ما استعرضته في الحلقتين الاوليين من فلاش باك هو للامانة توطئة لهذه الحلقة الاخيرة .. للتذكير تحدثت آنفا عن شخصيتين غيّرتا مجرى الاحداث في العشر سنوات الاخيرة .. السيسي عربيا وبوتين دُوليّا …
وتغيير مجرى الاحداث وهنا مربض الفرس هو من بديهيات الحياة .. فالله وعد بذلك بقوله (وتلك الايام نداولها بين الناس) .. واحداث انقراض الوجود الاسلامي في اسبانيا جسّدها في رثائه ابو البقاء الرندي بقوله _(هي الامور كما شاهدتها دولُُ ..من سرّه زمن ساءته ازمان) … وجاء من بعده المفكر الكبير جان جاك روسو ليؤكّد هذه البديهية بقوله(LE PLUSFORT N’EST JAMAIS ASSEZ FORT POUR ETRETOUJOURS LE MAITRE) اي الاقوى ليس قويّا بما فيه الكفاية ليكون دائما السيّد … _ هذه البديهيات نعلمها جميعا ولكن هل نحن ممتلؤون بها بما فيه الكفاية ؟؟
دعوني اطرح بعض الامثلة لبعض البديهيات .. الموت مثلا .. كحقيقة بديهية يكاد يكون عليها اجماع تام سواء كان الواحد منّا يمينيا او يساريا ..مؤمنا او كافرا ..غنيا او فقيرا ..ومع اجماعنا على انها نهاية حتمية لكلّ مخلوقات الله فانّ تعاملنا معها من حيث الصدمة والهلع يختلف من شخص لآخر … المؤمن بها بعمق وحده من يتعامل بردود فعل لا تتجاوز الم الفراق ..آخرون قد تخلّف لهم ازمات ونكبات متعدّدة .. في تقديري الفارق بين الفئتين هو مدى ايماننا بحتمية البديهيات ..
وما نقوله عن الموت نقوله عن كلّ مكوّنات الحياة .. الحرب والسلم .. الليل والنهار .. الملائكة والشياطين .. الجنة وجهنّم .. الصيف والشتاء .. وكما ترون وفي حكمة لا يعرف سرّها الا الخالق، كلّ ما في الكون ومنذ الخلق مبنيّ على هذه الاضداد ..ولولا هذه الاضداد لما كان لكليهما معنى ..اذ ما قيمة وما معنى للحرب دون سلام والعكس صحيح .. وليس معنى هذا ان نتعامل مع هذه الاضداد بشكل سلبي او انهزامي بل ونحن من وهبنا الله عقلا حرّا في كلّ امورنا بما في ذلك الايمان والتديّن (لا اكراه في الدين) علينا ان نختار في صفّ من نكون، في صفّ الظالم او المظلوم ؟ في صفّ الخيّر ام الشرّير ؟ في صفّ قابيل ام هابيل ؟؟
هذا في تقديري مدخل اردته لمعرفة ما يحدث فينا وفي علاقتنا بالآخرين وطنيا واقليميا ودوليّا .. التاريخ علّمنا في ما علّمنا انّ هنالك حركة حتمية تمرّ بها كلّ الدول والامبراطوريات .. البناء الاوّلي .. الازدهار بمفهوميه الايجابي منه والسلبي حين يتحوّل الى تسلّط واستعمار .. ثمّ وهذه بديهيّة اخرى، انهيار وزوال تلك الدول والامبراطوريات …في تاريخنا الحديث وكمثال على ما اوردته كانت بريطانيا من اكبر الدول الاستعمارية الغاشمة حتى الحرب العالمية الثانية … ومنذ 1950 اخذت عنها المشعل الولايات المتحدة ..وكلّ المؤشرات وبعد ظهور نجم بوتين تدلّ على قرب زوال هيمنة الامريكان وظهور قوة جديدة متمثلة في التحالف المرعب بين روسيا والتنين الصيني … والسؤال هنا من يضمن انّ هذه القوة الجديدة عالميا ليست كمن سبقها في بشاعتها ومواصلة استعمارنا .؟..
التاريخ علّمنا كذلك انّ ما يسمّى بالبلدان المستضعفة محتّم عليها ان تساند محورا دون آخر ..خاصة اذا كانت ذات موقع جيو استراتيجي كتونس مثلا يستحيل ان يتركها الاقوياء حرّة في تقرير مصيرها، وذلك سرّ تعاقب كلّ من تودّد اليها او اخضعها للتحالف معه منذ الحقبة القبصية حتّى يوم الناس هذا …. ومن (يفخفخ) علينا بالحياد هو امّا واهم او جاهل بموقع بلده .. اذن مالعمل والله وهبنا موقعا استراتيجيا هاما يربط بين اوروبا وافريقيا ؟؟ في السياسة وفي تقديري وجب التعامل مع الشياطين بمنطق التحالف مع اقلّ الشياطين خبثا .. اي شياطين يلعبون في القسم الخامس هواة …لأنّ الاخرين جنون علينا ..
وحتى يكون موقفنا فيه تقدير للعقل التونسي للتخلّص من عديد الاضرار داخليا وخارجيا، علينا ان نقوم بدراسة بعض النماذج الناجحة سياسيا واجتماعيا تضمن رفاهة العيش وكرامة الفرد ..دراسة انموذج البلدان الاسكندينافية .. دراسة الانموذج الرواندي .. الانموذج الجنوب افريقي .. هذه نماذج حققت ما تصبو اليه المجتمعات من رفاهة وديموقراطية حقيقية، لا تلك المزيّفة التي يتبجّح بها عديد البلدان الغربية واذيالهم وهي كذب ونفاق وسياسة مكيالين …اعود للنماذج التي تحدثت عنها …. ومحاولة دراستها واخضاعها طبعا لخصوصية البلاد وشعبها … لآتي الان الى نقطة مفصلية في شأن دراسة هذه التجارب .. هذا الامر موكول الى اناس مختصين ومشهود لهم بالكفاءة والوطنية .. (دمادم بالحقّ) وليس شان هواة السياسة والاقتصاد والاعلام والتعليم … لانّ ما نقرأه ونسمعه ونراه في جلّ الاحداث الوطنية والدولية لا يتجاوز مرحلة نغنغنة المنغنغين ولغو المراهقين …
ولأنّي من فصيل الاعلام انا على قناعة تامة بانّ ما ندوّنه لا يمكن ان يتجاوز سقف الملاحظات والانطباعات فيعلو صوتنا احيانا ويخبو احيانا اخرى .. فمن غير المنطقي بل من الاجحاف ان تعطونا اكثر مما نستحقّ … نحن مجرّد حروف بسيطة امام قواميس ومجلّدات المختصين اي امام الدمادم في السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع … فلا تنبهروا بنا .. ولا تاخذوا مواقفنا على انهّا زبدة الزبدة .. قد نكون صادقين في آهاتنا وزفراتنا ولكنّ البناء ايّ بناء يحتّم وجود المهندس و”السّطا”.. في ميدانه لا تلك الفئة التي تضخّم عندها الانا واصبحت من قافلة منّي تڨرع ..
وهاكم اخر مثال على ذلك ما قامت به اخيرا بنت عكاشة … يعطي للصحافة عزاء وقت نشوفو خرم وعفن ومافيات ما استمعنا اليه وقللك شنوة شنوة صحافة استقصائية … يا شهرزاد احكي يا شهرزاد سجيليلو كلامو وطويليلو ليلو لطلوع النهار امّا اذا أذّن الديك وصاح لا تصمتي عن الكلام في المباح وغير المباح .. فقط نحب نسألك سؤال وحيد فريد . هاشهرزاد كيفاش عاملة في هاكي البلاد ؟؟ . يخخي شكون يصرف عليك في تركيا .. نحكي على ماكلتك واقامتك واكلة شاربة ؟ شايخة ؟ والا الامور ولّات بايخة ؟؟ …سؤالي بريء كبراءة بنت عكاشة مع ولد الونيسي