حملة عنصرية ضد العرب في تركيا … بلدان الخليج تردّ الفعل، والسلطة تخشى على سياحتها
مقتل سائح مغربي … اعتداء بالضّرب على سائح كويتي … مطالبة بطرد اللاجئين السوريين … والسلطة بين ملاحقة الجناة وطرد آلاف الأجانب
نشرت
قبل سنة واحدة
في
بات ثابتاً، وغير قابلٍ للتشكيك، بأنّ حالة العنصريّة التي تسلّطت على العرب، لاجئين، وسيّاحا، في تركيا، ليست حالات فرديّة، بل هي حملات مُمنهجة، يبقى السّؤال الأبرز حولها، من هو المسؤول الحقيقي عنها، الحزب الحاكم، أم المُعارضة، فالأخيرة يجري اتهامها من قبل السلطة بالوقوف خلف التحريض، والحكومة تأخّرت في اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ العُنصريين، وهذه انتقادات طالتها حتى من رموز إخوانيّة عربيّة تقف في صفّها.
تتصدّر في تركيا هذه الأثناء، حملات واضحة، ولافتة، وملموسة من قبل السلطات التركيّة الرسميّة، لوقف العنصريّة المقيتة ضدّ الأجانب، حيث تجلّت في مشاهد اعتداءات على سيّاح عرب، ومشاهد أخرى عنصريّة ضدّ اللاجئين، ما انفكّت تتكرر.
ويُمكن رصد تحرّك السلطات التركيّة الملموس، حيث أوقفت الصحافي باطوهان تشولاك رئيس تحرير موقع “آيكيري” المعروف بمُناهضته لوجود اللاجئين السوريين والأجانب في تركيا.
حادثتان لافتتان، توقّف عندهما العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، وأغضبتهم، ودفعت السلطات التركيّة للتحرّك الجدّي، ونتج عنها حملات مُقاطعة للسياحة في تركيا، الأولى حادثة مقتل سائح مغربي في إسطنبول على يد سائق سيّارة أجرة تركي، والثانية الاعتداء بالضّرب على السائح الكويتي محمد راشد العجمي في طرابزون شمالي تركيا، وهي الحادثة التي دفعت الخليجيين إلى تكثيف حملات مقاطعة السياحة في تركيا، بعد تقارير عن إلغاء حجوزاتهم، والتي تسبّبت بخسائر بالمليارات، على الأقل وفق ما أقرّ به من خسائر، مُستشار الرئيس التركي السابق ياسين أقطاي في مقال نشره.
وسبق إيقاف الصحفي تشولاك، إيقاف السلطات في تركيا، رؤوف كوسا، مؤسس حساب “حركة الدفاع” القوميّة العنصريّة، التي أعلنت صراحةً أنها ستستهدف الأجانب في جميع أنحاء تركيا ابتداء من أكتوبر (تشرين الأول) المُقبل، ما لم تتحرّك الحكومة لإنهاء “احتلالهم للبلاد”.
هذه الاعتقالات التي جرت بحق أبرز المُحرّضين على العرب، لا تُعفي بكل حال الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” من المسؤوليّة تماماً، فالاعتداءات العنصريّة ضدّ الأجانب في تركيا، تزايدت ثم تصدّرت الواجهة، بعد إجراءات الحكومة عقب الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة في ماي (أيّار) الماضي، وسبقت أيضاً الانتخابات المحليّة المُقرّرة في نهاية مارس (آذار) المقبل، والتي أسفرت عن إيقاف وترحيل آلاف الأجانب المُخالفين لشُروط الإقامة، مما أعطى الانطباع، بأن السلطات الرسميّة، تدعم العنصريّة ضدّ اللاجئين، والسيّاح.
وسبق لنخب تركيّة أن انتقدت التأخّر الحكومي في مُعالجة وردع المحرضين، والعنصريين، معتبرة أن “خطوات الحكومة التركية متأخرة وليست كافية”، كما أن مواد القانون القائمة “غير كافية لردع المحرضين والعنصريين”.
أنصار الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان من جهتهم يُقدّمون تصريحات ميرال أكشنار” رئيسة حزب “الجيّد” المُعارض كدليل على مسؤوليّة المعارضة في تنامي العنصريّة، وهي التي أبدت امتعاضها من حملة اعتقال أصحاب ومدراء المواقع العنصريّة، وقالت إنه “لا يمكن حل مشكلة اللاجئين عن طريق قمع رد الفعل المبرر لشعبنا وإسكات واعتقال من يُبقي هذه القضية على أجندة بلادنا”.
وبالتزامن دشّن نشطاء خليجيّون في المُقابل، حملات لمُقاطعة السياحة في تركيا، إثر الاعتداءات المُتزايدة على السيّاح العرب، مرفقين الحملات بالفيديو المتداول الذي وثق الاعتداء الأخير على السائح الكويتي في طرابزون.
وقد لاقت هذه الحملات تداولاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، مما يطرح تساؤلات فيما إذا كانت إجراءات الحكومة التركيّة الحاليّة، ستُعيد الثقة للسائح العربي، والخليجي، حتى تعود تركيا وجهة آمنة له، ولعائلته سياحيّاً، أم بات التحرّك التركي مُتأخرًّا، ومدفوعاً بالمصالح الاقتصاديّة فقط، حيث يقدّر إنفاق السيّاح العرب والخليجيين 4000 دولار مُقابل 800 للأجنبي، ومع هذا لم تشفع لهم الأموال للنجاة من العنصريّة في تركيا وفق منتقدين.
وانتشرت العديد من الوسوم الهاشتاغات من قبيل #تركيا_غير_آمنة_للعرب، و#مقاطعة_تركيا_واجب_وطني.
يذكر أيضا أنه منذ شهر تقريبا هاجم نحو 50 شخصًا طفلًا يمنيًّا في سن الخامسة عشرة بعد انتهاء مشاجرة بينه وبين طفل آخر، .كما شنت بعض البلديات حملة ضد اللافتات المكتوبة باللغة العربية فقط دون غيرها من اللافتات المكتوبة باللغات الروسية والإنكليزية والفرنسية التي حافظ الفاعلون على حرمتها ولم يمسوها. رغم أن اللافتات العربية في تركيا كانت مظهرًا من مظاهر التنافس بين رجال الأعمال لاستقطاب السياح العرب.