تابعنا على

يجل نهار

محمد الأطرش: المشيشي يرفض الحرب بالمناولة…

… و يؤجل توزيع غنائم الحكم، إلى يوم اعتراف قرطاج بــ”باي” القصبة !

نشرت

في

يسألك بعضهم هل ستخرج تونس من الوضع التي تردّت فيه؟ وأقول كيف تخرج وجميعهم يراوحون مكانهم؟؟ أسئلة عديدة تطرح نفسها اليوم حول مآل ما تتخبّط فيه البلاد…فهل سينجح الغنوشي في البقاء على كرسي باردو؟؟ وهل سيحافظ المشيشي على موقعه في القصبة؟ وهل يواصل ساكن قرطاج سياساته الحمقاء و يجرّ البلاد إلى ما لا تحمد عقباه؟ كلها أسئلة ترتبط إجاباتها بعضها ببعض وكلها أسئلة قد تذهب بنا إلى إجابة واحدة …

عن مّاذا يبحث الغنوشي يا ترى؟

محمد الأطرش Mohamed Alatrash
<strong>محمد الأطرش<strong>

يصرّ بعض المتابعين على القول بأن الغنوشي يبحث فعلا وبكل الطرق عن قيادة البلاد وحكمها والتربّع على عرش باردو والقصبة معا حتى نهاية هذه العهدة….وأعود لأقول هنا إن الغنوشي لا يبحث عن ذلك علنا وبالشكل الذي يروّجه البعض، بل يبحث فقط كيف يخرج من هذه العهدة سالما، وكيف يجنّب حركته السياسية التآكل قبل موعد الانتخابات القادمة وكيف يخرج من هذه العهدة دون أن تتحمّل النهضة تبعات فشلها المعلن، وكيف يخرج وكل خصومه في وضع لا يهدّد وجود حركته…هذا ما يبحث عنه الغنوشي لكن كل هذا يمرّ عبر كسب معاركه التي كثرت وأصبحت الخبز اليومي لهذا الشعب، ولن يمكن تحقيقه دون أن ينجح الغنوشي في خلط الأوراق مرّة أخرى في المشهد السياسي المتعفّن…

ومعركة الغنوشي الأكبر هي طبعا الحفاظ على كرسي باردو وهذه تعتبر أيسر معاركه الحالية وربما القادمة لأنها ستكون حرب استنزاف يشنها عليه خصومه كلما دعت لذلك الحاجة، فالغنوشي درس جيدا ما يريده خصومه في المجلس وعرف كيف يشتّت شملهم ليجنب نفسه النزول عن كرسي باردو، الغنوشي نجح بمساعدة غباء وحمق بعض الأحزاب وكتلها النيابية في أن تكون النهضة “جوكير” هذه العهدة وملح طعامها، فلن تشكّل حكومة دون النهضة ولن ينجح المجلس في تركيز المحكمة الدستورية دون النهضة ولن يمرّ أي قانون دون موافقة من النهضة هكذا فعل الغنوشي بالمجلس وجعله رهينة بين كفيه…

لسائل أن يسأل وكيف ذلك؟ خلاصة الإجابة، لا أحد اليوم من نواب وكتل المجلس يريد ويتمنى حلّ المجلس وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها، فانتخابات في وضع كالذي تعيشه اليوم تونس، وكالذي تعيشه أغلب الأحزاب لن يغيّر حال البلاد وحال المشهد كثيرا وقد يذهب ببعض الأحزاب إلى أرشيف المشهد وتصبح في عداد ضحايا هذه العهدة…وقد يذهب بعض النواب إلى السجن يوم ترفع عنهم حصانة المجلس بعد حلّه…وقد يكتشف الجميع كذبة عمليات سبر الآراء يوم يقع الإعلان عن نتائج انتخابات سابقة لأوانها…كلها فرضيات وجب أخذها بعين الاعتبار وعدم إغفالها…

فالغنوشي نجح في أن يجعل من كتلة قلب تونس كتلة الحلّ والربط في كل ما يقع بالمجلس، و هكذا أصبح إنزال الغنوشي يمرّ عبر تصويت كتلة قلب تونس…وإسقاط حكومة المشيشي يمرّ عبر تصويت كتلة قلب تونس…و إسقاط بعض القوانين أو مرورها يمرّ عبر أصوات نواب قلب تونس…فالغنوشي صنع متعمدا من كتلة حزبٍ رئيسُه يقبع في السجن بشبهة الفساد، الورقة الأهمّ في مجلس باردو، و مصير المشيشي اليوم يرتبط أساسا بأصوات كتلة قلب تونس…وسحب البساط من تحت أقدام الغنوشي يمرّ عبر أصوات نواب قلب تونس…فالوضع الحالي للمشهد السياسي لن يتغيّر ما لم يقع فكّ الارتباط بين كتلتي النهضة وقلب تونس وأحوازهما…

ولن يقع فكّ الارتباط بالسهولة التي يتصوّرها البعض فالمصالح المشتركة بين الكتل الداعمة لساكن القصبة أكثر من تلك التي تربط بين من يعارضها وبينها وبين بقية الكتل المكوّنة لمجلس باردو…والمصالح المشتركة بين كتلتي النهضة وقلب تونس أقوى بكثير من تلك التي تربطهما ببقية الكتل…فمستقبل الشيخ على رأس المجلس يمر عبر توطيد الارتباط مع كتلة قلب تونس وأحوازها، والحفاظ على تماسك كتلة قلب تونس يمرّ عبر توطيد الارتباط مع كتلة النهضة والبقاء ضمن الحزام المساند والداعم لحكومة المشيشي…فالمصير المشترك الذي يجمع من هم حول المشيشي اليوم سيمنعهم من فكّ الارتباط بين بعضهم البعض…

والواضح من هذا الارتباط الوثيق بين الكتل المكونة لحزام الحكومة السياسي أن المشيشي اصبح أيضا مكوّنا أساسيا من مكونات هذا الارتباط، فهذا الأخير لن يعود إلى حضن من رشحه لكرسي القصبة  أبدا ولن يفكّر في الأمر أصلا، فحزام حكومته اليوم يوفّر له ما لا يمكن أن يوفره له حضن ساكن قرطاج و”مديرة” ديوانه… كما أن الغنوشي لا يريد أن يغيّر ساكن القصبة لغايات في نفس راشد…فالنهضة لن تغامر ولن تكون سعيدة كما يتصوّر البعض في حال عودة ورقة ترشيح من سيسكن القصبة إليها، و النهضة أدركت قبل الجميع صعوبة المرحلة التي تمرّ بها البلاد…وتدرك حجم الخسائر التي ستلحق بمن سيسكن القصبة ومن سيقف خلفه لذلك لن تغامر بتغيير ساكن القصبة مهما كانت الإغراءات …

فالحراك الاجتماعي الذي تشهده البلاد اليوم قد يصبح في قادم الأشهر جحيما لا يطاق وقد يأتي على الأخضر واليابس، والنهضة لا تريد تحمّل تبعات ذلك بمفردها بل تريد أن يشاركها الجميع في اسقاطات ذلك على مستقبل البلاد وخاصة على نتائج الانتخابات القادمة التي ستكون حتما مقبرة للكثير من الأحزاب الممثلة اليوم في مجلس باردو…النهضة وبقيادة رئيسها قرأت جيدا ما يدور في رأس المشيشي وعرفت أنه الشخص التي تتوفر فيه مواصفات من ستحمّله تبعات كل الفشل القادم…خاصة أنها لم تكن وراء اختياره لكرسي القصبة بل كان اختيارا لساكن قرطاج وسيحسب عليه حتى وإن أصبح ابنا ضالا في نظر هذا الأخير…لكن هل يمكن أن تغدر النهضة بالمشيشي في الوقت الحاضر وتقترب من ساكن قرطاج ومن هم حوله…وهل يمكن أن تقبل بتحالف جديد يستثني قلب تونس وبعض من هم معها اليوم؟ الإجابة هي “لا يمكن”…

فالنهضة لن تقترب من ساكن قرطاج دون أن تكون الرابح الأكبر من ذلك، ولن يكون ذلك الاقتراب ممكنا دون أن تقترب أيضا ممن هم اليوم مع ساكن قرطاج وأقصد التيار وحركة الشعب، وهذا لن يكون ممكنا ما لم يقع فكّ الارتباط بين النهضة وقلب تونس ومن معه، فقلب تونس جاء ليعوّض الكتلة الديمقراطية وأحزابها بعد القطيعة التي حصلت أثناء جلوس الفخفاخ على كرسي القصبة، ولن يكون التقارب مع التيار وحركة الشعب ممكنا دون أن تتنازل النهضة تنازلات في حجم أطماع التيار وحركة الشعب وساكن قرطاج وربما البعض الآخر وأطماع هؤلاء كبيرة جدا وقد لا تترك للنهضة نصيبا…وقد تشهد الساحة السياسية في قادم الأيام مراودات متبادلة بين جميع الأطراف لغاية في نفس كل طرف منهم…وقد يروّج هؤلاء وأولئك عن تقارب قريب…وعن قصّة حب بين النهضة وبعض الأطراف القريبة من قرطاج…لكن هل ستنتهي كل تلك القصص بالزواج…لا أظنّ…

المشيشي، الرابح الأكبر من المعارك التي تدور حوله..

يدرك الجميع أن المشيشي لا يمكن أن نعتبره شخصية سياسية، ولا يمكن أن نصفه بالرجل القادر على إصلاح الأوضاع المتأزمة بالبلاد، كما لا يمكن أن ننتظر منه نجاحا أو حتى إصلاحا بسيطا لحال البلاد…فالرجل قد يكون رئيسا جيدا لمصلحة بإحدى المؤسسات العمومية أو كاتبا عاما لإحدى الولايات ليس أكثر، لكنه ورغم كل ذلك فهو الرابح الأكبر والمستفيد الوحيد من كل ما يدور اليوم حوله، والغريب في هذه المعادلة الصعبة أن الجميع أعلنوا الحرب على الجميع من أجل كرسي يجلس عليه المشيشي ولا يريدون الجلوس عليه…فالقدر أتى به إلى كرسي لن يغامر أحد بطلب الجلوس عليه في وضع كارثي كالذي تعيشه تونس اليوم،

فهذا الكرسي قد يصعد بك إلى السماء لو نجحت في إصلاح ولو بسيط لأوضاع البلاد، وقد يذهب بك إلى السجن لو أخطأت ولو خطأ صغيرا، وقد يصيبك بكل أمراض العصر بسبب الضغوطات التي ستعيشها…والوحيد الذي يريد إنزال المشيشي من كرسي القصبة هو ساكن قرطاج والأحزاب التي تدور في فلكه وهؤلاء يتمنون ذلك ويطالبونه بذلك، فقط لأنهم أخرجوا من الحكم بخروج الفخفاخ من القصبة ويدركون جيدا أن الفرصة قد لا تتاح ثانية ليكونوا في الحكم مرّة أخرى…رغم كل هذا لا أظنّ أن المشيشي سيفرّط في فرصة أرادتها له الاقدار، وكأني به يدرك ما يعنيه بيت شعر يقول “من أمكنته فرصة فأضاعها، وأستعتب الأيام فهو المعتدي” …

والمتابع لما يفعله المشيشي اليوم يدرك لأول وهلة أن المشيشي بدأ مرحلة كسب ودّ من هم حوله وودّ من يمكنهم الوقوف معه في قادم الأيام والاشهر إن كتب لحكومته الصمود في وجه العواصف التي تلوح مدمّرة في قادم الأيام…المشيشي أدرك أن حزامه السياسي لا يريد تركه لمصيره الآن، ومتمسك به وخاصة حركة النهضة فتركه لمصيره في هذه الفترة سيعتبره المتابعون لما يدور في البلاد انتصارا لساكن قرطاج وهذا سيضرّ بأحزاب الكتل الداعمة قاعديا وجماهيريا…كما يدرك المشيشي أن اتحاد ساحة محمد علي وخاصة أمينه العام يبحث عن إطالة عمره التنظيمي وعمر عهدته على رأس الاتحاد، ولن يكون ذلك ممكنا دون أن يوفر له بعض آليات “الرضاء” والقبول لدى قواعده وهياكله من خلال الإمضاء على عشرات الاتفاقيات القطاعية المعطّلة بالجملة ولسان حاله يقول “اعطه ألف درهم يا كعلي…وغدا نأخذها أضعافا” مخاطبا وزير ماليته وقاصدا بما يعنيه أمين عام الاتحاد…

فالغنائم التي كسبها الطبوبي أخيرا من ساكن القصبة رغم أنها مؤجلة التنفيذ لم يغنمها من غيره في وقت قياسي كالذي مرّ من عمر حكومة المشيشي، وفي وضع اقتصادي مأزوم وقابل للانفجار في كل لحظة، وتحت طائلة شروط ملزمة من صندوق النقد الدولي بالتخفيض في كتلة الأجور والحدّ من انتفاخها المتواصل منذ عشر سنوات…فهذه الاتفاقيات المجدولة زمنيا ستُخرج الطبوبي من ورطة الإمضاء على هدنة مشروطة للدخول في حوار وطني يعطي شرعية البقاء للطبوبي وبعض من معه، وإطالة عمر وجودهم النقابي والسياسي بالمشهد العام للبلاد التونسية…

أما عن تعامل المشيشي مع التحوير الوزاري الذي أجهضه ساكن قرطاج فلن يكون صداميا في قادم الأيام وقد يلتزم الصمت وعدم الردّ عن كل ما سيصدر من ساكن قرطاج ومن يدور في فلكه لغايتين…الأولى هي أنه أدرك أن ساكن قرطاج يمر بفترة عصيبة على المستوى النفسي وقد تتكرر الأخطاء الصادرة عنه وعمن هم حوله، وقد تتوسع رقعة المنتقدين والرافضين لتصرفاته وهو الأمر الذي قد يضطرّه إلى القبول بالأمر الواقع والعمل على إنهاء بقية تفاصيل التحوير الوزاري المجهض منذ أكثر من نصف شهر للحدّ من تصاعد الأصوات المرتفعة ضدّ تصرفاته الرعناء وغير المسؤولة خاصة وأن أي ردّ صدامي من القصبة على تصرف خاطئ من ساكن قرطاج سيُخسر ساكنها نقاطا هو في حاجة أكيدة إليها اليوم…

والغاية الثانية هي أن المشيشي ادرك أيضا أنه يقوم بحرب بالمناولة ضدّ ساكن قرطاج نيابة عن النهضة ورئيسها، وأن هذه الحرب ليست حربه لوحده كما تروج النهضة لذلك بل هي حرب كل مكونات الحزام السياسي الذي لا يريد أن يكون بعيدا عن حكومته، خاصة أن ساكن قرطاج يريد أن يستأثر بالحكومة وإبعاد من لا يريدون العيش تحت مظلته…فالمشيشي أدرك أخيرا أنه ليس الوحيد المعني بهذه الحرب ضدّ ساكن قرطاج وأن على كل من يشكلون حزامه السياسي المشاركة في هذه الحرب بالعدّة والعتاد وكسبها سريعا قبل المطالبة بنصيبهم من غنائم الحكم…وهذا يعني أن المشيشي قد يعطّل أو يؤجّل كل توزيع لغنائم الحكم إلى ما بعد كسب معركة التحوير والاستقرار الحكومي وتهدئة الأجواء مع ساكن قرطاج ويرفض أن يكون الجندي الوحيد في حرب قد يكون هو الخاسر الأكبر فيها إن خسرها…

وفي انتظار أخطاء قاتلة أخرى من ساكن قرطاج سيواصل المشيشي صمته ولامبالاته عن كل ما يحاك ضدّ حكومته …وقد يأتي الخطأ القاتل من ساكن قرطاج ويضطرّ إلى رمي المنديل والإعلان ضمنيا عن خسارته حرب “نادية وهشام”…

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تونسيّا

محمد الهادفي: على العميد الجديد أن يكون عادلا، مستقلاّ، وشجاعا

نشرت

في

حادثه: كمال مثلوثي وعبد القادر المقري

خلال شهر سبتمبر المقبل سيتم إجراء انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين من أجل تجديد تركيبة الهيئة عمادة وأعضاء. وحسب المعطيات الأولية لمصادر مطلعة فإن ثلاثة أعضاء من الهيئة الحالية (حسان التوكابري، محمد محجوبي، نجلاء التريكي) لهم نية الترشح لرئاسة الهيئة وكذلك مترشحان سابقان هما بوبكر بالثابت و محمد الهادفي رئيس الفرع الجهوي السابق بتونس، الذي استضفناه لتسليط الضوء على برنامجه الذي سيدخل به غمار هذه الانتخابات والخطوات التي سيعمل عليها لمزيد النهوض بهذا القطاع.

ـ أنت في إيجاز

الأستاذ محمد الهادفي، محام لدى محكمة التعقيب، بدأت ممارسة المهنة منذ سنة 1987 أي ما يقارب الأربعين سنة محاماة في درجاتها الثلاث. ترأست الفرع الجهوي للمحامين بتونس من 2019 إلى 2022.

ـ ماذا قدمت للقطاع في عهدتك تلك؟

* رغم صعوبة تلك الفترة التي تزامنت مع جائحة كوفيد فقد اضطلع الفرع خلالها بمسؤولياته كاملة سواء من حيث الدفاع عن المهنة وأهلها أو استقلال القضاء أو عن الحقوق والحريات عامة، كما نظمنا عدة ملتقيات حول محاور مهمة كضمانات الدفاع، والتضامن بين الزملاء مهما كان انتماؤهم، أو حضور المحامين في وسائل الإعلام، كذلك باشرنا عددا من الإصلاحات الواقعية كإرساء شباك إرشاد خاص بالمحامين في محكمة الاستئناف أو الاشتغال على ملف أتعاب المحامين الذي كان يكتنفه بعض الغموض والجدل، فتم توضيح ذلك ونمذجة الأتعاب وضبط معايير موضوعية لها وغير ذلك.

ـ بين مغادرتك رئاسة الفرع والآن، مرت ثلاث سنوات عرفت خلالها مهنة المحاماة متغيرات شتى، فهل يطرح برنامجك قراءة لهذه المتغيرات ويجيب عنها؟

بل قل مصاعب تعيشها المهنة، وهناك أربعة محاور أساسية سأشتغل عليها للنهوض بقطاع المحاماة للخروج من الوضعية التي أصبح يعيشها وأول النقاط التي سأعمل على ترسيخها مع الزملاء المحامين:

ا/ مراجعة هيكلة المهنة

أ ـ إخراج رؤساء الفروع من عضوية مجلس الهيئة أي إنشاء مجلس وطني لرؤساء الفروع يحرص على دراسة العراقيل التي يتعرض لها المحامون بكافة ولايات الجمهورية والعمل على تذليلها ورفع العقبات التي من شأنها أن تعطل أعمالهم

خدمات المحامي حق لا يجب أن يبقى مقصورا على الأثرياء

ب ـ فصل تسيير صندوق المحامين للتقاعد والحيطة الاجتماعية عن إدارة مجلس الهيئة حتى يقدم الخدمات المناطة به لمنظوريه يشكل أكثر تفرغا وكفاءة وتوفير تمويلات جديدة له

ج ـ فصل مجلس التأديب عن مجلس الهيئة لإضفاء مزيد من النجاعة والاستقلالية وفض النزاعات في أطر تراعى فيها حقوق المحامي

اا/ إعداد المهنة للمستقبل بوضعها على درب التقدم وإقحامها فعليا في مسيرة العصر

أ ـ تطوير شكل مباشرة المهنة في اتجاه الدفع بأن يصبح شكل المباشرة الجماعية هو الشكل الرئيسي، وهنا لابد من العمل على تطوير النصوص الحالية المنظمة لشركات المحاماة، وإقحام حتى بعض المهنيين الآخرين (عدول تنفيذ، خبراء محاسبين…) في المكاتب المذكورة

ب ـ تطوير منظومة التكوين في المهنة

ج ـ رقمنة العدالة (تعصير مكتب المحامي وإقحامه في الرقمنة)

ااا/ فتح المهنة على محيطها وتثبيت التواصل المتجدد معه

IV/ تنظيم تسيير المهنة وإدخال الرقمنة في مجال الاستشارات والنظر في الملفات القضائية بالسعي لتمكين المحامين من العمل في كنف الاستقلالية التامة وإستعادة المحاماة لبريقها المتوهج الذي من أجله أحدثت للدفاع عن المنوبين والانخراط المبكر والدائم في النضال الوطني والديمقراطي، والمساهمة في بناء الدولة الحديثة التي يسودها القضاء العادل وتحفظ فيها حقوق الأفراد والجماعات مع السعي للتعاون مع السلطة القضائية بالمشورة وتبادل الرأي لما فيه حسن سير العدالة وتطوير العمل القضائي.

أفقنا… مكاتب جماعية تقطع مع الفرديات والعشوائيات

ـ بالاطلاع على مكاتب وظروف عمل عديد المحامين تبدو مهنتكم تحت أشكال من المعاناة، فهل من حلول لذلك؟

أنتما تتحدثان عن الشكل التقليدي الموروث لممارسة المحاماة وهذا صحيح، ولكن الإصلاحات المبرمجة من شأنها أن تغير الأوضاع نحو الأفضل، فمثلا بُعد المسافة بين مكتب المحامي ومقرات المحاكم سيحل جديّا بإرساء منظومات الاتصال الحديثة، وقد بدأنا بعدُ في إرسال الوثائق عبر البريد الإلكتروني وسيتوسع ذلك باستغلال التكنولوجيا ورقمنة الملفات. وفي أورويا اليوم يتحدثون عن “عصر المحامي الرقمي” وعن محامين بلا مكاتب أصلا ودون حاجة إلى ذلك.

ـ ما نلاحظه أيضا أن هناك محامين لا يجدون عملا، في حين أن آخرين لديهم تخمة من الإنابات والنيابات وخاصة من المؤسسات، فهل هذا راجع لكثرة المحامين قياسا إلى عدد المتقاضين، أم لاختلال ما، أم لوجود مسالك غير مشروعة في إسناد القضايا؟

* أولا عدد المحامين بالجمهورية لا يتجاوز العشرة آلاف على 12 مليون ساكن، وهذا لا يقارن ببعض البلدان الأوروبية التي تصل إلى أضعاف هذا الرقم في مدينة واحدة لا في كامل البلاد، فالمشكلة ليست في العدد بل في محدودية أشكال التدخل والخدمات المسداة، ثانيا لا بد من تغيير نظرة المجتمع في ما يخص التمتع بخدمات المحامي التي ما زال عندنا من يعتقد أن ذلك مقصور على الأثرياء، وهنا على الدولة أن تقوم بدورها في باب الإعانة العدلية لكافة المواطنين غير القادرين على تكاليف التقاضي، ثالثا وكما أسلفت هناك عمل كبير حول ضبط وترشيد أتعاب المحامين (في فرنسا مثلا، اتفاقية الأتعاب تتحدد ويتم إمضاؤها مسبقا)، كما أنه مطلوب منا إرساء علاقة ثقة متبادلة بين الحريف والمحامي، وأضيف هنا “مكتب المحاماة” الجماعي المذكور أعلاه والذي سيتجاوز العمل الفردي والعشوائي القديم، في نفس الوقت ومع آليات المراقبة والشفافية والدور التعديلي المناط بالعمادة، سيقع التخلص من عنصر المحاباة والتفاوت غير المنصف بين المحامين. وأخيرا لدينا في الأفق إرساء منظومة تأجير قار (Salariat) لبعض أصناف المهنة.

ـ هناك أيضا اتهامات طالت العمادة في ما يهم تعطيل ترسيم المحامين الجدد

* تعطيل الترسيم بجدول المحامين جماعيا أمر مرفوض، وقد حصل ذلك سابقا ـ لأسباب سياسية ـ في مناسبتين: الأولى مع التونسيين خريجي جامعات الجزائر، والثانية حول بعض القضاة المعزولين الذين قرروا مزاولة مهنة المحاماة، وقد تم فض الإشكال جزئيا وسيكون بقية الملف من أنظار المكتب القادم للعمادة.

أرفض التعامل الانتقائي مع المحامين

ـ موضوع يعتبر في خانة “المسكوت عنه” ويتعلق بوضعية المحامية عبير موسي التي رفض عميد المحامين التعامل معها

*الأستاذة عبير موسي هي زميلة كباقي الزملاء لها مالهم من حقوق الدفاع والتضامن، وقد وقع لها إشكال مع العميد الأسبق (الأستاذ بودربالة) عندما كانت نائبة بالبرلمان وقصدت مكتبه حين تم الاعتداء عليها بحرم المجلس، أما فرع تونس للمحامين فقد ترافع عنها وهو يتابعها باهتمام ولا يتعامل مع الزملاء بشكل انتقائي.

ـ مما يلفت الانتباه أنه أثناء المحاكمات التي تقام ببلادنا، لاحظنا حضور محامين عرب وأجانب، فهل للمحامي التونسي أيضا فرص للترافع في تلك البلدان؟

نعم وهذا رهين علاقة هيئتنا بهيئات المحامين في البلدان الأخرى، توجد اتفاقيات في هذا الصدد مع أجوار المغرب العربي، كما توجد اتفاقية مع فرنسا في حاجة إلى تطوير، وسنسعى إلى توسيع ذلك مع المذكورين ومع بقية بلدان العالم حتى يتسنى لنا تصدير خدمات المحاماة التوسية وهي قادرة بكفاءة على ذلك.

مواصفات العميد الناجح حسب رأيك؟

مهما كان اسم العميد المقبل، فيجب أن يكون عميدا لكل المحامين أيّا كانت ألوانهم السياسية وغيرها، كما يتوجب عليه أن يكون مستقلا وشجاعا.

كلمة حرة؟

أنا على يقين من أن المحاماة قلعة للنضال والحرية والتجديد وستبقى عصيّة على من يتربصون بها ولن تنال منها سهامهم مادامت موحدة ومتضامنة ومتماسكة ووحدتها هي مصدر قوّتها وهي الضامنة لاستقلاليتها.

أكمل القراءة

جلـ ... منار

لروحك السلام يا آخر العباقرة

نشرت

في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غادة السمّان:

ماذا يقال في رحيلك وقد قلتَ كلّ شيء.

يخجل القلب من نعيك، ويضيق الحرف برثائك، تفيض المشاعر حزناً وصدمة إنّما لا يتّسع الفضاء الالكتروني لترجمتها.. تربّطت أصابعي عن النقر على لوحة الحروف واحترقت دموعي غزارة في المُقل.

غبت أيّها المتمرّد الأوّل يا من نفضت الغبار عن فكرنا لنستنير وبقينا جهالاً!

هذا المقال أوائل البدايات في الصحافة كتبته في 2018 وكان من أجمل ما كتبت لأجمل من عنه كتبت

تأثّرت بك وانتظرت عودتك لأعاصر شيئاً من فنّك الأسطوري.

كان مقالي حلماً جميلاً لكنّك رحلت دونما وداع كما أعزّ أحبّائي.

ثقُل كأس الموت يا تمّوز، حرقته لاذعة ترفض التروّي فمهلاً على المواجع

شخصٌ بمثابة الحلم تتمنّى إدراك حقيقته و سبر عمق أغواره، إلّا أنّك إن نلت شيئاً عنه تجد أنّك لا زلتَ على البرّ المربِك، الأكثر حيرةً.

لطالما تمنيّتُ أن أفهم من هو؟وكيف يُفكّر؟ ومن أين يأتِ لنا بكلّ تلك الحقائق الصادمة؟ السّاخرة والآخذة.

لِمَ هو بهذا التعقيد وتلك السلاسة في وقتٍ واحد؟!

كلّما صعُبَ عليك فهمه هان، و كلّما هانت كلماته استصعبت.

ذلك السّهلُ الممتنع ممتلئٌ بالشغف وكثير البرود، أستمعُ إلى حواراته القليلة جدّاً فأتمنّى أن أجد لتساؤلاتي أجوبة..

‎ زياد الرّحباني اعترافات مشاكسة عمّا يجول في خاطره، يفاجِئُكَ ببساطة مفرداته وصعوبة تقبّلها في آن، حين يقول ” أنا مائة ألف شخصيّة فايتين ببعض” ويذهلك بحقيقةٍ أمرّ.

‎مضيفاً “بعد 5 دقائق من ولادتك رح يقرّروا دينك، جنسيتك، مذهبك، طائفتك، ورح تقضّي عمرك عم تدافع بغباء عن إشيا ما اخترتا”!! حتّى أنّه علّق وانتقد تغيير التوقيت حيث قال ساخراً:

‎” كل سنة بتقدموا السّاعة وبترجعوا لورا 10 سنين”.

هل هو بهذه العبقريّة التي يبدو عليها أم نحن بتنا جهالاً، لكثرة ما خذلتنا المعرفة في هذا الوطن الكئيب.

لماذا لا نرى ما يراه و نفقه ما يقوله، ونفكّر ولو قليلاً بنهجٍ يماثله؟!!

ليس زياد الرّحباني ذلك الموهوب، المؤلّف المسرحيّ أو الكاتب والملّحن الموسيقيّ فقط.

بعيداً وباستحقاقٍ جدير بالاعتراف يرتقي إلى مكانة المفكّر العبقريّ، والناقد الأشدّ لذعاً بمختلف ميادين الحياة.

هو مَن لا تفوته فائتة في السياسة والأدب والفن والموسيقى والمجتمع ودائماً ما يُفصّلُ اعتراضات واتّهامات للجميع دون استثناء..

إنّه المشاكس الحذر، الصامت طويلاً ولكن إن حكى، أبكى التخلّف وأحبط مفاعيل الجهل، وصبَّ لينَ الزّيت على أفواه النار.

من هنا فإنّ المسرح اللّبناني في غياب زياد ناقصٌ وعند مستوى خطِّ الفقر!!

إلّا أنّه يغيب فجأةً وينقطع عن محبّيه عمراً. ليمنَّ علينا مؤخراً بعودةٍ خجولة أطلق فيها الوعد بالبقاء.

وها نحن هنا بعد سنوات من القطيعة المجحفة تلك، لا نُريدُ رحبانيّات متفرّقة، بل تتملّكنا رغبةٌ جامحة بلوحةٍ عنوانها فيروز وزياد الرحبّاني يغنيّان معاً، ويكسران كبرياء أفقٍ مثقّلٍ بانحطاط موسيقيّ!

ها هو المجنون العبقريُّ يحطّم صومعته ويُلقي علينا بسحر التراتيل.. بذكاءٍ فطري يضبطُ التوقيت الذي يراه مناسباً. مهما انتظرنا يبدو العناء مستحقّاً أمام جنون العظمة.

حين تدرك أنّ وحدَها النّسور من تغرّد خارج السّرب، وحين تقرّر تعود إلى أحضان فيروزها لتصبح الأغنية صلاة..

أكمل القراءة

جلـ ... منار

دفاعا عن ماجدة الرومي

ردّاً على مقال: حين يعلو الجهل ويخفت الإدراك الموسيقي

نشرت

في

جمال فياض

في زمن تتكاثر فيه الأقلام المتطفّلة على النقد الفني، وتختبئ وراء قناع “المحبة الصامتة” لتبثّ سمًّا باردًا في جسد الإبداع، يطلّ علينا مقالٌ “غير ودّي” عن حفل السيّدة ماجدة الرومي في “أعياد بيروت”، لا يحمل من الحسّ النقدي سوى مفردات طبية سطحية ومصطلحات صوتية غير واضحة أو مبررة ومبتورة السياق.

إن الحديث عن انتقال الصوت من طبقة الـ”Soprano Lyric” إلى “Mezzo-Soprano” أو حتى إلى “Alto” هو كلام صحيح علميًا من حيث التدرج الطبيعي لأي صوت بشري، لكنه يصبح مضللاً عندما يُطرح كأداة للطعن، لا كظاهرة بيولوجية طبيعية يعرفها كل دارس حقيقي لفسيولوجيا الصوت. فحتى مغنّيات الأوبرا العالميات ينتقلن تدريجيًا في طبقاتهن مع التقدم بالعمر، دون أن يُعتبر ذلك سقوطًا فنّيًا، بل نضجًا صوتيًا وإعادة تموضع ذكي للريپرتوار.

أما مصطلح “Tremolo” الذي استخدمته الكاتبة، (وليتها شرحت لنا نحن البسطاء اللي فهماتنا على قدنا معنى المصطلح الذي زودها به أحد المطرودين من حياة الماجدة) وهي استخدمته على عماها فأساءت فهمه على ما يبدو. فالـTremolo ليس عيبًا صوتيًا بالضرورة، بل أسلوب تعبير ديناميكي مقصود في الأداء، يُستخدم في الموسيقى الكلاسيكية والشرقية، ويُضفي بعدًا دراميًا على الجملة الغنائية، لا سيما في الأعمال العاطفية أو الإنسانية. لكنه يتحوّل إلى “اهتزاز غير إرادي” فقط في حالات مرضية مُثبتة طبيًا، وهو أمر لا ينطبق على الماجدة ولم تثبته أي جهة موثوقة في حالة السيدة ماجدة، بل استنتجته الكاتبة بإذن نقدية هاوية غير مؤهلة سريريًا أو أكاديميًا.وربما بأذن مستعارة ، من شخص ما !!

إن وصف الكورال بـ”العكّاز الصوتي” يعبّر عن جهل صارخ بوظيفة الكورال في الموسيقى الكلاسيكية والحديثة وكل الأغاني على حد سواء. الكورال ليس ترميمًا لعيوب، بل جزء أساسي من البنية الهارمونية، يعمل كدعامة جمالية وتعبيرية، سواء في موسيقى “باخ” أو أغاني فيروز أو إنتاجات اليوم الحديثة. حتى أم كلثوم ختمت حياتها الفنية بأغنية فيها كورال ومسجلة في الستوديو، وهي أغنية “حكم علينا الهوى”، فهل غرام بليغ حمدي بإضافة الكورال على أغلب ألحانه كان “عكازاً” لوردة وعبد الحليم وكل من لحّن لهم؟ استخدام الكورال لا يعني ضعفًا بل انسجامًا مع شكل موسيقي راقٍ يسمّى “الهارموني الكورالي”.

أما التلميح إلى أن السيدة ماجدة الرومي “تصارع للبقاء”، فذاك تعبير درامي هابط يتنافى مع اللياقات كما مع حقيقة ما رأيناه وسمعناه: فنانة قديرة تتحكّم بمسرحها، تدير الفرقة بوعي موسيقي عالٍ، تؤدّي بجملةٍ صوتية مدروسة تحترم مساحة صوتها الحالية، وتوظّف إمكانياتها التقنية بإحساس رفيع دون أن تفرّط بكرامتها الفنّية. ذلك يسمّى في لغة الموسيقى “interpretative maturity” أي النضج التعبيري، وليس انهيارًا كما يحاول البعض التسويق له بلغة “فيسبوكية” مستهلكة.

وأخيرًا، المقارنة بين ماجدة وصباح وفيروز مضلّلة وغير دقيقة. فكل صوت حالة مستقلّة، وكل مدرسة غنائية تُقاس بمعايير مختلفة. وإن كانت فيروز قد اختارت الابتعاد، في مرحلة ما بعد السبعين ،فذاك قرار شخصي لا يُفرض كنموذج على الأخريات. لأن أم كلثوم ظلّت تغني حتى العقد الثامن من عمرها، وهي راعت كما هو معروف طبقاتها الصوتية منذ بلغت الستين من عمرها. وهذا ما ما فات كاتبة المقال ذكره.

نحن لا نصفّق من دون وعي، بل نُصغي بفهم. وما سمعناه من ماجدة في “أعياد بيروت” كان صوتًا لا يزال يُغنّي بروح تُحسن استخدام تقنيات الـVibrato Controlled، وتعرف متى تُمسك بالجملة ومتى تُسلمها للمرافقة الموسيقية، دون أن تفقد شخصيتها الأدائية.

السكوت الذي دعا إليه كاتب المقال باسم “المحبّة”، هو صمت الجاهلين. أما المحبّة الحقيقية، فهي أن نعرف الفرق بين الهبوط الصوتي، وبين إعادة توزيع القدرات وتكييف الأداء بما يليق بمقام الفنّ النبيل…

بكل مودة الزمالة…

شكراً ، لمن كتب بالسرّ، ومن نشر في العلن

أكمل القراءة

صن نار