جور نار

وفاة الأديب الراهب جان فونتين

نشرت

في

.. مرجع الأدب التونسي. توفي أمس الأحد الأديب الراهب الأب جان فونتين Père Jean Fontaine مدير مجلة ibla والمشرف على المكتبة الحاملة لنفس التسمية والواقعة بجهة معقل الزعيم بالعاصمة، والتي كنّا نرتادها كتلاميذ من المعهد الصادقي مثلما كان يقبل عليها تلاميذ معاهد ابن شرف والعلويّة ونهج الباشا ومعقل الزعيم ومحسن العيّاري.

<strong>محمد الهادي البديري<strong>

وقد عرف الفقيد بولعه بالأدب العربي والتونسي، كما تميّز بحبّه لتونس التي درّس و عاش فيها و له في هذا كتابات كثيرة مزج فيها بين التاريخ و الادب على غرار : “عشرون عاماً من الأدب التونسي (1956 – 1976)”، “ملامح من الأدب التونسي (1976 -1983) ، “تاريخ الأدب التونسي من خلال النصوص” ، و أيضا “الأدب التونسي باللغة الفرنسية”.

وقد اختار جان فونتان تونس ليكمل مشواره الدراسي فيها وليتخصّص لاحقا في الادب و التاريخ العربي وبصفة خاصة الادب التونسي. فدرّس أولا في جامعة تونس الآداب العربية، ثم الرياضيات في المعهد الصادقي ثمّ الثيولوجيا في جامعة قرطاج و تحصل على شهادة الدكتوراه سنة 1978 حول :” الموت-الانبعاث: قراءة في أدب توفيق الحكيم”.

كتب عنه أمس الأحد الأديب الدكتور شكري المبخوت على صفحته بالفايسبوك : “رحم الله جان فونتان لم يكتب احد عن الادب التونسي من قرطاج الى العقد الاول من القرن الحالي مثلما كتب هو باخلاص وتواضع و جد”. وأذكر أنه في سنة 2016 حضرتُ لقاءً في مقر إحدى الجمعيات (غير بعيد عن مقر وزارة الفلاحة) موضوعه كتاب جان فونتان حول الظاهرة السلفية في تونس “?Du côté des salafistes en Tunisie: tactiques ou stratégies

وقد شدّني خلال اللقاء تقديم الكتاب الذي قام به الأستاذ بوبكر المباركي و”دخل فيه فُركة وعود حطب” كما يقول المثل العاميّ، حيث أشار إلى أن الكتاب يرتكز على تتبع ما كُتب في الصّحافة التونسية السيارة والمواقع الإلكترونية في فترة محدّدة زمنيّا بداية من حادثة الهجوم على السّفارة الأمريكية في جوان 2011 إلى تاريخ الاعتداء على سينما أفريكا صيف 2013، حيث كانت التّحركات والتّظاهرات السّلفية واضحة، معتبرا أن تركيز الكتاب على ما نشر في الصّحافة لا يجعل العمل كاملا ونزيها، باعتبار التخبّط الذي عاشه الإعلام والتوظيف السّياسي والإيديولوجي الذي خضع له.

وقد كان ردّ جان فونتان تعقيبا وجيزا، اهتم فيه بفكرة تأليف الكتاب والدوافع التي حملته على الخوض في هذه المسألة، باعتبار علاقته بالبلاد التونسية، وباعتبار أنه مقيم فيها منذ أكثر من ستين سنة، وباعتبار الانتماء الذي يحس به إلى التونسيين وإلى الثقافة التونسية التي كتب فيها الكثير من المؤلفات. وقال يومها إنه اختار أن يقوم بعمل توثيقي لا ينطلق فيه من رؤية جانبية للمسألة، ولا يكون بالضرورة طرفا فيه،

واعتبر أن الحياد يتمثل في عرض ما نشرته الصحف السيارة والمواقع الإلكترونية، باعتباره شواهد توثيقية واضحة وبسيطة ومعبّرة عن الأحداث في أزمنة قريبة من وقوعها وبنمط إخباري خال من التّحليل والتّوظيف والتّنسيق والتأويل، فليس دوره، كما قال، أن يقدّم تحليلا سياسيا لما يعرض ولا إثبات نتائج مسبقة، ولا التّماهي مع رؤية دون أخرى، وقد وصف ذلك المنهج بالحياد، وأكّد على لزومه في كامل الكتاب.

وقال إنه لذلك قد تعمّد تغييب المراجع العلمية والبحوث المستفيضة في قراءة الظاهرة السّلفية، حتى يحافظ الكتاب على طابعه التّوثيقي، ليكون وسيلة عمل لبحوث قادمة. وانتهى فونتين إلى اعتبار أن السلفيين وروابط حماية الثورة تتبادلان الأدوار بينهما لحساب جهة واحدة بناء على أنه إذا انخفضت تحرّكات السّلفيين، تصاعدت تحرّكات روابط حماية الثورة، وأن هذه الجهة هي حركة النهضة.

رحم الله جان فونتان وجازاه خيرا على كلّ ماقدّمه للادب التونسي تأليفا وتوثيقا.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version