بدر شاكر السيّاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرّيحُ تَلهثُ بالهَجيرة، كالجُثام
على الأصيل
وعلى القُلوع
تظلُّ تُطوَى أو تُنشَّرُ للرّحيل
زحمَ الخليجِ بهنَّ مُكتدِحون
جوَّابو بِحارِ
من كلّ حافٍ نِصف عاري
وعلى الرِمالِ
على الخَليج
جلس الغريب،
يُسرِّحُ البَصرَ المُحيَّر
في الخليج
و يَهُدُّ أعمِدةَ الضِّياءِ
بِما يُصعِّدُ من نشيج
أعلى من العبّابِ يَهدرُ رغوُهُ
و من الضّجيج
صوتٌ تفجَّرَ في قرارة نفسيَ الثَّكلى: عِراق
كالمدّ يصعدُ
كالسّحابة كالدّموع
إلى العيون الرّيحُ تصرخُ بي عِراق
والمَوجُ يُعوِلُ بي عراق،
عراق، ليسَ سِوى عراق
البحرُ أوسعُ ما يكون
و أنتَ أبعدُ ما يكون
والبحرُ دونَكَ يا عراق
بالأمسِ حينَ مررتُ بالمَقهى،
سمِعتُكَ يا عراق وكُنتَ دورةَ أسطوانة
هيَ دورةُ الأفلاكِ في عُمُري،
تُكوِّر لي زَمانَه
في لَحظتينِ منَ الأمَان،
و إنْ تَكُن فقدَت مكانَه
هي وَجهُ أُمي في الظّلام
وصوتُها، يتزلَّقانِ مع الرُّؤى
حتّى أنام
وهي النّخيلُ أخافُ منه
إذا ادلهمَّ مع الغروب