قطاع الاعلام بتونس بين مطرقة الرداءة وسندان الإعلانــــات التجارية !
نشرت
قبل 3 سنوات
في
لعل حرية الراي و الصحافة كانت احدى أهم مكاسب “الثورة” رغم ما يشوبها من نقائص ومشاكل حادة و متعددة تتطلب الاستمرار في النضال من اجل استكمال ما تتطلبه ركائز صحافة حرة و نافذة بحق …و لعل أهم هذه المشاكل يمكن حصرها في:
. _استمرار الصعوبات المعنوية و المادية التي يعانيها الصحفي
_الخصوع الاجباري لخط صاحب وسيلة الاعلام أو الجهة التجارية أو السياسية
_تكاثر الدخلاء على قطاع الاعلام
_الاعتداءات المتكررة على الصحفيين أثناء أداء مهامهم والتي تجاوزت خلال العشرية السوداء الاعتداءات اللفظية و البدنية الى التهديد بالاغتيال.
لكن أهم ركائز الصحافة الحرة تبقى دون شك حق الصحفي في النفاذ الى المعلومة والقيام بدوره في نشر الخبر و التعليق عليه، و احترام مصادره مهما كانت قيمتها (إلا اذا تعلق الأمر بأمن البلاد) حتى تصبح الصحافة سلطة رابعة بحق لا عجلة خامسة مثلما هو الحال …
وعندما نـتحدث عن الاعلام التونسي المريض مثله مثل جميع القطاعات التي عرفت فترة حالكة على مدى اكثر من عشر سنوات، فاننا نقصد أغلب ما في الساحة الوطنية من وسائل إعلام ورقية كانت أو الكترونية أو مرئية أو مسموعة، و نسارع إلى القول بأن طغيان الرداءة من وسيلة الى أخرى يترواح بين فشل تنويع البرامج الى الجنوح للمظاهر المخلة بالذوق السليم ….
و باستئثناء البعض، فإن منابر اعلامنا سقطت في إخلالات خطيرة و استبلاه المتلقي في عدد من القنوات الخاصة التى دأبت على عرض مواد هزيلة أو مائعة ومنحطة احيانا، بهدف اقتناص اكبر عدد من المشاهدينن … و تجند لذلك طواقم من اشباه الاعلاميين و المهرجين الذين لا يمتون الى قطاع الاعلام بصلة …ومن ناحية أخرى نلاحظ تغول عقلية الربح التجاري عبر الاعلانات التي تأخذ حيزا واسعا والمسابقات التي تستهدف اصطياد المتلقي و إصابة اكبر عدد من المواطنين بالغباء …
غير ان النزاهة الصحفية تدعو ايضا الى استثناء عدد من الصحف أو القنوات التلفزية التي حافظت ولو نسبيا على مستوى معين دون السقوط في اتون الرداءة أو الرضوخ لجهة سياسية أو مافيات مالية معينة أو ارتباط تجاري يجعلها تقدم أعمالا اجنبية مريبة لدمغجة الجمهور …
و هنا، لعله من المنصف ذكر القناة الوطنية الاولى التي نجحت نسبيا و بدأت تتعافى بعد تقييدها من طرف سياسي بعينه … وبدأت تقدم خطابا مقبولا و برامج متوازنة رغم جنوحها الكبير الى ملء فراغات بثها بنبش أعمال من الأرشيف كم كلّ المشاهد منها ..
نذكر أيضا جريدتي الشروق والصباح الورقيتين و أيضا قناة الجنوبية التي حافظت في مجملها على خط واضح و معتدل … في هذا المسلك الجاد تندرج الاذاعة الثقافية وقلة من الاذاعات الخاصة التي تطرح برامج مميزة…
أما عن الجرائد الإلكترونية. فيستوجب ذكر موقعيْ “الصباح ” والشروق و كذلك الصحيفة الجديدة “جلنار التي تطرح مواضيع جدية و متنوعة المشارب و الاراء بغض النظر عن اعداد المتابعين. مما اعادنا للتساؤل مجددا: هل أن المتلقي هو من صنع اعلاما رديئا ؟ ام ان الاعلام الرديء هو الذي فرض على المتلقي رداءاته المتنوعة؟!