعتبروننا كافة دار حرب وأقسموا على تصفيتنا فرادى وجماعات وهم معنا بالحزام الناسف؟ … للعلم فلهؤلاء مفتون من فئة خميس الماجري وأبي عياض والمرحوم حسن الغضباني، يسبغون عليهم نعت الشهيد بابتسامة هانئة وقلب مستريح… بل وينضمّ إليهم مذيع تافه لا همّ له سوى الحفاظ على كرسيّ أمام الكاميرا وريع سمين تحت أرجل الكرسي …

نهتف حتما للأبطال الذين استشهدوا، مع حسرة على فقدانهم وأمنية بأن يقتلوا العدوّ لا أن يسقطوا صرعى… الشهادة لهم لكن لنا الهزيمة في آخر المطاف… وهزائم الحروب ليست إنشاء ولا شعرا ولا لعبا بالمصطلحات… هي حصائل باردة لواحد مع واحد يساوي اثنين… من الذي خرج من الميدان (ولو شهيدا) ومن الذي بقي حيّا يصول ويجول؟… وهنا لا ينفع التأبين ولا التعظيم ولا الخلود ولا قناة الجزيرة… منطق الحرب أن تعيش لا أن تموت، وهذه أهم توصية تصدر عادة عن القادة وهم يوجهون جنودهم في مهمة… وحتى إذا شاء القدر وترك الواحد حياته على ساح الشرف، فيكون في المقابل أوقع بأعداد وافرة من صفوف العدوّ قبل أن يبذل الدم والروح…

ولكننا في هذه الموقعة إلى أين وصلنا وكم خسرنا من أرواح وكم خسر العدوّ؟ وكم كانت كلفة 7 أكتوبر 2023 وماذا كسبنا خلالها وأية رقعة حرّرنا؟ … دائما بمنطق الحروب القاسي، هذا ما حصل… عشرات الآلاف من مدنيي غزة والضفة وجنوبي لبنان، أعداد من “العسكريين” شبه العزّل تختلف الأرقام في تقديرها بين المتحاربين، ولكنها في النهاية كبيرة وموجعة… ويكفي أنها حرمت المقاومة من أهم قادتها وحتى التالين في الأهمية… دون الحديث عن دمار شامل فعلا لمدن وقرى وبلدات ومبان ومرافق تعجز قوى عظمى عن إعادة إعمارها بسرعة لو تمّت على أراضيها إثر كارثة طبيعية… فكيف بنا ولا زلزال سُجّل في غزة أو إعصار ضرب جنوب لبنان…

الزلزال الوحيد الذي ضرب أهالينا هناك كان قرارا بحرب غير متكافئة، سيئة التوقيت والحساب… بل ويجعلك تتساءل بعد هذا العبث وذلك الدمار: لفائدة من كل هذا؟ ولماذا انتقلت القضية من هدف تحرير الأرض إلى المناشدة بوقف إطلاق النار؟ ومن يعوّض لمن تيتّم أو ترمّل أو ثكل؟ ومن يؤوي الذين تشرّدوا؟ أم نكتفي بآية “لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله…”، وبمقولة ذلك القيادي في حماس عن مدى انشغاله بملايين المدنيين المعرّضين للقصف والموت: أولئك مسؤولية المجتمع الدولي؟!!!

أكمل القراءة

جور نار

هل حان فعلا، رد الدب الروسي على استفزازات الغرب؟؟

نشرت

في

محمد الزمزاري:

إثر تصميم الغربيين على تزويد اوكرانيا بصواريخ بالستية لضرب روسيا في العمق و تنفيذهم ذلك على الرغم من الإنذارات والتهديدات الروسية المتتالية التي يبدو اول الأمر أن الغرب لم يأخذها مأخذ الجد، كشف فلاديمير بوتين عن بعض نماذج من ترسانته العسكرية كما أدى زيارة هامة إلى كازاخستان خلال هذا الاسبوع مصرحا ان هذا البلد صديق لروسيا وشريك يعتمد عليه.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

وتكتسي هذه الزيارة طابعا عسكريا اكثر من اي شيء آخر كما تخللها عرض لبعض من ترسانة موسكو العسكرية، و كذلك لما يعرفه الروس عن ترسانة الغرب بالتفصيل و بدقة متناهية و أماكن تركيزها وتحركاتها بالإضافة إلى مقارنة قدرات كل صاروخ بالستي فرنسي كان او ألماني او انكليزي او أمريكي بما يقابله من بالستي روسي… وأكد الرئيس الروسي ان مخزون بلاده من هذه الأنواع كاملة يفوق اكثر من عشر مرات ما تحويه ترسانة الغرب برمّتها، مما دفع الغربيين إلى وضعية جديدة من الاستنفار والاجتماعات المعلنة و السرية أيضا للناتو، هذا بالإضافة إلى ردود فعل حول تصريح فلاديمير بوتين الذي استشاط غضبا امام تحدي الغرب ووقاحته المتعمدة.

لقد ايقنت الدول الغربية اخيرا ان بوتين أنهى المزاح والتهديدات المحدودة ومر إلى قرارات وشيكة بالدخول في حرب للدفاع عن روسيا التي مثلت وتجسم اليوم إرث الاتحاد السوفياتي التي تم تدميره وها أن الناتو يرغب في الاجهاز على روسيا بدورها عبر استنزافها اقتصاديا واجتماعيا و عسكريا وفرض حرب بالوكالة من خلال “حصان اوكرانيا”. ويبدو أن الكريملين كان يفهم هذه المخططات ويحاول جاهدا الاستعداد لها جيدا باعتبارها محددة لمصير روسيا وصورتها التي ستثبت اما تأكيد قوتها و مكانتها الاستراتيجية او انحلالها وعلى الأقل اضعافها. ويتبين ذلك اعتمادا على مخطط حرب غربية واردة مع الصين التي تعتبرها الولايات المتحدة العدو الأكبر والأخطر على جميع الواجهات اقتصاديا خاصة وعسكريا أيضا. وكان لابد قبل ذلك من إزاحة روسيا من الطريق او القضاء على ترسانتها للتفرد بالغول الصيني.

فشلت الحرب الاقتصادية الغربية ضد الروس بل ان هؤلاء فرضوا وجودهم بالبلدان الافريقية ونجحوا في تخطي كل المعطلات لاقتصادهم و أسسوا تجمعا نقديا و اقتصاديا جديدا (البريكس) توسع وعلى بابه اليوم قائمة كبيرة من منتظري الانخراط. كل هذا بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تعاون عسكري مع إيران ودعم التقارب الوثيق مع كوريا الشمالية التي بادرت بإرسال اكثر من 10 آلاف جندي لمساعدة روسيا في حربها ضد اوكرانيا.

واذا رجعنا للحرب الروسية الاوكرانية التي دامت طويلا جراء الدعم غير المسبوق من الناتو لكييف، يستوجب الإشارة إلى ان روسيا لم تكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي منشغلة بالحروب الميدانية التقليدية قدر ما ركّزت على تنمية الاقتصاد ورفاه السكان الذي كان متدهورا. أما الجانب الذي لقي الأكثر عناية فهو الأبحاث العسكرية و تعزيز القدرات النووية التي يرى الروس انها اهم رصيد دفاعي او هجومي… كما بلغ الجانب الاستخباراتي أيضا أوجه ويكفي التذكير بان اعدادا وافرة من الكوادر السامية والقيادات المؤثرة ثبت زرعها في مواطن القرارات والأبحاث و الاستخبارات وحتى التاثير على الانتخابات بالغرب، وخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية…

بعد الانذار الاخير لبوتين استشعر الغربيون انهم لم يتركوا للدب المفترس اية فرصة غير الاستماتة في الدفاع عن عرينه. وفي هذه المرحلة الدقيقة التي تجسم قمة استعراض القوى بين غرب متخوف من عودة ساكن للبيت الأبيض لا يرغب كثيرا في إرهاق الخزينة الأمريكية لصالح الناتو او حرب اوكرانيا، وبين تهديدات تبدو جدية من ساكن آخر في الكريملين، نرى ان نتاج هذه الأوضاع ستكون حتما إما انهاء حرب اوكرانيا لصالح موسكو وربما يرفق ذلك بتنازل روسي طفيف عن جزء محدود من شرق اوكرانيا ووضع حد لكل التضييقات الاقتصادية الناتجة عن العقوبات المتتالية ضد روسيا، او التورط في حرب عالمية كان الجميع يستبعد وقوعها، اذا ما اختلط الغباء الغربي بالعقلية الكوباوية للرئيس الأمريكي القديم الجديد.

أكمل القراءة

صن نار