في مدينة الحمّامات و تحديدا في ساحة الشلمَة القريبة من البُرج أقامت جمعية Léo club Hammametصندوقا بلّوريا جميلا و وضعت فيه مجموعة من الكتب للمطالعة المجّانيّة، بحيث تأخذ منها كتابا لتقرأه ثمّ تُعيده و تأخذ كتابا آخر… الفكرة جيّدة و معمول بها في أرقى العواصم و المدن العالمية التي تُشجّع على المطالعة و ترغِّبُ فيها… غير أنّه بين الفكرة و تطبيقها بَونٌ شاسع، فالصندوق البلّوري فارغ و لا أثر فيه لكتابٍ ولا أدري إن كان “بنو هلال” قد مرّوا من هناك و أخذوا كلّ الكتب أم أنّ الجمعية قد تناست فكرتها و لم تُزوّد الصندوق بما يلزمُ من منشورات و كتب…
ومهما يكن من أمرٍ فإنّ فكرة إنجاز هذا الصندوق للتشجيع على المطالعة هي في حدّ ذاتها فكرة جميلة و مبادرة تستحقّ التنويه مهما كان مآلها. و هنا لابدّ أن أشير إلى أن “مؤشر القراءة بتونس لم يعد يتجاوز 0.58 كتابا في السنة للفرد الواحد”. و هو مؤشّر مُخيف بما له من إنعكاس خطير على الحياة الاجتماعية و الاقتصادية للتونسيين، إذ أنّ تدني مؤشر القراءة “يحيل مباشرة إلى ارتفاع منسوب الجريمة و الانحراف و الطلاق و غيرها من الظواهر الاجتماعية السلبية” كما ورد في أحد تقارير إدارة المطالعة العمومية بوزارة الشؤون الثقافية، إذ “يتم اعتماد مؤشر القراءة ضمن “بيانات التوتر و النمو و الثروة” و هو مقياس عالمي يُرغِّب المستثمرين أو ينفرهم”.
إنّ المتأمل في إشكاليات المطالعة بصفة خاصّة و القراءة بصفة عامة سواء كانت قراءة الكتب أو المجلاّت أو الجرائد يدرك حجم الكارثة التي حلّت بشبابنا … فإضافة إلى النفور من المطالعة من قبل ناشئتنا فإنّ عدم تعامل السلط العمومية بشكل جدّي مع هذه الظاهرة يجعل المشكلة مُضاعفة … فالإهمال الذي تُعاني منه المكتبات العمومية و عدمُ إقتناء الإصدارات الجديدة محليّا و عالميّا إضافة إلى تأخّر البرنامج القديم-الجديد الرامي إلى رقمنة المكتبات العمومية حتى تصبح متوفرة على النات و تُمكّن الراغبين في المطالعة من الاطلاع على محتوى المكتبات وتحميل العناوين عن بُعد، يجعل من مشكلة المطالعة مشكلة مُجتمعيّة تنضاف لما يرزح تحت وطأته مجتمعنا من مشاكل وصعوبات…
غير أنّ الأمل يبقى معقودا في جمعيات “أحبّاء المكتبة و الكتاب” التي أعرف عددا من ناشطيها و أدرك حرصهم على إحياء جذوة المطالعة لدى الناشئة و عموم الناس … و لكن دون مساندة حقيقية من السلط العمومية، لن يكون بإمكانهم تحقيق أهدافهم التي هي أهداف وزارة الشؤون الثقافية و أهداف المجتمع ككلّ.