تابعنا على

جور نار

الصبّ تفضحه عيونه… أو فرنسا من المارينز إلى “مارين”

نشرت

في

تنويعة أخرى من (ها قد عدنا يا صلاح الدين) !

عبد القادر المقري:

أنصار التجمع الوطني (الاسم الجديد لحزب لوبان اليميني المتطرف) يفضحون حقيقة حزبهم، وفوز هؤلاء المحتمل في تشريعيات الغد قد يفضح انحراف الفرنسيين نحو مزيد من العنصرية والعدوانية وكره الأجانب… كل هذا رغم طبقات الماكياج التي ما فتئت مارين لوبان تضعها على واجهة حزبها اليميني المتطرف … بداية من اسم الحزب، إلى مغازلة ذوي الديانة اليهودية، إلى الانحياز الأعمى للكيان الغاصب في حربه على غزة، إلى تركيز الكراهية “فقط” على الأفارقة وخاصة خاصة على العرب…

عبد القادر المقري Makri Abdelkader

غدا يخوض اليمين الفرنسي الفاشي انتخابات برلمانية ترشحه استطلاعات الرأي لكسبها بعد أن سحق الجميع في الانتخابات الأوروبية… مجرة من أحزاب ومجموعات دعاة الكراهية أصغرها الوقح “إيريك زمّور” و حليفته السابقة “ماريون ماريشال” (حفيدة جان ماري لوبان) وأكبرها وأظهرها التجمع الوطني وزعيمته “ابنة أبيها” مارين لوبان، رفقة الإيطالي الأصل “جوردان بارديلا” … مشروع هذا الطيف السياسي معروف منذ نصف قرن على الأقل ويمتاز بكرهه للأجانب والأقليات وتركيزه على الملف الأمني والمواطنين من أصول مغاربية… كان يضع اليهود في قائمة مستهدفيه لكنه استثناهم تكتيكيا منذ خلفت مارين والدها على رأس الحزب وغيّرت في ما غيرت اسم الحزب من الجبهة الوطنية إلى التجمع الوطني…

من النقاط الجديدة التي أضافها الحزب المتطرف إلى برنامجه، منع عدد من الوظائف “الحساسة” (أمن، استخبارات، يمكن حتى أسرار نووية أو صناعية إلخ) أمام الفرنسيين مزدوجي الجنسية… بارديلا تحدث ع 50 وظيفة حساسة … والمقصود بذوي الجنسية المزدوجة المغاربيون بالأساس رغم أن المرشح المتطرف ذكر روسيا والمنحدرين منها … للتعمية طبعا، فهذه نكتة في حد ذاتها… الفرنسيون من أصل روسي ظاهرة قديمة ونادرة جدا قِدم هجرة وندرة الروس في انتقالهم إلى باريس وضواحيها … إذ تعود تلك الموجات إلى فترة وجيزة من القرن 19 وإلى بعض الفارين من ثورة 1917 وهم أساسا من الطبقة الأرستقراطية وعائلة التزار الثرية المثقفة… لا عمّالا ولا مشردين ولا حارقين ولا باحثين بأي ثمن عن رغيف عيش …

إلى هذا، يبدو أن حزب مارين وبارديلا لم يبتعد كثيرا عن الأسس التي وضعها العراب جان ماري… في المسألة اليهودية مثلا… الاستثناء الذي ذكرناه آنفا مضاف إلى الموقف من حرب غزة، جعل رموزا عديدين من الحركة اليهودية (وحتى الصهيونية) يعيدون النظر في تقييمه بل ويتعاطفون معه صراحة… ومن هؤلاء، سيرج كلارسفيلد (المعروف بتكوينه ميليشيا لملاحقة واختطاف قدماء النازيين) الذي قال إن مارين لوبان لم تعد متطرفة، بل وسطية مقبولة وتستحق الدعم… ولكن أصواتا فرنسية متعددة (وآخرها ليونيل جوسبان) حذرت هؤلاء من تصديق ابنة لوبان وحزبها … وقال لهم انظروا جيدا إلى ما وراء الخطاب الرسمي للحزب، فهناك خطاب ثان ولغة مزدوجة…

وفعلا… فرسميا، خطاب مارين لوبان وبارديلا وبعض أفراد القيادة العليا للحزب، يحتوي على بعض التنميقات سواء في الموضوع اليهودي أو غيره… خاصة مع اتساع قاعدة الحزب انتخابيا، واتساع طموحاته التي ابتعدت عن الهامش واقتربت من الحكم أكثر من أي وقت مضى… ولكن ينكشف الفكر الحقيقي للتجمع الوطني من خلال قياداته الوسطى، أو ممثليه في الجهات، وخاصة لدى قواعده التي تربّت على رفض كل من هو مختلف عن “العنصر” الفرنسي الصافي… أبيض، أوروبي، مسيحي كاثوليكي، وفرنسي الأبوين والأجداد لبضعة أجيال وجذور قد تعود لثلاثة أو أربعة قرون على الأقل… أي “واسب” (WASP) على الطريقة الفرنسية !

ويذكّرنا هذا بما فعلته أو حاولت أن تفعله بعض التيارات المتأسلمة في بلادنا خاصة في العشرية الأخيرة… إذ نذكر كيف صار الغنوشي يتبرأ علانية من ارتباط حزبه العضوي بشبكة الإخوان المسلمين… ويكرر بكل الأشكال انتماء جماعته لتونس أولا وأخيرا … ويضع النجمة والهلال التونسيين في كل محضر وبمناسبة أو من دونها… ويضيف إلى الواجهة الوطنية واجهة ديمقراطية براقة جدا هي الأخرى… مع بعض التفويحات التي لامست المبالغة المضحكة… كأن تزور تلميذته (الراحلة محرزية العبيدي) مصنعا للخمور … وفي نفس الهبّة، يصوّت نوّابه على تخفيض لأسعار المواد المسكرة… ويدفعون بعبد الفتاح مورو كي يراقص الحسناوات… ويعلنون رفضهم وإدانتهم للسلفية الجهادية ويدينونها بالإرهاب… و يشهرون قبولهم بجميع مبادئ الجمهورية، والأحوال الشخصية، ورموز الدولة التي لم تعد كافرة ولا علمانية إلخ…

ولكن وراء الأكمة، تأتي تسريبات فاقعة تنسف كل هذا… سواء في لقاءاتهم بأنصارهم وحلفائهم، أو في أحاديثهم مع من يقابلونه من زعماء التنظيم الإخواني، أو في أدبياتهم الداخلية، أو في حواراتهم مع وسائل الإعلام الخليجية والتركية … كما يُلمس موقفهم الأكثر دواما وعنادا و”صدقا”، في ما يُتداوَل لدى جمهورهم لا الذي يدلي به قادتهم على منابرنا والمنابر الغربية بين حين وآخر… أي الصحيح هو ما يروج في قاعدة الهرم لا في قمته …

وفي الأخير وعودة إلى الشأن الفرنسي ومحاذير نتائج انتخابات يوم غد … نتساءل… ولماذا نبقي أنفسنا وأبناءنا تحت رحمة صعود هذا الحزب العنصري أو ذاك؟ وإذا كان هناك حديث عن مصلحة ما، فلماذا نتحدث عن مصلحتنا التي في قبضتهم ولا نذكر مصالحهم عندنا؟… لماذا نعدد أوجه حاجتنا إلى الفرنسيين وكلفة استغنائنا عنهم (لو حصل ذلك) ولا نتطرق إلى حاجتهم هم إلينا وماذا سيخسرون بخسارتنا وخروجنا من صفّهم؟… وإلى متى سنبقى نصدّر أزماتنا ومواطنينا إلى أراضي الغير حتى يحلّ مشكلاتهم بدلا عنّا؟ … مرة ليبيا، ومرة ايطاليا، ومرة الجزائر، ومرّات مرات مرات فرنسا التي وضعنا جميع بيضاتنا في سلّتها ونسينا خط الرجعة… فلماذا الحديث عن استقلال وشهداء وأعياد وطنية إذن؟

نقول هذا … عسى أن يخضّ ساستنا أنفسهم وإرثهم الرديء و”علاقاتنا التاريخية” المحكومة بالذلّ والتبعية لدولة لم تفدنا بشيء… وما فتئت بدورها تتقهقر في ترتيب الدول العظمى… ولولا وضع يدها المزمن على قارة إفريقيا (كما قالت ميلوني ذات معركة مع إيمانويل ماكرون) لكان وضعها أقل وأنكى…

صعود محتمل لمارين لوبان وحزبها الفاشستي إلى سدة الحكم في فرنسا، يقابله احتمال آخر مماثل عبر الأطلنطي في البلاد الأمريكية مع رجوع وارد جدّا لدونالد ترامب، مع تمكن نفس اليمين القصووي من الحكم في دول أخرى حاصلة كإيطاليا، أو منتظرة في أغلب أوروبا باستثناء إسبانيا، مؤقتا… وما زال العدّاد في دورانه… فهل بقي على الشعوب الأخرى فقط التظلّم والعويل وانتظار الفرج بعد الشدة؟؟

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

السعودية… بين عصا التطبيع وجزرة وقف إطلاق النار

نشرت

في

محمد الزمزاري:

اسئلة ملحة تطرح عن زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية إلى السعودية للمرة الثالثة في ظرف لم يتجاوز السنة او اقل…

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

هذا الوزير الذي صرح مؤخرا انه صهيوني متطرف أكد المرات العديدة أيضا دعمه لما قام ويقوم به الكيان الغاصب على مدى اكثر من سنة… ووصف تقتيل الأطفال و المدنيين وهدم المستشفيات و محاولات التهجير و التجويع بـ”الدفاع عن النفس” فيما ينعت المقاومة بالارهاب… هذا وتدفع الولايات المتحدة بكل انواع الاسلحة المدمرة و تهدي الكيان النازي اخر صيحة من الطائرات لرمي القنابل على آخر ما بقي ومن بقي من غزة… لكن بصفتنا صحفيين و محللي أحداث محاولة لاستشراف بعض الوقائع، نجد ان هذه الزيارة تكتسي أبعادا مختلفة عن زيارات بلينكن السابقة… والتي الحت كل مرة على ضرورة التطبيع بين اسرائيل والسعودية…

اولا لان زيارة وزير الخارجية الأمريكي جاءت إثر الجولة التي أوصلت منذ اكثر من اسبوع وزير خارجية إيران إلى لمملكة وبعض الدول الخليجية الأخرى… ثانيا، زيادة عن “تحييد” سلطات المملكة عن أي ترابط او اتفاقيات مع إيران (التي دعمت الحوثيين وهم كانوا وربما سيستمرون لاحقا في مواجهة السعودية)… أما اهم ما افرزته هذه الزيارة فهو “مزيد الضغط” على الرياض لتسريع التطبيع مع الكيان، ولكن أيضا لاستعمال القواعد الأمريكية المقامة على اراضيها و فتح الأجواء السعودية لمرور الطائرات او الصواريخ لضرب إيران…

خلال هذه الزيارة الاستثنائية كشف بلينكن عن هدفه العاجل وهو ان الوقت “مناسب جدا ” لإرساء علاقات رسمية مع الكيان النازي… ومن يتابع طرق تسويق السياسات الأمريكية، يمكن له ان يستنتج بسهولة ان بلينكن يرغب في جر المملكة وراء الولايات المتحدة واسرائيل لضرب “الشيطان الايراني”… ثم إن العجلة في إعادة هذا الإلحاح اليوم يؤكد ان الرد الصهيوني الأمريكي على إيران، قد ينفذ قبل التوقيت الذي صرح به بايدن، أي 5 نوفمبر.

ورغم ان العاهل السعودي قد وضع شروطا للتطبيع الكامل مع اسرائيل منها إعادة حقوق الفلسطينيين فيما كان بلينكن يعرض حلولا جديدة بـ”ايقاف القتال و رفض احتلال اسرائيل لغزة”.. لم تتسرب اية معلومات عن الاتفاق بين بلينكن و وزير الخارجية السعودي… ومهما يكن من امر حول جر المملكة لـ”التعاون” لدى ضرب إيران فإن الولايات المتحدة و اسرائيل ستقومان باستعمال اية أجواء انطلاقا من القواعد العسكرية او غيرها ..

مرة أخرى قد تكون العاشرة او اكثر من ذلك، يقوم بلينكن بالضغط على السلطة السعودية لأجل “ايجاد فرصة سانحة للتطبيع” لكن هذه المرة مقابل إمكانية ايقاف الحرب بغزة ولينان… كل هذه الأحداث تشير إلى قرب الرد الصهيوني الأمريكي على هجمة إيران… والاكيد ان إمكانية ضرب المفاعل النووي الإيراني اكثر من محتملة رغم التسويق الأمريكي لمقترح اجتناب ذلك …

كيف ستكون طبيعة الرد الإيراني على الرد الذي لم يطبخ إثر أحداث غزة منذ اكثر من سنة، بل هو مترسخ ضمن اكبر أهداف اسرائيل منذ اكثر من عشر سنوات؟… و مستبعد جدا أن يفلت نتنياهو هذه الفرصة التي قد لا تعاد…

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم .. الورقة 81

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

من خلال ما عشته سنة 87 وفي تجربتي مع عصابة الايام الجميلة في جريدة الاعلان ثمّ من بعدها ومع نفس المجموعة في جريدة الاخبار، ساحاول ان الخّص تجربتي وقناعاتي التي سكنتني ومازالت تسكنني مع الصحافة المكتوبة في حلّها وترحالها …

عبد الكريم قطاطة

قبل الخوض في تجربتي مع اصدقائي في جريدة الايام والاعلان والاخبار ثم انفرط عقدنا بعد هذه التجارب الثلاث (رغم محاولة عبدالقادر المقري لمّ الشمل في الجريدة الالكترونية جلّنار وفينا من استجاب وفينا من خيّر الابتعاد)، لابدّ ان اشير إلى انّ ولعي بالصحافة المكتوبة ابتدأ منذ مطلع السبعينات… كنت ساهمت ببعض المقالات في جلّ العناوين تقريبا (الصباح، الصدى، الراي العام، الشروق…) وكانت في أغلبها مقالات نقدية للاعمال التلفزية او السنمائية ..ولانّ القانون الاساسي لمؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية يمنع ايّ موظف فيها من المساهمة في الصحافة المكتوبة بمقال مّا مهما كان محتواه الا بترخيص مُسبق من الادارة العامة، التجأت انذاك للكتابة باسماء مستعارة، لعلّ اكثرها تداولا (ابن الزيتون)…

وجاءت التجربة الرسمية الاولى في جريدة ترأسها المرحوم محمد مصمولي وكانت تحمل كعنوان “الهدف”… وبدعوة منه وهو الزميل المنتج الاذاعي والتلفزي الذي يحظى بتقدير كبير من ادارة الاذاعة والتلفزة، تمتعتُ بالحصانة ..واذكر جيّدا انّ اوّل مقال لي كان حول زيارتي الرسمية للمغرب سنة 1974 كواحد من بعثة التلفزة التونسية لتغطية نشاط الزعيم بورقيبة في القمة العربية تلك السنة بالرباط… الا انّ عمر جريدة الهدف كان قصيرا جدا فعدت بعدها الى الكتابة باسماء مستعارة … وجاءت سنة 1982 سنة تعرّضي لايقافي الاوّل وابعادي عن المصدح… فاغتنمت تلك الاحداث لارسل مقالا طويلا حول عمليّة الايقاف احتلّ صفحة كاملة بجريدة البيان وكان العنوان (زوبعة باذاعة صفاقس).. وكانت تلك مناسبة ليتعرّف عليّ رئيس تحرير البيان نجيب الخويلدي، خاصة انّ المقال احدث تفاعلات غير مسبوقة من المستمعين الذين اصبحوا قرّاء ..اذن من الطبيعي ان امثّل للجريدة رقما هاما امام الكمّ الهائل من ردود الافعال ..

وتوالت الحوارات ليس فقط في جريدة البيان بل في عديد الجرائد الاخرى… لانّه وبمفهوم البيع والشراء عبدالكريم (ولّى اسمو يجيب) وهي نفس المنهجية الان في سائر الاذاعات …حتى ولو كان العديد من منشطيها هم سقط المتاع… (وقت تتكلّم مع احد المسؤولين وتقللو يا ولدي شنية هالشلايك اللي جبتهم يقلك اسمهم يجيب …وقيّد على هذي اللوبانة المُرّة) … نرجعو وين كنّا ..يوم فكّر نجيب في التكفّل برئاسة تحرير جريدة الايام فكّر في اسماء لا اعرف الكثير منها وعنها وفكّر في عبدالكريم ..وربّما ايضا لانّ (اسمو يجيب)… وكانت تجربة الايام والتي مازلت اؤمن بانّها افضل تجربة صحفية في ذلك الزمن لسبب اراه مهمّا جدا في العمل الصحفيّ ..

ما ميّز جريدة الايام انذاك انّ جلّ الاقلام ان لم اقل كلّها لم تكن دجاج حاكم .. كان لكلّ قلم اسلوبه نعم …ولكن الرابط المشترك بيننا اننا فكريا كنّا نرفض ايّ تدخّل سلطوي، سواء كانت سلطة التحرير وصاحب الجريدة او سلطة النظام … لذلك كان التآلف مع قرائنا كبيرا ورائعا … في المقابل عيون الرقابة كانت تترصدنا… ويوم حاولت السلطة الضغط على الجريدة وعلى خطها التحريري قدّمنا استقالتنا الجماعية وكنت انا من قام بتحرير نصّ الاستقالة (زعمة زعمة زعيم العصابة) …

وما كادت تنتهي علاقتنا مع جريدة الايام حتى اغتنم المرحوم نجيب عزوز مدير جريدة الاعلان الفرصة ليتمكّن من اصطيادنا نحن عصابة الايام ..الاعلان انذاك كانت اسبوعية وكانت متخصّصة في جلّ صفحاتها للاشهار … ولكن كانت هنالك صفحة تحت اسم (آلو الاعلان)… الو الاعلان كانت تمثّل عمودا فقريا لقرّاء هذه الجريدة… ومن يكون محرّر “الو الاعلان” غير ذلك القلم الانيق الفينو لصاحبه الانيق الفينو المرحوم جمال الدين الكرماوي؟ ..وحتى اقدّم بطاقة تعريف جمال اقول هو لاعب كرة قدم فنّان في الملعب التونسي… وهو عازف فنان لآلة الغيتار… وهو قلم فنان في صياغة الكلمات ..هل فهمتم لماذا قلت عنه فينو ؟؟ السيد نجيب عزوز قرّر ان يصبح صدور جريدة الاعلان مرتين في الاسبوع ..الجمعة كما كانت وبرئاسة جمال الكرماوي وعبد الحميد الرياحي وفريقهما ..والثلاثاء وهي المولود الجديد برئاسة نجيب الخويلدي ومعه نصف عصابة الايام …

وهنا آتي الى حقائق قد لا يعلمها نعظم القرّاء ..التنافس بين الاقلام الصحفية كان ومازال مشحونا بنرجسية مرَضية احيانا …جلّنا لا يعترف بقلم افضل منه ..اي نعم ..البعض منّا مازال كيف يكتب اربع كلمات غدوة يقلّك حسنين هيكل ما يلعبنيش ..هذا عيب من عيوبنا ومازال متفشيا حتى الان سواء في الصحافة المكتوبة او المسموعة او المرئية ..هنالك اقلام متميزة نعم ولكنّ البقية نحن مجتهدون لا اكثر … دعوني ابدا بمحاسبة نفسي وبعيدا عن التواضع الكاذب ..من انا امام محمد الماغوط عربيا وحتى محلّيا امام محمد قلبي رحمه الله او الطاهر الفازع باللغة الفرنسية ؟؟… قد اكون اخترت اسلوبا في الصحافة المكتوبة مغايرا للسائد وذلك عندما اتبعت اسلوب المنشط الاذاعي في كلّ ما كتبت لحدّ الان ..لكن لم ولن ادّعي يوما انيّ جهبذ من جهابذة الصحافة المكنوبة… بل وبكلّ صدق ايضا كنت استمتع جدا بكتابة جمال الكرماوي ونجيب الخويلدي والاكتشاف عندي وقتها والذي اعتبرته دوما حطيئة الصحافة المكتوبة، عبدالقادر المقري ..علاوة على كلّ افراد عصابة الايام لانهم وكما ذكرت لكلّ اسم منهم لون خاص شكلا ومحتوى …

التجربة مع جريدة الاعلان لم تعمّر طويلا ايضا خاصة بالنسبة لي لسببين… اولهما اني اتفقت مع مدير الجريدة على ان تتكفل مطبعته باصدار كتابي الاول (ملاحظات مواطن عادي جدا)…وهو تجميع لمقالاتي التي صدرت في جريدة الايام وفي جزئها الاول والذي لم يتبعه جزء ثان… وذلك على حسابي الخاص مع الترفّق في الثمن ..السيد نجيب عزوز كان يكنّ لي تقديرا خاصا ووافق على طلبي دون شروط ولم يشأ حتى الحديث معي في ثمن الطباعة… وفعلا صدر الكتاب ..وكانت الصدمة ..لم يكن كتابا بل كان شبيها بكنّش كبير .. نعم صُدمت جدا بتلك النسخة التي تشبه كلّ شيء الا الكتاب ..

يومها بالتحديد تركت مكتب الجريدة بصفاقس الذي كنت اشرف عليه والذي سبق ان كان لجريدة الايام ودائما تحت اشرافي… ووجدتموني في مكتب مدير الجريدة حاملا الكتاب المسخرة ..سي نجيب رحمه الله رأى في عينيّ الحزن والالم فأدار ازرار الهاتف ليستدعي ابنه المشرف على المطبعة …نظر اليه بحدّة وقال ..هذا قدر سي عبدالكريم عندكم ؟؟… لم ينبس ابنه ببنت شفة ..وعاد سي نجيب يحملق في شبه الكتاب وامر ابنه بالمغادرة ..ثم اعتذر لي وقال: حتى فرنك ما تدفعو وان شا الله تسامحنا …ولكن بقيت كلّما نظرت إلى تلك العملية التي شوهت بعض الصفحات، اشعر بألم لم يفارقني ولمدّة ..

الحدث الثاني الذي جعلني اتّخذ قرار مغادرة جريدة الاعلان كان قاصما .. في سنة 1987 وقعت المحاكمة الشهيرة للنقابي المرحوم الحبيب عاشور ..كان من ضمن الاسماء التي تعمل مع الاعلان من صفاقس الشاب انذاك عماد الحضري ..عماد مافيا متاع اخبار ومتابعات ..حيوية ونشاط لا يتوقف ويلعب مع الشيطان يغلبو .. يوم المحاكمة والتي كانت بصفاقس تابع عماد اطوارها لحظة بلحظة ولم يغادرها الا بعد ان توصّل بوسائله الخاصة بنصّ الحكم (موش قلتلكم مافيا؟)…وحوالي السادسة مساء هاتفت الجريدة لنكون اوّل من يعلن في الغد وفي الصفحة الاولى وهو يوم صدور الجريدة لحسن حظنا، عن الحكم في قضية الحبيب عاشور ..انه سبق صحفيّ (قدّ الدنيا وضواحيها)… وهرعنا في الصباح الباكر ننتظر وصول الجريدة لكشك المرحوم النوري العفاس ..

وكانت الصدمة الثانية القاصمة والقاضية… لا وجود لايّ اثر لا في الصفحة الاولى ولا في الصفحة 5555 …(باهية هذي 5555) … طبعا امام هذا الحدث الجلل توقعت انه جاء امر فوقي بعدم نشر الخبر المنفرد ..هاتفت المدير فقال لي … نسأل ونرجعلك ….وتاخّر عن العودة لي.. ولم اطق صبرا اعدت الطلب فأجابني: (اعتذر لك ولعماد، وقعت عملية اهمال وسهو… هذا كلّ ما حدث) …انا عُرفت عند كلّ من عرفني انّي لا اثور بسرعة ولا اردّ الفعل بسرعة …اذن اشنوّة الدواء ؟؟ كابيسان في جرّة كابيسان والروايال منتوليه مغمّسا بحلوتي المعتادة كلمّا دخّنت سيجارة ..جلستي مع الخبر الطامّة الذي لم يُنشر ووقعه عليّ، دامت اكثر من ساعتين ..وعلى الساعة العاشرة تماما اعدت مهاتفة المدير لاعلمه رسميا بانتهاء العلاقة بيني وبين الاعلان ..لم اتركه يعقّب ..وانصرفت الى الشارع ابث له همّي ..كيف لجريدة محترمة ان تُهمل مثل هذه الاشياء وما ذنب عماد الحضري الذي سكن المحكمة وكواليسها يوما كاملا ليحصل على نصّ الحكم ؟؟

عدت الى مكتبي بعد ساعات من الطواف في شارع الضباب لاجد به الكاتبة الخاصة لمدير الجريدة التي نكنّ لها جميعا التقدير والاحترام( السيدة سليمة عبدالواحد) والتي ارسلها السيد نجيب لتثنيني عن قراري … ابتسمتُ ابتسامة ساخرة وقلت لها (يبدو انّك لم تتعرّفي بعد على عبد الكريم الخايب ..انا عندما اتخذ قرارا ويكون الحقّ بجانبي لن اتراجع) ..فهمَتْ انّي عنودي وراسي كاسح وخايب بالحقّ خايب …فقالت لي: (والحلّ؟)… انقضضت على تلك اللحظة الفارقة وقلت لها لن يُغلق مكتب الجريدة ..سيتكفّل به عماد ولن تندموا ..وكان ذلك… وانتهت التجربة مع الاعلان …

بعدها نفس مجموعة الايام ثم الاعلان انتقلت الى جريدة الاخبار ..لا اعرف عنها الكثير وحتى مديرها السيد بن يوسف لم اقابله بتاتا وكلّ ما اعرف عنه انه عسكريّ التكوين …ولكن وللامانة مع جريدة الاخبار كنت اتقاضى وفي راس كلّ شهر “كاشيات” مقالاتي وبانتظام… وهنا لابدّ من التذكير بانّي لم اشترط ولو مرّة واحدة في حياتي في الصحافة المكتوبة مقدار الاجر ..بل واضيف، باستثناء الاعلان والاخبار كلّ الجرائد التي كتبت فيها كتبت دون مقابل ولو فلس ولو صوردي منقوب… نعم دون مقابل… ولكن شريطة ان لا يُخضعوا مقالاتي للمقصّ…

وهنا لابدّ ان اتوجّه بتحية للصديق والزميل عبدالباقي بن مسعود الذي كان يشرف على القسم الرياضي في جريدة الصريح… اذ حررتَ مقالا حول لوبي الاعلام محليا وعربيا الذي اسسه سليم شيبوب كي يكون المدافع الشرس عن الترجي… للامانة، المقال كان “احرش” اي نعم احرش… وعبدالباقي كما تعلمون مكشّخ ولكن في نفس الوقت احترم مبدأ عدم تشغيل المقصّ معي… فخاطبني هاتفيا معتذرا عن عدم استطاعته نشر المقال… وللامانة ايضا قمت بارسال نسخة منه للزميل عادل بوهلال بجريدة اخبار الجمهورية فنشره حرفيا . وطبعا ما كان منّي الا مقاطعة الصريح نهائيا…

تجربتي تعلمت في ما تعلّمته منها ولم اتعلّم الاّ القليل… تعلّمت مقولة يوسف شاهين (الفنان يجب ان يكون اذكى من مقصّ الرقابة) ..بلغة اخرى، تسبّ شيبوب مثلا دون ان يمسك عليك تهمة السبّ وهذا حدث بيني وبينه وفي برنامجي الاذاعي سنة 2002 اذاعة بالالوان … وقد أبلغني احد المتعاونين معه في عالمه بردّ فعل ولد شيبوب بعد ان حمل له اولاد الحلال تسجيلا لما قلته فيه .. قال لي: (سليم بعد ما سمع التسجيل يقطّع في شعرو ويقول صحّة ليه ما خلاليش منين شدّو ولد …تييييييييييت) …هاكي هي بالضبط اللي جات في بالكم …

ملاحظة: ورقة اليوم من المفروض ان تصدر يوم الثلاثاء* ..عملتلكم بونيس وسبقتها يومين …رجاء وقت نوخّر شوية ما تقرقروش عليّ ..خللي شويّة عليكم وشويّة …..دوويو موش عليّ …شوية عليكم زادة امّالا كيفاش يستقيم الشيء .. اشنوة الشيء تقولو انتوما ؟؟ ولا شي ولا شي ولا شي ..يرحم عظامهم قداش خلاونا حويجات جماعة ما قبل 25 جويلية… وحتى اكون امينا حتى جماعة ما بعد 25 جويلية …

ـ يتبع ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* باعتبار التاريخ الأوّل لنشر هذا النص

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم ..الورقة 80

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

يوم قررت ان اخطّ لكم تجاربي في الحياة لاوثّق لجيل كما عشته بكلّ صدق ونزاهة دون روتوش، دون تزييف ..كتبت في ورقتي الاولى كتقديم لماهي ورقات يتيم مقدّمة هذا البعض منها … اليتم ليس فقط ان نفقد احد الوالدين او كليهما .. اليتم ايضا ان نعيش الوجع ونحن نشاهد اوراق شجرة كم انتفعنا بثمارها واستظللنا بظلّها، ان نشاهد اوراقها تسقط الواحدة تلو الاخرى … الثابت انّ لكلّ واحد منّا ذكرياته مع دروب الحياة منذ نعومة اظافرنا .. دروب قد تختلف من جيل الى جيل ولكنها (على الاقلّ بالنسبة لي) هي مزروعة في اعمق اعماقنا ..

عبد الكريم قطاطة

وبدات رحلتي مع كتابة ورقات يتيم منذ 3 جويلية 2016 ..بدءا بولادتي ثم حياتي في الطفولة وفي الشباب بكلّ هزاتها وزلازلها بكلّ ورودها واشواك ورودها ..ويعلم الله اني حاولت من خلال ما كتبته ان اقوم بعملية توثيق صادقة لذلك الجيل من خلال ما عشته واياه… وكانت آخر ورقة (الورقة 79) بتاريخ 18 جوان 2019 .. وانقطعت عن مواصلة الكتابة ..وها انا اضيف لمساوئي واحدة اخرى ..انا سجين لقلمي ..هو الآمر الناهي ولا سلطان لي عليه ..راسو صحيح وكاسح برشة ..يبدو انّو جا لمولاه ..ربي يهديه .. وزيدو ادعيولو بالهداية باش في خريف العمر هذا يرجع للصواب …

آخر ورقة في مضمونها كانت عن عودتي للاذاعة سنة 1987 بعد ابعاد دام 18 شهرا … وها انا اليوم وفي اليوم الثاني من جانفي 2024 اعود لاستكمال تلك الورقات بحلوها وبمرّها … وكما الماء في توليفته هو ذرّات من الاوكسجين والهيدروجين، فطبيعيّ ان تكون الحياة باوكسجين حلوها وبهيدروجين مرّها … العودة للمصدح وكما اسلفت كانت يوم 12 جانفي 1987 …ولانّ جانفي هو شهر الاحداث في تاريخ تونسنا فانّه ايضا شهر الاحداث في حياتي …كانت انذاك زوجتي حاملا .. وكان حملها من النوع الشائك ..مما حتّم عليها ملازمة المستشفى قسم الولادات وتحت مراقبة طبّية دائمة ..حالتها كانت طبّيا تسمّى (البلاسنتا برافيا) وهي تعني انّ الولادة قد تحدث في ايّ يوم وفي ايّة ساعة ..وحتى قبل موعد شهرها التاسع …لكن الاخطر في كلّ هذا انها هي مهددة بما يسمّى (ايموراجي) أي نزيف داخلي يهدّد حياتها وحياة مولودها …

الوالدة عيّادة رحمها الله كانت قلقة جدا من هذه الحالة .. لانها وحسب المعتقدات السائدة انذاك، هي على شبه يقين او يقين كامل بانّ ايّ مولود في الشهر الثامن لا فُرص له في الحياة ..فتلك ميزة لرسولنا فقط ولا احد غيره ..نعم اجدادنا لهم قناعة بانّ “الثموني” أمل حياته ضعيف… والثموني تعني الجنين الذي يكون في شهره الثامن …رغم انّ الطبّ والاطبّاء يسخرون من هذا الاعتقاد وهم على حقّ في ذلك ..فالجنين حظوظه تكبر في الحياة عندما يمكث اكثر في بطن امّه لانّ ذلك يعني استكمال نموّ اعضائه …

يوم 13 جانفي صباحا افقت على زيارة غير منتظرة تماما من زميل كان في بداية مشواره في الصحافة المكتوبة (عماد الحضري) ومن صديقة العائلة (المرحومة كلثوم الطرابلسي) قدما في سيارة اجرة إلى حيث اقطن بحوشنا في ساقية الدائر … فوجئت جدا بزيارتهما الصباحية ولم يمهلاني كثيرا ..ايّا مبروك سي عبدالكريم …يبارك فيكم ..قلتها وفي ذهني انّ الامر متعلّق بعودتي بالامس الى المصدح …او هكذا خُيّل اليّ …لكن قلتها وباستغراب ..اما كان عليهما ان ينتظرا طلوع النهار ؟؟ ..ولعلّهما لاحظا استغرابي فلم يتركاني لضياعي وبادراني بالقول ..مبروك المولود الجديد ..تقولشي كان حالف ما يجي الا ما ترجع انت للاذاعة…

وهللت عيادة للخبر ..انه مولود وليس مولودة …وفرحة آبائنا وامهاتنا مضاعفة عندما يكون المولود ذكرا ..خاصة انّ أمي دفنت في حياتها 4 ذكور ..لكنّ فرحتها بالمولود (كروان ابني) كانت مشوبة بكثير من الحذر ..كما اسلفت هو وُلد في شهره الثامن (ثموني) لكنّها وبحكمتها لم تشأ ان تنكّد على الجميع الاجواء فانخرطت معنا في الفرح ..يوم 13 جانفي كان مولد ابني كروان ..وكانت ولادته عسيرة للغاية ..بل كانت خطرا على حياة والدته اي زوجتي منية …في الليلة الفاصلة بين 12 و13 جانفي اصيبت منية بايموراجي مفاجئ …والحمد لله ان تفطّن الطاقم الطبي الساهر على سلامتها للامر ..وهنا اخصّ بالذكر الممرضة السيدة سارة بعزاوي حرم المرحوم حمادي العقربي والدكاترة القرمازي والحمامي ..نعم هؤلاء انقذوا منية زوجتي من … لا قدّر الله ..والحمد لله … وتمّت الولادة القيصرية على جناح السرعة وجاء ابني للحياة وهو الان ينعم بحياة عائلية سعيدة مع زوجته وابنته بُنيّة السنتين ونصف . حفظهم الله جميعا… شفت يا سي كروان اش عملت فينا وخاصة في امّك ؟؟…

سنة 87 وفي اواخرها كان الحدث الابرز … انّه 7 نوفمبر ..انّه التحوّل .. يومها صباحا كنت نائما بحوشنا ..وفجأة جاءت زوجتي لتوقظني وهي في قمة الاستغراب قائلة … فيق فيق بورقيبة اتنحّى .. لم اصدّق اذنيّ اطلاقا … بورقيبة يتنحّى؟ ..هذي ما تصيرش .. نعم كان بورقيبة بالنسبة لي واظنّ لغالبية الشعب التونسي رمز الدولة ورجلها ..قد نختلف معه في عديد الاشياء واختلفنا معه ..ولكن ومهما اختلفنا هو في داخلنا الزعيم سواء علانيّة او سرّا …فمن يجرؤ على المسّ به ؟؟ نهضت بسرعة وجذبت الراديو اليّ وكان بيان السابع من نوفمبر ..للامانة كان وقتها بيانا مقنعا شكلا ومضمونا ..اذ انّه كان انقلابا لم يخلُ من الاخلاقيات ..الاعتراف بما قدمه الزعيم ..حتميّة التغيير نظرا إلى صحة الزعيم المتدهورة ..ووعود للشعب التونسي بغد لتونس افضل حيث مزيدا من الحرية والديموقراطية ….ويبدو انّ هاتين الكلمتين هما مفتاح لكلّ حاكم جديد …رغم انّ الاحداث في تونسنا اكّدت انّهما مفتاح للسراب وامتحان متجدّد لغبائنا ..ولعلّنا نجحنا بامتياز في كلّ امتحانات الغباء …

يومها اي السابع من نوفمبر ..وقعت دعوة كلّ المسؤولين في اذاعة صفاقس وبعض الاسماء الاخرى (زعمة زعمة اللي عندهم وزن واشعاع لدى الجمهور) وكنت من بينهم، لاعداد برمجة جديدة تتلاءم مع التغيير .. كنت انظر في الوجوه ..واوّل ما عاد لذاكرتي بيت شعري لمنوّر صمادح: (شيئان في بلدي قد خيّبا املي .. الصدق في القول والاخلاص في العمل) .. وهو الشعار البورقيبي للدولة التونسية ايام حكمه …لماذا جال بخاطري هذا البيت الشعري ؟؟ هاكم الاجابة …اقسم بالله العظيم ..كان هنالك شخص من مسؤولي اذاعة صفاقس رحمه الله قال يوم 6 نوفمبر 87 ..انا لو يقومو بتحليل دمي ما يلقاوش فصيلة “أ” ايجابي او “ب” سلبي .. يلقاوه دم بورقيبي … يوم 7 نوفمبر 87 نفس الشخص يقول ..يززيه بورقيبة ..شيّط ..يخخي ما فهمش انو يلزم يمشي على روحو …نعم (الصدق في القول) يمشي على ساقيه ..

وطبعا انخرط المسؤولون في عمليّة جرد لكلّ الاغاني الخاصة بالزمن البورقيبي والمتباهية بانجازاته ..”يا حبيب تونس يا عزيز علينا” لنعمة كمثال …ولكن ايضا لكلّ اغنية فيها خدش بكلمة الزين … “الزين هذا لواش” كمثال …وبما انّي طحت للمصروف متاع الاغاني دعوني اختم هذه الورقة بـ” ليه يا زمان ما سبتيناش ابرياء” …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار