جور نار
ورقات يتيم … الورقة عدد 18
نشرت
قبل سنة واحدةفي

الامّهات انذاك وبحرص شديد لحد الاختناق كنّ “يقرقنّ” بشكل دائم … اعني يعدن نفس الاسطوانة، ربما هو الخوف علينا و (احنا صغيّرين وما نعرفشي الحاجات دي!)، ربما التوق لكي يكون ابنهن الافضل الاذكى الاكثر نظافة وانضباطا …

وفي ذلك اليوم عيّادة “شدّت ما سيّبت”… توتّرت اعصابي بشكل غير معهود (اسمالله عليك يا سي كريّم يعملولك اعصاب ويعملولك توتّر زادة!) … كنت يومها في “طمبك” غضبي …ومن عاداتي التي مازلت احتفظ بها لحد يوم الناس هذا ..انني اصمت عند الغضب … في ذلك الزمن لم اكن ذلك الواعي بوجوب الصمت عند الغضب ولكن ربما وهبني الله نعمة كبرى فانا لا اغضب كثيرا وحتى ان حصل الجأ الى الصمت …يومها كان اول انفجار رهيب في حياتي وما اكثرها انفجاراتي …نظرت مليّا الى عيّادة و”فصّصت عيني في عينها لا حشمة ولا جعرة”، وصرخت في وجهها مزمجرا هائجا وصوتي ينطلق كالطوفان البركان: “تعرف انّو انت اكثر وحدة.. نكرهها في الدنيا!”
مااخيبك وما اخيب منظرك وما اخيب جد سماك يا عبدالكريم …(خسئت، اجلدوه يا قوم) …
لم تنبس أمي ببنت شفة ورايت في عينيها شلالات من الدموع ..رأيت عيادة تغالب ما بداخلها …رايتها موجوعة ..رأيت تلك المرأة الحديدية تصبح اخفّ من قشّة تبن … ياااااااااااه يا عبدالكريم تفووووووووه عليك هكة تعمل في عيادة ..؟؟؟ هكذا كان صوتي الداخلي يرّدد …ثم ما لبثت ان افقت على وجعها الحزين وهي تسأل: “انا اكثر وحدة تكرهني في الدنيا ؟؟؟” …وابى كبريائي المراهق ان يتراجع وأجبت دون ان انظر اليها: “ينعم انت”… انسحبت عيّادة من الميدان كفارس يجرّ اذيال خيبته وهو يرى فرسه الجامح يطيح به من اعلى صهوته .ويمرّغ انفه في الوحل …يومها كانت بدايتي مع التدخين ..قمت بلفّ قرطاس عادي ودخلت الى المرحاض واشعلته (زعمة زعمة ولّيت راجل ونترفز ونشعّل سيڨارو)…
كاد دخان القرطاس يخنقني ووصل سعالي الى مسامعها لتسرع الى طفلها وتسال: “اشبيك تكحّ ؟؟مريض ؟؟” …الأم التي قد تفقد مالها ..حليّها ..كل ما تكسب ..و لكن ابدا ان تفقد امومتها …اطفأت سيجارتي القرطاسية واجبت: “لاباس” … ابتعدت قليلا واذا بها تقول لـ”للّتها” فطومة (اختها الكبرى): “يخخّي شعّلت المجمارة ؟؟ ريحة القراطس في النار”….لم انس ذلك اليوم … ولم انس فعلتي الشنيعة بها ..واحمد الله انني شعوريا واراديا او لاشعوريا عشت طيلة عمري اقضم اصابعي واشعلها شموع فرح لها لاكفّر عن ذلك اليوم … كدت اقول الاسود … ولكن هو بالنسبة لي كان يوما اغبر واكثر فظاعة واشنع من كل الالوان المعتّمة .. كنت صغير السن نعم …وغفرت لي عيّادة بعد ايام لاتعدّ على اصابع اليد الواحدة نعم …ورحلت عنّي وهي تكلّل ايّامي بدعوات الخير والامتنان لما قدّمته لها ..نعم .. وفي قادم الورقات تفاصيل كثيرة في هذا الباب .. ولكن هل تصدّقون اني ولحدّ هذا اليوم لم اغفر لنفسي الوجع الحيني المدمّر الرهيب الذي سبّبته لها ذلك اليوم …
في تلك الحقبة وقبل انتقالي للمرحلة الثانية من التعليم الثانوي (مرحلة التخصص)، كان كل يوم يمر الا ويزداد حب اطّلاعي على فنون وجنون الحياة ..اصبحت افهم اتراب الحومة، الاكبر منّا، وهم يغشّون بعضهم بعضا بـ”كلام القباحة”… بل ما اعجبني وقتها وحتى في سن متقدمة انهم ثم اننا اصبحنا نتفنن في ابتكار انماط جديدة من “الغشة” نحتفظ بها لانفسنا بحق الملكية الادبية تأليفا واخراجا .. فهمت وقتها كذلك ان بعضهم يتعاطون اللواط …ولكن حذار من ان تصدح بذلك لا امام السلبي منه ولا الايجابي ..اي الفاعل والمفعول فيه …وفهمت ما معنى “العملية السرية “… وكلّما تسلّل “غشّير” ليشاركنا جلساتنا نحن الكبار (جماعة ال 15 فما فوق) نهرناه بشدة باعتباره “فرخ واش يفهم منّو”…
لم انس ايضا خلافات بعضنا التي تصل في اغلبها الى معارك بونية ..ولم انس اني لم اخض في حياتي اي عراك جسدي مع اي كان ..طبعا السبب الاول تفهمونه جيدا ..امكانياتي العضلية لا تسمح لي بالتسلط الا على اخوتي الاصغر منّي سنا ..ولكن ما يحسدني العديد عليه اني كنت احظى بحب كبير من اصدقائي ..وحتى اذا شاكست البعض منهم (وكنت ومازلت كثير المشاكسة) كانوا يضحكون و هم يهمّون بوضع لكماتهم على …لا تبحثوا عن جغرافية مكان معين في جسدي ستكتشفون من خلال اجاباتهم انكم تبحثون عن عنوان لا عنوان له ..كانوا يقولون: “بربّي اش فيك ما يتضرب” ؟؟؟…لكن الغريب انني كلما لعبنا كرة القدم في الحومة وخاصة بين بعضنا البعض (كنّا نعملو ما يسمّى قسمة) كان الجميع يحرصون على ان اكون ضمن فريقهم ..
وتواصل الامر طيلة ممارستي لكرة القدم سواء كان ذلك في الحومة او في المعهد .الحي . مع استاذ الرياضة المرحوم الهادي الحاج طيب، او في رياضة وشغل ضمن مؤسسة الاذاعة والتلفزة ..لم اكن لا العقربي و لا ديوة ولا حتّى هاكة الّلي خذاوه بـ7 ملياردوات وهو ما يسواش 7 قروش . مانتذكرش شنوة اللون اللّي يعيطولو بيه ..وباش ما نكذبش والله نتذكّر ….كنت عاديا جدا في فنياتي ..ولكن كانت تسكنني دوما الرغبة في الربح حتى “بالدّود” (كلمة تعني مباراة ودية) …وكنت رغم بنيتي الجسدية لا اتعب ..لا اكلّ ..اقاوم ولا اساوم ..مما جعل جل المدربين الذين تدربت عندهم لم يرسّموني يوما في قائمة البدلاء ..بل و بعد بلوغ سن رشد كروي معيّن اصبحت قائد الفريق ومنفذ ضربات الجزاء …ما نحكيش على ولد معلول ..نحكي على ولد قطاطة…
في سنة 2008 وانا اؤدّي عمرتي فوجئت في نزل مقر اقامتي بمكّة بصوت يناديني من بعيد بـ “يا عبدالكريم يا مجاهد” … لم انزعج وقتها فداعش لم يظهر بعد ومجاهدو النفير العربي لم يخرجوا من جحورهم … التفتّ فاذا به مدربي وقائد فريقي السابق بفريق الاذاعة والتلفزة التونسية منجي ساسي، ابقاه الله ..وبعد العناق والطبطبة المتبادلة على الكتف (قدّاش نحبّها الطبطبة المتبادلة على الكتف ..آش فيها ؟؟ نحبّها . ينعم نحبّها) …بعدها طفق المنجي يحكي لمرافقيه عن عبدالكريم اللاعب المجاهد ..تقولشي “غاتوزو” متاع ميلانو او ولد الكحلة والبيضة منجي عبد المولى في زمانو اللي وفي مباراة للسي اس اس ضد المكشخة “لبس طارق ذياب خنقو” …وكمّل ذويب شدّ تميم ..ووفات الحكاية 2 لصفر لفائدة الجمعية …ما تدهشوش من النتيجة وقتها سليم شيبوب مازال ماهواش رئيس الترجي …رغم انو خروجو من الترجي كان زادة في آخر مقابلة معانا ,,والنتيجة 2 لصفر وهدف زبير السافي الجلطوي ..وحتما ساعود في قادم الورقات لشيبوب حتما حتما حتما…
وحتى لا انسى لا يمكن ان امرّ على تلك المرحلة من تعليمي دون الترحم على زوج اختي …الذي وافاه الاجل في اواخر الثمانينات ..زوج اختي هو واحد من اسباب كل ما وصلت اليه في دراستي ..ابي وعند رسوبي في السنة الاولى عبّر عن انزعاجه من اعادة مصاريف سنة (“تحسايبني نكيّل فيهم انا الفلوس بالكيلة ؟؟ ما يساعدنيش .. ودبّر راسك في مصروفك العام الجاي”) …اي السنة الاولى المعادة… هكذا قال سي محمد الوالد رحمه الله… التقطها زوج اختي وهو ايضا اسمه سي محمد ..ودعاني لحانوته كان حذّاءا في المدينة العتيقة ..اشترى لي فطورا من عند اروع كسكروتاجي في الدنيا انذاك (الغمڨي بنهج الباي) رغم بساطة تركيبته (طرف سوس وبطاطة و…………….. فقط، ولكن لست ادري من اين له باسرار تلك النكهة الغريبة الى حد النهم ….الله يرحمك يا غمڨي …
بعد الفطور انتحى بي زوج اختي بركن من اركان حانوته الذي هو في حد ذاته ركن لا حانوت وقال: “اسمعني مليح اقرأ على روحك ومصروفك عليّا ونحبّك تنجح وكان نجمّت بعد ترجعّلي رجّع وكان ما نجمتش السّماح”… اين من عينيك هاتيك المجالي .. يا رجل الرجولة يا حلم الزمان ..هذا هو رجل اختي الغالي .. وكان ذلك ..ولي عودة لي وله في قادم الورقات…
وحتى اكمل هذه الحقبة …كيف لي ان لا امر على حدثين رسخا في ذهني كثيرا وكانت لهما انعكاسات وفيرة على باقي سنوات عمري …؟؟؟ الحدث الاول هو حرب بنزرت ..في تلك الحرب خرجت ولاول مرة في حياتي في مظاهرة وانا اردد دون وعي كبير ولكن باندفاع جد كبير: “الجلاء السلاح”… كانت الروح الوطنية التي تفجر الدماء في كل شراييننا لا يمكن وصفها ..كنّا انذاك لا نفهم في السياسة الا طراطيشها ..نعرف بالكاد خلاف بورقيبة مع بن يوسف ومع عبدالناصر … ومع هذا الثاني كنا نشاهد البورقيبيين (الدساترة) يخرجون في مظاهرات يردّدون فيها: “عبدالناصر يا بهبار للعروبة عملت العار” … فيما كانت اخبارنا في الاذاعة الوطنية تهاجم يوميا المذيع المصري احمد سعيد، وتناديه بـ “احمق التعيس” …الا ان حرب بنزرت عشناها بكل حماسة ..خاصة وصوت عليّة “يشرڨع” بكلمات عبدالمجيد بن جدّو ولحن الشادلي انور في واحدة اعتبرها افضل اغنية وطنية تونسية على الاطلاق: “بني وطني” …والافضل لا يموت ولا يفنى …
الحدث الثاني كان بتاريخ 6 فيفري 1964 … انت عمري … كانت كل وسائل الاعلام مصرية أو عربية تنتظر لقاء العملاقين عبدالوهاب والست الذي كان وراءه واحد من افضل من عرف العرب في تلك الحقبة: “الريّس جمال عبدالناصر” … ارجوكم هذا رأيي وانا دائما اكتب ما احسه واقتنع به… اذن.. كل العالم العربي كان يتطلّع بشوق الى لقاء القمم في السحاب وكانت:
““قد ايه من عمري قبلك راح وعدّى
يا حبيبي
ولا شاف القلب قبلك فرحة واحدة
ولا ذاق في الدنيا غير طعم الجراح
ابتديت دلوقتي بس
ابتديت احب عمري
ابتديت دلوقتي اخاف لا العمر يجري…”
. .ياااااااااااااااااااااااااااااااااه الستم معي ان مثل هذه الغيمات الممطرة فنا وذوقا ومتعة تدفعنا حتما الى التحليق في سحاب ما بعده سحاب …وحيث طبطبة ما بعدها طبطبة …اطبطبكم…
ـ يتبع ـ

تصفح أيضا

عبد الكريم قطاطة:
في الفترة ما بين 2004 و 2010 لم تكن الاحداث التي عشتها كمّيا كثيرة وها انا امرّ على ابرزها لاخلص بعدها لقهرة الربيع العبري…

عودة لسنة 2004… في اواسط تلك السنة بدأت رحلة تعاقدي مع جامعة صفاقس كخبير مدرّس للعلوم السمعية البصرية بمعهد الملتيميديا… صاحب المقترح هو مدير معهد الملتيميديا انذاك الزميل والصديق “عبدالحميد بن حمادو” الذي أعرفه منذ درسنا معا في تعليمنا الثانوي بمعهد الحيّ… سي عبدالمجيد فكّر في انشاء مادّة للعلوم السمعية البصرية ببرامج بعض شعب المعهد…تحادث في الموضوع مع زميلي الكاميرامان انذك مفيد الزواغي فأشار عليه بالاتصال بي وكان ذلك… وانطلقت مسيرتي كمدرّس لهذه المادة لمدة عشر سنوات بعد ان طلبت ترخيصا في الامر من رئاسة مؤسسة الاذاعة والتلفزة وتحصلت عليه، شرط ان لا يؤثّر ذلك على واجباتي المهنية… ومنين يا حسرة ؟
في وحدة الانتاج التلفزي كنا نعيش البطالة الدائمة ونتقاضى على ذلك رواتبنا ومنح الانتاج ايضا… وكان كلّما عُيّن مسؤول جهوي أو وطني جديد، قام بزيارة اذاعة صفاقس للتعرّف على احوالها وطبيعيّ جدا ان يزوروا وحدة الانتاج التلفزي… وكنت مطالبا كرئيس مصلحة الانتاج ان استقبلهم وان اقدّم لهم بسطة عن الوحدة وعن انتاجها… وكنت دائما اردّد نفس الاسطوانة التي كم اقلقت المديرين الذين تعاقبوا على رأس اذاعة صفاقس… كنت اقول لضيوفنا الاعزاء (اعني المسهولين): وحدة الانتاج التلفزي فيها كلّ شيء الا الانتاج، وبقية التفاصيل تأتيكم من مديري!…
مقابل ذلك كانت علاقاتي مع منظوريّ في مصلحة الانتاج التلفزي على غاية من الودّ والاحترام … بل ذهب بي الامر الى إعلامهم انه بامكان ايّ منهم ان يتغيّب لكن عليه يكتب لي مطلبا مُسبقا لرخصة غياب دون ذكر التاريخ، احتفظ به عندي حتى يكون وثيقة استظهر بها اداريّا كلّما اقتضى الامر وذلك لحمايتهم وحماية نفسي… وفلسفتي في ذلك تتمثّل في الآتي: مالفائدة في حضور موظفين لا شغل لهم ؟ خاصة انّ بعضهم يقطن عشرات الكيلومترات بعيدا عن صفاقس المدينة… ثمّ اليس واردا للموظّف الذي لا شغل له أن يصبح شغله الشاغل احداث المشاكل مع زملائه ؟ اذن مخزن مغلوق ولا كرية مشومة… لكن في المقابل واذا اقتضت مصلحة الوحدة ان يعملوا 16 و 18 ساعة ما يقولوش (احّيت)…
تلك العلاقة التي وضعت اسسها بيننا كرئيس ومرؤوسين رأيت عمقها يوم مغادرة الوحدة للتقاعد… يومها أحاط بي زملائي ورفضوا رفضا قاطعا ان اكون انا من يحمل بنفسه وثائقه وكلّ ماهو ملكه الخاص الى منزله… وحملوها عني جميعا وبكلّ سعادة مخضّبة بدموع العشرة… والله يشهد اني وطيلة حياتي كمسؤول سواء اذاعيا او تلفزيا لم اقم يوما باستجواب كتابي لايّ كان… ولم اخصم لايّ كان من اعدادهم في منحة الانتاج وفي الاعداد المهنيّة…
اذن وعودة الى علاقتي بجامعة صفاقس كمدرّس للعلوم السمعية البصرية بمعهد الملتيميديا ثم بعده بسنتين بمدرسة الفنون والحرف، حاولت ان اعطي دون كلل لطلبتي… كنت قاسيا معهم نعم… ولكن كان ذلك بحبّ لا يوصف… وبادلوني نفس الحب ان لم تكن دوزته اكبر … كنت الاستاذ والاب والاخ والصديق و كنت ايضا صدرا اتّسع حتى لاسرارهم الخاصة… رغم اني كنت ايضا بوليسا في امور الانضباط وتقديس العلم… وطلبتي الذين هم في جلّهم اصبحوا اصدقاء بفضل الفيسبوك شاهدون عليّ… ولعلّ من الاوسمة التي افتخر بها ما حصل في نهاية السنة الجامعية سنة 2012…
إذ ككلّ نهاية سنة جامعية يقع توزيع شهائد وجوائز للطلبة المتفوقين في جميع السنوات… وفي اخر القائمة سمعت من منشط الحفل يذقول: (الان الجائزة الاخيرة في هذا الحفل وادعو الاستاذ عبدالكريم قطاطة لتسلّمها)… فوجئت حقا بالاعلان… وكانت لوحة رُسمت عليها زيتونة وكُتب فيها (شهادة تكريم للاستاذ عبدالكريم قطاطة نظرا إلى عطائه الغزير لطلبة المعهد)… واعذروني على اعادة جملة تُريحني كلما ذكرتها وهي… “وبعد يجي واحد مقربع ويقلك شكونو هو عبدالكريم اش يحسايب روحو ؟؟” … بل تصوروا انّ زميلة من اذاعة صفاقس بعد حادثة ذلك الفيديو المنحوس حول من هم اعلام العار في نظري سنة 2012 (رغم انّي صححت فيما بعد ماجاء فيه ووضحت انّي لم اعمم وختمت بالاعتذار .. لكن وقت البعض يبدا يستناك في الدورة مهما وضحت وكتبت واعتذرت يكون موقفه”قاتلك قاتلك”)… تلك الزميلة ذهبت الى ادارة مدرسة الفنون الجميلة وطلبت منها فسخ عقدي معهم لاني لا اشرّفهم… وضحكوا منها وقالوا لها فيما قالوا: هاكة موش فقط استاذ الطلبة، سي عبدالكريم استاذنا وشرف لنا ان نكون تلاميذه… ورجعت المسكينة الى منزلها خائبة مذهولة مهمومة وغبينتها غبينة، المغبونة… وانا مسامحها…
قضيت 10 سنوات بمعهديْ الملتيميديا ومدرسة الفنون الجميلة وحتما ساعود الى اشياء عديدة حدثت فيها خاصة بعد قهرة جانفي 2011…
الحدث الاخير سنة 2004 كان دون جدال كُرويّا… تتذكّرو نوفمبر 2004 ..؟؟ وبالتحديد يوم 20 منه ؟؟ تتذكّروا هاكي التشكليطة السافيّة ؟ تتذكّرو زوبا وهو يمشكي في ملاعبية المكشّخة واحد بعد واحد ؟ تتذكّروا كيفاش علّق تيزييه في سقف الملعب ؟؟ انّه نهائي الكأس الشهير… وانه يوم سقوط امبراطورية فرعون الكرة ولد شيبيوب… وانا نعرف انو بعض المكشخّين ماشين عاد يسرسطو ماجاء من سور في كتابهم .. عن بطولاتهم .. عن القابهم وتونس بكلّها تعرف عن محصولهم في الشمبيونزليغ وطبعا ماشين يذكروني بهدف بوتريكة ويختمو بـ (ما تكلموناش احنا ماشين لكاس العالم في امريكا).. لاصدقائي المكشّخين الباهين فيهم وهم قلّة لانّ اغلبهم لا يورّيك ولا يفاجيك .. فقط لاصدقائي نحب نسألكم سؤال وحيد ..توة هدف زبير السافي في هاكي الفينال موش سميّح موش شيء يعمل 5555 كيف؟
موش تقول الواحد صيفا يبدا في يدو مشموم ياسمين وطاولة معبّية بالبطيخ والدلاع والهندي وما ننساوش الفقوس .. وهي تصير كورة من غير فقوس ؟…ويعاود يتفرّج عليه ويعشق العزف متاع زوبا ورقصتو كيف انتوني كوين في زوربا اليوناني ؟ وفي الشتاء يبدا قاعد تحت كوسالة وكاس تاي منعنع ويعاود يتفرّج على زوبا وهو يعزف اشي الحبّ كلّو واشي انت عمري .. واشي انساك ده كلام ويختمها ب ميا موري … نعرف اصدقائي المكشخين الباهيين يعرفوني بليد وماسط وخايب وقت نحكي على مكشختهم ..اما يدبّرو روسهم قلتلهم حبّوني؟… واذا حبوك ارتاح والله… دعوني الان اسرّ لكم بما لا يعرفه اغلب محبّي الفريقين حول ذلك النهائي… واصدقائي ومهما كانت الوان فرقهم يعرفون جيّدا انّي صادق في ما اقول والله شاهد على صدقي…
قبل خوض النهائي كان لنا لاعب معاقب (وسام العابدي)… ولد شيبوب كلّم هاتفيا انذاك احد مسؤولي النادي وقللو نقترح عليك اقتراح لفائدة الزوز جمعيات… قللو نسمع فيك هات… قللو تهبّط وسام يلعب الطرح وانا نقول للملاعبية يسيّبوا الطرح… تربح انت وتعمل شيخة انت وجمهورك وانا نعمل احتراز عليكم وناخذ الكاس… طبعا المسؤول رفض وبشدّة… ولد شيبوب قللو راك ماشي تهبط من غير قلب دفاعك وسام… تعرف اش معناها ؟ معناها ماشي انييييييييييي………… بزوز .. المسؤول ظهر حتى هو قبيّح وقللو .. انا منيش مهبّط وسام واحنا اللي ماشي انننننننننني ……… بزوز … وكلمة عليها ملك وكلمة عليها شيطان ..ولكم ان تعمّروا الفراغ وتربطوا بسهم … لكم حرية التعليق مهما كانت الوان فرقكم لكن مع ضوابط الاحترام …السبّ والشتم والكلام البذيء لا مكان لها في صفحتي! …
ـ يتبع ـ

جور نار
لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
نشرت
قبل شهر واحدفي
15 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
كنتُ بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مقالي الأسبوعي في جلنار، حين بلغ مسامعي صراخ وألم ووجع عائلات من قضَوْا تحت أكوام حجارة سور معهد المزونة، رحمهم الله.

تمرّد القلم بين أصابعي، ورفض إتمام ما بدأه والانصياع لأوامري، وما أكتب، معلنًا الحداد على من ماتوا، ووُئدت أحلامهم تحت حجارة سور جريح ينزف دم سنوات الإهمال والتخلي.
سور أصابته لعنة “باركينسون” تشريعاتنا المهترئة، فارتعش وجعًا. سور لم يرأف بحاله أحد من القائمين على شؤون ترميمه، وترميم ما يحيط به. سور سال دم جراحه، وأسال دم من مرّوا بجانبه وأمّنوه على أرواحهم. سور توجّع وتألم طويلًا، وبكى… ولم يسمع بكاءه أحد، حتى أبكى أمهات بعض من اعتادوا المرور بجانبه… سور تآكل، وبانت عورته، فغضب وانهار على من كانوا يمرّون بجانبه، يتكئون عليه، ويستظلون به من غضب الشمس وثورة الأحوال الجوية، وهم في طريقهم لطلب العلم.
الغريب ما قرأته بعد الفاجعة، وما سمعته من صراخ من خرجوا يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور. أغلب من خرجوا علينا يولولون، يطالبون بمحاسبة من تسبب في الفاجعة، ويطالبون بتحميل المسؤولية لكل من قصّر في أداء واجبه أو غفل عنه.
هكذا نقفز على كل وجع ومأساة، لنواصل الدعوة إلى الانتقام من كل ما سبق، ومن كل من سبقونا في تحمّل مسؤولية خدمة هذا الشعب… هل يجب أن ننتقم ونثأر بعد كل فاجعة أو فشل ممن سبقونا في تسيير شؤون مؤسسات البلاد؟ هل يجب أن نشيْطن كل من سبقونا في خدمة الوطن بعد كل وجع يشعر به جسد هذه الأمة؟ ألا يجدر بنا أن نعتبر مما حدث، ونبدأ بإصلاح حالنا وأحوالنا؟
أتساءل: ألا يتساءل أحدكم لماذا كل هذا العزوف عن تحمّل المسؤولية؟ أليس للفصل السادس والتسعين من المجلة الجزائية دور كبير في هذا العزوف، الذي أفرغ مؤسساتنا من كفاءات كنّا نفاخر بها، ونطمئن بوجودها على حالنا وحال مؤسساتنا وحال البلاد؟ ثم، أليس للفصل الرابع والعشرين من المرسوم عدد 54 نصيب مما نحن فيه، ومما عشناه ونعيشه؟ فمن كان يرى في السور عيبًا وخطرًا، لن يكتب عن الأمر، ولن يُنبّه لخطورته، خوفًا من أن يُتهم بنشر أخبار زائفة وإشاعات كاذبة…
ألم نغرق اليوم في وحل الفصل السادس والتسعين، ورعب المرسوم الرابع والخمسين؟ لماذا تنشر تشريعاتنا وبعض قوانيننا الخوف والرعب في نفوس كفاءاتنا، ومن يملكون القدرة على تحسين أوضاعنا؟ أيمكن للأمم أن ترتقي وهي تعيش تحت وطأة الخوف والرعب من قوانينها؟ كيف نطلب من بعضنا خدمة الوطن وهم يعيشون رعب القانون، ورعب الحقد، ودعوات الإقصاء والثأر والانتقام من كل قديم، وكل مخالف في الرأي، وكل من لا يعلن لنا البيعة، ولا يقف صارخًا “مزغردًا”، مصفقًا لأخطائنا، ملمّعًا لفشلنا، داعيًا لنا بطول العمر وجزيل الثواب؟
يا من تستمتعون بوجع خصومكم، ومن لا تتفقون معهم، ومن تركوا أثرًا طيبًا وانتصروا عليكم بما حققوه وأنجزوه…الوطن أمانة بين أيادينا جميعًا، فجنّبوه الفتنة، وجنّبوه الأحقاد، وحافظوا على سور الوطن…ولا تخربوا سقفه، فإن انهار سقف الوطن، فنحن، نحن الشعب، من سيدفع الثمن… نعم… نحن الشعب من سيدفع الثمن.


عبد الكريم قطاطة:
في جويلية 2004 انتهت حقبة اذاعة صفاقس مع السيّد عبالقادر عقير رحمه الله وغفر له وعُيّن السيد رمضان العليمي كبديل له وتحديدا يوم 12 جويلية…

والسيّد رمضان العليمي شغل قبل تعيينه على رأس اذاعة صفاقس منصي كاتب عام للجنة تنسيق “التجمع الدستوري الديمقراطي” (الحزب الحاكم وقتها) بقفصة ثمّ مديرا لاذاعة تطاوين… وكعادة ايّ مدير عند تسميته اجتمع بالمسؤولين في الادارة بقاعة الاجتماعات المحاذية لمكتبه… ليعبّر وكأيّ مسؤول عن امتنانه لرئيس الدولة صانع التغيير لتشريفه بتلك المهمة… وعبّر وكسائر المديرين عن سعادته بوجوده في صرح اذاعتنا ونوّه بتاريخها وبالسواعد التي عملت فيها… ودون الدخول في تفاصيل اخرى تعرفون جيّدا تلك الخطابات الممجوجة التي يلقيها المسؤولون في مثل تلك التعيينات…
بعد ذلك تعرّف على المسؤولين فردا فردا… ولمّا حان دوري نظر اليّ السيّد رمضان العليمي وقال: (سي عبدالكريم اشكون ما يعرفوش انه اشهر من نار على علم، وهو بالذات عندي حديث خاص معاه)… وانتهى الاجتماع… وبقيت انتظر ذلك الحديث معه… وطال الانتظار… وكتبت له رسالة مطوّلة لم استجدِه فيها العودة الى المصدح فالحرة تجوع ولا تاكل بثدييها… لكن كان من واجبي ان اعطيه فكرة شاملة لا فقط عن وحدة الانتاج التلفزي حيث اُشرف فيها على مصلحة الانتاج، بل عن اذاعة صفاقس بشكل شمولي… وذلك من خلال ما عشته وعايشت فيها مع زملائي من احداث ناصعة البياض واخرى رماديّة حتى لا اقول سوداء…
هذه المراسلة كانت بتاريح 17 سبتمبر 2004 اي بعد شهرين و5 ايام من تعيينه… وها انا اختار الفقرة الاخيرة من مراسلتي الطويلة علّها تًعطي فكرة واضحة عن هدف تلك المراسلة حيث خاطبته بالآتي: (اخي الفاضل… انّ غيرتي على هذه الاذاعة هي وحدها التي جعلتني اكتب اليك فانا لا اطلب برنامجا او فضاء او ما شابه ذلك… ولكنّ الخطر الكبير يتمثّل في عديد الاسماء التي لا يمكن ان تكون امام المصدح وفي عديد البرامج التافهة تصوّرا وانجازا… وفي بعض الاشخاص الذين لا يملكون الحسّ الاذاعي ولا الكفاءة ومع ذلك يديرون امور هذه الدار على هواهم… اخي الفاضل احببت ام كرهت… الآن انت مدير هذه الدار وقدرك ان تعيد لها هيبتها وجمهورها واشعاعها… وهيبتها لن تعود الا من خلال تطبيق القانون ورفع المظالم … وفقكم الله لتسلّق هذه الجبال من المصاعب واعانكم على ان تكونوا كالميزان في عدالته، الذي لا يهمه ان ارتفع بالفحم او باللحم، بالتبر او بالتين… اليست العدالة هي اساس العمران ؟؟)…
السيّد رمضان العليمي كما ذكر في اجتماعه الاول بالمسؤولين وعد بحديث خاصّ معي… وانتظرت ولم يأت ذلك الحديث الخاصّ… وارسلت له المكتوب الذي حدثتكم عنه ولم يأت ذلك الحديث الخاص وها انا انتظر لحدّ اليوم وعده ولم يات ولن يأتي ولا حاجة لي بأن يأتي… لا لانه غادر الاذاعة ولست ادري ماذا اصبح اليوم وكلّ الرجاء ان يكون في صحة جيّدة مع طول العمر… ولكن لانّ الاجابة عن ذلك الوعد الذي لن يأتي جاءتني من احدى الزميلات في اذاعة تطاوين وهي بالاساس مستمعة لي منذ من البريد الى الاثير … وذلك بعد ستّة اشهر من تعيينه على رأس اذاعة صفاقس… حيث خاطبتني عبر مرسال فيسبوكي خاص بالقول: (لا تنتظر مؤازرة من السيّد رمضان العليمي… انه لا يكنّ لك الودّ وهذا عرفته عندما وددت تكريمك في اذاعة تطاوين ولكنّه عبّر بشكل مباشر انّه لا يطيب بذكرك… لكنّي كنت مصممة على تكريمك واذعن لي لكن لبس عن طيب خاطر)…
انذاك فهمت انّ الحديث الخاصّ معي لن يكون وحتى طيلة عهدته باذاعة صفاقس تحادثنا مرّتين فقط… يوم جاءني لمكتبي بوحدة الانتاج التلفزي ليسأل عن مشاكل الوحدة وندرة انتاجها… اي نعم قلبو وجعو على وحدة الانتاج… وتقولوشي عمل حاجة ؟؟ اقسم بالله وكانّه لم يسمع شيئا مما سردته له… المرة الثانية التي قابلته فيها يوم أقام حفلا خاصا لتكريمي سنة 2006 بعد احرازي على وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الدولة… وهو يصير منو ما يحتفلش بما قرره صانع التغيير؟…
ساعود لموضوع الوسام في ورقات قادمة… سنة 2004 ايضا وبالتحديد في 30 مارس شاء قدر الله ان يحرمني وللأبد من الوجود المادّي لوالدتي عيّادة… كان ذلك يوم اثنين… ولكن في الويكاند الذي سبق يوم الاثنين 30 مارس وتحديدا يوم الاحد 29 مارس كنت والعائلة وبعض من اهلي عائدين من الساحل بعد قضاء نهاية اسبوع باحد النزل… عندما وصلنا الى ساقية الزيت طلبت من سائق السيارة ان يتوقف.. اندهش الجميع لذلك… تصوروا انّ غايتي كان اقتناء قهوة او بعض المكسّرات للسهرة… توقف اذن ونزلت من السيارة وقلت لهم (كمّلوا ثنيتكم انا ماشي لعيّادة نحبّ نطلّ عليها ونبوسها وبعد نجيكم)… اندهش الجميع… يا ولدي اش قام عليك .؟ يا ولدي غدوة امشيلها … يا ولدي الدنيا مغربت .. تي راهي امّك في ساقية الدائر وانت في ساقية الزيت… تي راهو زوز كيلومتر موش شوية… تي هات على الاقلّ نوصلوك…
تعرفوه هاكة البهيم حاشاكم اللي يحرن ؟ اللي يعرفني يعرف انو من طباعي السيّئة وقت نحرن نحرن… وفعلا حرنت وزيد قلت لهم (انا طيلة دراستي الابتدائية كنت نجي من ساقية الدائر لساقية الزيت على ساقيّ… نحبّ نمشي على ساقيّ ونعيش شوية نوستالجيا ذلك الزمن… ايّا امشيو على ارواحكم)… وتوكّلت على الله وخليتهم داهشين في ها المخلوق وفي راسو الكبير وعنادو في احدى تلك اللوحات… صدقا كان هنالك احساس رهيب بداخلي وانا اقطع تلك المسافة… ذكريات… نوستالجيا… سعادة… وحزن لم افهم مأتاه…
وصلت الى مسكن الوالد والوالدة ومعهما اختي نبيهة التي تكبرني بسنة والتي لم تتزوج لإعاقة وُلدت بها ولم تقع معالجتها في زمن كان العلاج الطبّي نادرا جدّا… والتي لازمت الوالد والوالدة طيلة حياتهما، رحم الله الثلاثة… عندما دخلت للمنزل سلّمت على سي محمد… والدي هكذا كنت اناديه لا يا بابا ولا يا بويا ولا يابّا متع جيل توّة… ووجدت اخواتي الثلاث متحلقات حول عيادة… فرحت بي عيادة وباستغراب وقلق عن هذه الزيارة في وقت بدأ الليل يسدل ستائره ونظرت لولدها وسألتني: (يا وليدي لاباس عليكم ؟)… مسكت يدها وقبلتها وقلت لها وراسك الغالي لاباس توحشتك جيت نطلّ عليك اكاهو… تهللت اساريرها ونظرت الى اخواتي وقالت: (ما يعزش بيكم انتوما الكلّ في كفّة وعبدالكريم في كفّة راهو كفّتو تغلب)… وضحك البنات وأجبن (يخخي حتى تقوللنا؟..نعرفوا نعرفوا)… اعدت تقبيل يديها وبشكل جارف، لكأنّ القدر كان يهمس لي… اشبع بيها اليوم لانّها غدا ترحل…
في الغد وانا في مكتبي وكانت الساعة تشير الى الثالثة ظهرا هاتفني احدهم (لم اعد اذكر من هو) وقال لي: امّك مريضة وتحبّ تشوفك… ووجدتني بالنهج الذي تقطن فيه عيّادتي وسي محمد… وتسمّرت ساقاي عن المشي… سيارات رابضة امام المنزل… هذا يعني انّ عياّدة …. نعم دخلت وسالت اخوتي متى ؟ كيف ؟ بالامس كانت في صحة جيدة .. ماذا حدث ؟ لماذا لم تخبروني بما حلّ بها ؟… اجابتني إحداهنّ وقالت… كنا معها نتجاذب اطراف الحديث كما تعرفنا وفجأة قامت وقالت: (صلاتي ابجل من حديثكم سيّبوني نعطي فرض ربّي)… اقامت الصلاة ركعت ثمّ سجدت ثمّ هزّ ربّي حاجتو… وهي ساجدة…
دخلت فوجدتها مسجّاة في لحافها… دلفت اليها بهدوء لم ادر مصدره… رفعت الغطاء عن راسها… قبلت جبينها و قرات عليها نزرا قليلا من سورة البقرة (وبشّر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة) الى اخر الاية واعدت تقبيل جبينها و تقبيل يدها الباردة … والتي هي في برودتها وقتها كانت اشدّ حرارة من وهج الصيف في صحرائنا الكبرى… ورفعت يديّ الى خالقي وقلت (يا ربّي يجعلني كيفها)… لقد اكرمها الله بتلك الموتة الرائعة واستجاب لدعوتها الدائمة… يا ربّي يجعلني نهيّر في الفرش ونهيّر في النعش… ولأنّ الله قال في كتابه العظيم، سورة غافر آية 60: (ادعوني استجب لكم) واعاد نفس المعنى في سورة البقرة الآية 186، فالله اكرمها بان لا تقضّي حتّى يوما واحدا مريضة في فراشها…
الحمد لله اوّلا على قضاء الله… الحمد لله ثانيا على انّي نفذت وصيّتها لي بتلحيدها يوم دفنها… كان ذلك بعد اذان صلاة المغرب في المقبرة التي كنت اخاف من المرور بجانبها طيلة حياتي ليلا او نهارا… ولكن واقسم لكم بالله عندما ذهبت لتلحيدها في تلك الساعة، تحوّلت المقبرة امامي الى نور على نور… والحمد لله ثالثا انها رجتني في حياتها الاّ انقطع عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وان احكي لها واطمئنها عن كل ما يجري في عائلتي…. وعائلات اخوتي… ووعدتها ولا زلت عند وعدي…
رحم الله عيّادة وابي واخوتي واهلي واصدقائي وزملائي… ورحم الله كلّ امواتكم واطال الله عمركم ومتعكم بالصحة والسلام الروحي …
ـ يتبع ـ


غزة… قصف من السماء، وحرائق في الخيام، واستشهاد صحفية وعائلتها

بوتين: أول شروط التفاوض مع أوكرانيا… ضمان أمن روسيا القومي

لبنان: لاغتيال قيادات حزب الله… الاحتلال استفاد من خدمات “منشد ديني”!

الاتحاد العربي للذكاء الاصطناعي ومهرجان “سينما الجبل” بعين دراهم

لإخلاء غزة من سكانها، تهجيرا وإبادة… الاحتلال يطلق عملية “جدعون ساعر” العسكرية
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل يومين
غزة… قصف من السماء، وحرائق في الخيام، واستشهاد صحفية وعائلتها
- صن نارقبل يومين
بوتين: أول شروط التفاوض مع أوكرانيا… ضمان أمن روسيا القومي
- صن نارقبل يومين
لبنان: لاغتيال قيادات حزب الله… الاحتلال استفاد من خدمات “منشد ديني”!
- ثقافياقبل 3 أيام
الاتحاد العربي للذكاء الاصطناعي ومهرجان “سينما الجبل” بعين دراهم
- صن نارقبل 3 أيام
لإخلاء غزة من سكانها، تهجيرا وإبادة… الاحتلال يطلق عملية “جدعون ساعر” العسكرية
- صن نارقبل 3 أيام
جدل في الكونغرس الأمريكي… حول صفقة أسلحة بـ 3 مليار دولار مع قطر والإمارات
- صن نارقبل 3 أيام
بغداد… قمة عربية تحت رماح أمريكية، إيرانية وإسرائيلية
- اجتماعياقبل 4 أيام
300 فرصة عمل جديدة في تونس خلال العام الحالي و800 وظيفة أخرى خلال العام القادم