تعاني مدينة صفاقس، أو عاصمة الجنوب ـ كما يروق للبعض تسميتها ـ من اكتظاظ مروري خانق منذ عقود طويلة من الزمن … بل إن الأمر مافتئ يزداد سوءا و تعقيدا مع الارتفاع المطّرد و المشط لمختلف وسائل النقل التي تجوب شوارع المدينة … مدينة أساء لها ـ و للأسف ـ بعض أبنائها قبل غيرهم بما أتوه من جرائم ارتكبوها في تخطيطهم العمراني الذي لا ينمّ سوى عن جشع مفرط و تلاعب أناني بالفضاء العامّ … و لنا في شوارع 14 جانفي و 18 جانفي و الشهداء و حتى باب البحر، خير دليل على إجرام عصابات كانت متنفذة ستجعلنا لعقود نعاني و خاصة في مجال إيواء السيارات …
فلئن جُهّزت عديد البناءات الجديدة بمآو خاصة، إلا أن بقية أصحاب السيارات ما زال أصحابها يلاقون الأمرّين بحثا عن مكان لركن عرباتهم و قضاء حاجاتهم وسط البلد … و زاد الطين بلّة تصنيف أغلب أنهج و شوارع المدينة و غيرها من أماكن الوقوف “مناطق زرقاء” … فرغم أن الزرقة عادة ما تكون رمز هدوء و راحة، إلا أنها في زمننا هذا أصبحت مصدر إزعاج من خلال سببين على الأقلّ … أولهما ما أقدمت عليه بلدية صفاقس من تعميم لهذه المناطق التي تخيّرك بين الدفع و حجز السيارة، و ثانيهما طريقة استغلال هذه المساحات …
ذلك أن المجلس البلدي و منذ تنصيبه، رأى في الحاجة المتزايدة لهذه المآوي العمومية صيدا ثمينا يدرّ عليه مالا وافرا يذهب معظمه في نفقات عبثية ألّبت عليه و تؤلّب الرأي العام، و سنعود إليها في وقت لاحق… فقامت البلدية بتحويل عديد الفضاءات التي كان الوقوف بها مجانيا، إلى مناطق بمقابل … منها مثلا الشارع الملاصق للكنيسة بباب البحر، و الشارع المحاذي للباب الغربي إضافة إلى أنهج و شوارع صفاقس الجديدة … كما قامت بتسليم هذه المناطق إلى أشخاص نصبوا أنفسهم متصرفين لا يُردّ لهم أمر و لا يقدر على تجاوزاتهم أحد … فهم مثلا يرفعون في تعريفة الوقوف كما يشاؤون مع رفضهم تسليم وصولات في ذلك … و إذا أصررت معهم على ذلك، تتحصل منهم على وصل “مضروب” … أي لا يحمل طابعا لأية جهة رسمية أو غير رسمية ǃ