جور نار
حظّا مُوفّقا في “الباكالوريا” غدا
نشرت
قبل 6 أشهرفي
من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiriمنصف الخميري:
لا تدخل قاعة الامتحان إلا وعُكّازك معك ! عُكّازٌ تتكئُ عليه وقد شكّلتَه من عزيمة وإصرار وهِمّة ليس لها حُدود.
من حُسن حظّنا أننا حافظنا في بلادنا على هذه المحطة التقييمية الهامة – بعد أن قاموا بإلغاء كل المحطات الوسيطة الأخرى- والتي مازالت تحتفظ لنفسها في الوجدان التونسي بكامل بريقها لأنها جسرٌ أساسي يمضي من خلاله عشرات الآلاف من الشباب نحو تحقيق أحلامهم وصقل آمالهم… وما أحلى وأنبل أن تتأسّس الأحلام على قِيم الجهد والمُثابرة وإدمان المعرفة وبناء الذّات السويّة والنافعة !
أعتقد أن مجرّد وصول بناتنا وأبنائنا بأعداد كبيرة جدا إلى هذا المستوى هو في حدّ ذاته كسبٌ وطني ثمين لابد من المحافظة عليه والعمل على تجويد مُخرجاته، لأنه تتويج لمسار طويل وشاقّ ومُعبّد بمُراكمة المهارات الدراسية المختلفة وتخزين المعارف بعذبها وغثّها، وبعض إغواءاته أيضا في عتبات عُمريّة معيّنة من قبيل تجريب بعض الأعمال المؤجّرة أو التفكير في زيجات مُبكّرة، أو الرغبة البسيطة في تطليق دروس لم يعد يقدر بعض التلاميذ على فكّ طلاسمها وترويض معانيها.
وبحكم أن الباكالوريا التونسية مازالت لها قيمة علمية مُتداولة (وستظل) في ساحات الشهائد العالمية من ناحية، ولأنني مسكونٌ من ناحية أخرى بالرغبة الصادقة في أن أرى أرفع نسبة ممكنة من المترشحين يُحرزون هذه الشهادة المفتاحية، يتأكّد لديّ الحرص على إسداء بعض النّصح لمُجتازي الامتحان لعلّه يساعدهم ولو قليلا على تذليل صعوبات هذه العقبة، وتبديد الرّهبة التي قد تنتابهم وانتزاع ولو نقطة واحدة إضافية في مادة من المواد، لأن “عُشر نقطة” يكون له تأثير حاسم عندما يحين موعد مناظرة التوجيه الجامعي (الذي أتمنّى أن تمرّوا كلكم على سِراطها المُبين).
الذّاكرة تحتفظ بكامل مخزونها ليوم الامتحان
لا تحاول الآن أو خلال اليومين المتبقّييْن استعادة كل ما قرأته وحفظته خلال فترات المراجعة لأنك لن تسترجع مضامين كل الدروس في تفاصيلها وجزئياتها إلا عند مواجهة ورقة الامتحان، سيتراءى لك أنك نسيت كل شيء وهذا أمر طبيعي لا تدعهُ يشكّل مصدر ضغط إضافي قبل الامتحان. ستتداعى المعلومات تلقائيا عندما تحتاجها وتنساب وكأنك حفظتها للتوّ.
العلاقة مع الأستاذ المُقيّم هي كما العلاقة مع شخص تحرصُ على استمالته ونيل اهتمامه
ثقْ وأنت تُحرّر ورقتك أن الأستاذ الذي سيتولّى تقييم ورقتك وإسنادها عددا هو تماما مثل الأستاذ الذي درّسك لمدة سنوات طويلة، تونسيّ جدا (بالمعنى الإيجابي) يغارُ عليك ويُثمّن مجهودك ويتفهّم نقائصك ويتجنّد خلال كامل الوقت الذي يستغرقه إصلاح ورقتك، للبحث عن أي إضافة أو فكرة عالية أو إجابة قريبة ممّا تحدده المقاييس المعتمدة ليُعطيك العدد كاملا. لكن يتعيّن عليك أن تُقنعه بنفسك وتُبهرهُ وتُثبت له أنك إنما تكتب لتُلبّي انتظاراته، بداية من استقامة خطك ووضوحه وصولا إلى حسن تدبيج النهايات على مهلٍ، ومرورا بضخّ جُرعات فاتنة من صميم المعارف والجواهر المُحدّدة التي يستهدفها السؤال. (كنتُ أقول دائما لتلاميذي : الخطُّ هو هندامك أمام لجنة الامتحان اِعتَنِ به، والأسلوب هو لسانك كن حريصا على نقاوته وصفائه، والأفكار هي بناتُك اِفخرْ بهنّ واجعلهنّ أجمل فتيات الدّنيا).
تخلّصْ مؤقّتا من ضغط العدد والمجموع وما تنوي دراسته بعد الباكالوريا
الامتحان ليس مجرد مقفز للمرور نحو مراحل دراسية أرقى بل هو هدفٌ في حدّ ذاته يجب الاحتفاء به كأنّ لا شيء بعده، وبذل كل الجهد في سبيل الاشتغال عليه بكل ما أُوتيت من مُتعة المشتاقين واستبسال المقاتلين ودقّة العارفين بخفايا الأسئلة وجمال الأمثلة… وسيكون العدد لاحقا في تناسُب مع روح المُكابدة التي أبديتها. أقول هذا لأن الحصول على شهادة الباكالوريا في نظري أهمّ إلى حدّ ما ممّا تُتيحُهُ هذه الأخيرة من مُمكنات دراسية في الجامعة. فإحراز الباكالوريا هو إنجازٌ مهمّ وعنوان تميّز مهما كان مستوى المعدّل لأن مسالك التكوين في التعليم العالي متنوّعة بنفس قدر تنوّع ملمح الناجحين أو أكثر، والمختصّ في فيزياء المواد ليس أكثر أو أقل شأنا من المختصّ في كيمياء الإسمنت أو سيمياء التواصل واللغات.
ثق بنفسك
لا تحاول إعادة كامل برنامجك صبيحة الامتحان لأن ذلك غالبا ما يُربك المترشحين، فلقد راجعتَ بما فيه الكفاية واطلعتَ على مئات الوثائق واشتغلتَ على عشرات السلاسل من التمارين وشحنتَ كل بطارياتك استعدادا لليوم الموعود الذي انتظرتَهُ طويلا لليّ عُنُقه وليس العكس، فكن واثقا من قدرتك على انتزاع النجاح لأن مواضيع الامتحان صُمّمت على مقياس برنامجٍ أنت تعرفه وتشرّبتَ تفاصيله على امتداد سنة كاملة. يكفي أن تعي ما هو مطلوب منك بدقّة وتحديد المنهجية التي ستعتمدها في تناوله مع ضرورة تدوين كل ما تستذكره على ورقة المسوّدة، قبل تدقيقه وتوظيبه وتنظيمه وإلباسه الحُلّة الأخيرة على ورقة الامتحان.
يُحتسبُ المجموع إلى حدّ 4 أرقام بعد الفاصل في التوجيه الجامعي
عندما تُحتسب مجاميع نقاط الناجحين في الباكالوريا، يحدث أن يتساوى مئات التلاميذ في نفس المجموع إلى حدّ رقمين بعد الفاصل، ولا يكون ثمّة من سبيل للفصل بين المتسابقين سوى الذهاب إلى أربعة أرقام جزئية بعد الفاصل… بما يعني أن كل رُبع نقطة تحصدها ستكون ثقيلة في ميزان توجيهك الجامعي لاحقا، فلا تتعفّف عن أيّة مادة تُمتحن فيها وتعامل بنفس الجدية مع كل المواد حتى تلك التي تعتبر أنها لن تفيدك كثيرا في المستقبل. لا تستعجل إرجاع ورقتك قبل الأوان واعلم أن النقاط التي يتمّ جنيُها في مواد “مُهملة” و “متروكة” هي التي تصنع الفارق الحسابي بين مترشّح وآخر.
بالإضافة إلى بعض الملاحظات السريعة :
حتى لا تُربك ما تبقّى في مسار الامتحان، لا تهتم بـ “الأجوبة النموذجية العالِمة” التي ستتهاطل بعد الامتحان من الأصدقاء والأساتذة وعلى صفحات الويب، فالآخرون قد فهموا الموضوع كل من زاوية نظره الخاصة، لكن هذا لا يعني أبدا أن طريقتك الخاصة في معالجة الموضوع أو المشكل الرياضي هي خاطئة… فالأستاذ المُصحّح هو الوحيد القادر على تقييم ورقتك، لأنه مسلّح بمقاييس دقيقة محددة ومُشبعٌ بنقاش منهجي مطوّل مع اللجنة المتخصصة في كل مجال مخصوص قبل انطلاق عملية الاصلاح.
أعِرْ أهمية قصوى لأخطاء الرّسم (باللغات الثلاث) لأنه بقدر ما ترتكب أخطاء بدائية، تحصل فكرة سلبية عنك وعن جديتك ومستواك لدى المُصحّح.
قُم بتهيئة أدواتك جميعها ليلة الامتحان وتأكد تماما أن هاتفك الجوّال بقي بالمنزل طيلة أيام الامتحان لأن مجرّد نسيانه ولو عن حسن نيّة ضمن أدواتك، يُعرّضك لمساءلات غير محمودة.
أحرص على نيل باكالوريتك بعرق جبينك لأن عار الغشّ المحتمل سيظل يلاحق مرتكبيه بعد أجيال وأجيال.
أرجو لكم(نّ) جميعا كل التوفيق والنجاح في امتحان لن يكون في كل الحالات أكثر عُسرا ممّا واجهتموه في محطات سابقة.
تصفح أيضا
جور نار
العراق: هل يستبق الأخطار المحدقة، أم سيكتفي بتحديد الإخلالات؟
نشرت
قبل 3 أيامفي
22 نوفمبر 2024محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
القدس… بلدية الاحتلال توزع قرارات هدم في سلوان
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل 7 ساعات
القدس… بلدية الاحتلال توزع قرارات هدم في سلوان
- صن نارقبل 8 ساعات
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
- ثقافياقبل 9 ساعات
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
- فُرن نارقبل 17 ساعة
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
- منبـ ... نارقبل يومين
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
- ثقافياقبل يومين
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
- اقتصادياقبل يومين
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل يومين
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية