نحن جيل الخمسينات و الستينات تربّينا على قِيم و شعارات تبدو اليوم أشبه بالفلكلور.. و اليوم لابد من مراجعة بعض التعاريف كِتعريف الوطن و الوطنية..
في زمننا كان عندنا وزارة التربية القومية و الشركة القومية للسكك الحديدية و القومية للنقل و الصندوق القومي للتقاعد.. اليوم القومية اندثرت ابتداء من القومية العربية و أنت جاي.. في زمننا مافماش ڥيزا و لكننا ما حرقناش حبا في الوطن و ما شابه ذك الكلام الفلاحي.. كنا نرنُو لبناء الوطن و نتغنى بالوطن و نردد (لا عاش في تونس من خانها.. و نموت نموت و يحيى الوطن..) و كم من شاب و طالب و موظف كان يقضي عطلته الصيفية في فرنسا أو إيطاليا و يعود الى الوطن مهما كانت المغريات..
اليوم الوطن ماعادش هاك الخريطة.. ماعادش (حبٌة من ترابك تسوى الدني كما غنت فيروز..) لسبب بسيط: وهو أن الوطن أصبح حيث أجد قدري و عيشتي و راحتي.. الوطن هو الذي يضمن لي العمل و الدواء و الأمن و العيش الكريم.. فنحن نرى مرضانا يعانون من أجل الفوز بموعد سكانار أو إي/آر/آم/ في حين نرى و نسمع عن توانسة مقيمين بفرنسا أحيلوا على التقاعد و رفضوا الاستقرار في ما يسمى الوطن الأم.. لأنهم مبجلون مكرمون في الوطن الذي تبناهم و أحسن مأواهم..
لذلك برشا أطباء و مهندسين هاجروا لأنهم لقوا وطنا آخر يعوضلهم الوطن الأم.. معناها لا هجرة أدمغة و لا سيدي زكري.. بالعكس لعلهم اختاروا الحل الأنسب دون محاولة الخوض في (كان عليهم الاستقرار هنا و رد الجميل للوطن.. و هات من ذاك الكلام الذي لا يشتري خبزا و لا دواء..) باختصار:معناها المولدي البناي كيف غدوة يلقى مرمّة في فرنسا بـ 100 يورو النهار.. تو يقوللهم: نخدم في بلادي ب30 دينار خير..!!