جور نار
تعالوا نتّفق على الاختلاف … لدرء الأسوأ الذي لا نريد، لوطن نريد !
نشرت
قبل سنتينفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashلسائل أن يسأل ما الذي يجعل أتباع ” انقلاب” 25 جويلية الدستوري يغرقون في بحر من السعادة والتفاؤل؟ فهل ستمطر السماء ذهبا وفضّة لأجل عيونهم؟ أم هل سيملأ صندوق النقد الدولي جيوبنا بما منعه عنّا منذ أكثر من سنة؟ أم هل هو تقرير عبد الفتاح عمر الذي سيملأ بصلحه الجزائي خزائن الدولة أوهاما؟ فهل أتى حقّا هذا “الانقلاب” بما يسعد الشعب كل الشعب؟ أم هو الحقد والرغبة الجامحة في التخلّص من الخصوم الذي رفع منسوب هرمون السعادة وبويضة التفاؤل عند اتباع ساكن قرطاج؟ فهل أصبح الحقد هرمونا من هرمونات السعادة في بلادنا، فنحن ومنذ 14 جانفي أصبحنا أكبر دولة مصنّعة للحقد ومنتجة للحاقدين؟
تونس ومنذ ذلك اليوم تعيش حالة غاية في التعقيد لا يمكن حلّها والخروج منها بالشعارات الجوفاء وبمجرّد التهديد والوعيد…والواضح أن خطأ ما حدث في ما وقع ذلك اليوم وبعده…فمصيبة ذلك اليوم هي أنه تلوّث بالحقد والرغبة في الانتقام والإقصاء، فلم يخرجنا كما كنّا نامل ونطالب مما كنّا فيه يوم 24 جويلية بل أغرقنا في وضع من الصعب الخروج منه بمجرّد توزيع الشعارات والخطب والتهديد والوعيد يمنة ويسرة…وبمجرّد هدم كل البناء الذي وجدناه قبلنا عوض ترميمه وإصلاح ما فسد منه، وما لا يستجيب لمتطلبات المرحلة ولا يتحمّل تبعات الرجّات الارتدادية للأزمة… فالمنطق يقول إن ما يُبنى على خطأ يؤدّي إلى خطأ أكبر في أغلب الأحيان، وهذا ما تعيشه تونس منذ ذلك اليوم…
فالبناء على أسس رخوة وخاطئة وبأساليب خاطئة يؤدي إلى المزيد من المصاعب والمطبّات كما ينتج عنه حالة عامة من اليأس والإحباط…فهل من الفخر أن نقصي خصومنا ومن نهابهم في قادم المحطّات الانتخابية لنغطّي على فشلنا في تسيير دواليب الحكم والدولة وفي إصلاح ما انقلبنا على شركائنا من أجله…وهل من المنطق أن نغطّي على أخطائنا وفشلنا بــ”إلهاءات” وأخطاء أخرى…فبالله عليكم كم من نصر لقضية وطنية حققتم بما أتيتم منذ ذلك اليوم…؟ وكم من حلّ لمشكلة أوجدتم…؟ وأين كنتم يوم كان خصمنا أكبر من خصمكم…وعدونا أعتى ممن تعتبرونه عدوكم اليوم…؟؟
ألسنا نحن من عانى الفقر قبل أن تكونوا أنتم ما أنتم عليه اليوم…؟ ألسنا نحن من عانى الخصاصة يوم كنتم لا شيء…؟ ألسنا نحن من أرهقته سنوات البناء…؟ ألسنا نحن من جاء بعد الخراب والجهل اللذين تركهما المستعمر…؟ ألسنا نحن من قاوم الجهل…؟ ألسنا نحن من قاوم الأوبئة والأمراض…؟ ألسنا نحن من عبّد الطريق لمن جاء بعدنا…؟ ألسنا نحن أبناء وأحفاد الجيل الذي قاوم المستعمر ومات…؟ ألسنا نحن من لم تسعفه الحياة بأن يجد ما وجدتموه أنتم…؟ ألسنا نحن من هيأ لكم الطريق لتكونوا أنتم اليوم…؟ هل ذهب أحدكم إلى المدرسة حافي القدمين…؟ هل ذهب أحدكم إلى المدرسة بسروال صنع من قماش أكياس بيضاء كتب على مؤخرته “هدية من الشعب الأمريكي ليس للبيع أو المبادلة”…؟ هل ذهب بعضكم إلى المدرسة على ظهر حمار لكيلومترات…؟ هل ذهب بعضكم إلى المدرسة وهو يرتجف من البرد…؟ هل ذهب بعضكم إلى المدرسة بمحفظة من قماش أزرق خاطتها أمه مفاخرة بما أنجزته…؟ هل أكل بعضكم مسحوق البيض الذي كان يصلنا من بلاد العم سام ليجوع بعده ليومين…؟ هل عشتم لحظة مطاردة الممرض الذي يجري خلفكم ليضع في اعينكم مرهما ضدّ الرمد وأنتم تصرخون خوفا ورعبا…؟ هل عشتم حملات التلقيح الجماعية سنوات الأوبئة…؟ هل عاش بعضكم الجوع بما يعنيه الجوع…؟ هل اكتفى بعضكم بوجبة واحدة ليوم أو يومين…؟
اليوم تلوموننا فقط لأننا انتقدنا تصرفكم أنتم وكيف تسعدون وتصفّقون للفشل وتباركونه…أنتم “الجيل الخطأ” أي نعم أنتم “الجيل الخطأ” الذي لن يقدر على إصلاح الخطأ…نعم نلوم صمتكم وسعادتكم الكاذبة لفشل قد يغرقنا في الازمة أكثر ويدخلنا في أزمة أكبر…نستغرب ونرفض شماتتكم في خصومكم ورغبتكم الجامحة في التخلّص من كل من يعارض بناءكم القاعدي “الأعرج”…نحن لا ننتقد اختلافكم عنّا…لكن ننتقد ما تضمرونه لكل من يختلف معكم…ولا ننتقد مساندتكم ولا دعمكم لنظام سياسي لم ينجز شيئا ولو صغيرا يحسب له منذ ذلك اليوم الذي تفاخرون به بصيغته “القيسونية” نسبة لما أتاه الرئيس قيس سعيد، ونفاخر به في صيغته الاصلية “البورقيبية” نسبة لذكرى إعلان الجمهورية التي اتى بها بورقيبة العظيم ورفاقه رحمهم الله…لا لم ولا ننتقد ذلك ولم نفكّر في الأمر حتى…والأغرب من كل هذا أن من يلوموننا على لومنا يعتبرون أنفسهم من الملائكة…وكأنهم من جنس أسمى من جنسنا وكأنهم لم يخلقوا من صلصال مثلنا…فهم الأرقى…وهم الأقدر…ونحن لا شيء…فنحن نمثّل الرجعية…وهم يمثلون التقدمية والحداثة…ونحن الجهل وهم العلماء…بعضهم يخيّرنا بين “قيسهم” نسبة لقيس سعيد، وإن لم نكن معه فنحن مع “النهضة” يا لغباء بعضهم…ويا لحماقة بعضهم الآخر…هل بهذا الذي تأتون تجمعون الناس حولكم؟؟
هكذا هو حالنا، نحن شعوب الدول النائمة التي ينعتونها بالنامية، فكل واحد منا يعاني من مرض ومن عقدة وجميعنا نخاف من أن نعترف بما نعانيه…نحن من الشعوب التي تخشى من تسمية الاشياء بمسمياتها الحقيقية، عكس الشعوب الأخرى التي تتحدث بوضوح وشفافية وصراحة دون لف او دوران…نحن من الشعوب التي تخدع نفسها وبعضها بتسميات وعناوين ونعوت وشعارات فضفاضة…فبعضنا يرى نفسه أرقى من بعضنا الآخر، فقط لأنه أتى ما لا تسمح به أخلاق الآخر بإتيانه…فاليوم قد تصبح مناضلا لو أتلفت عين أحدهم من خصومك…وقد تصبح مناضلا حديث كل الألسن فقط لأنك تجرأت على عون أمن وشتمت أمه التي ماتت منذ سنة أو قذفته بحجر في مسيرة…وقد تصبح شهيدا وأنت تسرق فضاء تجاريا على هامش مسيرة تطالب بالحرية والكرامة…
هكذا نحن شعب كل التناقضات وكل العجائب…لا نخرج من مشكلة الا ونجد اختها وابنة عمّها وقريبتها وصديقتها تنتظر خلف الباب لتدخل علينا من حيث لا ندري ولا ننتظر…نحن صناع الفشل بما نأتيه…ونحن صُنّاع الأزمات لأننا نكره العيش دونها…ونحن من ينعتنا البعض الآخر من الشعوب بالشعوب الفاشلة لأننا نحن من يعيد التاريخ نفسه عندنا، في أسوأ أشكاله… ونحن من يعترف جميعنا ولو بعد حين أن أمسنا أفضل من يومنا…وأن حاضرنا أفضل من القادم إلينا…أتدرون لماذا؟ لأن حاضرنا لم يأت لبناء مستقبلنا بل جاء ليغتال تاريخنا ويطعنه من خلف…ونسي أن الأمم التي تغتال تاريخها تقتل حاضرها وتجهض مستقبلها…نحن من الشعوب التي لا تريد الاعتراف بمشاكلها وبأسباب مشاكلها خوفا من تبعات هذه الأسباب…ولأننا نخاف مشاكلنا نخيّر الصمت على أن نتحدث عنها…فنحن نكابر ونغالي في تقدير واقعنا الاجتماعي ومستوى وعينا السياسي والثقافي…لذلك تتعقّد عندنا كل مشاكلنا فردية كانت أو جماعية دون أن نضع لها حدّا…ولا نجد لها حلاّ…
فيا أبناء “جيل الخطأ” وأنتم منّا لا تلومونا كثيرا…نحن نريد فقط تفعيل القاسم المشترك بيننا جميعا أبناء هذا الوطن العزيز…نريد فقط دولة القانون والتعددية والشراكة لا دولة الفوضى والفشل والحركات المستنسخة من تجارب سياسية ثبت فشلها في كل الدول التي عصفت بها ريحها…كما لا نريد ان نكون دولة الحزب الواحد والحاكم الواحد…ولا دولة السلطان الحاكم بأمره أو امير المؤمنين الذي يسجن خصومه ويغدق على اتباعه بجملة واحدة “أعطه الف درهم وناقة وبعير، يا حذيفة!” … نحن على اعتقاد راسخ اننا اذا تمسكنا بدولة القانون والتعددية والشراكة والاختلاف فسنودّع إلى غير رجعة كل الخيارات المستنسخة الفاشلة التي ابتلينا بها منذ 14 جانفي…والتي أعطينا فيها كل شيء ولم نأخذ منها أي شيء، ومن هنا يمكن اعتبار مسؤولية البحث عن النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والثقافي البديل، مسؤولية جماعية أخلاقية قبل كل شيء ووطنية وتاريخية و”تأريخية” واستراتيجية هامة ولا غنى عنها…فما نحن فيه اليوم قد يأخذنا بعيدا في سياسة الفرد الواحد والسلطان الآمر الناهي…ولا أظنّ أن هذا الشعب الذي اسقط الخوف من حساباته منذ 14 جانفي سيقبل بالعودة إلى دولة الحاكم بأمره…وصاحب الجلالة…
هذا الشعب يريد الحرية الذي اشتمّ بعض رائحتها…فللحرية طعمٌ ورائحة لا يعلمهما إلا من نال شرفها…فبالحرية فقط يمكن انجاز طموحات الشعوب وتحقيق المستحيل…والصبر على الأزمات…ولا أظنّ ان هذا الشعب سيقبل بما يردّده بعض الذين يأخذهم الحنين إلى حكم السلاطين أولئك الذين يرفعون شعار “الحرية والديمقراطية يعرقلان كل نمو اقتصادي…والخبز لا تصنعه الديمقراطية”…فتعالوا قبل كل شيء نتّفق على الاختلاف لدرء الأسوأ الذي لا نريد…لهذا الوطن الذي نريد…
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
استطلاع
صن نار
- فُرن نارقبل 49 دقيقة
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
- منبـ ... نارقبل يوم واحد
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
- ثقافياقبل يوم واحد
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
- اقتصادياقبل يوم واحد
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل يومين
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
- صن نارقبل يومين
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
- داخلياقبل يومين
النفيضة: وقفة احتجاجية لأهالي “دار بالواعر”… على خلفية سقوط تلميذ من حافلة
- صن نارقبل يومين
حرب أوكرانيا… رسالة روسية في شكل صاروخ قادر على الدمار الشامل