تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 47

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

منذ اليوم الاول وانا اتخطّى حاجز الرهبة والخوف من عاصمة النور باريس …انهمكت في تجربة فريدة من نوعها طيلة حياتي …دعوني الخّصها لكم في جملة (تجربة كل شيء)..

عبد الكريم قطاطة

صدقا لم تكن نواياي مخبريّة بقدر ما هي محاولة منّي لمزيد المعرفة …الحياة في باريس تمنحك كل الفرص للمعرفة ..الحياة في باريس بدأت معي وانا اخطو اوّل خطوة في دراستي بالمعهد الوطني للعلوم السمعيّة البصريّة بضاحية باريس الشرقية وتحديدا بمنطقة “بري سير مارن”… توجهت صباحا على الساعة السابعة الى المعهد … فوجئت اوّلا بطريقة الاستقبال وانا اضع قدمي بمكتب الاستقبال الخاص بالطلبة الجدد ..الموظّفة هناك لا تنتظر منك التحية .بل هي من تبادرك بالتحية ..الموظّفة هناك لا تكشّر عن وجهها كما يفعل جلّ الموظّفين ببلدنا ..بل تُهديك ابتسامة صادقة فهي التي تنتمي الى امّة (حللت اهلا ونزلت سهلا) ..الموظّفة هناك تاتيك بكل ما في قلبها وفكرها من ايمان بوظيفتها الاستقبالية لتؤدّيها على احسن وجه فاستقبال هذا الطالب الافريقي في مكتبها المُعد للاستقبال يعني حرارة وورودا وعطر ا..

تبادرك بعد مرحبا بك بالقول كيف يمكن لي ان اخدمك ..؟؟. لان العمل عندها قيمة حضارية …تصوروا هذا المشهد في اداراتنا .. الموظف عندنا (احمد ربي كان ما تلّفكش) وواصل حديثه عن مباراة الترجي والنجم وعن الحكم وعن اجتياح الجمهور للملعب وعن النفاق الكبير بين مسيّري الفريقين .. (وهوما زعمة زعمة روح رياضية عالية وبعد يجي الاحد الرياضي يكشفهم على حقيقتهم… توة لهاالدرجة مازالوا يتصورو المشاهد ابله …؟؟ والله دنتو اللي مسخرة …وعن ذلك الذي بقي على قلوبنا ثقيلا جدا يشتكي من ثقله الزئبق رغم انه يُدعى وديع) …

الموظّف عندنا لا يهمه ان كان الحريف امراة حاملا او كهلا بالكاد يقف على رجل ونصف .. المهم ان يكون الحاكم بأمر الله يعزف كيف ما يشاء.. وقت ما يشاء .. وعلى اي مقام موسيقي يشاء .. قد يكون هو ايضا مُضطهدا من احد اعرافه ..قد تكون وزارة الداخلية في حياته الخاصة (زوجته) قد مسحت به القاعة صباحا، فقدم لعمله وهو مقهور مغبونا ناقم … وقد تكون الموظّفة عندنا زوجة سي السيّد الذي ياتي كعادته مخمورا فـ”يتمرقد” كقطعة حبل دون حتّى ان يفهم يوما انه تزوّج من كائن بشري في حاجة لزوج ككائن بشري … هو في حاجة حتّى للمسة واحدة فيها حنّية الكائن البشري والتي كانت تكون كافية لمسح غبار وعناء يوم كامل في حياة زوجته ..هذا المخمور لم يدرك يوما ان زوجته كائن بشري بل هو يرى الجمال في كل نساء الدنيا الا في زوجته ..والتي تصبح مع مرور السنوات قطعة من اثاث المنزل لا غير ثم يسأل البعض: “قداش كثر فساد في عندي ما نقلّك”… توة هاكي برامج ..؟؟ ما يحشموش… ويزيدك عاد هاكي الموضة الجديدة (تقليعة اعلام العار)…

قد يكون الطرح بذلك الاسلوب للمراجعة وهو فعلا للمراجعة ..ولكن اسال من اين تأتي تلك البرامج بتلك القصص ..؟؟ من مدغشقر او الصومال او جزر الواق واق ..؟؟ اليست من تونس ..تونسنا احنا موش تونستان ..؟؟ اليس الاجدر بنا ان نتساءل لماذا وصلنا الى تلك الدرجة المتدنية في العلاقات الاُسريّة ؟؟؟ عوض ان نسبّ التلفزيون واهل التلفزيون واعلام العار ..؟؟ هل وقفنا يوما امام المرآة لنحاسب انفسنا .. لنتحاور بكل صدق وعمق مع ذواتنا .؟؟؟… وتاكّدوا اننا سنجد فينا نسخا من عندي ما نقلك ومن المسامح كريم ومن حكايات تونسية .. قد تكون فيها الفظاعة نسبيا مختلفة ولكن الفظاعة عادة ما تبدأ الحكاية فيها بتفصيل صغير، ثم يتطور حسب معطياتنا التربوية والاجتماعية والنفسية .. فيصل بالبعض الى فظاعة الجرائم ويقف عند الاخر حد الفظاعة المرعبة ايضا والتي هي كفيلة بتدمير الذات وتخريبها… وهي تلك التي نعبّر عنها بالياس او الرضاء بالاقدار في اسلم الحالات وهاكة مغرفتك اش هزت ..يلعن بو ها المغرفة الكلبة …وما ابشع تلك الحالات …

استقبال الموظفة في اول يوم بالمعهد جعلني احس بجهلي ..فرنسا التي استعمرتنا زهاء القرن تستقبلنا بتلك الحفاوة الحقيقية ؟؟؟ نحن دائما نخلط بين البلد واهل البلد و…ساسة البلد … بدات وقتها أعيش اول خطوة اُدركت فيها جهلي ومراهقتي .. لم تكن ماري موظفة الاستقبال استثناء بل ان اول لقاء مع مدير الدراسة ثبّت في داخلي قناعتي بجهلي …السيد جاك دوران وهو مخرج فرنسي مشهور يستقبلنا استقبال الرجال… استقبالا لا حواجز فيه بل الاعمق والاجمل عندما بدأ يسرد علينا تفاصيل الرحلة الدراسية معه ومع زملائه وهو يقول: “انا سعيد بوجودي معكم كافارقة ..قد نعطيكم شيئا من معرفتنا ولكن تاكدوا اننا نحن من سنستفيد اكثر من وجودكم معنا .سنتعلم منكم الكثير لانكم انتم الجذور في تاريخكم وحضارتكم ونحن الاغصان” …

نعم هذا فرنسي ..كنا نقول عنه الاستعماري العنصري المتسلط… لاننا لم نكن نفرّق بين الكائن البشري كانسان وبين قذارة السياسيين … هل تصدّقوني عندما اقول لكم وقتها بدات اتعلم ان الكراهية هي افتك الامراض البشرية على الاطلاق ..؟؟ هل تصدّقون ان تجربتي مع كل الاساتذة الفرنسيين ومع كل من عرفت ومن كل الاجناس والاصقاع علمتني انه ليس من حقّي ان اكره اي جنس اخر … اية ديانة اخرى … اي مخلوق اخر … ووقتها بدا ينمو ويتطّور بداخلي مفهوم كونيّة الانسان ..وها انا بعد قرابة النصف قرن اقولها عاليا وبكل اقتناع وسعادة وفخر: انا لا اكره حتى الشيطان الذي له رب يحاسبه ..فكيف اكره الانسان الذي هو كونيّا اخ لي رغم انفي وانف الجميع .السنا جميعا ابناء آدم وحواء ؟؟؟ ردّوها عليّ ان استطعتم … هي ليست مواقف بلاتونية رومانسية.. حالمة ..صدّقوني وبكل المقدّسات انها الواقع لو تخلّينا ولو للحظة فارقة عن اختلافاتنا العقائدية والفكرية والفلسفية المريضة ..ولعلّ قصّة قابيل وهابيل اتت لتعلمنا الدرس (الخير والشر) منذ بدء الكون ولكننا لم نتعلم …

الدراسة بدأت بنسق عال …7 ساعات يوميا على امتداد 5 ايام اسبوعيا ..وثراء كبير على مستوى البرنامج .. كنا ندرس مواد تبدو ظاهريا لا علاقة لها باختصاصنا من نوع جولة في عالم الاقتصاد والقانون وعلم الاجتماع . _.ولم ندرك الا بعد مدة ان ميداننا يحتاج حتما الى قدر ولو كان يسيرا من الاخذ من كل شيء بطرف ..وكان مسموحا لنا وبكل سلاسة ان نناقش الادارة والاساتذة في جدوى وفاعلية حتى محتوى البرنامج الدراسي ..رغم انه مُعد بشكل عميق من اخصائيين كبار في كل المجالات بعد بحوث ودراسات طويلة ومُعمّقة … انها حرية التعبير وابداء الراي …في بلداننا .. اشرب والا طيّر ڨرنك … واشكونك انتي باش تناقش برنامج دراسي ؟؟؟ هذا منطق الجهة الفاعلة .اما جهة المفعول بها فهو اما بهيم خدمة (وعذرا للبهائم على حشرها في هذه الخانة) لم يبحث يوما عن جدوى او عدم جدوى مادة ما …او وخاصة بعد 14 جانفي هو مرادف لطفل مراهق وللتعبير عن عدم رضاه يكسّر ويحرق ..ويسبّ …

حدث ذلك مرة معي في معهد الملتيميديا سنة 2012 … مجموعة من طلبة السنة الخامسة رفضوا قطعيا الاذعان لقرار الادارة بتكليف زميلة لي بتدريسهم نفس المادة التي ادرّسها (تقنيات السنيرة والاخراج السمعي البصري)… وكالعادة اعتصموا امام الادارة رافضين العودة الى الدروس مطالبين بوجودي .. هاتفتني الادارة راجية ان احضر على عجل ..ولبّيت النداء ..العديد منهم درّستهم منذ السنة الاولى مادّتي التصوير والمونتاج …قلت لهم عند وصولي: من سيتكلم باسمكم؟ ..تقدّم واحد من طلبتي وعبّر عن رفضه وزملائه المطلق لتلك الاستاذة لانهم ادركوا بعد تجربة قصيرة معها انها ذات كفاءة محدودة جدا ..طلبت من الادارة التي كانت تحترمني جدا وتُصغي جيّدا لمواقفي “سي .في” هذه المدرّسة ثم طلبت مقابلتها ..هي فعلا كانت مبتدئة في الميدان لكن غير المنطقي في الامر ان دراستها الجامعية كانت بعيدة عن الاختصاص التي عينتها فيه الوزارة ..وهي معترفة بان لا علاقة لها بتاتا بتلك المادة ..كانت نزيهة جدا وامينة بواقعها ..عندها قلت لها ساتدبّر الامر مع ادارة المعهد ..

تحاورت مع الادارة وقبلت ان اُنهي الاشكال بان اتكفّل بتدريسهم ولو مجانا ..عدت الى الطلبة وقلت لهم هل انتم مستعدون لقبول الحلّ الذي اراه مناسبا للجميع وبصوت واحد جاء الرد نعم … اقترحت عليهم: اوّلا الذهاب حالا للاعتذار للاستاذة ثم العودة اللامشروطة للدروس… امّا عن البقية فانا من سيتكفّل بها … ودون قيد او شرط اعتذروا وانهوا الاعتصام ….ويوم بداية اول حصّة معهم فوجئوا بحضوري وبكل سعادة معهم .. رحبت بهم وقلت: “ما تفرحوش برشة راكم بدلتو سيف بمنجل”… لأن المعروف عنّي اني جدّي لحدّ الصرامة في التدريس وفي حرصي على جدّية طلبتي وعلى انضباطهم معي كجنرال عسكري في تعاملي معهم …لكن في المقابل انا وكيل دفاعهم وبكل صرامة أيضا اذا ما حاول البعض المسّ بحقوقهم …

وفي هذه النقطة بالذات اتذكّر جيّدا حادثة وقعت ذات سنة 2013 مع طلبة البوزار (فنون جميلة).. فصل في السنة الثانية لم يبدا الدروس منذ الشهر الاول للسنة الجامعية ..وعندما كُلفت بتدريسه اعلمت الادارة ان البرنامج المخصّص لذلك الفصل يتطلب تاخير الامتحان النهائي نصف شهر على الاقل، حتى يكون الطالب جاهزا… وافقت الادارة على ذلك واعلمت الطلبة حتى يطمئنوا على اكمال برنامجهم الدراسي ..عند نهاية السنة انزلت الادارة روزنامة الامتحانات ناسية ما اتفقنا حوله وجاء الطلبة مزمجرين غاضبين معتصمين … دخلت باحة المعهد فاقبلوا وبكل تشنج يعبّرون عن استغرابهم من الامر ..نظرت إليهم وقلت: “زايد، تقعدو طول عمركم فروخ” ..”كيفاش يا مسيو” صاح بعضهم فصرخت في وجهه وقلت: “سكّر جلغتك ..وليّد انا نلعب معاكم؟ ..وعدتكم باتمام البرنامج ولن يكون الامتحان قبل اتمامه” …وكعادتي امرت جميعهم بـ (انقرضوا !)… تفرّق الجمع بكثير من الفخر ..احسّوا باني نصرتهم على قرار الادارة الجائر ..وتوجهتُ الى الادارة مًمثلة في مديرها الصديق الشاعر والمفكر والمثقف نزار شقرون ومعه كاتبها العام … وذكّرتهما بالاتفاق المبرم معهما ..وجدا نفسيهما في موقع حرج واقترحا عليّ اقتراحات لم تكن مقنعة … وكنت حازما الى حد رفض مدهما بالامتحان …وقبلا الامر نظرا إلى عنادي و (كسوحية راسي)… ولكن ايضا إلى وجه الحق في موقفي … واتممت لطلبتي البرنامج ثم كان الامتحان بعده ..

انا لست هنا لاستعرض عضلاتي وفتوّتي ..ابدا والله بل لاقول انه لولا دراستي بفرنسا واستفادتي من تعاملي مع ادارة المعهد ومع اساتذتي ما كنت لاكون كما انا ..دراستي علمتني ان اسال عن كل شيء واناقش كل شيء وابدي رايي في كل شيء واعتذر ان اخطات… تماما كما كان يعتذر استاذي ..دراستي علمتني ان الطالب الناجح او الاستاذ الناجح هو الذي وهبه الله نعمة القدرة على الاستماع الجيد وعلى الردود المقنعة لا السفسطائية… وعلى تجاوز الذات عند الخطأ والانحناء لمن يحسسني بعيوبي… ولكن ابدا ان اتراجع عن قناعاتي او قراراتي اذا كنت مؤمنا بجدواها وبعدم وجود من يؤكد نقصا ما فيها …متعة ان تجد استاذا ما (او استاذة) يدعوك لقهوة او لعشاء بمنزله ليعرفك اكثر او لتستمتع معه بحوار ما في موقف ما ..هذا حدث معي في دراستي بالمعهد ..وحتى ان تأتيك استاذتك لتعبّر لك عن رغبتها في معرفتك اكثر كتونسي او كافريقي وتتقاسم معها عشاء بمنزلها… وقد يطول العشاء ليصبح فطور صباح وما بينهما اشياء …فهذا حدث ايضا ..

ولعلّ الامر المدهش والذي رافقني منذ صغري وحتى وصولي الى دراستي العليا بفرنسا، اكتفائي الذي يكاد يكون كلّيا بما اتلقاه في القسم من معارف … مانيش بهيم قراية بالكل… بقية وقتي كان مقسما على ثلاثة اهتمامات: تنس الطاولة الذي تعلمته بالمعهد عن نيجيري جنّ ارقط في تلك اللعبة، والذي كنت اسمّيه المعلّم الكبير ووعدته يوما بان افتك منه هذا اللقب (وافتككته يوما في دور نهائي بالمعهد ومعه هو بالذات!)… ثاني اهتماماتي كان النزول الى باريس كل يوم بعد اتمام الدروس لمشاهدة فيلم سينمائي وكم هي الروائع التي شاهدتها …”سنوات الجمر” للأخضر حامينة (وهو الفيلم العربي الوحيد المتحصل على السعفة الذهبية لمهرجان كان) ….”طيران فوق عش الوقواق” (وعبقرية جاك نيكولسون في اداء دوره الرهيب) ..”بادرو بادروني” الفيلم الايطالي لمخرجين شقيقين وهو ايضا متحصل على نفس الجائزة الذهبية في دورة لاحقة …”خبز وشوكولاتة” … والقائمة طويلة… طبعا دون نسيان فترة وجيزة اكتشفت فيها لاول مرة الافلام البورنوغرافية …صدقا لم تطل لان الحاجة لها اصبحت منعدمة تماما باعتبار (الشيء موجود في الواقع)…ووقتها ادركت ان لا سينما عندنا في تونس مقارنة بما استمتع به يوميا في باريس …

الفاصل الثالث من يومي والذي كان بحق العابا اولمبية بكل المواصفات ..وهي في الحقيقة لم تكن العابا بقدر ما كانت نقاط ضوء هامة في تركيبتي الفكرية وفي علاقتي بالمرأة… تجربتي في باريس اكدت لي كم كنت منحطا متخلفا جهلوتا في رؤيتي للمراة ..تجربتي علمتني احترام هذا الكائن البشري فكريا وجسديا لاني قبلها كنت لا اختلف في شيء عن الحيوان فكريا وجسديا…

شكرا باريس عاصمة النور … نورتني والله …يااااااااااااه كم هي حكايااك كثيرة وجميلة ومثيرة يا باريس النور والحرية والثقافة … يا ربيييييييييييييييييييي كم انا مدين لها .. وكممممممممممممممممممم ما كنت انا لاكون لولاها …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

سوريا: تعددت الأهداف والجبهات… والمؤامرة واحدة

نشرت

في

محمد الزمزاري:

بعد هدوء نسبي دام بضع سنوات، تحركت مؤخرا طوابير الإرهابيين بمختلف انواعهم ومشاربهم… وليس من الصدف ان يتحرك معهم في وقت واحد مسلحو ما يسمى بالمعارضة السورية…

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

لعل المحلل اليوم لا يفرق بين جبهة النصرة الإرهابية وبين معارضة تقودها جهات لا تقل خطورة عن الإرهابيين… فبعض فصائل الإرهابيين يقودها النظام التركي لا سيما في أطراف مدينة حماه…وهناك فصائل مدعومة ومسلحة ومدربة على يد الجيش الأمريكي الذي يقبع على جزء من خارطة سوريا تحت ذريعة كرة لهب هو من أججها ودفع بها إلى اتون الحرب بسوريا… للروس والإيرانيين أيضا موضع أقدام على الجسم السوري…

كذلك عدد من العصابات ترتع تحت إمرة الموساد الصهيوني الذي يضرب على ثلاث جبهات متماسكة ومتوازية: الإرهابيين عن طريق دعمهم بالتعاون مع الامريكان من جهة، والأكراد الذين يحاولون الوقوف في وجه الإرهابيين وكسب انفصال لاقليم قادم تقوده الجهات الصهيونية والأمريكية بالاسلحة والدعم اللوجستي و الاعلامي… أما الجزء الأهم في مخطط الكيان الصهيوني فهو مواصلة تركيع الدولة السورية وضرب مسالك تحالفها مع إيران لقطع طريق إمداد الأسلحة (التي تتوجس منها اسرائيل) نحو حزب الله وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية الكامنة أيضا بلبنان…

ليس غريبا ان تشتعل نار المواجهات ضد الشعب السوري في هذه الفترة التي قد تحقق هدوءا محتملا في إطار اتفاق مخترق يوميا من الكيان الصهيوني …وراء كل فصيل جهته الداعمة ولكل جهة أهدافها الإرهابية التي لاتقل عن فظائع الإرهاب الذي عرفته افغانستان… فتركيا بذريعة مقاومة الأكراد تنهش في التراب السوري، واسرائيل تمارس نازيتها واحلام توسعها مستغلة مشاكل سوريا الداخلية… والامريكان رابضون على الأرض بقواعدهم واسلحتهمم لحماية ارهاب صنعوه… والروس و الايرانيون يبغون افتكاك موطىء قدم لحماية مصالحهم الاستراتيجية ودعم النظام السوري مقابل ذلك.

وليس صدفة أيضا أن تتصاعد الأحداث فجأة بهذه الكثافة بعد ضرب ذراعين من أذرعة “محور الممانعة” والمتمثلين في المقاومة الفلسطينية أولا عبر تدمير شيه شامل لغزة في اتجاه إعادة استيطانها … وثانيا المقاومة اللبنانية في اتجاه احتلال الجنوب وفرض وشيك للتطبيع على الحكومة اللبنانية… وها أن المرحلة الثالثة من المخطط تتجه نحو دمشق كآخر القلاع العربية الرسمية المتمنّعة على برنامج الشرق الأوسط الجديد… وكآخر خيمة يتظلل بها المقاومون المطلوبة رؤوسهم من التحالف الإمبريالي الصهيوني…

ولكن هذه المرة لم يكن ذلك بوسائل جيش الكيان المباشرة، بل بخلايا الإرهابيين النائمة منذ 2011 والملتحفة باطلا بلحاف الدين أو الحرية أو الديمقراطية وغير ذلك من الشعارات… ولو أن طيران العدوّ ما انفك يعتدي على المدن السورية طيلة هذه السنوات، وخاصة في الأشهر الأخيرة… كما أن أدلة عديدة أثبتت تواطؤ الجماعات المتأسلمة مع الكيان الغاصب، ليس أقلها التكفل بعلاج جرحاها داخل المستشفيات الإسرائيلية طوال عملياتها الإجرامية هذه السنوات، في كل من سوريا والعراق الشقيقين…

إن انفجار بؤر الإرهاب مجددا وتحقيق بعض المكتسبات الميدانية بمدينة حلب التي تعد ثاني اهم مدينة سورية واول مدينة اقتصادية تتصارع لاحتلالها كل القوى… من معارضة عميلة لتركيا او فصائل إرهابية ستدور فيها او حولها اهم المواجهات… ولن تكون الا بسحق فلول العملاء والإرهابيين المستثمرين في أوجاع الشعب السوري الذي أصبح مستهدفا من الأشقاء والأعداء مجتمعين او مفترقين…

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 93

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

علاقتي زمنيا بالتلفزة كمخرج لم تمنعني من حضوري اذاعيا امام المصدح العشق … وللعشق احكام لا تخضع لمنطق العقل… هذا يعني اني واصلت علاقتي بالمصدح العشق… وهو ما احدث اشكالا اداريا في كيفية التعامل ماديا في هذه الحالة…

عبد الكريم قطاطة

دعوني افسّر لكم كيف تتم معاملة الموظف في الاذاعة والتلفزيون… ايّ موظف وكسائر الموظفين وفي ايّ قطاع… له راتب شهري يتناسب وشهائده العلمية ..مع اضافة بعض المنح كمنحة الانتاج لكل الموظفين ومنحة المسؤولية لكلّ من تقلّد مسؤولية ما… لكن وفي صورة قيام الموظف بمهام اخرى خارج اختصاصه تتعامل المؤسسة بمنظومة عقود انتاج… مثلا عندما يكون الموظف مخرجا كحالتي او مهندس او او او ويقوم بانتاج برنامج ما، يصبح من حقه الحصول على عقد انتاج مكافأة على انتاجه… بالنسبة لي وعندما كنت اقوم بعملي الوظيفي كمخرج كنت وبشكل مواز اقوم بانتاج وتنشيط بعض البرامج الاذاعية كمواعيد ومساء السبت واصدقاء الليل…

عندما طالبت ادارة اذاعة صفاقس بتفعيل قانون عقود الانتاج… انذاك كان مدير اذاعة صفاقس المرحوم النوري العفاس وكان وللامانة مقتنعا بحقوقي وبحقوق بعض الزملاء امثالي… خاصة انّ الزملاء في الاذاعة الوطنية كنجيب الخطاب وصالح جغام رحمهما الله كانا يتمتعان بعقود انتاج… ووعدني السيد النوري العفاس بمراسلة الادارة العامة لتمكيننا من حقوقنا… فقط طلب منّي (شوية وقت) حتى يُنهي الامر… وفعلا كان الامر كذلك ..لكنّ (هالشوية بطا) … وبرشة زادة… وقتها عاد عبدالكريم المشوم خرج من القمقم متاعو… اعلنت التمرّد وهمست لاخرين للتمرّد معي (عبدالجليل بن عبد الله وكمال بوخضير)… وقرر ثلاثتنا الانسحاب من برامجنا الاذاعية…

وطبعا الصحف وكعادتها تهتم جدا بمثل هذه الاخبار… بعضهم بتعاطف صادق معنا واغلبهم تلك الاخبار وحسب تعبيرهم (تبيع) اي تجد قراء لشراء صحفهم .. حيث كتبت “الصدى” انذاك والبنط العريض (لهذه الاسباب توقف برنامج اصدقاء الليل) في 19 ـ 2 ـ 91 … وفي نفس الجريدة وبتاريخ 5 ـ 3 ـ 91 مقال بعنوان (ويتواصل الانسحاب)… وفي “الصباح” مقال بعنوان (متى يعود منشطو اذاعة صفاقس؟) 16 _ 3 _ 91 … وفي جريدة الصدى مقال بعنوان (انسحاب بسبب العقود) 30 ـ 7 ـ 91 … لكنني في المقابل تطوعت مع زميلي عبدالجليل وثلة من براعم مجموعة شمس لاعداد وتنشيط عيد ميلاد اذاعة صفاقس في الذكرى الثلاثين لتاسيسها 8 ديسمبر 1991 وعلى امتداد 14 ساعة ..نعم … على خاطر عين تتذارى ميات عين ..

ومما زاد الطين بلّة انه ورغم توقفي عن الانتاج وكما جرت العادة في جريدة البيان في استفتائها السنوى عن دنيا الاعلام، يحوز هاكة المشاغب اللي هو انا على جائزة افضل منشط …البيان 30 _ 12 _ 91… ونفس النتائج بجريدة الصحافة 31 ، 12 ـ 91 … ونفس النتائج بجريدة الصباح 15 ـ 1 ـ 92… وتواصل الامر على حاله دون حلحلة لمشكلة عقود الانتاج حتى شهر جوان 92… حيث كتبت الصدى مقالا بشكل استفهامي و بعنوان (عبدالكريم قطاطة يغتزل العمل الاذاعي؟) الصدى 20 ـ 6 ـ 92 … وكما عادة المسؤولين الاوائل على راس مؤسسة الاذاعة والتلفزة، يقلقون جدا من الاخبار السيئة التي تتناول المؤسسة، فكان التدخل من رئيسها انذاك السيد عبدالحفيظ الهرقام ..دعاني للحضور بمكتبه في المؤسسة الام ..وفعلا كان اللقاء معه ..

استقبلني بكثير من الجدية واللوم ايضا ..وكان مختصرا جدا في بداية لقائه معي ويمكن اختزال ما قال: (اما كان من الاجدر ان تكلمني في الاشكال عوض اللجوء الى الصحف والجرائد؟)… استاذنته في طرح المشكل بكلّ حيثياته واذن لي بالحديث ..كان مستمعا جيّدا للغاية ..حدثته عن كل مشاكل الاذاعة الجهوية وعن مشاكل عقود الانتاج طبعا ..اندهش جدا من الامر ووعدني بحلّ الاشكال وبالسرعة القصوى… ورجاني في خاتمة اللقاء بان يكون ما حدث في حواري معه داخلا في خانة الكتمان… ووعدني بزيارة في اقرب الاجال للاطلاع عن كثب عما تعيشه اذاعتنا الجهوية من مشاكل ومشاغل ..ووفى الحرّ بما وعد ..سبتمبر 93 …

وان انسى شيئا فلن انسى اني فوجئت صباح ذات يوم بالزميل المكلف بالاستقبال، يعلمني انّ الرئيس المدير العام حلّ باذاعة صفاقس هذا الصباح وانّه مجتمع بالموظفين والاطارات باستوديو التلفزة ..وماكدت الج باب الاستوديو حتى لمحني السيد عبدالحفيظ الهرقام وجاء لاستقبالي ..اخجلني فعلا بتلك الحركة والتي كانت مقصودة منه للتعبير عن تقديره لي والتعاطف معي ..وكان العديد من الاطارات تحت صدمة… وبّهت الذي كفر _ والبعض منهم كان يتساءل في داخله (تي اشنوة هالمخلوق ؟ يخخي عندو سبعة ارواح ؟؟ كل مرة يخرج مظفّرا من مشاكله التي لا تنتهي) ..

اختم بالقول شكرا سي عبدالحفيظ على الدعم وعلى الفعل خاصة لانه فعّل قانون عقود الانتاج… ولانه خاصة قام بتحويرات في المسؤوليات والمسؤولين والله شاهد انه ليس من اجل سواد عينيّ بل من اجل مصلحة المؤسسة .. وحتى مجلّة الاذاعة التي تتبع في خط تحريرها للمؤسسة، بادرت بنشر مقال عن عودتي للتنشيط الاذاعي 24 ـ 6 ـ 93… وكان بعنوان (بعد سنة من التأمل سيعود عبدالكريم قطاطة لجمهور المستمعين) ..سنة تامّلا يا كاتب المقال ؟؟ اتفهّم جدا العنوان… الم اقل لكم انّ المجلّة تخضع لخط تحرير المؤسسة ..؟؟

للتاريخ بدات افكّر في مشروع برنامج يحمل اسم اذاعة بالالوان حت ىكُتب له ان يخرج للنور ويكون اخر برنامج انتجته ونشطته في اذاعة صفافس …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم… الورقة 92

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

الميدان التليفزيوني عشت فيه تجارب اخرى احداها مع الزميلة جميلة بالي كمخرج لبرنامجها البيت السعيد …والسيدة جميلة بالي هي بالنسبة لي من افضل من قدم هذه النوعية من البرامج والتي تهتم بالاسرة وبالبيت …

عبد الكريم قطاطة

حضورها تلفزيا كان دافئا وثقافتها بكل ما يهم الاسرة والبيت شاسعة… لذلك حرصت كمخرج ان اوظّف الديكور والاضواء وزوايا التصوير لابرازها بمواصفاتها… تجربة اخرى اعتز بها بل واعتبرها من افضل تجاربي كمخرج تلفزي… انها منوعة قناديل … هي منوعة ثقافية بالاساس اجتمعت فيها عناصر عديدة لتؤسس لنجاحها لدى المشاهدين… تلك العناصر تمثلت اوّلا في حذق منشطتها الزميلة ابتسام المكوّر وجديتها وعمق خزانها الثقافي… ابتسام بالنسبة لي وفي ذلك الزمن كانت تمثل واحدة من افضل المنشطات اذاعيا وتلفزيا، هي وهالة الركبي… حضور متميز… ثقافة واسعة… وقدرة فائقة على التحاور…

العنصر الثاني تمثّل في مشاركة الاستاذ رضا بسباس في الانتاج اوّلا وفي تناول الموضوع المقترح لكلّ حلقة… وما ميّز الزميل رضا بسباس البحث في جوانب طريفة عبر العديد مما كُتب في الموضوع وعبر الامثال الشعبية لنفس الغرض… العنصر الثالث وهو من العناصر التي اعطت رونقا خاصا لبرنامج قناديل والمتمثل في تكفّل الزميل والصديق محمد العود رحمه الله بالجانب الموسيقي للبرنامج… محمد رحمه الله كان شديد الحرص على الانتقاء الجيد لنوعية الاغاني الخالدة واعادة توزيعها، و على اختيار الاصوات المؤدية لتلك الاغاني… محمد رحمه الله كان من الفنانين القلائل الذين لا عاطفة لهم في اختياراته وهو كسمّيع جيّد للعزف والتنفيذ صعب المراس… لذلك جاءت نتيجة تفانيه في عمله موسيقيا جيّدة للغاية…

وحرصت من جانبي على ان اتماهى مع هذه المجموعة لاخرج برنامج قناديل في حلّة جميلة… وهنا لابدّ من تحية الفنان الاستاد لمجد جبير الذي تكفل بصنع الديكور كاوّل تجربه له في الميدان التلفزي… والزميل نورالدين بوصباح كمدير للاضاءة وكافة الفريق التقني الذي عمل معي بكل حبّ وجهد … البرنامج لقي صدى ممتازا لدى السادة المشاهدين مما جعل بعض التلفزات العربية (كالـ”ام بي سي”) تفكّر في شرائه… هكذا قيل لنا والله اعلم….

نهاية برنامج قناديل لم تكن سارّة بالمرّة … نعم … وهاكم الاسباب… انا وابتسام كنا ومازلنا صديقين علاوة على الزمالة …ربما لاننا نشترك في خاصيات عديدة في شخصيتينا ..ومن ضمنها النرجسية …اي نعم .. اليس كذلك يا ابتسام ؟؟… من هذه الزاوية ابتسام كانت حريصة جدا على انتاج حلقات قناديل في موعدها وهي مُحقّة في ذلك …لكن وبقدر حرصي كذلك وعلى امتداد حلقات عديدة كي انجز تلك الحلقات اخراجا ومونتاجا وميكساجا، بقدر ايماني بانّ عملي يدخل في خانة الفنّ وليس في خانة الوظيفة .. والفنان بالنسبة لي قد تعتريه اوقات يجد فيها نفسه غير مؤهل للعمل …فيؤجل القيام بعمله لايام افضل …حدث هذا الامر مرة واحدة لم استطع فيها القيام بواجبي لاحضار الحلقة في موعدها ..هنا ثارت ثائرة ابتسام ولم تقبل بالامر …وكعادتها عندما تكون غاضبة زمجرت في وجهي وبكلّ حدّة …

ولانّ نرجسيتي لا تقلّ عن نرجسيتها ..رفضت زمجرتها وبكلّ حدّة ايضا وقلت لها (مانيش صوينع نخدم عندك) وانسحبت من اخراج البرنامج …وطبعا كان موقفها (محسوب كان انسحبت توة نعيّط لسي بوبكر) وهي تعني الزميل بوبكر العش رحمه الله… و(طززز فيك) .. هي لم تقلها للامانة طززز فيك ولكن ذاك كان موقفها ضمنيا …وفعلا اخذ زميلي العش على عاتقه مهمة اخراج قناديل بتصور اخر وديكور اخر …لكنّ التجربة لم تعمّر كثيرا ..ليس قدحا في امكانيات المرحوم ابو بكر بل ولانّي اعرفهما بعمق كنت واثقا انّ التناغم بينهما لن يكون في اوجه ….

تجربتي الثالثة في الميدان التلفزي كانت في خانة اخراج المباريات الرياضية (كرة قدم)… هذه التجربة سبقها تدريب تكويني في الغرض بدمشق ولمدة 21 يوما بمركز تابع للاتحاد العربي للاذاعة والتلفزيون سنة 1996… بعد اتمام التدريب الذي كان على درجة متميزة نظرا لكفاءة المؤطرين، كلّفتني ادارة التلفزة باخراج بعض مباريات النادي الصفاقسي سواء في البطولة الوطنية او في المسابقات الافريقية … وكنت فيها فاشلا بكلّ المقاييس … نعم … نقل واخراج المباريات الكروية يتطلب عنصرين هامين… اوّلهما التركيز الكلّي على مجريات اللعب مع الحرص على اختيار زوايا مختلفة لتنويع المشهد… والحرص خصوصا على عدم التفويت في ايّة لقطة هامة في المباراة ..وهنا ياتي دور العنصر الثاني وهو سرعة رد الفعل للمخرج في اختيار الكاميرا المناسبة التي تصوّر اللقطة الهامة… هدف او ضربة جزاء او اعتداء لاعب على اخر كامثلة …

قلت اني فشلت فشلا ذريعا في اخراج هذه المقابلات اوّلا خوفي من تفويت اللقطات الهامة اجبرني على اختيار الكاميرا التي ينحصر دورها في تصوير المشهد العام Plan général ///ككاميرا رئيسية طوال فترات اللعب ..وهو ما يجعل اللاعبين اشبه بالذباب فوق الشاشة .. ثم انتمائي وعشقي للسي اس اس جعلني في احيان كثيرة اتماهى مع لاعبي النادي بشكل ذاتي وانسى دوري كمخرج …اي نعم لم استطع في عديد اللقطات التخلص من ذاتيتي… بل احيانا كنت اصفق وارقص عندما يسجل فريقي هدفا ما وكاني واحد من قوم الفيراج … ولانّي كنت وخاصة في ما يتعلق بالامور المهنية قاسيا جدا في الحكم على نتائج الاعمال، ..اعتذرت لادارة التلفزة عن مثل هذه الاعمال التي كانت رديئة فعلا بمنظار علمي ..وادارة التلفزة كان موقفها من قراري (الحمد لله جات منك يا ميضة انت ناشفة وانا تارك صلاة) …

التجربة الاخيرة في الميدان التلفزي كمحرج خضتها مع زميلي زهير بن احمد ..كان البرنامج يحمل عنوان (دروب وآفاق) ..وهو ايضا من النوع الوثائقي …تنقلنا فيه الى عديد المناطق في صفاقس وخارجها لتصوير دروبها وآفاقها … كان فيها الزميل زهير ذلك الصحفي الهادئ الرصين والمتمكن وبحرفية من عمله ..وكنت فيه المخرج الذي حاول قدر الامكان ان يجتهد في حدود ما يتطلبه الشريط .. ولعلّ ابرز الحلقات التي بقيت راسخة في ذاكرتي حلقة تناولت صفاقس الجديدة كمشروع… حيث وقع هدم القناطر الثلاث التي كانت موجودة انذاك بطريق تونس وقرمدة والعين ..وحيث وقع ايضا تصوير اوّل قطار يدخل لصفاقس بعد تحويل مساره من صفاقس الى قابس …

تلك كانت تجاربي في ميدان التلفزيون كمخرج وكمنتج احيانا والتي لا يمكن في باب تقييمها الا بوصفها بالمتواضعة جدا ..ودون ما كنت اطمح اليه …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار