تابعنا على

منبـ ... نار

صخـبُ اليسار في رواية “زهرة الصـبّـار” لعلياء التابعي

نشرت

في

  كثيرا ما يشتدّ الوجَعُ على مداخل الوطن … عادت الرّحلة وعلى متن الطائرة جيلان، الأبُ والابن، فهل هي عودة حقيقية من المنفى إلى الوطن أمْ هي مجرّدُ نُقلة، من منفى الخارج إلى منافي الدّاخل ؟؟؟ 

<strong>توفيق عيادي<strong>

  يبدأ القصّ بعد رحْلتيْن، ذهاب وعودة، وبيْنهما ترحال في وحْـل الأوجاع واسْترجاع لما كان من آمال وانكسارات وانتصارات .. هي عودة مليئة بـ”كثير من التّعب والفاتورات والأسئلة”، لتـُفتَح على إثرها الدفاتر القديمة وتـُطرح الأسئلة التي ظلـّت طويلا معـلـّـقة بلا أجوبة، وتزِفُ ساعة الحساب :”ماذا بقي؟” ، “ماذا ذهب مني  ومنك ؟” ، “وهل خسِرنا ؟” ، “ما الذي تغيّر؟” ، “ما الذي حدث؟” ، “وماذا بعد ؟” ، “من أين نبدأ الحكاية إذن ؟” … وما لم يطرح من الأسئلة أكثر بكثير مِمّا طُرِح من ثرثرة حول الحبّ والوطن.

 الحكاية إذن هي حكاية وطنٍ يتحسّس طريقه نحو التحقّق المستقل، بعد صراع مرير مع المستعمر، ويدخل في معركة البناء، مؤسسات دستورية، وقطاعات خدمية، وإعادة ترتيب للأحوال المدنية والشخصيّة، محاولات بكر و واعدة وجريئة، لا تخطئها العين التي تريد أن ترى. عَـزْمُ البناء هذا اِتـّخذ له من المدرسة قاطرة ومن “المادة الشخمة” رهانا، فنشأت معاهد وجامعات، أثمرت نخبة طلابيّة تونسيّة، توزّعت بين عاصمتيْن – تونس وباريس- ولم ينقطع بينها التواشُجُ، اِستئناسا بتجارب مختلفة، وتفاعُلا مع رؤىً عالميّة وإقليميّة وعربيّة .. فتكوّنت بموجب ذلك تيّارات و”خطوط” فكرية وسياسية متنوّعة ومتضاربة رغم اِدّعاء وحدة المصدر والمنطلق من جهة، أو تقاطع الهدف والمقصد من جهة أخرى، من أجل الإطاحة بنظام يوصف بالدكتاتوري الغاشم.

وكان “اليسار” أحد العلامات الفارقة التي اِفتتحت صراعا مع السلطة، ازدادت حدّته حين أعربت السلطة عن نية السيطرة والتوجيه والتحكم في المنظمة الطلابية (الاتحاد العام لطلبة تونس) من خلال التدخل في مؤتمراتها ومحاولات التنصيب لقيادات موالية لسلطة “حكومات الاستقلال”. واِنتهت ذروة الصراع إلى التعذيب والتجنيد والمحتشدات (رجيم معتوق) … لأنهم في تقدير السلطة، طلبة “مشاغبون” لم تغادرهم عين السلطة ولم تُـفْسِحْ لهم إلاّ بمقدار، وهذا شأن أيّة سلطة في كل المجالات، فالقول والفعل المضادّيْن لهما حدود، والسلطة أدْرى الناس وأقدرهم على وضع الحدّ. لذلك غالبا ما كانوا في نظرها مجرّد صبْيان، تـُعاملهم “مثل أطفال صغار لا يُمنعون من شيء أبدا، ولا يؤاخذون على شيء، والأدهى من ذلك: (لا يُسْمحُ) لهم بشيء أبدا”  بعبارات رولان بارت. كم هي موجعة ومريرة عذابات الترحال في القـَـصّ أو في الحلمأو في الواقع. وهل أمرّ على المرء من وقع الظلم، ظلم ‘الحبّ’ أو ظلم ‘الحُكــم’، “كالحامض ينهش كل ما يعترضه من قناعات ومبادئ وذكريات فيُبيدها”. وكمْ تأبى الذاكرة النسيان وتحِنّ إلى الأوطان، الوطن الأرض والوطن الحبّ. وعاد أحمد بعد رحلة تيْهٍ، أحسّ خلالها أن “الهاوية تحت قدميْه”، ليطرق باب الرّجاء مرّة أخرى …

  وقد خاب الرّجاء كـيْـفما ضرب أهله في الزمن و طوّحوا في الأرض، خيبة يتردّد رجْع صداها في صراع السلطة والحبّ والانتماء، وتـُـفصِحُ عنها نهايات دامية في شتى مجالات التجربة وأساسا منها العاطفية، “وقد دخل بعدها القلب في شتاء طويل” كما عبّرت عن ذلك رجاء. وليست “رجاء” إلاّ لعبة في تقدير أمّ أحمد، يلهو بها أحمد وعليه أن يحذر منها كيْ لا تـُلوّث أناقته أو يجرح النظر إليْها مطوّلا أهدابه الناعمة، أو توسّخُ أطرافه .. حتى لو صادف أن دمّرها أو ضرب بها عرض الحائط، فتتداعى وتسقط مفكـّكة، فعراقة العائلة ذات الأصول التركيّة، سليلة باشويّة مفاخِرة، وثراؤها الفاحش، يسْمحان للأمّ بأن تشتري له، بدلا منها أخرى، ترتضيها هي له وتتناسب مع العراقة العائليّة وتـُناسِبُ غروره. وإن أراد أن يختار له ما شاء من اللـُّعَـبِ التي في مستوى العائلة، لم لا؟ والطريق إلى باريس أمامه سالكة، و”اللعَب” البشريّة هناك لامعة وبراقة يخطف بهاؤها الأبصار … أمّا عن العلاقات الإنسانية، فلا يمكن أن تكون إنسانيّة، في نظر أمّ أحمد، إلاّ إذا نشأت بين عائلات برجوازية باذخة، يخضع كل شيء عندها أو يَـنتظِمُ وفقا لـِ”ايتيكيت”، تعبيرا عن الحياة الراقية أو عن “المَحْـتد الكريم” لأرستقراطية طيّبة بما يكفي من الوهم .. لكن لا تعوزها القدرة على تدمير الآخرين ولا يُضيرُها ذلك في شيء طالما أنهم من طبقات “الما دون”. وليس مثل هذه المشاعر والمواقف إلاّ تأكيدا إضافيا على هشاشة الروابط الإنسانية في مجال الحبّ كما في مجال السياسة.

     لقد طال الدّمار أعماق رجاء وكل أطرافها وأتى على الكثير من مساحات أحمد العاطفية والاجتماعية- الطبقية، بقدْرٍ أجّج داخِله الحقد على أمّه البورجوازية ربما بنفس مقدار حقده على “عادل” الثوريّ .. هزائم الحبّ والسياسة أخذت من كليْهما مأخذا عميقا، ولم تعد رجاء تدري أيّ الألوان “سيختاره تاريخهما لتحديد نقطة الهزيمة في حياتهما” المليئة بالأوجاع من فرط انكسار الحبّ وانحدار السياسة. وهي التي دلفتْ لليسار من أبواب الحبّ لا من نوافذ السياسة وهذا اعترافها – اعترافٌ لا يُنـْقِصُ من قيمة الحبّ ولا يُعلي من شأن السياسة –  حين تقول “وجدت نفسي في السياسة، في صفّ اليسار عن قلب قبل أن يكون عن وعي … وجاء الصحْو رويْدا رُويْدا، فإذا اليسارُ ليس بقلب مَحضٍ، وإذا اليسار جعْجعة وكلام يُـلقى لا يُلزمُ أحدا، وإذا اليسار موقف تمثيليّ، قبل أن يكون موقِفا من الذات، ومن الوجود. وإذا اليسارُ ليس بنقضٍ للمسلـّمات والاتّباعية، بل وكذلك سقوط وإحباط وخيانة رغم ضخامة الكلمة المضحكة”.

كم هو موجع أن تكون تلك هي صفات اليسار في أعيُن الشابّات والشبّان الذين بذلوا الكثير من الجهد وشيّدوا الكثير من الحلم وعقدوا الكثير من الأمل والعزم منذ عقود، والموجِع أكثر أن ينكسِر كل ذلك أمام أعْيُنِ كلّ “شيوخ الطرق” و”الطوائف” اليسارية، ولا حراك ولا حياء. وكأن قدَرُ اليسار المحتوم أن يظل كذلك، اِتباعية مقيتة واِنحياز أعمى وجعجعة فارغة وثرثرة بلا هوادة، يمقت بعـضه بعـضا ويُدمّر بعـضه بعضا رغم وشائج الحبّ ووحدة جذور الانتماء. ذلك هو حال “زهرة الصبّار” بعد أن نفد صبرها على الهوان وانْكسرت حبّات رحيقها وتناثرت أشلاء (عادل وأحمد ورجاء). ألمْ يقلْ أحمد في “حبيبه” عادل : “كنت أحبّه أكثر من أيّ إنسان آخر وأكثر منكِ أحيانا ولكني كنت كذلك أمقته كما لم أمقتْ كائنا. كان جزءا منّي لا بدّ لي من تدميره لأعيش فقد كان مختلفًا إلى حدّ الخطر والإزعاج”. وكأن المختلف في بعض عقليات اليسار لا بدّ له أن ينتهي حتى وإن كان “رفيقا”. 

  ذاك هو اليسار في تقديرعلياء التابعي ومن خلال شخصية “رجاء” في لقاء المحاسبة بينها وبين أحمد. يسار قاصر وعاجز في ‘أبجديات’ الحب كما في ‘أدبيات’ السياسة. فتجربة الحبّ فاشلة وتجربة الحكم مؤجلة .. وكأن هذا اليسار لم يفهم بعد “أن الحياة تكره البطولات الزائفة” وأن الأحلام التي يستعصي تحقيقها دفعة واحدة، ويظل صاحبها يحاول ويراوح بشكل سيزيفيّ دون أن يغيّر من نفسه ومن أدواته أو من أهدافه، هي محض أضغاث أحلام ترتقي يقينا إلى رتبة أوهام، وشأن الأوهام أن تـُوَلـّـد أوهاما جديدة دون أن يتحـقـق منها شيء. وهذا شأن عادل -كعضو في تنظيم- وبشهادة أحمد ذاته حين يقول عنه :” لم يكن يختلف عن أمّي في شيء وخاصّة في العمى”. عمًى متبادَل تُمثّله أم أحمد سليلة العائلة البرجوازية من جهة ويُمثله عادل من جهة التنظيمات اليسارية. ذلك هو تقاطع الأضداد كما عبّر عنه أحمد، “عَـفـَـنُ البورجوازية” و”صلف اليسار”.

 ما أحوجنا اليوم إلى “استقلالية” رجاء، تعبيرا عن يقظة الذهن ونماء الروح النقدي وتغاضِيًا عن التفاصيل المُعيقة التي تَحوّلَ اليسار بموجبها إلى سلاّتٍ عديدة يصُحّ تشبيهه بـ “يسار الطوائف”، ولكلّ طائفة أسفارها أو مسلـّماتها التي تخصّها اِنتماءً واِدّعاءً. وكثيرا ما كانت رجاء تلوم عادل “على رزمة المسلـّـمات والبديهيات التي يحملها فوق ظهره”، مسلـّمات غذتْ لدى منتسبيها تضخّم الذوات وأوهام امتلاك الحقيقة المطلقة والأبدية ورسّخت لدى الكثيرين منهم، الاعتقاد – على لسان رجاء- “أننا أحسن ما أنجبت البلاد والبقية هوامّ ورعاع لا يعقِلون”. هو توصيف واِدّعاء لا يخلو من الغرور، بل هو غرور لا يقلّ مرتبة عن الغباء الذي يستمر إلى الآن، كما أعلنت ذلك الكاتبة على لسان رجاء وبشيء من الاستنكار والتعجّب : “عادل بصراحة، أكره الغباء واليسار عندنا غبيّ … إلى حدّ الآن. وأخشى يوم المراجعات والحسابات … يوم نذرف الدمع على الوقت المهدور في الجدل العقيم والولاءات الزائفة”.

هذا الروح النقديّ الذي تسميه رجاء حينا بـ “الفوضى” وحينا آخر “تعرية”، هي فعلا تعرية لا تخصّ عادل وحده كتنظيم، وإنما هي تعرية تطال كل التنظيمات اليسارية بغاية دفعها نحو إعادة قراءة “الواقع المتفجّر” على غير الطرق الآلية المستوردة “من الصين أو من الاتحاد السوفياتي أو من ألبانيا، وليس لنا أدنى شرف في نحتها بل شرفنا في ترديدها وعبادتها”. وما الترديد والعبادة الجامدة بالشرف الحقيقي في تقدير رجاء، بل الشرف في أن نظل متيقظين ومتحفزين وجادين في مراجعة مفهوم الواقع أصلا والعمل على معاودة فهمه وفقا للمتاح من الموادّ والأدوات والممْكِـنات. وكأن دعوة رجاء ‘المستقلة’ هي دعوة “المستقلين” إلى كل “الطوائف اليسارية” الذين أغفلوا الكثير من المشترك الأعمّ واِهتمّوا بالكثير من التفاصيل، إغفال فسُدَ معه الوضع وساءت الحال، أن يثوبوا مجدّدا إلى الرشد وأن يعتقوا حق الأجيال في الحلم ويكفوا عنهم كل ضروب الكوابيس والأضغاث والأوهام.

  يبدو أن نصّ رواية “زهرة الصبّار” هو نصّ، ربّما يُدرك قارئه أكثر من كاتبته أنه لا يزال يحتفظ بألقه، حتى لكأنه كُتِبَ لغير زمانه (سبعينات وثمانينات القرن الماضي)، أو هو كـُتب للتعبير عن زماننا أكثر من التعبير عن زمانه. فكلما أعيدت قراءته نكتشف معه عُمق الرّوابط التي تشدّه إلى الحاضر اليوم، سيّما إذا تعلّق الأمر بوضع “طوائف اليسار” ذلك اليسار الذي قالت عنه رجاء وبصيغة الجمْع : ” نحن لم نتحوّل، نحن نقِف منذ سنوات في نقطة الانحدار”. وهل تعلم رجاء – ومن خلفها علياء التابعي- أن اليسار كما عهدْته منذ عقود هو لم يتحوّل ولم يتغيّر، وأنّ ما تغيّر هو نقطة الوقوف، لكن نحو مزيد من الانحدار، وفي غفلة حقيقية عن مستوجبات أو نداءات الوطن.  

كم هو محزن حال هذا اليسار، بين دفـّـتيْ هذه الرواية وفي كل فصولها، أو بين ضفّتيْ واقع البلاد قبل “الثورة” تماما كما بعدها، الهزائم ذاتها والانكسارات ذاتها. رغم مقدار التضحية وشدّة العنفوان ومنسوب الأمل البدئي وفائض الحبّ للوطن والأهل. تجاربٌ تنتهي دائما إلى المتشابه من النتائج، “ليتعمّق الشعور بالقهر” بعدها. لا أحد يدري هل هي سذاجة السياسيّ أم هو اِستكبار ‘المثقف’ أم تراه عُـتـُـوّ المُرْسَلين، وقد كانت نبّهتهم رجاء إلى ” أن الوحي لا ينزل علينا وأننا لسْـنا فوق الشبهات” والأخطاء والحسابات. كأن رجاء تريد أن تقول لنا: إن الذي يعرف جيّدا ما يريد ولا يعلم كيف يبلغ ما يريد ستكون خسارته مضاعفة وينفضّ عنه الذين من حوله. وهذا ما كان يحدث باستمرار، مناوشات هامشية مع سلطة متمترسة ومتغطرسة تنتهي بالكثير من القرابين الشبابية على عتبات غرف التعذيب أو عنابر السجون أو متاهات البطالة والمطاردة والفرز .. وكثيرا ما بقي اليسار يُحصي ‘خسائره’ دون أن يكفّ عن “الغباء”  حسب توصيف رجاء أو عن “الأعمال الطائشة” التي انتهت به إلى خسران مبين، كثيرا ما عدّدتْه رجاء وأعْياها حمله لِـثِـقـل الحزن على ما ذهب منها وتفرح للقليل الذي بقي لها ” ذهب الحبّ، ذهب الصديق، ذهب الزوج، ذهب الطفل، ذهب الإيمان … وبقي البحر”. لكن رغم فداحة الخسائر فإن الذي بقيَ لها ولنا، حلم بحجم البحر أو هي سِعة لا تضيق على أحدٍ أو هو امتداد لا يستعصي على آمل، بل هو وطن جدير بكل التضحيات مهما علا شأنها في نظرنا أو مهما مسّنا منها الضّرّ، وطن يعسُرُ أن تبنيه الطوائف بشتات من البصائر والأفكار … 

 ويبقى الوطن هو الوطن  ويظل  الجميع أبناءه مهما اختلفوا ومهما تقطعت بأصحابها السّبل وتشتتتْ شعابا، فلا أنوار باريس قدرت على ردْم الهوّة السحيقة تحت قدميْ أحمد ولا ثلج اِنكلترا كان قادرا على وقفِ نزيف المعنى عند رجاء. وحدها أرض الوطن كفيلة بتضميد الجراح، في العاصمة أو في صحراء الجنوب أو في مكثر سليانة حتى وإن كانت من المناطق المنسية في هذا الوطن .. ومهما بلغ عمق الجراح بأصحابها، ومهما بلغت قسوة الشُذّاذ على الوطن ودفعت أبناءه للانتحار، لن يخيب الرّجاء مطلقا. وستأتي بطاقة التهنئة إلى ‘رجاء’ لتعيد لها الأمل في الحب والوطن والحياة، “ويرجع كل شيء إلى مكانه الأصلي”، بطاقة كتِب عليها بخط واضح وفصيح :”غدا فجر يوم جديد”.

إذا كان فِعْل القراءة هو محاولة اِكتشافٍ وسعيٍ لاِمتلاك الحقّ في الفهم والتأويل، فإن التعليق على النص المقروء يظل أسيرا لما يسْمح لنا به الفهم وما تطيعنا فيه اللغة. ولذلك أنصح بقراءة نص رواية “زهرة الصبّار”، مع ضمان قدر من المتعة.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منبـ ... نار

مفارقات تونسية… إلى متى يُؤجّل قرار إلغاء امتحان “الباك سبور”؟

نشرت

في

رئاسة الحكومة تتخّذ إجراءات ردعية بخصوص الشعارات الإرهابية والعنصرية في  "دخلات الباك سبور"

تعيش تونس هذه الأيام، وخلال كامل الفترة من 15  إلى 27 أفريل 2024، على وقع ما يُسمّى بالباك سبور، ونغتنم فرصة الاهتمام العام بهذا الموضوع ومواكبته من قبل العائلات التونسية ووسائل الإعلام المختلفة،  لنقدم ملاحظاتنا ومقترحنا حوله،  لعلنا نساهم بذلك، في فتح النقاش العام حول الإشكاليات المطروحة، يحدونا الأمل في التعجيل باتخاذ القرار الرسمي الملائم، الذي طال انتظاره وهو إلغاء “اختبار آخر السنة في التربية البدنية والاقتصار على نتائج التقييم المستمر أثناء السنة الدراسية”.

<strong>د مصطفى الشيخ الزوّالي<strong>

ويتضمن هذا المقال تذكيرا بنماذج من الآراء والمعطيات الموضوعية المتداولة في الدراسات التربوية والتقارير الرسمية، والتي من المفروض أو  تُقنع الرأي العام  والمسؤولين بضرورة التعجيل بالقرار المقترح وبغيره من القرارات، ولكن، وفي سياق “انحلال الروابط الصلبة”، كإحدى السمات المميزة لحياتنا المعاصرة في “زمن السيولة”، كما يعرفه عالم الاجتماع الشهير زيغموند باومن، يتواصل التأجيل لهذا الأمر، كما يتواصل الـتأجيل لقرارات أخرى، لا تقل أهمية، قد تناولنا بعضها في دراسات علمية وتقارير رسمية أو  مقالات رأي حول “مفارقات تونسية” أخرى.[1]

أولا: نبدأ بالتذكير  بما حصل  سنة 2010 ،( في زمن “الصلابة” الرسمية التونسية)، فقد صدر  قرار إلغاء اختبار التربية البدنيّة لآخر السّنة وجاء ذلك بناء على تقرير من وزارة التربية والجهات الأمنيّة، حيث اتّخذ مجلس الوزراء يوم 20 أوت 2010 قرار إلغاء اختبار آخر السّنة في التربية البدنيّة: “حفاظا على سلامة التلاميذ والتوقّي من السلوك غير الحضاريّ، داخل المؤسّسات التربويّة وخارجها.  وقد برّرت الوزارة هذا القرار-كما جاء على لسان وزير التربية آنذاك- بثلاثة أسباب، هي:

  1. ارتفاع تكلفة الامتحان (3 ملايين دينار): ويحسن تخصيصُ هذه الأموال لتهيئة الملاعب واقتناء التجهيزات الرياضيّة.
  2. سبب بيداغوجيّ يتمثل في كون الأعداد المتحصّل عليها في اختبار آخر السّنة هي دون معدّلات المراقبة المستمرّة،
  3. سبب وقائيّ وأمنيّ، بعد تفاقم ظاهرة السّلوك المخلّ داخل المؤسّسات التربويّة وخارجها، بمناسبة تنظيم اختبار آخر السّنة في التربية البدنيّة.

ولئن استبشر عدد كبير من الأولياء ومديري المؤسّسات التربويّة بهذا القرار، فقد لاقى نقدا ورفضا من قبل نقابات التعليم ومدرّسي التربية البدنيّة الذين رأوا في القرار تهميشا لمادة التربية البدنيّة.

لاحقا، وفي سياق ما يمكن تسميته بالنتائج  المنحرفة” أو “غير المأمولة” لثورة 17 ديسمبر 2010/14 جانفي 2011، صدر سنة  2012، “قرار عودة اختبار التربية البدنيّة لآخر السّنة” دون معالجة الإشكاليات التي أدّت إلى إلغاء هذا الاختبار.

للتذكير أيضا، فقد تم خلال دورتي 2020 و2021، إلغاء الباك السبور واحتساب المعدل السنوي للتربية البدنية كعدد نهائي في امتحان الباكالوريا في كافة المعاهد العمومية والخاصة، وذلك بسبب الحجر الصحي وأزمة الكوفيد19.

ثانيا: حول انعكاسات امتحان “الباك  سبور” على التنظيم البيداغوجي والحياة المدرسية [2]

  1. توقف دروس التربية البدنيّة منذ منتصف شهر أفريل ، بسبب تجنيد جميع مدرّسي المادّة في لجان الامتحان .
  2. تعدد التجاوزات ومظاهر الإخلال أثناء سير الامتحان والسّعي إلى التحيّل على التراتيب، فترى عددا من المترشّحين الذين ضمنوا معدّلات سنويّة في التربية البدنيّة مرتفعة يقومون بتقديم وثائق تعفيهم من اختبار آخر السنة، وصنفا آخر اختار الإعفاء من دروس التربية البدنية طيلة السّنة الدّراسيّة ولكنّه يريد المشاركة في اختبار آخر السّنة لجني بعض النقاط التي قد تكون ثمينة عند احتساب العدد النّهائي.

ثالثا: حول العادات والطقوس التي انتشرت قبل إجراء الاختبار وبعده:

 ويتمثل ذلك في إقامة نوع من الحفلات والاستعراضات أمام المعاهد وفي الشّوارع، تعطل حركة المرور وتتحوّل في عديد المرات إلى  مآس وحوادث مرور خطرة. وفي ما يلي فقرات واردة في وسائل إعلام مختلفة وبمواقع الكترونية تناولت هذا الموضوع ، وهي تؤكد وجود شبه إجماع على خطورة الظاهرة في المجتمع التونسي:

  1.      ” احتفالات بها بكثير من الصخب وتتوجّس منه إدارات المؤسّسات والسّلط الجهويّة والمحليّة لما يرافق احتفالات التلاميذ به من تجاوزات خطرة…” 
  2. ” أسوأ هذه العادات هي (الكُورتيج) :“استعراض السيارات”حيث يخرج التلاميذ في استعراض بالسيارات يجوبون وسط المدينة  و شوارعها إضافة إلى الألعاب النارية و الشماريخ، عادتان تأتيان في المرتبة الثانية للائحة العادات السيئة حيث يعمد عديد التلاميذ إلى الاحتفال بالـ”فلام”و الألعاب النارية …”
  3. دخلة الباك سبور …وفاة تلميذ باكالوريا بعد سقوطه من نافذة السيارة خلال احتفاله مع أصدقائه…”
  4. “الآن وقد تمّ تسجيل وفاة التلميذ ( والتلميذة)… على إثر حادثي مرور خلال احتفاليات (الدخلة) الملعونة في الباك سبور…متى يتمّ التدخّل ومنع هذه الظاهرة الخطيرة.”

رابعا: انتشار الدروس الخصوصية في “الباك سبور” وتحوّلها إلى “عنوان فساد”

لاحظنا في السنوات الأخيرة، استفحال ظاهرة الدروس الخصوصية في “الباك سبور”، وذلك رغم غلاء أسعارها، فقد صرّح وزير التربية بتاريخ 16 أفريل 2019 ، أنّ”5  أيام دروسا خصوصية في (الباك سبور) بـ700 دينار” [3].  كما صرّح الوزير نفسه، بتاريخ 21 ماي 2019، أن :  “باكالوريا الرياضة في شكلها الحالي هي عنوان الفساد وهي  لا تحمل أي معنى …. من موقعي كوزير للتربية …. لا أسمح لنفسي بمباركة أشياء أعرف جيدا أنها غير مقبولة وغير معقولة . فهل يعقل مثلا أن يتحصل 99 بالمائة من التلاميذ في الباكالوريا رياضة على أعداد فوق 18 من عشرين، هناك تضخيم غير مقبول للأعداد التي تسند للتلاميذ على خلفية الدروس الخصوصية في الرياضة، ولو كانت هذه الأعداد تسند لها ميداليات ذهبية لكانت تونس بطلة العالم في الرياضة…”[4]

يبدو جليا  من خلال هذين التصريحين، أن الوزير قد كان يؤسس لحملة إعلامية، تمهيدا لاتخاذ قرار إلغاء “الباك سبور”، ولكن بعد أقل من سنة، تغيرت الحكومة وتغير وزير التربية، وتأجل اتخاذ القرار المذكور . ويبدو أن السبب الأساسي وراء التأجيل المستمر لاتخاذ  هذا القرار وعديد القرارات التي يحتاجها قطاع التربية في تونس منذ أكثر من عقد من الزمن، هو  عدم الاستقرار الحكومي وتعاقب أكثر من 10 وزراء على قطاع التربية منذ  2011.

خامسا:  “دخلة الباك سبور”

لا يفوتنا، في خاتمة هذا المقال، أن نُذكّر بنقطة إيجابية في “الباك سبور”، قد تدفع البعض إلى الدفاع عن استمرار هذا النوع من الامتحانات ونعني بذلك ما يمكن تسميته بـ”قصص النجاح في دخلة الباك سبور” والتي أكد  من خلالها التلاميذ في عديد الحالات، قدراتهم الإبداعية وتميزهم في التعبير عن حاجياتهم الأساسية وقيمهم الإنسانية أو احتجاجاتهم ومطالبتهم بحقوقهم. ومن المواضيع التي لاقت استحسان التونسيين وراجت في الاعلام: “تكريم الأساتذة والأولياء“،  “التحسيس ضد كورونا”، وآخرها الحضور البارز للقضية الفلسطينية في “باك سبور” 2024.

لضمان المحافظة على هذه النقطة الإيجابية، يمكن التفكير في تطوير  فكرة “دخلة الباك سبور”، دون إجراء اختبار التربية البدنيّة لآخر السّنة، وذلكعبر اعتماد صيغة مشاريع عروض فنية ورياضية وثقافية، تُطبّق فيها بيداغوجيا المشروع، حيثيمكن الاستفادة من دروس فشل تجارب سابقة للوزارة في هذا المجال. نعني بذلك تجربة “التعلمات الاختيارية” (2003- 2006)  أو “”مادة إنجاز مشروع” (2006-2015) [5]. واستنادا للوثيقة الرسمية للتجديدين المذكورين، يمكن أن تتكون مجموعات من التلاميذ، تنطلق في تصور مشروع “دخلة الباك” وإعداده وتنفيذه،  بداية من السنة الدراسية للسنة الرابعة ثانوي، أو انطلاقا من السنة الثالثة ثانوي . يؤطر المشاريع مجموعة من المربين من اختصاصات مختلفة كالتربية البدنية والموسيقى والمسرح وغيرها، وبالتعاون والدعم من أطراف أخرى من العائلات والمحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمؤسسة التربوية كدُور الشباب أو الثقافة أو مؤسسات أخرى ( طبعا في سياق مشروع المؤسسة التربوية وتطبيق القانون المنظم له منذ 2004، وهو الأمر المنظم للحياة المدرسية، أو ربما القانون الذي ننتظر أن يعوّضه) يمكن كذلك أن تُرصد جوائز جهوية ووطنية لأحسن العروض التي يتم تقديمها في الاحتفالات المدرسية لآخر السنة إلخ إلخ…


هوامش:

[1] مثال ذلك دفاعنا عن قرار إلغاء الاعداديات والمعاهد النموذجية ، في مقالين منشورين بجلنار  وهي  “مفارقات تونسية ( 2)(28 أفريل 2022) و”مفارقات تونسية” (3) بتاريخ 22 جوان 2022

[2]  معطيات هذا العنصر والعنصر السابق مستخلصة، أساسا، من دراسة حول “الباك سبور” منشورة بموقع “المدونة البيداغوجية” بتاريخ 26 أفريل2015.

[3]  https://www.guideparents.tn/article

[4] https://ar.espacemanager.com

[5]  تناولنا  هذا الموضوع  في  كتابنا ” المدرسون والتجديد” ويمكن الاطلاع على تقديم الكتاب من الصديق منصف الخميري بالمدونة البيداغوجية  بتاريخ 6 مارس 2022 وكذلك على الفصل الأول من الكتاب بنفس المدونة  في 4 تواريخ متتالية بداية من 29 جانفي 2023

أكمل القراءة

منبـ ... نار

تكريما لروحك يا “جاد”… أعلِنُك رئيسا رمزيا

نشرت

في

Ouvrir la photo

توفيق العيادي:

كان جاد نصيرا للمرضى والعجّز والفقراء ولم يطلب يوْما نصرتهم لكسْب أو منصب أو مغنمٍ له، وقد هبّ الناس لتوديعه لأنهم أحسّوا فعلا بعظيم خسارتهم في موته.

Ouvrir la photo
توفيق العيادي

لم أعرف جاد الهنشيري إلا عن طريق الصدفة ومن خلال برامج تلفزية دُعِيَ لها ضيفا كممثل للأطباء الشبان، ولم ألتقه مطلقا، فقط استمعت إليه أكثر من مرّة وهو يُلقي بهمّه الذي هو همّ الفقراء على مسامع التونسيات والتونسيين، ويقطفُ من روحه أمَلاً يُرسِله لهم جميعا درْءً لأحزانهم التي فاقت كل معايير القيس وأدوات الأكيال والأوزان، وثـقُـل عليْهم حِمْلُ الهموم التي ناءتْ بها الأعناق، والمرارة على محيّا جادٍ بادية لا تُخطئها العين ويتدفّق الصدّق من بين موجات صوته المَغْصوص كَغُصَصِ كل الشباب الحالم على هذه الأرض، ولا تخلو غصّة جاد من معنىً يؤطّره مبدأ أساسيّ يشُدّ الحلم وينير الطريق ويُحفّز على المسير وتجشّم الصّعاب، مبدأ فحواه أنه : ” بمقدورنا أن نكون أفضل .. يجب أن نكون أفضل”، رغم الاستهجان والاعتراف بحجم الفساد الذي نخر معظم القطاعات والفئات في هذا الوطن.

لكَمْ نحن في حاجة ماسّة إلى شابّ جادٍّ كما “جاد” يتوهّج عزما وحبا وصدقا، ولسنا في حاجة إلى “عـتْـڤـة” قديمة كما بعض من فاق السبعين وغنِم من العهديْن ويريد اليوْم أن يستزيد … مات “جاد” رحمه الله وأغدق على أهله وصحبه الكثير من الصبر والسّلوى. لكنّ القِيَم التي حملها جادّ وحلُم بها وحمّلها لمنْ بعْدِه من الصّحْب والرّفقة، لا تزال قائمة، فأمثال جاد من الشباب الأوفياء والخلّص للوطن بكل مكوّناته سيّما البسطاء منهم، موجودون بالعشرات، بل بالآلاف وفي كل ربوعه، وما على الوطن إلاّ أن يَجِدّ في طلبهم والبحث عنهم وأن يُصدّرهم مواقع الريادة والقرار ،وإن حَجَبَهُمْ عنّا تعفّـفهم،

إذا كنا نريد فعلا المضيّ في الطريق المفضي إلى المشروع الحرّ وجبَ أن نغادر خصومات كسب العواطف واِستمالة الأهواء ونعراتِ التحامق، ونمضي في تسابق نحو كسب العقول وتهذيبها وتنظيفها من كل الشوائب العالقة بها لعهود .. ولذلك أقول للمشتغلين بالسياسة والمتكالبين على استدرار الشعب لتدبير شأنه العام والاستحكام برقابه، إن السياسيّ الناجح هو الذي يُبينُ للناس ما فيه من فضائل وما هو عليه من إقتدار وليس نجاح السياسي رهين عرض نقائص الخصم والتشنيع عليه وتعظيم مساوئه وإن كان له فيها نفع.

ونذكّر السياسي أيضا أن الجدارة بالحكم لا تتوقّف عند حدّ الفوز بالتفويض من الإرادة الشعبيّة عامة كانت أو مطلقة، كما أن النوايا الطيّبة لا تكفي لمزاولة السلطة، بل يبقى صاحب السلطة في حاجة إلى تأكيد شرعيّته بحسن إدارة الحكم الذي ينعكس وجوبا على أحوال الناس، وهذا لا يتمّ لهم بواحدٍ بل بكثيرين ومن أمثال “جاد الهنشيري” تضحية وصدقا ومروءة …

رحل جاد وبقي أثره فينا، وتكريما لروحك يا “جاد” واِنحيازا لكلّ قيَمِ الجدارة والصدق والإنسانيّة والجدوى، والتي مثّلتها باقتدار، أعْـلِنُـكَ “رئيسا” رمزيّا وشرفيّا بالغياب لهذا الوطن الحزين … ليطمئن السياسيون، فـ”جاد” لن ينهض من غيبته الأبديّة، وستكون قيمه تقضّ مضاجعكم كلّما اجتمعت لشخصٍ خشية أن يُبعثر حسابات الرّبح مِمّا تمِزّون من دماء الوطن.

أكمل القراءة

منبـ ... نار

هل تتخلص تونس من مكبلات صندوق النقد الدولي و تبحث عن مصادر بديلة؟ (2)

نشرت

في

Compétitivité des exportations en Afrique La Tunisie classée 2 ème Tunisie

عرفت تونس أزمات اقتصادية ومالية متفاقمة بعيد ثورة 14 جانفي، وتتالت هذه الأزمات و امتدت آثارها السلبية الى اليوم رغم القطع مع المنظومة البائدة إثر حراك 25 جويلية.

<strong>فتحي الجميعي<strong>

إلا أن الانتهازيين و أصحاب المصالح والسابحين عكس تيار النهوض بالبلاد عطلوا عملية الإصلاح وعملوا على إفشالها وذلك بكل السبل، فبقيت تونس رهينة الديون المتراكمة والمجَدْولة، وسياسات الجذب الى الخلف كالتهريب والمضاربة وتبييض الأموال. غير أن الإرادة الصادقة، والإيمان القوي بضرورة تغيير حال البلاد إلى الأفضل جعلها لا تنحني إلى الابتزازات، ولا تخضع للشروط.

فرغم توصلها في أكتوبر 2022 الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن الاتفاق النهائي تعثر تحت طائلة الشروط القاسية كرفع الدعم، خفض الأجور و بيع مؤسسات عامة متعثرة. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تم وضع تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة من قبل هذا الصندوق، الأمر الذي صعب على بلادنا النفاذ الى الأسواق المالية العالمية.

وتفاديا للوقوع في صدمات اجتماعية واقتصادية، نجحت تونس بفضل تطور صادراتها، وعائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع شركائها التجاريين إضافة إلى اعتمادها على الاقتراض الداخلي، والاكتتابات المتتالية لدى بورصة تونس، وانخراط التونسيين في هذه العملية، وهو نوع من الوعي الوطني والدفاع عن حرمة تونس، و نتيجة لذلك تحقق توازن مالي لدى البلاد هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أعطت درسا لصندوق النقد الدولي بإمكانية التخلي عن خدماته عند الاقتضاء وخاصة عند المساس بأمنها القومي.

ورغم أن الفضاء الطبيعي  لتونس هو الفضاء الإفريقي والعربي والأوروبي باعتبار أن ثلثي المبادلات التجارية معه، إلا أنها عبرت عن انفتاحها على كل الفرص التي تمكن من تسريع وتطوير مناخ الأعمال ونسق النمو في اشارة إلى مجموعة “البريكس”.

إن تونس  مازالت منفتحة على الحوار مع صندوق النقد الدولي لكن دون إملاءات أو شروط تهدد السلم الاجتماعي. وإن تعذر ذلك فتونس مستعدة للانضمام الى بريكس للحصول على التمويلات اللازمة.

أكمل القراءة

صن نار